الفريق دقلو في تراجيديته الإغريقية    الدوري الخيار الامثل    عائشة الماجدي تكتب: (جودات)    القوات المسلحة تصدر بيانا يفند أكاذيب المليشيا بالفاشر    اشادة من وزارة الخارجية بتقرير منظمة هيومان رايتس ووتش    الهلال يحسم لقب الدوري السعودي    أهلي جدة يكسر عقدة الشباب بريمونتادا مثيرة    الجيش السوداني يتصدى لهجوم شنته قوات الدعم السريع على الفاشر    المريخ يعود للتدريبات وابراهومة يركز على التهديف    برباعية نظيفة.. مانشستر سيتي يستعيد صدارة الدوري الإنكليزي مؤقتًا    يوكوهاما يقلب خسارته أمام العين إلى فوز في ذهاب نهائي "آسيا"    هل يمكن الوثوق بالذكاء الاصطناعي؟.. بحث يكشف قدرات مقلقة في الخداع    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    سألت كل الكان معاك…قالو من ديك ما ظهر!!!    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    عاصفة شمسية "شديدة" تضرب الأرض    «زيارة غالية وخطوة عزيزة».. انتصار السيسي تستقبل حرم سلطان عُمان وترحب بها على أرض مصر – صور    مخرجو السينما المصرية    د. ياسر يوسف إبراهيم يكتب: امنحوا الحرب فرصة في السودان    هل ينقل "الميثاق الوطني" قوى السودان من الخصومة إلى الاتفاق؟    كلام مريم ما مفاجئ لناس متابعين الحاصل داخل حزب الأمة وفي قحت وتقدم وغيرهم    شاهد بالصورة.. حسناء الفن السوداني "مونيكا" تشعل مواقع التواصل الاجتماعي بأزياء قصيرة ومثيرة من إحدى شوارع القاهرة والجمهور يطلق عليها لقب (كيم كارداشيان) السودان    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    محمد سامي ومي عمر وأمير كرارة وميرفت أمين في عزاء والدة كريم عبد العزيز    مسؤول بالغرفة التجارية يطالب رجال الأعمال بالتوقف عن طلب الدولار    مصر تكشف أعداد مصابي غزة الذين استقبلتهم منذ 7 أكتوبر    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    مقتل رجل أعمال إسرائيلي في مصر.. معلومات جديدة وتعليق كندي    النفط يتراجع مع ارتفاع المخزونات الأميركية وتوقعات العرض الحذرة    النموذج الصيني    غير صالح للاستهلاك الآدمي : زيوت طعام معاد استخدامها في مصر.. والداخلية توضح    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    إسرائيل: عملياتنا في رفح لا تخالف معاهدة السلام مع مصر    الجنيه يخسر 18% في أسبوع ويخنق حياة السودانيين المأزومة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشرطة الى اين.. «5-5»

أثر الغاء الوزارة على رجال الشرطة وفي تأجج حالة عدم الرضا وسط الضباط، نتيجة لحل وزارة الداخلية ورئاسة الشرطة، ساد جو من اللامبالاة وهبوط الروح المعنوية وعدم الحماس للعمل. وتردد في محافل المجتمع السوداني، بل وسط كبار المسئولين والوزراء، ان رجال الشرطة سوف يقدمون على الاضراب. وكان في تلك الخلفية بداية لزيارات قام بها رئىس الجمهورية «للوحدة المتبقية من رئاسة الشرطة» وعلى رأسها (الفريق)، وبحثا معاً شئون الشرطة، واستطاع الفريق ان يوضح للرئيس وجهه نظر قوات الشرطة أن تكون لها رئاسة مركزية، ترعى شئونها مثلما للقوات المسلحة قيادتها،وكلاهما قوات نظامية. نقول ان قواعد ادارة القوة النظامية ليست كقواعد الإدارة العامة، اذ تتميز القوة النظامية باتباع قواعد تقوم على الضبط والربط والعمل الجماعي في معظم