بالرغم من تكرار المحاولات لوضع استراتيجية قومية لمحاربة الفقرتنصب فيها جهود الدولة الموجهة لتلك القضية بشكل منظم لتبلغ الهدف المقصود إلا ان تلك المحاولات لم تظهر حتى الآن فى شكل استراتيجية او واقع عملى بالرغم من تردد الحديث الدولى وصداه الداخلى عن زيادة معدلات الفقر بالبلاد، ارجع عدد من المراقبين الوتيرة السلحفائية لوضع تلك الاستراتيجية الى معوقات عديدة تتمثل فى ضعف الاحصائيات وصعوبة تحليلها خاصة فى المناطق التى كانت بؤراً للنزاع والتوترات الامنية. وكانت وزارة المالية تبنت محاولات لوضع استراتيجية لمحاربة الفقر- فى العام 2004 الا انها اصطدمت بعدم وجود معلومات كافية عن معظم الولايات الجنوبية وقبل توقيع اتفاقية السلام الشامل تم الاتفاق بين وفد الحكومة ووفد الحركة الشعبية على مذكرة تفاهم حول اكمال الاستراتيجية والتى تم بموجبها الاتفاق على ان تقوم حكومة الجنوب باعداد وثيقة خاصة للقضاء على الفقربالجنوب وتقوم حكومة الوحدة الوطنية بتحديث وثيقة الشمال ومن ثم دمج الوثيقتين لتكون استراتيجية متكاملة قومية . وتفيد متابعات (الرأي العام) بأن نائبة رئيس البنك الدولى فى زيارتها الشهر الماضى للبلاد ربطت بين اعداد استراتيجية قومية لمحابة الفقرواعفاء ديون السودان الخارجية وذلك كشرط اساسى للحصول على الدعم والتمويل من المانحين الى جانب اعفاء الديون، بينما تعكف وزارتا المالية والاقتصاد الوطنى و الرعاية والضمان الاجتماعى عبرلجنة من الخبراء على اعداد استراتيجية لمحاربة الفقر. وفى ذات السياق حصرت أميرة الفاضل وزيرة الرعاية والضمان الاجتماعي فى حديثها مطلع الاسبوع الحالى بمنبر (سونا) الاسباب التى حالت دون تسريع خطى محاربة الفقربالبلاد والتى تتمثل فى ضعف تدفقات الدول المانحة فى السنوات الاخيرة والتى قالت انها لم تتجاوز(35%) ،لكن الوزيرة أكدت ان وضع استراتيجية محاربة الفقر يأتى من أولويات عملها فى المرحلة المقبلة وذلك مع التركيزعلى جانب مشروعات التمويل الاصغر. ويؤكد ابراهيم احمد منسق مركز مشروعات محاربة الفقر ل(الرأي العام) وجود معلومات جديدة من شأنها أن تساعد فى الدفع بقضية محاربة الفقربالبلاد وتمكن من صياغة استراتيجية لمحاربته تستند على مجهودات الخبراء وبالتعاون مع وزارة الرعاية الاجتماعية وقال: من المتوقع ان تكون قريباً على طاولة على محمود وزيرالمالية. وحسب تقارير وزارة المالية فانه تم استثناء السودان من الشروط والمعاييرالمتعلقة باعداد الاستراتيجية الكاملة للحد من الفقر بالبلاد لعدم امكانية توافر البيانات الخاصة بالفقر عن كل ولايات السودان خاصة فى ظل الظروف الراهنة التى يمربها السودان، لذا تم الاتفاق مع البنك الدولى على اعداد استراتيجية للقضاء على الفقربالقدرالمتوافر حالياً من البيانات والاحصاءات الى حين توافر البيانات المخصصة لقياس الفقرمستقبلاً والتى اشارت حيثيات التقريرالى انها تتطلب القيام باجراء تعداد سكانى ومسح لميزانية الاسرة اضافة الى المسوحات القطاعية الاخرى للصحة والتعليم وأخرى . وفى سياق متصل يؤكد البروفيسور حسن ماشا المحلل الاقتصادى ان من أهم المطلوبات لوضع استراتيجية قومية لمحاربة الفقر يتمثل فى وجود تعداد حقيقى لدخل الفرد والذى يختلف من حيث القوه البشرية والمنطقة الجغرافية اى انه متفاوت. وقال ماشا فى حديثه ل(الرأي العام) ان من اكبر المعوقات التى تواجه اغلب الدول النامية يتمثل فى عدم الاعتماد على الجانب العلمى مثل وضع احصاء سكانى وقياسات تنتج عنها مؤشرات حقيقية للفقر اضافة الى عدم توافر الارادة السياسية للاحاطة بالظاهرة واحتوائها . واضاف : النزاعات المتجددة شغلت الدولة عن القيام بدورها فى هذا الجانب واعداد الاستراتيجية حتى لاتبدد جهودها فى مشروعات لمحاربة الفقر لايتم حتى قياس مدى جدواها أو اسهامها فى حل المشكلة . ونبه ماشا الى ضرورة الاهتمام باشراك الكوادر العلمية من اكاديميين وخبراء ومتخصصين فى اعداد تلك الاستراتيجية حتى تخرج بصوره (أكثرواقعية ) وتكون سبيلا لاستئصال الفقروليست مجرد مخرجاً لاعفاء الديون لان تلك الدول من الممكن ان تتنصل عن عهودها ، دعا ماشا الى ايلاء التنمية الحقيقية جهداً أكبر لان تلك الدول تتحفظ فى تقديم دعوماتها فى حال لم تجد مردوداً ايجابىاً على ارض الواقع للدول التى تدعمها مؤكداًعلى ضرورة تجاوز ما أسماه بالازمة حيث تشير اخراحصائيات الى ان متوسط دخل الاسرفى السودان لايغطى (36%) من احتياجاتها .