تناول السيد الدكتور محمد أحمد صالح ابراهيم بصحيفة (الرأي العام) الصادرة بتاريخ الثلاثاء 2010/8/21م بعمود (المنبر الاقتصادي) ب (الرأي العام الاقتصادي) زيارة السيد وزير الزراعة الاتحادي الدكتور المتعافي وحديث سيادته عن الدور المتعاظم للبحث العلمي الزراعي في الارتقاء بالانتاج الزراعي وما يعانيه البحث العلمي الزراعي من فقر في الامكانيات لتجاوز تخلف الزراعة بالسودان وتردي الأحوال فيها مبدياً استعداد سيادته لمساعدة هيئة البحوث الزراعية للتغلب على مشاكلها، ومطالباً هيئة البحوث الزراعية بتغيير منهج ونمط العمل بها، والاتجاه الجاد نحو حل مشاكل الزراعة الفنية وتمتين علاقاتها مع كافة الأطراف المعنية بأمر الزراعة وعلى رأسها المنتجون والزراع. الحديث في مجمله للسيد وزير الزراعة الاتحادي كان جيداً لكن استوقفني في هذه الزيارة وحديث السيد الوزير بعض النقاط العامة التي أجملها فيما يلى: 1/ ان تكون تلك الزيارة هي الزيارة الأولى للسيد وزير الزراعة الاتحادي لهيئة البحوث الزراعية التي تعتبر بموقع القلب بالنسبة لجسم الزراعة بالسودان. اقول هذا وأنا على علم تام بان هيئة البحوث الزراعية الآن تحت اشراف وزارة أخرى غير وزارة الزراعة الاتحادية وهي وزارة العلوم والتقانة وهو وضع في اعتقادي شاذ وغريب وكنت اعتقد انه من أولى مهام السيد وزير الزراعة الاتحادي هو العمل الجاد لاعادة هيئة البحوث الزراعية تحت اشراف السيد وزير الزراعة الاتحادي في موضعها الطبيعي وهو مطلب وضع على رأس مطلوبات العمل الزراعي في اطار البرنامج التنفيذي والنهضة الزراعية. 2/ جميل من السيد وزير الزراعة الاتحادي ان يضع النقاط فوق الحروف لمشاكل الزراعة وهيئة البحوث الزراعية، وجميل ايضاً ان يكون للسيد الوزير رأى لتغيير واقع الزراعة بالسودان بما يزيل تلك المشاكل ولكن بأفق فنية زراعية لا باجتهادات شخصية نظرية بعيدة عن طبيعة وخصوصية الزراعة كحديث سيادته عن الغاء الدورات الزراعية ضمن رؤيته لتصحيح مسار العمل الزراعي بالبلاد. الدورة الزراعية يا سيادة الوزير هي من أساسيات العمل الزراعي الصحيح لاسباب فنية بحتة ينبغي ان يدركها كل من يهمه أمر الزراعة وكل من يتولى امر ادارتها من المسؤولين وأولهم السيد وزير الزراعة الاتحادي والمهنيون الزراعيون هم أقدر الناس للحديث عنها باستفاضة اذا رأى احدهم ألاّ حاجة لها فالدورة الزراعية تحددها عناصر كثيرة على رأسها النواحي الفنية، والاقتصادية والبيئية والاجتماعية الخ.. وينبغي على هذه الدورات ان تستجيب لرغبات المنتجين في اطار حرية الاختيار. وجود بدائل علمية لدورات زراعية للمواقع المختلفة هو السبيل الوحيد لمقابلة حرية اختيار المزارعين لمحاصيل الدورة الزراعية التي تناسبهم من البدائل المعتمدة. فالمطلوب من علماء البحوث الزراعية توفير تلك البدائل من الدورات الزراعية فتلك سياسة قطاعية ينبغي ان تنسجم مع السياسات الكلية الاقتصادية والقطاعية، ولذلك لا بد من تكامل الجهود لكل الاطراف في المجال الزراعي لتجاوز واقعه المتخلف في اطار استراتيجي شامل لا يعتمد على الاجتهادات الشخصية التنظيرية، بل وفق رؤى علمية وعملية من أهل المهنة والاختصاص وبمشاركة الجميع. أنا على يقين بأن الإخوة بهيئة البحوث الزراعية في اجتماعهم مع السيد وزير الزراعة الاتحادية قد تمكنوا من تصويب رؤاه في كثير من المسائل الفنية. أما فيما يخص رؤية السيد الوزير الاتحادي للزراعة حول البحوث الزراعية التجارية، فبرغم مبرراته النظرية وربما ضرورتها في وقت لاحق إلاّ انني ارى بأن الوقت مازال مبكراً في التفكير فيها ووضعها موضع التنفيذ خاصة وان معظم زراعتنا مازالت زراعة تقليدية ولصغار المزارعين علاوة على طبيعة الزراعة المحافظة ليس في السودان وحده بل على مستوى العالم للتعامل مع التغيير، نحن المهنيين الزراعيين وأهل الزراعة عموماً أكثر شوقاً لتجاوز موقف الزراعة المتخلف بالسودان ولكننا نرى ان الأمر يحتاج لقدر أكثر في كل الاتجاهات وفي حاجة لارادة سياسية فاعلة ولتحرك جماعي من كل الأطراف لتجاوز مشاكل الزراعة وعلى رأسها السياسات. دعوتي للإخوة المهندسين الزراعيين ان يتناولوا رؤى السيد المتعافي بالحوار الموضوعي وتصويبها لاحداث التغيير النوعي المطلوب في الاداء في القطاع الزراعي بالسودان لتثبت عملياً قدرتنا على تحمل مسؤولياتنا اذا منح القوس لبارئه ولنقف وقفة قوية أمام كل محاولات الحاق الهزيمة بالمهنيين الزراعيين وكأنهم خلف كل ترديات الاوضاع الزراعية بالبلاد. الأخ الدكتور محمد أحمد صالح إبراهيم تناول في مقاله المذكور زيارة وحديث السيد وزير الزراعة الاتحادي بأسلوب العلماء، ليتحرك المهندسون الزراعيون بقوة وشجاعة بكل ما يليهم من مسؤوليات نحو الزراعة وبما في ذلك موقع هيئة البحوث الزراعية أتوقع حراكاً نشطاً من المجلس الزراعي السوداني والاتحاد المهني للمهندسين الزراعيين السودانيين وكل تنظيمات المجتمع المدني بالقطاع الزراعي لتصحيح مسار العمل الزراعي، اعتقادي جازم بأن وراء كل اخفاقات الزراعة بالسودان السياسات وتغييب أهل الزراعة وغياب الارادة السياسية الفاعلة لتنفيذ الخطط والبرامج الزراعية. قضية الزراعة بالسودان قضية عامة وليست حكراً ولا حصراً على اجتهادات بعض الجماعات والأفراد فهلا تحرك الجميع لتصحيح مسارها؟ والله من وراء القصد * مهندس زراعي بالمعاش