الحالات. وبالرغم من أن هذا شأناً فنياً يقوم به الضباط المسئولون عن الوحدات، الا أن بعضاً من الذين تولوا ادارة الشرطة وقيادتها من خارجها، دأبوا، خلال فترة تطبيق قرارات دعم اللامركزية على قصرها، الى الانحراف عن قواعد ادارتها التقليدية وأتوا بممارسات ماكان ينبغي ان تحدث مما حمل رئيس الجمهورية أن يوجه أحدهم بالنأي عن التدخل في قواعد الانضباط التي يعرفها منتسبو القوة ونهاه عن التدخل فيها. ولقد تسببت كل هذه الاحوال والتدخلات في تشتيت ولاء الشرطة إلى جهات شتى، وتفككت روح الجماعة، التي كانت سائدة بين رجال الشرطة قبل صدور قرارات دعم اللامركزية، مما انعكس على العلاقات بين الزملاء. لكن ذلك لم يدم طويلاً، فقد انقشعت سحابة الحزن وعادت العلاقات رويداً رويداً قوية، بعد ان عادت رئاسة الشرطة، وتجسدت عودة الروح المعنوية والعمل المشترك واتحاد رجال الشرطة. أثر الغاء الوزارة على العلاقات الداخلية والخارجية كانت الوزارة مسئولة عن شئون الأمن الداخلي وما لبثت أن ارتبطت بالمنظمات الدولية والاقليمية في مجال التعاون على مكافحة الجريمة والمجرمين واصبح السودان عضواً في منظمة البوليس الجنائي الدولي«الانتربول» وفي المنظمة العربية للدفاع الاجتماعي ضد الجريمة، ومؤتمر وزراء الداخلية العرب، ويشارك في اجتماعات مديري وقادة الشرطة العرب ومندوبي الدول في مجالات التخصص الامني والعقابي.وانشىء لهذه الاغراض مكتب وطني في رئاسة الشرطة. بل قدمت وزارة الداخلية اقتراحاً لمنظمة الدول الافريقية، لتنشيءتنظيماً شبيهاً بالمنظمة العربية للدفاع الاجتماعي ضد الجريمة، ليمكّن الدول الأفريقية من التعاون في مكافحة الجريمة على مستوى القارة،والتنسيق مع الدول الأخرى عبر الأنتربول. واصبح للوزارة علاقات خارجية واسعة باشتراكها في اجتماعات هذه المنظمات ، ومتابعة تنفيذ توصياتها وقراراتها، خاصة التي تتعلق بمنع الجريمة وملاحقة المجرمين. وعلى صعيد الانشطة والعلاقات الداخلية كانت الوزارة ترعى كثيراً من الشئون، مثل لجنة مياه النيل، واصدار قرارات تكوين اللجان المختارة للنظر في مختلف المواضيع الإدارية. وكانت مقراً لإدارة اللاجئين ومتابعة إقامتهم في البلاد وإدارة معسكراتهم بالتعاون مع مكاتب الأمم المتحدة. وكانت الوزارة مقراً للجان الحدود وشئون الهجرة الوافدة والعابرة واللجان الأخرى. وكان من الطبيعي أن يؤثر إلغاء وزارة الداخلية ورئاسة الشرطة هذه العلاقات. كان النشاط السياسي المناويء للحكومة في العاصمة وفي الأقاليم في ازدياد خلال الفترة التي تزامنت مع صدور القرارات الجمهورية لدعم اللامركزية. وكان الوضع الذي ينبغي ان يسير عليه الحال ومعالجة تلك المواقف هو أن يقوم محافظو المديريات والعاصمة بالتنسيق والمشورة مع جهة مركزية في الشئون الأمنية، خاصة في حالات وقوع الاضطرابات. ولم يكن هناك وزيراً للداخلية، ولا صلاحيات تمكن الفريق شرطة «مديرعام الشرطة»، الذي كان يحتل أكبر درجة شرطية في المكاتب التي تبقت من الوزارة، من توجيه مجريات الأمور، ولم يكن أمام المحافظين والضباط المسئولين عن الوحدات الاّ أن يقوموا بتوصيل المعلومة والموقف الى العاصمة. ومن هنا جاء اتصالهم الهاتفي والمكتوب« بالفريق شرطة»، خاصة أنه لا تتاح لهم فرصة الاتصال برئيس الجمهورية بيسر. وكان «الفريق شرطة» يرجح المصلحة العامة والظروف الأمنية السائدة فيعطي