منذ أن بدأت جائزة نوبل في بدايات القرن الماضي وهي تثير لغطاً وجدلاً وتشكيكاً في انحياز لجانها وعدم حيدتها، وقد فازت بهذه الجائزة في العام 2007الكاتبة الروائية الإنجليزية دوريس ليسنج فازت بها في مجال الأدب وهي تعتبر أكبر من نال هذه الجائزة عمراً فهي مولودة في العام 1919 أي إنها تقترب من تسعينيات عمرها. وقد كتبت أول رواية لها في عام 1950م (المهزوم) وبعد أحد عشر عاماً طبعت رواية أخرى باسم (بطاقة الذهب) ورواية (أطفال العنف) وهي تكتب أيضاً في روايات الخيال العلمي. وقد كتب الناقد الفرنسي فرانسوا بيستل مقالاً في مجلة إقرأ الفرنسية في عدد اكتوبر الماضي مقالاً بعنوان (مطبخ الجوائز) انتقد فيه لجنة جائزة نوبل الأدبية قائلاً بأنهم خليط من الاكاديميين ليس بينهم تماذج ولا تفاهم وهم يمثلون الفهم المدرسي الضيق للأدب، بل بينهم شبان لا تجارب ولا خبرة لهم، وبعضهم لا يعرف الإبداع طريقاً إليهم. يرددون ما يكتبه الآخرون. والدليل على ذلك أن كتابات هذه الروائية الانجليزية كتابات عادية ليس فيها ما يميزها عن غيرها. والفرنسيون لا ينسون اليوم الذي فاز فيه البرت كامو على الأديب العملاق اندريه مالرو وقالوا بأن مالرو كتاباته ليست أدبية فهي أقرب إلى أدب الرحلات وأدب السيرة الذاتية. وقد قال البرت كامو قولته المشهورة بأن مالرو يستحق الجائزة أكثر مني. في الخامس من أكتوبر من كل عام يقف الصحفيون ينتظرون في القاعة الملكية بالأكاديمية السويدية، إعلان الفائز بجائزة نوبل للآداب كحدث ثقافي أدبي عالمي. وهو حدث للأسف تغيب عنه الساحة الثقافية العربية تماماً، إلاّ القليل. وقد تكون النتيجة مفاجئة لهم ولترشيحاتهم وتوقعاتهم. وقد قامت الصحف والمجلات الفرنسية بالإدلاء بدلوها في الترشيح لبعض الأدباء والكتاب، وعلى رأسهم الشاعر العربي أدونيس والروائي الفرنسي الشهير كوليزيو. وقد شنت بعض الصحف والمجلات الفرنسية هجوماً عنيفاً على لجنة الجائزة، وخاصة علاقة بعض من فازوا بالسابق برئيس اللجنة. وقد كانت إشاعة فوز الشاعر أدونيس كبيرة حيث يرى النقاد بأنه مؤهل لذلك بشعره وثقافته. رغم أن بعض العرب يرى بأنه قد قدم للغرب تنازلات كبيرة لينال هذه الجائزة. وقد تعشم الفرنسيون كثيراً بالفوز هذا العام لفرنسى أو لواحد من ذوي الثقافة الفرانكفونية، خاصة وأن رئيس اللجنة الأدبية سويدي ذو ثقافة فرنسية، ومترجم مشهور. وكذلك إحدى عضوات اللجنة الدائمة وهي كاترينا فروستنسن، تتحدث الفرنسية بطلاقة وهي أيضاً مترجمة مشهورة لروايات مارجريت دوراس. وقد تضمنت ترشيحات الصحف الثقافية الفرنسية الروائية الجزائرية المشهورة التي تكتب بالفرنسية « آسيا جبار» وقيمة هذه الجائزة مليون يورو أي عشرة ملايين كرونة سويدية. وقد قامت مجلة «إقرأ» الفرنسية في عددها قبل الاخير بإجراء مقابلة ساخنة مع رئيس لجنة الأدب الدائمة في الأكاديمية السويدية. وقال إن إختياره كان بلجنة محايدة من المختصين، أما اعضاء لجان التحكيم فأيضاً تختارهم مع اللجنة الدائمة لجان مختصة بعد تمحيص دقيق ومحكم. ولجان التحكيم هذه تتجدد مابين فترة وأخرى، حتى يتجدد أسلوب الإختيار وفقاً للذوق المختلف والنقد المنفتح. ولجان التحكيم واللجنة الدائمة، تتكون من أشخاص اكفاء لهم باع قوي في تاريخ الأدب والنقد والتذوق الأدبي.. وتضم لجان التحكيم بعض من فازوا بالجائزة في الأعوام السابقة، لأن الكتاب والمبدعين دائماً يكونون من ذوي الثقافة الأدبية الرفيعة. وهناك دور نشر كبرى وأشخاص مشهورون في المجال الأدبي في العالم يرسلون ترشيحاتهم لبعض الكتاب، وكما قال رئيس اللجنة فإن اللجنة لا تقبل ترشيحات الحكومات لكتابها، كما تقبل ترشيحات من فازوا من قبل بالجائزة، واللجنة تقبل أكثر من ثلاثمائة مرشح للجائزة بمختلف ضروب الإنتاج الأدبي، حتى شهر ابريل من كل عام، وتبقى اللجنة عشرين مرشحاً فقط من جملة المرشحين كلهم. ثم بعد ذلك يكون أول إجتماع للجنة المحكمين في شهر مايو حيث يجب أن تقوم هذه اللجنة بإبعاد خمسة عشر مرشحاً ليتبقى ما تسمى بالقائمة الصغرى «Short List» ويجب على كل محكم أن يرفق ترشيحه بورقة نقدية علمية محكمة حول كل كاتب من هؤلاء العشرين كاتبا ًفي القائمة الوسطى. ويقول رئيس اللجنة يمكن أن يتكرر دائماً الترشيح خاصة من وصلوا إلى القوائم النهائية ولا يحتاجون بعد ذلك إلى تزكية من أحد. ولا يعني ذلك تطبيق طريقة الإحلال الاتوماتيكي فقد يفوز شخص ممن لم يدخلوا القوائم من قبل. ويواصل حديثه فيقول وبعد شهر مايو تتفرغ لجنة التحكيم بقيادة اللجنة الدائمة، للدراسة المعمقة لانتاج كل هؤلاء الذين بقوا على القائمة الصغرى. دراسة تشمل حتى المقالات التي كتبوها في الصحف والمجلات والندوات التي شاركوا فيها. ثم يأتي السؤال الأهم كيف تتم تصفية وإختيار هؤلاء الخمسة من كل أركان الدنيا الواسعة؟ يرد رئيس اللجنة قائلاً:« نحن كلنا متخصصون في اللغات الحية وحتى اللغة الصينية»، واستطرد قائلاً بأن الحق يقال بأننا نفتقد المختصين في اللغة العربية وآدابها، واللغات الهندية بفروعها المختلفة. ولكننا نستعين بمترجمين أحياناً من أوروبا. فلا يكفي كما يظن الكثيرون بأن يكون الكاتب معروفاً في بلده فقط . يتبع