يعتبر مرض البلهارسيا المشكلة الصحية الثانية بعد الملاريا، وتكمن خطورة المرض أنه ليست له أعراض ولذلك يرتكز اكتشافه على المسوحات الوبائية لمعرفة نسبة المرض خاصة أنه ينتشر في كل ولايات السودان عدا البحر الأحمر. وحسب المسوحات الوبائية للمرض تتراوح بين (06%) الى (5%) من مجموع سكان أماكن الانتشار، وتمثل ولايات دارفور وسنار أعلى نسبة إصابة وأقلها ولاية الخرطوم (5%). وكشف مسح وبائي حديث لمصنع سكر كنانة بولاية النيل الأبيض أن نسبة الإصابة تتراوح بين (06%) الى (2%) والمتوسط (03%) وأغلبها بلهارسيا بولية ولذلك تحتاج الى بذل جهود كبيرة لمكافحتها. وحسب المسوحات الوبائية بمحلية سنار (مصنع السكر) في شهر مارس 7002 كانت نسبة الإصابة (04%) من نوع البلهارسيا المعوية. وفي محلية جنوبكوستي في منتصف يوليو 7002 بلغت نسبة الإصابة (34%). وفي محلية شندي (ولاية نهر النيل) كانت نسبة الإصابة متمركزة بقرى مشروعي قندتو وكبوشية وتفاوتت الإصابة بين (01 - 61%) وجميعها بلهارسيا بولية. وتم مسح وبائي لمحلية المناقل بعد تنفيذ العلاج المجاني بستة أشهر (نوفمبر 6002) فانخفضت نسبة الإصابة من (3،45% الى 51%). وفي العام 6002 تم مسح وبائي لمحلية الدويم كانت نتيجته أن البلهارسيا البولية هي السائدة بنسبة (3،03%) بين الأطفال وقد وصل في بعض القرى (35%). واستقبل مركز محمد صالح للنزيف المعوي خلال العام الماضي عدد (3272) حالة من ولايات السودان وهو رقم اطلع عليه دكتور كمال عبد القادر وكيل وزارة الصحة الاتحادية خلال زيارته التفقدية للمركز أخيراً. دكتور جبريل نعمات عبد الله نائب برنامج مكافحة البلهارسيا ومسؤول التشخيص والعلاج قال: إن مرض البلهارسيا ليست له أعراض ويعتبر مرضاً صامتاً يشبه السرطان ولذلك يمكن علاجه والشفاء منه في حالة اكتشافه مبكراً وفي حالة الاكتشاف المتأخر يصبح مرضاً قد لا يضعف الجسم ويسبب العديد من الأمراض الخطيرة كتليف الكبد وتضخم الطوحال وتدني مستوى التحصيل للطلاب لتأثيره المباشر على خلايا المخ فضلاً عن أنه يؤدي الى أمراض الكلى التي تصل الى الفشل الكلوي. دكتور جبريل قال ل «الرأي العام» إن المرض قديم ومع زيادة المشاريع الزراعية ازدادت معدلات المرض وكان محصوراً في مشروع الجزيرة والمناقل وبعد ذلك انتشر في كل ولايات السودان عدا ولاية البحر الأحمر وشهدت بعض الولايات زيادة ملحوظة لوجود مشاريع السكر لاعتمادها على الري الدائم. ولم تشهد البلد إنشاء مراكز لعلاج المرض وبدأ التفكير الجدي في الفترة من 0991- و0002م. وفي العام 0002م تكون قسم خاص لأول مرة بوزارة الصحة معني مباشرةً بعمليات مكافحة المرض وباشر مهامه وأجرى العديد من المسوحات الوبائية خلال الفترة من 3002- 7002 بمختلف الولايات واستطاع القسم أن يكون (11) منسقاً بالولايات الشمالية وتم تدريبهم وتوفير معينات العمل، وبدأ منذ ذلك الحين برنامج تنفيذ العلاجات الجماعية لحوالى (3) ملايين شخص تناولوا (6) ملايين حبة قامت بتوفيرها وزارة الصحة الاتحادية أدت الى إنخفاض ملحوظ في نسبة انتشار المرض وما زال البرنامج يحتاج الى مواد ومعينات رغم وجود دعم من وزارة الصحة الاتحادية ووافق وكيل وزارة الصحة الاتحادية على رصد دعم يقدر ب (6) ملايين دولار وتم إعداد الخطة لتنفيذ البرامج بوصول الدعم. وانتقد دكتور جبريل غياب دور المنظمات الدولية في مكافحة المرض باعتباره مرضاً محلياً ولا ينتشر في أي من دول العالم المتقدمة. مؤكداً أن البرنامج يحتاج الى تفعيل الشراكات مع القطاعات ذات الصلة خاصة وزارات الزراعة والري والتخطيط والمشاريع الزراعية ومشاريع السكر. كما يتطلب الدعم السياسي وتفعيل الشراكة. ويقول إن البرنامج استطاع تحقيق شراكة مع مصر وذلك بالحصول على (02) فرصة تدريب هناك تبدأ من 8 مارس، وأضاف أن البرنامج سينفذ علاجاً مجانياً بمعسكر السلام بجنوب دارفور بدعم (001) ألف حبة من اليونسيف وينظم البرنامج مع وزارة الصحة الاتحادية في جنوب دارفور لتدريب موزعي العلاج. وأكد أن الجهود التي بذلت أسهمت في تخفيض نسبة الإصابة في ولاية الجزيرة من (04%) الى (23%) ويحتاج المرض الى دعم وتدريب وتوفير معينات وعربات وإجراء مسح وبائي خاصة أنه يصيب المزارعين وعمال الري وأطفال المدارس. وأكد دكتور كمال عبدالقادر وكيل وزارة الصحة الاتحادية أن الوزارة وضعت استراتيجية للتعامل مع الأمراض المعدية وذلك بقيام حملة مشتركة لمكافحة كل الأمراض المعدية خاصة البلهارسيا والفلاريا ودودة الفرنديد والملاريا وذلك لتنفيذ الخطة المتكاملة لعلاج الأمراض المعدية وتنفيذ الحملات المشتركة لكل الأمراض المعدية وستتم الاستفادة من الحملة لتغطية تلك الأمراض. وعلى الرغم من تمدد وانتشار مرض البلهارسيا في كل ولايات السودان وظهور كثير من التعقيدات المصاحبة للمرض فإنه لم ينل الاهتمام الكافي الذي يوازي حجم المشكلة والتحدي الحقيقي لوزارة الصحة في الفترة القادمة هو الاهتمام بالأمراض المهملة كالبلهارسيا والفلاريا وطالب عدد من الخبراء الصحيين بإعطائها أولوية مثل باقي المشاكل الصحية التي تجد الدعم المحلي والعالمي. وقالوا لابد من اهتمام الجهات ذات الصلة خاصة المشاريع الزراعية لأنها السبب الرئيسي في ازدياد معدلات المرض ولابد من تحمل المسؤولية والمشاركة في الجهود مادياً. وأن يهتم الإعلام بالمرض وتوضيح حجم المشكلة وتبصير المواطنين بخطورة المرض