الرأي والنصح الذي كان يمكن ان يتم تحت ظل وزارة الداخلية ورئاسة الشرطة بل بلغ ذلك حد استخدام قوة شرطة الاحتياطي المركزي التي لم يرد رئيس الجمهورية أن يشاركه أحد في قيادتها كما سنرى. اما على الصعيد الخارجي فلم يكن يتصور أحد أن تلغي الدولة وزارة سيادة هامة فيها. وأعرب الكثيرون عن ذلك وكان يصعب اتصالهم وتوجيه رسائلهم بعد انتهاء الجهة المعلومة لديهم خاصة بعد أن قامت وزارة الشئون الداخلية التي لم تختص بشئون الشرطة. وقد اوضح الفريق«مدير عام الشرطة» أن الشرطة عرفت لا مركزية الإدارة من قبل، لكنها لم تفقد رئاستها وأمن على أن ما يطلبه رجال الشرطة هو ايجاد «رئاسة شرطة» تعني بتوحيد أساليب عملهم وترقبه وتفتشه، وتضمن تعاون الوحدات. وكان أن توالت الاجتماعات مع رئيس الجمهورية ومستشاريه في هذا الخصوص وأعرب رئيس الجمهورية عن رأيه بعدم قناعته بقانون الشرطة لسنة 1977م والتعديلات التي أدخلت عليه بعد قرارات دعم اللامركزية. وقال إنه اصدر قانوناً جديداً يحقق المقومات الأساسية للشرطة كقوة نظامية ويحقق اللامركزية ويمكن الشرطة من تقديم أفضل خدماتها. وركز القانون قيادة الشرطة العليا في رئيس الجمهورية بصفته القائد الأعلى لقوات الشرطة، كما كان يحلو له أن تورد هكذا، بالرغم من أنه رئيس الجمهورية يملك تلك الصفة بنص الدستور، بالاضافة الى صلاحيته شخصياً أو تفويض من يرى في تكوين القوات الإضافية الاحتياطية واستحدث نصاً وصف فيه قوات الشرطة بأنها قوات نظامية تتكون بقرار من رئيس الجمهورية بعد التشاور مع مجلس الدفاع الوطني. فجعل الشرطة تتكون من قوات وليس قوة واحدة، كما كان عليه الحال تحت قانون الشرطة لسنة 1977م. كان قانون الشرطة لسنة 1977م يتحدث في الفصل السابع منه عن جرائم ومخالفات وجزاءات لما يقع من شخص خاضع لأحكام ذلك القانون والنظر فيها أمام «مجلس المحاسبة» والقواعد الأساسية للنظر فيها، وما يترتب عليها. لكن قانون الشرطة لسنة 1979م قد أخذ بالمحاكمة أمام «محاكم الشرطة» التي صنفها الى كبرى وصغرى وإيجازية، وجعل لها اختصاصات وسلطات، وبين الاجراءات التي تتبع أمامها وقبلها وبعدها، وفصلها فيما بعد في قواعد اجراءات محاكمات الشرطة لسنة 1979م. لكنهة كان من الممكن محاكمة المتهمين الذين يخضعون لقانون خاص كرجال الشرطة أو أمن الدولة أمام المحاكم الجنائية إذا كانت الجريمة أو الجرائم المنسوبة اليهم تقع تحت قانون العقوبات. وبالرغم من أن القانون لم يستعمل كلمة العسكري لتصاحب تقسيم المحاكم، الاّ أنه يبدو ان تسميها «محاكم» يؤكد ميل قانون الشرطة نحو العسكري، وهو أمر لم يكن معروفاً في قوانين الشرطة السابقة، التي كانت تتم المحاكمات الإدارية فيها بإجراءات تنفرد بها القوة النظامية فإن الأمر جريمة جنائية أو جريمة إدارية غليظة، مثلما كان في المادة 16من قانون البوليس لسنة 1928م قدمت القضية أمام محكمة جنائىة. ولم يمض وقت طويل على صدور قانون الشرطة لسنة 1979م الاّ وصدرت في الثالث من شهر سبتمر 1979م اللائحة العامة للشرطة لسنة 1979م مستندة لأحكام ذلك القانون، والغت لائحة البوليس لسنة 1971م. تضمنت تلك اللائحة المسائل الأساسية التي تتعلق بتوظيف قوات الشرطة، والتزاماتها، وأسس اختيار الضباط والرتب الاخرى، والتدريب، والتنقلات والندب والإعارة، وغير ذلك من الاجراءات الإدارية. اما تكوين قوات الشرطة