أنا أم درمان انا الطابية أنا القبة انا النيل وانا للمهدي سليل النيل أم درمان مدينة متفردة بوتقة جمعت كل القبائل وانصهرت وتمازجت في بناء اسرى عزيز. مدينة الفن والجمال والابداع. حتى حرفيوها مبدعون لأنها نشأت في البداية مدينة حرثية. وكان اصحاب الحرفة يجيدونها ويتقنونها كانوا عقداً فريداً تميزوا بالفن والابداع، والحرفة التي سنكتب عنها هي حرفة اجتماعية وصحية وهي حرفة الحلاقة، الحلاق كانت له ثلاث مهام: الختان والحلاقة وعلاج الاسنان نقصد ختان الذكور ويقال إن اول الحلاقين بام درمان هو المرحوم بتي وكان يسكن ابوروف ولا علاقة له مع بت بتي. ومن الاسر التي امتهنت مهنة الحلاقة آل فرحات وهم كثيرون عبدالله ومحمد واسحق والسماني وبابكر وعثمان وعباس والطيب وغيرهم من الاسر، وكانوا حلاقين لهم مقر ثابت اما الحلاقون السريحة الذين ليس لهم مكان امثال الاطرش وبابكر خوجلي وعوض الكونج وبدوي فرحات رحمهم الله وهم يتركزون بالركابية وشارع السيد علي وحي العرب. ومن حلاقي أم درمان المشاهير الاخوان بدوي وبر علي بخيت وعبد القادر الكردي وعطا وفنانو الحقيبة بالموردة عطا ومحمود كوكو وعبده الاحمر وعبده الاسود الذي كان مصلحاً اجتماعياً يعالج مشاكل الاسر والاصدقاء، وكان مكانه بالمحطة الوسطى بام درمان. وحين جلوسك عنده يحلق لك دائرة اسفل الرقبة لكي لا تتحرك حين يجيء شخص له مشكلة ويذهب مع الشخص صاحب المشكلة الى مكان بعيد واحياناً يستغرق اكثر من ساعة وانت لا تستطيع بالحلاقة الدائرية ان تخرج من المحل ويرجع ويواصل الحلاقة، وكان يحتفظ بصور اللاعبين القدامى وتذاكر الدخول الي دار الرياضة أم درمان وسعرها حينذاك. ومن الحلاقين المشهورين الحاج عنبر وهو خال عبده الاسود، وكان صديق المحل الفنان كرومة الذي لحن كثيراً من اغنياته بمحل عنبر وكان قليل الكلام دائماً يدندن بالحانه. ومن اشهر حلاقي ام درمان عبد الستار الضو وكان والده شيخ حي الركابية وكان حلاقاً للجيش الانجليزي وذهب معهم الى اسمرا في الحرب العالمية الثانية ومكث حوالي ثماني سنوات ورجع الى السودان وعمل مع الايطاليين، وكان هناك حلاق او صالون الفن وكان اسمه رحمة الله اطال الله عمره وكان عازفاً للايقاع بالاذاعة ومعظم فناني ذلك الزمن كانوا من رواده امثال سيد خليفة واحمد المصطفى وعثمان الشفيع ومحجوب عثمان وكان يجاور مقهي يوسف الفكي المشهور. وكذلك من الحلاقين المشاهير بام درمان ادريس التوم واحد التوم والطريفي وكان الحلاق بابكر فرحات حلاقاً لشخصيات سياسية امثال مبارك زروق وحسن عوض الله وزراء حكومة الازهري. كان حلاق الزعيم الازهري هو علوب وحلاق الشيخ قريب الله هو ود بتي وحلاق السيد عبد الرحمن هو جمعة وحلاق آل كمبال عثمان فرحات الذي كان احد ظرفاء ام درمان اطال الله عمره وكان محله منتدى للرياضيين من لاعبي المريخ وحي العرب وهو سريع النكته . ومن حلاقي ام درمان صديق ومحمد سكر والتمتام وعوض موسى وود بسط رحمهم الله. كانت الحلاقة تسمى الكري وهي حلاقة انيقة ونمره اثنين وكانت تستخدم فيها العطور والكلونيا بعد الحلاقة وهي عطور الشبراوشي المصرية وحين تذهب الى الحلاق كأنك ذاهب لمناسبة فرح لأنك ستستمتع بلحظات جميلة. ومن الحلاقين القوميين الحلاق حمودة حلاق الجامعة الذي كان يتشبه بطلاب جامعة الخرطوم في مستواهم ومن نكاته الظريفة انه قابل احد الاشخاص ومعه زوجته فسأله هل هذه ارملتك، وايضاً كان يحلق لاحد عمداء كليات الجامعة وكان اصلعاً وجاءه زبون في حالة استعجال ليحلق له فقال له حمودة مخاطباً أرجو أن تنتظر لنحلق لخالي الذهن هذا ويقصد العميد لأنه كان اصلعاً. وكانت الحلاقة مهنة تتميز بالفن والذوق والابداع. ولا تمل الحلاقة اذا جلست بكرسي الحلاق لأنك سوف تستمتع بطرائف وكلام جميل رحم الله من توفى واطال الله في عمر الاحياء وهكذا كان الحلاق الامدرماني شاملاً وهكذا هي ام درمان هي الابداع في كل النواحي. زين العابدين زكريا محمد موجه تربوي - المرحلة الثانوية - الخرطوم