خطى الحركة الشعبية وجنوب السودان الانفصالية عجلى لا تستطيع أن تنتظر حتى يتم الاستفتاء وَيقع الانفصال ثم تتخذ الخطوات التي تبين معالم الدولة الجديدة، وَمن الخطوات العجلى اختيار النشيد الوطني لجنوب السودان. لذا لم يكن غريباً في حالة الاستعجال هذه أن تعكس كلمات النشيد الحالة النفسية العدوانية والبعد العنصري في النشيد المنتظر ومن كلماته: يا أيها المحاربون السود الأقوياء فلنقف في صمت وخشوع ومهابة في ذكرى ملايين الشهداء.. الشهداء الذين شيّدوا بدمائهم مداميك الوطن قسماً سنحمي أمتنا يا جنة عدن.. لا تريد الحركة الشعبية للجنوب أن يتحرّك من محطة الحرب تُطالب بعض قياداتها من الشمال ألا يطلق على من قدموا أنفسهم في الجنوب شهداء، بينما هم يفعلون الذي ينهون عنه غيرهم ويسمي نشيدهم من قتل منهم أبطالاً ويحدد لهم ذكرى ليتم استدعاؤها متى قعقع صوت السلاح. والدولة الجديدة لا قيم عندها لتعلنها في رمزها الوطني غير أن تلجأ إلى لون البشرة وتؤكد السواد سمة لأهل الجنوب، والسواد ليست سبة ولكن الحركة هي التي تحول صراعها مع الشمال إلى عنصرية بغيضة. ولقد اعتادت الحركة الشعبية أن تصل إلى كل أهدافها بالقوة والسلاح وهي تظن أن الدولة تبنى أيضاً بالقوة، وأن التاريخ ينبع من ميادين القتال وليس من قاعات الدرس وحقائق الأرض والشعوب والحضارات، وكما أسّست لمعاني التهميش والمهمّشين فلا بأس عندها أن تسرق التاريخ وتسرق معه حضارة كوش دون حياءٍ. بيد أن الحركة وهي تستعجل قيام الدولة الجديدة وتؤسس لها لم تحسن إعداد الأرض لها. اليوم رئيس الحركة الشعبية ورئيس حكومة الجنوب في الخرطوم، وغداً سيكون في جوبا وسيلتقي بنائبه السيد د. رياك مشار. وفي صحيفة «السوداني» أمس، إتهم سلفا كير نائبه في الحركة وفي حكومة الجنوب بأنه انفصالي، بيد انه لم يُبيِّن لنا الدولة التي يخطط لقيامها نائبه السيد سلفا كير هل هي دولة النوير في مواجهة دولة الدينكا..؟ دولة يهددها الانفصال قبل أن تقوم ومن أين من قمة هرمها الحاكم أليس لنا الحق أن نسأل عن عدد الذين سيقبلون بمعاني هذا النشيد الجديد قبل أن نسأل عن عدد القادة والقبائل التي تضمر الانفصال..؟ لسنا في عجلة مثلهم لنسأل عن الدستور الذي سيوضع في الجنوب وَالحكم فيه بعد الانفصال ولا عن مجلسه التشريعي الذي سيسن القوانين هل سيقبل أن يكون بينه الانفصاليون من القادة الكبار في الحركة الشعبية..؟ وإذا اجتث سلفا كير نائبه الانفصالي فهل سيسجنه أم يفصله أم....؟ وهل سينتظر رياك سكين سلفا.. أم في الغابة متكأ ومسرح جديد لتأسيس دولة جديدة. اللهم سترك يا رب من عجلة وتهور من يحمل السلاح ويقود الأمة إلى الفتن والظلمات.