فقد ورد في القرار الجمهوري رقم 475 لسنة 1979م لاصادر في الثالث من شهر سبتمبر سنة 1979م وأخذ طريق المركزية واللامركزية في آن واحد، بأن انشاء قوة شرطة مركزية تسمى«رئاسة الشرطة» وأن يتولى قيادتها «مفتش عام الشرطة» وقوات شرطة المديريات، وشرطة الإقليم الجنوبي، وقوات الشرطة الملحقة بهيئة السكك الحديدية والنقل النهري، والمباحث المركزية، والجوازات والهجرة والجنسية، وقوة شرطة الاحتياطي المركزي. وبين ذلك القرار اختصاصات رئاسة الشرطة وقوات الشرطة الاخرى. واستمراراً في نهج اللامركزية أصبح كل مدير قوة من هذه القوات مسئولاً لدى مدير الجهاز المعني، فيما عدا المباحث المركزية التى أصبح مديرها مسئولاً لدى مفتش عام الشرطة وأن يكون مدير شرطة الجوازات والهجرة والجنسية مسئولاً لدى وزير رئاسة مجلس الوزراء. أما قوة شرطة الاحتياطي المركزي فقد نص القرار الجمهوري بأن يتولى قيادتها «مدير شرطة» يكون مسئولاً لدى رئيس الجمهورية وبين اختصاصاتها التي كان من ضمنها مكافحة أعمال الشغب والتخريب، والمساعدة على حفظ النظام في المناسبات القومية والقبلية، وتقديم العون في حالات الكوارث الطبيعية. لم يكن القرار موفقاً في أن يكون مدير هذه القوة مسئولاً لدى رئيس الجمهورية، اذ لم يكن عملياً أن يتم الإتصال بين مدير القوة وهو برتبة عميد شرطة ورئيس الجمهورية للتوجيه في الشئون الإدارية وغيرها، خاصة في حالات الطواريء العادية التي تحدث في أوقات وحالات ولا ترقى أن يتم فيها الإتصال برئيس الجمهورية. عودة وزارة الداخلية كان قرارات دعم اللامركزية قد صدرت، والبلاد إدارتها قانون الحكم الشعبي المحلي لسنة1970 الذي جعل لكل مديرية من مديريات السودان الأثنتى عشرة مجلساً شعبياً، ومحافظاً للمديرية يتولى شئون ادارتها حسب اختصاصه المبين في ذلك القانون. كما يتولى قيادة قوة شرطة كل مديرية «مدير الشرطة» ويكون مسئولاً لدى محافظ المديرية عن حسن إدارتها ولتكتمل الصورة فان مدير الشرطة المرفق، مثل هيئة السكك الحديدية وهيئة النقل النهري، يكون مسئولاً عن إدارة شرطة المرفق لدى مدير عام الهيئة المعنية. اما شرطة الاقليم الجنوبي فكانت إدارتها لدى وزير الإدارة. لكن ثمة مرحلة جديدة قد رانت على طريقة حكم البلاد لا مركزياً. فقد صدر قانون الحكم الاقليمي لسنة 1980م، الذي دمج المديريات مع بعضها البعض، ثم قسم البلاد الى خمسة أقاليم، ضم كل منها مديريات محددة، منها ما كان قائماً اصلاً ومنها ما استحدث قيامه لأسباب سياسية او جهوية. وأفرد المشرع قانوناً خاصاً بالعاصمة الخرطوم كوحدة إدارية مستقلة تدار وفقاً لأحكام قانون إدارة مديرية الخرطوم لسنة 1980م وأبقى قانون الحكم الإقليمي لسنة 1980م على المديريات الجنوبية الثلاث، بحر الغزال والاستوائية وأعالي النيل ، فكانت تدار حسب قانون الحكم الذاتي الإقليمي للمديريات الجنوبية لسنة 1972م كانت إدارة شرطة المديريات الجنوبية تخضع لوزير شئون الإدارة والمجلس التنفيذي، وهما مسئولان عن القيام بذلك وفقاً للمستويات القومية. ولما قام الحكم الاقليمي في المديريات الشمالية، فقد اعطيت الاجهزة التشريعية والتنفيذية في الاقليم حق حكمه، وحسن إدارته، وحفظ أمنه ورعاية نظامه العام، والإشراف على قوات الشرطة والسجون والمطافيء، وادارة ا لمؤسسات الجزائية بالاقليم، وكانت إدارتها بيدي وزير إدارة الاقليم