عاد الفنان السعودي محمد عبده باغنية هزت الشرق الاوسط كله من المحيط الى الخليج وهو يغنى للاماكن (الاماكن اللي مريت انت فيها .. عايشة بى روحى وبيها .. بس لكن ما لقيتها ) ، الاغنية صارت موال لكل الامكنة . قصدت هنا (الاماكن) فى الاغانى ، ولعله تقفز للذاكرة هنا (اطلال) ام كلثوم الباكية ، وقد كان من عادة الشعراء فى الجاهلية الوقوف على الاطلال والبكاء على الحبيب ، فمنذ (قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ) والبكاء مستمر الى الآن. هذا اسحاق الحلنقى اجادله في(العنبة) التى جاء بها فى قوله (واسأل العنبة ، الرامية فوق بيتنا) . * استاذ حلنقى فى البيوت السودانية يوجد (نيم) ، هل خصتك (العنبة) وميزتك عن الآخرين بعاطفتك الجياشة تلك ، اما كان اقرب ان تقول (اسأل النيمة الرامية فوق بيتنا ؟ . يضحك ، ثم يعود الى الاجابة قبل ان يكمل ضحكته ، بيتنا فى كسلا كان فعلا فيه (عنبة) هذه حقيقة وقد كنا نجلس تحتها مع الاصدقاء والاحباب نتهامس ونشرب الشاى والقهوة ونضحك ، قد تكون العنبة تلك اضافت بعدا اخراً لعاطفتنا ، وهى بالتأكيد تختلف عن العاطفة التى تصنعها (النيمة) . * لماذا استنجدت بالعنبة فى قضيتك العاطفية ؟ لانها كانت شاهدة على قصة حبنا وكانت حاضرة فى همسنا ، وشاركتنا حتى فى الاشواق ، وعرفت تفاصيل مودتنا لذلك اتيت بها شاهد اثبات ، عندما تنكر لى من احبهم . * هل شهدت لك (العنبة) ام خذلتك ؟ . للاسف الشديد (العنبة) لم تشهد لى ، لم تنصفنى وشهدت ضدى كمان. * استاذ حلنقى قد تكون (العنبة) على حق ، خاصة ان العنب عرفناه صادقاً وميالاً الى العواطف والحنين؟ العنبة لم تكن على حق ..(قال ذلك وصوته يكتسى بحزن يثبت صدق ما يقول) ، ثم عاد واضاف ، وحتى اؤكد لك صدق ما اقول فإن هذه (العنبة) كانت سببا فى هجرتى وفى تركي للوطن. * عدت به الى (العنبة) حتى لايفلت منى الحوار والحلنقى يسوقه الى اوجاع حركتها فى داخله ، قلت له (العنبة) موقفها كيف الآن؟. رجع الى هدوءه وقال : العنبة تلاشت الآن واصبحت مجرد ظلال فى الذاكرة. * احسست به ينتصر لموقفه ، كأن هذا الزوال كان جزاء للعنبة على تنكرها، قلت له اخيراً ماذا تقول. حكى لى فقال : فى سفرى الاخير مع الهلال الى كادقلى ، مررنا فى الشارع بإحدى الصبيات فسألها من يرافقونى عنى ، فقالت نعم اعرفه دا (الحلنقي) بتاع (المشكلة) ، عرفت حينها ان الاغنية وصلت الى هذه الجبال ، وانه حق علينا ان نكتب من اجل هولاء الناس .