من السهل ان يتوصل الانسان الى وقف اطلاق النار فى قضايا فض النزاعات ومن الاسهل تحقيق اتفاق سلام ينهى تلك الحروب ولكن تبقى العبرة فى كيفية استدامة ذلك السلام. ولما كانت مفوضية نزع السلاح واعادة الدمج والتسريح تعتبر أحد أهم بنود اتفاق السلام الشامل الذى يمضى الآن الى خواتيمه، تعمل الآن بنشاط مكثف للاطمئنان على سلامة الوضع الامنى فى الشمال والجنوب وتكذيب الشائعات التى صاحبت اقتراب عملية تقرير المصير. ويرى العديد من المراقبين انتشار السلاح فى البلاد لدى المليشيات المسلحة والجماعات المتمردة والاشخاص غير المنضوين للقوات النظامية تمثل هاجسا كبيراً وتحدياً يواجه الامن فى المرحلة المقبلة وان عدم اكتمال نزع ذلك السلاح وترك عدد من المسلحين خارج نطاق القوات النظامية بمثابة برميل بارود قابل للانفجار فى أي وقت. ويشير البعض الى ان مهمة المفوضية ومجلسها القومى تصعب يوما بعد يوم ,كلما ضاق الوقت وذلك بسبب تأخر تعهدات المانحين وعدم توفير الدعم اللازم. ويلاحظ ان تلك المفوضيات تتعقد مهمتها بكثرة ميادين القتال فى الشرق والغرب والجنوب والمناطق الانتقالية فضلاً عن ان عملية اعادة الدمج والتسريح تعتبر عملية معقدة تطلب متابعة دقيقة للمشاريع الدمج والتسريح، ويقول الفرزدق خلف مسؤول الاعلام بالمفوضيات ان مايعقد الامر ارتفاع تكاليف نزع الألغام وكثرة المناطق المستهدفة. ويجئ اجتماع المجلس القومى لنزع السلاح واعادة الدمج الذى انعقد الاربعاء الماضى بالخرطوم للاطمئنان على الخطوات المحرزة والعقبات التى تقف امام انفاذ العديد من المشروعات وتتمثل تلك العقبات فى مسائل اهما التمويل وبطء تنفيذ المانحين بوعودهم التى قطعوها فى اول مؤتمر لنزع السلاح واعادة الدمج عقب توقيع اتفاق السلام الشامل فى العام 2005م ويقول دكتور سلاف الدين صالح الامين العام لمفوضية شمال السودان لنزع السلاح واعادة الدمج فى حديث سابق له ان جملة الاموال المطلوبة لانجاح عمليات نزع السلاح واعادة ادماج المقاتلين تبلغ حوالى أربعمائة وخمسين مليون دولار ولا يزال المجلس يطلق نداءته للمانحين فى اجتماع الاربعاء الماضى ولايزال المانحون يتعهدون فقط وهذه هى العقبة الكؤود على حد وصف د. وليم دينق مفوض جنوب السودان لنزع السلاح واعادة الدمج ويرى دينق فى حديث ل (الرأى العام) ان المفوضية لاتزال تنتظر المانحين فى توفير تعهداتهم بقية انفاذ ما تبقى برامج لا تزال عالقة بسبب ضعف التمويل وكشف دينق عن اكتمال تسريح عشرة آلاف مقاتل بجنوب السودان فيما تجري الترتيبات لنزع سلاح وتسريح ودمج أعداد كبيرة بولايات الجنوب قبل موعد الاستفتاء وحول ما اذا كانت هناك عقبة امام المفوضية بحلول موعد الاستفتاء وقال دينق (لا أعتقد ان الاستفتاء سيشكل عقبة أمام عمليات نزع السلاح واعادة الدمج وان نتائجه بغض النظر عن انفصال او وحدة لن تعيق عملية نزع السلاح). وخرج اجتماع المجلس القومى لنزع السلاح واعادة الدمج فى دورة انعقاده التاسعة بنتائج مفادها حرص المفوضيتين فى الشمال والجنوب على تطبيق اتفاق السلام الشامل والعمل على منع اندلاع الحرب بين الطرفين مرة اخرى وهذا هو الجزء الاهم فى ازالة هواجس العامه فى الشمال والجنوب. ومايظل عالقا من هواجس هو فى كيفية مواجهة المجلس للتحديات المقبلة وامكانية التصدى لسيناريوهات مابعد الاستفتاء، خاصة وان البلاد تحتوى عدداً كبيراً من السلاح لم تتمكن الحكومة من جمعه او حتى معرفة عدده البعض يقول ان حوالى مليوني قطعة سلاح منتشرة فى ارجاء العاصمة بينما يقول دكتور سلاف الدين صالح فى رده على سؤال (للاذاعة السودانية) عن عدد السلاح فيقول: ما في شخص يستطيع ان يحدد كم قطعة من السلاح في السودان ولكنه اشار الى ان الأممالمتحدة تقول إن هناك حوالى ثلاثين مليون قطعة سلاح جنوب الصحراء وهي غير رسمية. اما مجلس نزع السلاح الذى أمن فى اجتماع الاخير على اتخاذ كافة التحوطات اللازمة للحيوله دون استخدام تلك السلاح قبل استكمال عمليات نزعه ولكن يتطلب من المجلس دوراً اكبر فى التبصير وتوعية المواطنين بخطورة ذلك والافصاح عن انواع السلاح المنتشرة فى العاصمة واماكن تواجده واشراك المواطنين فى تلك الحملات للمساهمة فى عملية جمعه او التعرف على مكانه حتى لايكون السلاح قنبلة موقوتة من خلال أجواء مشحونة. ولكن يبقى التحدي قائماً امام المجلس ومفوضيتى نزع السلاح واعادة الدمج بشمال وجنوب السودان بانفاذ خطتهم الرامية لاعادة دمج (180) ألف مقاتل قبل انتهاء العام 2012م ولكن هل من خطة امنية تجتاز بها البلاد امتحان مطلع العام 2011م. ومهما يكن من امر فان المسلحين غير المندمجين وسلاحهم سيظلون ناراً تحت رماد تشعلها قليل من الرياح التى قد تأتى بها ايام مابعد الاستفتاء.