وصف البروفيسور محمد ابراهيم خليل رئيس مفوضية الاستفتاء قيام العملية في موعدها المقرر لها التاسع من يناير القادم بأنه أشبه بالمعجزة. وما دفع خليل لهذا التوصيف هو ان العملية كان مقرراً لها- في ذهن واضعي القانون- ان تستغرق اربعين شهرا، ولكن الحركة الشعبية تريد من خليل ان ينجزها في أربعة اشهر. لا أحد داخل الحركة الشعبية بمن فيهم سلفاكير نفسه يستطيع ان يبدي اي تفهم لامكانية تأجيل الاستفتاء، ولن يتجاسر احد من قيادات الشعبية مهما اوتى من جرأة ان يقترح - مجرد اقتراح- مناقشة امكانية تأجيل الاستفتاء لاسباب فنية. المؤتمر الوطني نفسه وللمفارقة لا يبدي اي حرص على تأجيل الاستفتاء، فنفسه تحدثه بأنه إذا كان الانفصال واقعاً اصلاً، فلماذا لا يقع اليوم بدلا من تأجيله الى الغد، وما فائدة وحدة شكلية، اذا كان الطرف الآخر يستبطن الانفصال وينتظر الوقت المناسب لفض الوحدة. ثمة اشكال قد تقع فيه الحركة الشعبية أطلق عليه البروفيسور عبدالله علي ابراهيم (حرق المراحل)..حرق المراحل يكمن في التمسك الأعمى للحركة الشعبية بميعاد التاسع من يناير لقيام الاستفتاء، وهذا التمسك ربما قاد المفوضية الى هضم الجداول وتجاوز الكثير من المطلوبات لاجراء العملية بصورة سليمة. ثم ان الحركة -وهذا هو الاهم- في حرصها على قيام الاستفتاء في التاسع من يناير لن تكترث الى بقية الموضوعات الاخرى ذات الصلة بقضية الاستفتاء، وستجد انها حصلت على الاستقلال او الانفصال ولكنها لم تحصل على اجابات كافية بشأن موضوعات اخرى مهمة تمثل العماد للدولة الوليدة، وهذا ما عناه البروف بحرق المراحل، وقد اشار الى ان التيموريين الشرقيين حصلوا على الاستقلال من اندونيسيا ولكنهم اكتشفوا لاحقا ان كل الاسئلة المهمة لم تتم الاجابة عليها، وانهم بحاجة الى الجلوس مع الدولة الام من جديد. استحالة مهمة خليل اقنعت الولاياتالمتحدةالامريكية واقنعت اعضاء مجلس الأمن الذين زاروا السودان واشاروا الى ان الاستفتاء قد يؤجل لاسباب تقنية بحتة، ولكن يبقى على مفوضية الاستفتاء ان تقنع الحركة الشعبية وهذه هي المعجزة الحقيقية.