كل الأعمال الرائعة التي أبدعها الباحث العزيز الصديق الودود المغفور له بإذن الله الطيب محمد الطيب كان قد توخى في إعدادها أشراط الفولكلور وأسس جمع التراث ومناهج درسها وفق أسسها ومعارفها وعلومها فقد توسع في قراءاتها من كل مصادرها فانعكس كل ذلك في مؤلفاته الكثيرة التي يعرفها الكافة إبتداء من «الإنداية» في نهايات الستينيات وترافق في رحلته الميمونة هذه مع كثير من العلماء.. وكان بالطبع إلى جواره من هؤلاء الباحثان الكبيران الاستاذ مصطفى مبارك والاستاذ محمد عمر بشارة. وقد حاول ثلاثتهم في ضوء مستجدات علوم الفولكلور والبحوث التراثية رسم طريق ليعين الآخرين على إرتياد هذا الطريق الطويل، ومن ذلك إستحداث «دليل» لجمع الفولكلور فقد قرأوا له كثيراً لكي يعبدوا به للراغبين في هذه الدراسات الدرب بتجارب واجتهادات المشتغلين بها في كل مكان وفي كل زمان وأتاحوا لنا ان نطالع حتى الخلافات الكثيرة التي إعتورت كلمة فولكلور ومن ذلك مثلاً ما تعرض له أحد علماء هذه المعارف الفولكلورية وهو «طومسون» الذي أبان صعوبة الإتفاق على تعريف يرضى به الجميع وقد عبر عن ذلك بقوله: - على الرغم من أن كلمة «فولكلور» قد مضى عليها أكثر من قرن فليس هناك اتفاق تام على ما تعنيه هذه الكلمة على وجه الدقة. - ثم يقرر بأن الفكرة الشائعة في الوقت الحاضر هي ان الفولكلور إنما هو التراث.. إنه شئ إنتقل من شخص إلى آخر وحفظ عن طريق الذاكرة أو بالممارسة أكثر مما حفظ عن طريق التدوين ويشمل الرقص والأغاني والحكايات وقصص الخوارق والمأثورات والعقائد والمعتقدات الخرافية والأقوال السائرة بين الناس مثل «الأمثال» في كل مكان.. كما أنه يشمل كذلك دراسة العادات والممارسات المنزلية وأنماط الأبنية والأدوات والظواهر التقليدية للنظام الإجتماعي.. غير أنه فيما يتعلق بهذه المجالات الأخيرة فيبدو أن هناك إتفاقاً عاماً على إعتبارها إذا وجدت في مجتمع غير متطور جزءاً من «الأثنولوجيا» أي العلم الذي يدرس ثقافة الشعب ككل متكامل أكثر من إعتبارها فولكلوراً. باحثونا أتاحوا لنا أن نقف على كثير من الاجتهادات التي أطلقها المختصون. ويبدو أنها لا تخلو من تشويق ربما لأنها ليست مما تناولته الأقلام كثيراً في الاصدارات الدورية هذه أو أهتمت بطرحه ومن ذلك تلك الطائفة الكبيرة من التعريفات المختلفة باختلاف مبتدعيها ومنها على سبيل المثال: - «الفولكلور، هو بقايا القديم وثقافة ما قبل التمدن «أو الموروثات الثقافية في بيئة المدينة الحديثة» هذا التحديد قريب مما عناه عالم آخر الذي ميز علم الفولكلور بأنه دراسة للموروثات الثقافية ولا نزال نقابل مثل هذه الفكرة حتى في الوقت الحاضر. القاموس الفولكلوري الامريكي تضمن بالطبع طائفة من مثل هذا التعريف كأن يجئ فيه بأن الفولكلور هو جميع العقائد الشعبية القديمة والعادات والمأثورات التي إستمرت متوافرة بين العناصر الأدنى ثقافة في المجتمعات المتحضرة حتى الآن. * أو: الفولكلور هو حفريات حية تأبى أن تموت.. * عالم آخر يقول: - إن الفولكلور هو الرواسب العلمية والثقافية المتأخرة للتجربة الإنسانية والتي تكونت على مدى العصور وذلك لأن التغيير كان أكثر بطأ وأقل تعاقباً في الأزمنة المبكرة وعلى ذلك فإن العادات المبكرة والفوائد قد استغرقت زمناً أطول لكي تتشكل وتتحصن بعمق في اللا شعور لدى الأجناس المختلفة.. «يتبع».