ظلت العلاقة بين الإعلام والصحة في حالة تذبذب حسب سياسة طاقم وزارة الصحة ومدى إيمانها بدور الإعلام وأثره في تغيير المفاهيم والسلوكيات السالبة، وتحسين الخدمات الطبية وتوعية المواطن وإرشاده. وشهدت الفترة الأخيرة توتراً واضحاً بين الأجهزة الاعلامية المختلفة ووزارة الصحة نتيجة التكتم على المعلومات وإلجام مديري الإدارات بالوزارة من خلال توجيهات قيادة الوزارة الصارمة بعدم الإدلاء بأي تصريحات بشأن عملهم خشية فقدانهم لمواقعهم، وقد قال في ذلك أحد المسؤولين: «لو عايز تقعد أحسن تسكت» وبلغ التوتر في العلاقة بين الطرفين مرحلة تحاشي المسؤولين لأي صحافي أو إعلامي، والنظر إليهم على أنهم «بتاعين مشاكل» مما حدا بالإعلاميين والصحافيين إلى اللجوء لأخبار المصادر. واجمع المشاركون في سمنار «التحديات التي تواجه الاعلاميين في تناول الموضوعات الصحية» الذي نظمته إدارة التخطيط والبحوث بوزارة الصحة بالتنسيق مع جامعة العلوم الطبية و التكنولوجية وبمختلف الأجهزة الإعلامية، على أن الوزارة تمارس تعتيماً إعلامياً حيال تدفق المعلومات الصحية. وذلك في أعقاب الصراعات الأخيرة التي شهدتها الوزارة، واتهام الصحافة بأنها جزء من الصراعات، وأشار الإعلاميون إلى ان الوزارة تركز على تدفق المعلومات التي تصب في مصلحتها وتخدم أجندتها. ويقول عبد العظيم صالح مدير تحرير صحيفة «آخر لحظة»، إنه توجد أربع نظريات إعلامية «مصدر ووسيلة ورسالة ومتلقى» ويوجد مفهوم حديث للإعلام خاصة الصحافة الاستقصائية، وذلك بالبحث عن مصادر غير رسمية، ولذلك لا بد من الإعتراف بدور الصحافي كصانع وشريك للعملية الصحية وأهمية العمل بمبدأ الشفافية والحرية في تناول العمل الصحافي من خلال بناء الثقة بين الإعلامي والمسؤول. من جانبه يرى محمد أحمد مبروك- الخبير الإعلامي والصحافي -بصحيفة «أخبار اليوم» أنه لا توجد نظرية إ علامية مطلقة، وقال: حقيقة توجد عقبات ومهددات عديدة في مصادر المعلومات من قبل وزارة الصحة. ووصف التعامل مع الصحافة ب «عنجهية وغطرسة وتعالٍ» وأضاف: «أن عدم الإهتمام بما تكتبه الصحف وإخفاء المعلومات وتجاهله كاد يؤدي إلى كارثة في العديد من المشاكل الصحية التي حدثت خلال الفترة الأخيرة، خاصة ما يتعلق بالتحصين، وأكد بضرورة وجود سياسة إعلامية واضحة وعلمية لا ترتبط بمسؤول وقناعاته، بجانب خلق صحافيين متخصصين لأهمية القضايا الصحية ودورها في ترقية الخدمات الصحية وتوعية المواطن. وأعتبرت تهاني جبريل من «الإذاعة» ان الصراع بين الصحة والإعلام يرجع إلى النظرة إلى الإعلام على أنه يفضح الحال ويكشف المستور، ولذلك يلجأ المسؤولون إلى إخفاء المعلومة وتحاشي الإعلامي «والخوف على مقعده» وقالت: «لا بد من وضع سياسة إعلامية واضحة وبصورة علمية لا تتأثر بمسؤول محدد. وقالت الصحافية رانية بابكر - صحيفة «الأخبار»: أن المسؤولين في وزارة الصحة ينظرون للصحافي على أنه عدو «وبتاع مشاكل»، وأضافت: في الفترة الأخيرة نعاني من التعتيم الإعلامي وحجب المعلومات من قبل الوزارة لما يدفع الصحافي للبحث عن مصادر أخرى للمعلومة. وتابعت: يحتاج الوضع الحالي إلى إعادة الثقة وتغيير النظرة السالبة للصحافي، خاصة أنه برئ مما حدث في الفترة الأخيرة. فاطمة عوض - صحيفة «آخر لحظة»- قالت: توجد مهددات و اشكاليات عديدة في الحصول على المعلومات ومعاناة حقيقية من حجب المعلومات حتى التي تعتبرها إيجابية وتصب في مصلحة الوزارة. وفي الفترة الأخيرة واجه الصحافيون اتهامات بأنهم جزء من الصراعات التي حدثت، وبالرغم من أنهم لم يدخلوا في هذه الصراعات، خاصة أن رسالتهم كانت واضحة تصب في خدمة المجتمع والتوعية ولفت المسئولين للمشاكل الخدمية «إنعدام أدوية أو امراض تحتاج إلى توعية» وقالت إنه في الفترة الأخيرة يوجد عدم تجاوب من قبل إدارات الوزارة ورفضهم لأي حديث مع الصحافيين حسب توجيهات قيادة وزارة الصحة. د. محمد عبد الرحمن وزارة الصحة الاتحادية، قال إن السياسة الصحية في إتجاه والرسالة الإعلامية في إتجاه آخر وتركز علي الخدمات الطبية، ويؤكد دور الإعلام وتأثيره على توعية المجتمعات، ولذلك لا بد من وجود ربط بين الرسالة الإعلامية وقضايا الصحة فيما يختص بالتخطيط والتثقيف والتوعية والإرشاد، ويضيف: من حق المواطن توعيته بمخاطر الأمراض وكيفية الوقاية منها، وقال إن أوروبا استطاعت ان تتعامل بشفافية في محاربة المرض البكتيري «لاى أقولاي» و قال إن السمنار ضمن دراسة علمية تشرف عليها إدارة التخطيط والبحوث بوزارة الصحة مع وحدة أبحاث الصحة الإنجابية وصحة الطفولة لتمكين الصحف من تجاوز العقبات في انتاج الرسالة الإعلامية من خلال المعلومات الحقيقية. وقال د. خليفة المشرف مسؤول وحدة أبحاث الصحة الإنجابية بجامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا، أنه لا بد من توفير المعلومات لمتخذى القرار ومنفذي البرامج لتكون مبنية على الدراسات. وطالب الصحافيون المختصون بقضايا الصحة بضرورة إعادة الثقة بين الاعلام ووزارة الصحة وتغيير النظرة العدائية والإعتراف بدور الصحافي كصانع وشريك في العملية الصحية والعمل بمبدأ الشفافية والحرية في تناول القضايا الصحية واعتبار الصحف مرآة تعكس الواقع لإيجاد المعالجات والحلول، وأمن الصحافيون على ضرورة إنشاء وحدة علمية مختصة من خبراء الإعلام والصحة تمد الأجهزة الإعلامية بالمعلومات في أوقات الازمات والأوبئة.