وحاكم الإقليم «المادة 8 من قانون الحكم الاقليمي لسنة 1980» لكن قانون ادارة مديرية الخرطوم لسنة 1980م قد أخذ الاتجاه الذي جعل للمديرية وضعية تناسب كونها العاصمة القومية ، فجعل السلطة التنفيذية المركزية تختص ببعض المسائل التي كان منها الإشراف على أمن المديرية«الخرطوم» «المادة 14 من قانون إدارة مديرية الخرطوم لسنة 1980م» وبالرغم من ذلك فقد نصت المادة «15» من ذلك القانون على ان يتولى محافظ مديرية الخرطوم المسئولية عن أمن مديريته لدى السلطة التنفيذية القومية، وأن يشرف على قوات الشرطة والسجون والمطافيء التي تعمل فيها. لقد كان في هذا النص ازدواجية واضحة عن مسئولية محافظ الخرطوم عن الأمن لدي السلطة التنفيذية الى جانب مسئوليته عن شئون أمن مديريته، مثله مثل المحافظين الآخرين، ويشارك في المسئولية عن الأمن بالقدر الذي يشركه مع الأجهزة المركزية. وقد افادت هذه الازدواجية، وما ورد في نص المادة «15» افادت محافظ الخرطوم بأن جعلته في موقف قوي لدى الحكومة المركزية، لأنه كان يتولى شأن أمن العاصمة، ويتقرب من أجهزة الأمن المركزية«الأمن العام والأمن القومي وأمن الدولة» وقد اعطته صلاحية
الإشراف على قوات الشرطة مكانة رفيعة في قيادة الشرطة، اذ اصبح في مرتبة تتقدم على قيادة رئاسة شرطة السودان. ومثل كل ذلك بعداً آخر للأخذ بدعم لامركزية إدارة الشرطة، وتسبب هو ايضاً في التأثير على الروح المعنوية وسط كبار الضباط.«اللواء محمد نجيب الطيب ، اللقاء التفاكري للوضع الأمثل للشرطة في ظل اتفاقية السلام بتاريخ 29 يناير 2003م، ورقة غير منشورة« اعدها مركز الدراسات والبحوث الجنائية والاجتماعية جامعة الرباط الوطني، مطبعة الشرطة» صفحة 14-16». واستمر تنظيم وإدارة الشرطة وفقاً لأحكام قانون الشرطة ولوائحها العامة لسنة1979م وعليه فإن قانون الحكم الاقليمي لسنة 1980م وقانون مديرية الخرطوم لسنة 1980م قد اكسبا قرارات دعم اللامركزية دفعة وترسيخاً وزاداها قوة في إدارة البلاد، حيث اصبح لكل اقليم حاكمه ومجلسه وزراؤه الذين يمثلون السلطة التنفيذية الإقليمية. ويبدو أن هذا الوضع قد حمل المشرع السوداني أن يدمج قانون الشرطة لسنة 1979م ولوائحه العامة لسنة 1979م ليخرج قانون الشرطة لسنة 1984 مشتملاً على النصوص التي كانت قد ضمنت في اللوائح العامة لسنة 1979م، مثل النص على منصب المفتش العام، وحذفت نصوص اخرى مثل الجرائم والمخالفات والعقوبات، وضمنت في اللوائح وقد وردت في قانون الشرطة لسنة 1984م نصوص توضيحية اذهبت كل ما عرف من وظائف عن وزارة الداخلية ورئاسة الشرطة. وبالرغم من ان قانون الشرطة لسنة 1984م قد اعطى الاقليم ومعتمد العاصمة القومية تولي الإشراف العام على قوات الشرطة في دائرة اختصاصه، الا أنه يكون الإشراف الفني على قوات الشرطة، وادارتها، وتنظيم اعمالها وتحديد واجباتها واختصاصاتها، لدى مدير عام الشرطة في الإقليم والهىئة التي يتبع لها، وأن تتم هذه الشئون وفقاً لما تضعه رئاسة شرطة السودان من سياسة عامة، وتخطيط لقوات الشرطة، وما تبديه من مشورة وما تقوم به من شئون اخرى.