تحدثت صحف الخرطوم في اليومين السابقين عن تصريحات السيد الدكتور عابدين محمد علي - مدير عام شركة الاقطان - وعزمهم لاعادة زراعة القطن لسيرتها السابقة في مشاريعنا الزراعية المروية الكبرى وبصورة خاصة بمشروع الجزيرة والمناقل الذي تحمل لواء زراعته وبموجبها تحمل عبء الاقتصاد السوداني في الفترة ما قبل انتاج وتصدير النفط السوداني، استراتيجية السيد الدكتور عابدين محمد علي تتركز على الإشراف المباشر لشركة الاقطان لزراعة القطن بتلك المشاريع المروية الزراعية بديلاً لتقديم تسهيلات زراعة القطن في تلك المشاريع في السابق. ويقول السيد الدكتور عابدين محمد علي في أنهم لم يتمكنوا من زراعة الخطة المستهدفة للقطن بتلك المشاريع. (300) ألف فدان بسبب رفض المزارعين لتنفيذ الخطة في اطار سياسات تحرير الاقتصاد السوداني وحرية اختيار محاصيل الندرة الزراعية. يبدو ان هنالك سبباً آخر يتمثل في ضعف المردود الاقتصادي للقطن بالنسبة للمزارعين وارتفاع تكاليف انتاجه وتحملهم لخسارات فادحة جراء زراعته مع المشاكل العديدة المرتبطة بزراعته دون ايجاد حلول لتجاوزها. السبب الثاني والخاص بضعف مردود القطن وارتفاع تكاليفه ومشاكل انتاجه العالقة دون حل، سبب مقبول وحجة وعلى ادارة المشاريع الزراعية المروية والدولة التحرك الجاد والمثمر لتجاوزه بما يحفز المزارع لبذل المزيد من الجهد لرفع الكفاءة الانتاجية وتخفيض تكاليف الانتاج وتجاوز المشاكل المزمنة في تلك المشاريع الزراعية. أما رفض المزارعين لزراعة القطن بتلك المشاريع بحجة تحرير الاقتصاد السوداني وحرية المزارع لاختيار محاصيل الدورة على هواه الشخصي، فهو فهم مغلوط وخاطئ لسياسات التحرير الاقتصادي للأسف الشديد ان بعض المسؤولين في القطاع الزراعي يشاركون المزارعين في هذا الفهم الخاطئ لسياسات تحرير الاقتصاد السوداني اذ ليست هنالك حرية مطلقة للمزارعين في اختيار محاصيل الدورة فتلك الحرية في الاختيار مقيدة بضوابط استراتيجية للدولة وبجوانب اقتصادية وفنية زراعية وبيئية... الخ، ولكن يمارس المزارع بتلك المشاريع الزراعية حريته في الاختيار وعلى ادارات تلك المشاريع الزراعية والدولة توفير بدائل علمية مقبولة من المزارعين لمحاصيل الدورة يتمكن المزارع من اختيار محاصيله من تلك البدائل المستمدة بواسطة الدولة وهو أمر ينبغي رضوخ الجميع له حفاظاً على المصلحة العليا للدولة وللمزارعين ولا مجال فيه للتردد، وينبغي كذلك ان تكون الرسالة واضحة ومعلومة لجماهير المزارعين بكافة الوسائل الممكنة لا بد ان يتحمل الجميع المسؤولية دون اي تفريط وبجدية نحن في سياساتنا الزراعية الحالية نفتقد كثيراً من هذه الجوانب المهمة. ذكر السيد الدكتور عابدين محمد علي ان شركة الاقطان ستتولى شؤون إدارة زراعة وانتاج القطن بالمشاريع الزراعية المروية الكبرى وانه يتوقع انتاجية (10) قناطير لصنف الاكالا وخمسة قناطير للقطن صنف بركات، ولكنه لم يذكر شيئاً عن تكاليف انتاجية. ارجو ان يكون ذلك في الاعتبار اذا كانت شركة الاقطان ستتولى الاشراف المباشر على زراعة وانتاج القطن بتلك المشاريع الزراعية الكبرى، ماذا فضل لادارات تلك المشاريع الزراعية للقيام به لتكون موجودة بشكلها الحالي؟ قراءتي لهذا الوضع تقول ان المستقبل يخبئ كثيراً مما سيحدث في هذه المشاريع الزراعية مستقبلاً نسأل الله الا تصدق قراءتي تلك شركة الاقطان قد تنجح في مسعاها وفي رفع كفاءة الاداء بالنسبة لزراعة القطن مؤقتاً وذلك بسبب خلق اجواء جاذبة للانتاج الزراعي بتلك المشاريع. ألم يكن من الممكن ان تتحقق مثل هذه النجاحات المتوقعة في ظل الإدارات السابقة التي أطيح بها اذا توافرت لها المعينات اللازمة لانتاج زراعي متطور ومستدام؟ الاداء المتدني لقطاعنا الزراعي مربوط بسببين رئيسيين هما: 1/ السياسات الاقتصادية الكلية والقطاعية غير الجاذبة للانتاج والاستثمار. 2/ تكليف عناصر بشرية غير مؤهلة وغير مقتدرة لإدارة شؤون الزراعة بالبلاد على كافة المستويات على أسس استراتيجية مهنية وايضاً غير مستنفرة.