المسح الاحصائي الذي انجزه الجهاز المركزي للاحصاء يقف الآن بعد انجازه عند حافة التحليلات العلمية وابراز المؤشرات، انه طفرة متحضرة بلا شك انتظرها السودان زهاء ثلاثين سنة، ها هو ذا الجهاز المركزي للاحصاء بدأ يعلن على الملأ منذ الرابع من اكتوبر الجاري. يعلن اهم مؤشرات ذلك المسح الاحصائي الذي نهض به هذا الجهاز بروح جهادية وطنية تابعها الجميع حيث بذل خبراؤه وموظفوه جهودهم في سخاء من أجل إحداث تغطية شملت كل الولايات ومن بعد عكف الجهاز المركزي للاحصاء في التحليلات والتصنيفات لكي يجلي ملامح مفهومة للواقع السوداني في هذه المناحي التي اهتم بها من حيث ظروف العيش وواقع المعاش وتميز الاحوال باختلاف الاماكن من حيث احصاء الاستهلاك ونسب الفقر. يجيء في البيان الصحفي الذي اصدره الجهاز المركزي للاحصاء ان الخطوات الفعلية لهذا المسح ليست وليدة الامس انما تعود الى العام 4002م اي اثناء مفاوضات السلام في نيفاشا حيث كانت المتطلبات هي اعداد الخطط الملازمة لخفض معدلات الفقر خاصة ورقة «استراتيجية خفض الفقر»ومن ثم تحولت تلك الفكرة الى واقع بعد مبادرة البنك الافريقي للتنمية باعتباره شريكا رئيسيا للعملية التنموية في السودان بتقديم منحة قدرها «8.51» مليون دولار للحكومة- منها «33%» لحكومة الوحدة الوطنية و«66%» لحكومة الجنوب، ذلك عبرمشروع بناء القدرات في مجال «خفض الفقر والحكم الرشيد» بوزارة المالية والاقتصاد الوطني الذي يهدف الى بناء القدرات البشرية والمؤسسية للعاملين في مجال خفض الفقر في الوزارات والولايات. ويعتبر البنك الافريقي للتنمية هو الممول الرئيسي لمسح البيانات الاساسية للأسر عام 9002م حيث بلغ المبلغ المخصص للمسح «4.1» مليون دولار امريكي وتم الحصول كذلك على دعم من حكومة النرويج وذلك عبر المكتب المركزي للاحصاء النرويجي. تتمثل المساعدة في معالجة وادخال البيانات وتوفير أجهزة المسح الضوئي وبرامج الحاسوب والتدريب بالاضافة الى طباعة وشحن الاستبيان وفي هذا الجهد الكبير تم الحصول على مساعدة فنية من منظمة الاغذية والزراعة «FAO» من خلال توفير الخبراء في وقت مبكر خلال مناقشة ومواءمة الاستبيان. ويتمثل الهدف الرئيسي للمسح في جمع بيانات عن الصرف الاستهلاكي للاسر بجانب تحديث البيانات الديمغرافية والاجتماعية والاقتصادية علما بان آخر مسح مماثل قد تم تنفيذه في العام 8791م. لقد غطى المسح الذي نفذه الجهاز المركزي للاحصاء كل الولايات الشمالية ال«51» عن طريق العينة اذ بلغ حجم العينة «825» أسرة بكل ولاية شمالية تم تقسيمها بالنسبة والتناسب حسب حجم سكان الريف والحضر بالولاية. ويعتبر المسح هو المسح القومي الثاني بعد المسح الصحي القومي بعد توقيع اتفاقية السلام في العام 5002م. والمسح في الجنوب الذي نفذ بواسطة مركز التعداد والاحصاء والتقويم غطى ولاياته العشر اذ اشتملت استمارة المسح على «21» قسماً للبيانات الديمغرافية والاجتماعية والاقتصادية كالبيانات التعريفية وهجرة الأسر والحالة الاجتماعية لأفراد الأسر والقوى العاملة وخصائص المسكن وإستهلاك السلع والخدمات والنقود والادخار وممتلكات الأسرة وملكية الأراضي وغيرها. في تحليل البيانات الخاصة بالشمال وجد ان متوسط الاستهلاك الشهري للفرد في العام 9002م يساوي «841» جنيهاً وفي الحضر «691» جنيهاً، بينما في الريف «221». ثم تأتي المفارقات بين الولايات وأحجام نسبة الاستهلاك الغذائي وحساب خط الفقر.. وذلك ما سنعود إليه إن شاء الله تعالى.