« المواد 11،12،15 من قانون الشرطة لسنة 1984م». وخلاصة ما وصل اليه الوضع تحت ظل قانون الشرطة لسنة 1984م أنه مكن حكومات الأقاليم وادارة شئون الجنوب والهيئات التي تتبع لها اي قوة شرطة، من ان تدير شئونها لا مركزياً وتقوم رئاسة شرطة السودان بالأعمال التي تهم كل القوات، مثل التدريب والإمداد ووضع في يدها تخطيط السياسة العامة لقوات الشرطة، لكنها لم تكن بالقدر الذي كانت تضطلع به بوجود وزير للداخلية ومدير عام لشرطة السودان. وهكذا فقد وصفت الفترة التي اعقبت قانون الحكم الاقليمي لسنة 1980م أنها وضعت متطلبات الشرطة تحت رحمة ميزانية الإقليم، وتقوم بالإشراف على ادارتها أجهزة محلية، تضم كوادر غير مؤهلة لقيادة جهاز هام كجهاز الشرطة، ووصلت الخطورة الى حد أثر على توفير المهمات والتجهيزات والزي الرسمي. وفقدت الشرطة قوميتها وحيدتها، بل طالبت حكومات بعض الاقاليم ان ينقل اليها الضباط من ابنائها، وتوجيه الدعوة لرجال الصف للانخراط فيها.«اللقاء التفاكري للوضع الأمثل للشرطة في ظل اتفاقيات السلام». هكذا كان الحال الذي آلت اليه الشرطة بعد قرارات دعم اللامركزية حيث اصبحت قوات متعددة تربط بينها رئاسة شرطة مركزية لا تتمتع بصلاحيات قوية لإدارة الجهاز، والغيت وزارة الداخلية التي كانت ترعى شئونها في اطار السلطة التنفيذية للبلاد. وعلى صعيد آخر انسلخت الادارة الموحدة لشرطة الإقليم الجنوبي الذي كان يضم المديريات الجنوبية الثلاث، الاستوائية وبحر الغزال وأعالي النيل، حينما أقام الأمر الجمهوري رقم «1» لسنة 1983م ثلاثة أقاليم في تلك المديريات وانشأ لكل منها اجهزة تشريعية وتنفيذية. وزاد هذا الوضع حكمها وإدارتها سوءاً. وجاءت انتفاضة ابريل 1985م لتجد سلطة تنفيذية تنقصها وزارة الداخلية، وقوات شرطة متفرقة تحت إدارات متعددة في ظروف أمنية حساسة. وعند تشكيل حكومة المشير عبد الرحمن سوار الذهب أضاف وزارة الداخلية ضمن تشكيل مجلس وزرائه، الذي حددت مدته بعام واحد، وتولى أمرها الضابط الذي كان يشغل منصب المفتش العام، فأصبح وزيراً للداخلية، وعين نائبه مديراً عاماً للشرطة، وصدر قانون الشرطة لسنة 1406ه «1986»، الذي الغى قانون الشرطة لسنة 1984م. وكان أهم ما جاء في ذلك القانون النص على منصب وزير الداخلية والمدير العام، وما لهما من صلاحيات في قيادة قوات الشرطة، وتكوينها من الضباط والرتب الاخرى، وأن تكون قوة واحدة وتقسم ادارياً وفنياً، وتوزع على الاقاليم والعاصمة القومية والمرافق والإدارات على الوجه الذي تحدده اللوائح والأوامر. وقد ادى ذلك الى اعادة الشرطة سيرتها الأولى، لكن القانون قد ابقى مسئولية مدير شرطة الإقليم او العاصمة القومية عن اعمال الأمن لدى الجهة المختصة«الاقليم او المرفق». «المادة 8 و 9 من قانون الشرطة لسنة 1986م والفصل السابع من نفس القانون عن لجنة أمن الإقليم، والمادة 11 عن انشاء المجلس الاعلى للشرطة برئاسة مدير عام الشرطة وتكوينه واختصاصاته. وبالرغم من عودة وزارة الداخلية ورئاسة الشرطة بعد صدور قانون الشرطة لسنة 1986م الا أن إدارة الشرطة بقيت موزعة بن الإدارة المركزية والإدارة اللامركزية وقد ضعفت هيمنة وزارة الداخلية على كثير من الأمور الإدارية والأمنية التي كانت ضمن اختصاصها، فذهبت عنها مصالح ومكاتب الى وزارات اخرى، مثل شئون الكتبة، وا لشئون الدينية، والأمن العام، وغيرهامما ورد في قرارات دعم اللامركزية والتنظيمات الاخرى واعطيت بعض الادارات صلاحيات للإشراف على اعمال هامة كانت تنفرد بها الشرطة مثل اشراف النيابة العامة على عمل الشرطة الجنائي.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.