لا حديث في سوق ابوجهل، المجمع الرئيس لحركة الابيض وقاطنيها الأسبوع الماضي، سوى الاحداث التي تشهدها ولاية جنوب كردفان المتاخمة لمدن شمال كردفان التي يربطها طريق حسن السفلتة وطرق ترابية اخرى يعرفها اهالى المنطقة، يقتصرون بها الزمن للوصول الى هنا وهناك.. المعارك التي كانت تدور في منطقة دلامي والتي انتهت بعودتها الى سيطرة القوات المسلحة كانت هي مفترع الحديث للمواطنين هناك بعد أن هدأت الاحوال في كادوقلى والدلنج، وانسحاب عبد العزيز الحلو الى مكان آمن بحسب تصريح منسوبي الحركة الشعبية التي يتنمي اليها. الأبيض المدينة والأهل، تحس بوجع الأحداث الدائرة هناك، وشكلت حضناً آمناً لأكثر من مائتي أسرة فرت من وزر الحرب وأزيز الرصاص على عجل كما قال رب أسرة قدم إلى حي طيبة عصر الأربعاء الماضي بمعية أسرته، وقد استأجر عربة (بوكس) حديثة بمبلغ مرتفع حتى يتقي شر القتال.. (كافي) ذو الستين عاما جلس القرفصاء مع متاعه البسيط من أسرة ومراتب قطن اتخذ منها متكأ، بينما وفر الأمن لأسرته بأن جعلها تجلس في المركبة مع السائق وفتح هو صدره للهواء والغبار.. والرصاص إن جاء على حين غرة، قال إن الاحداث اندلعت بصورة غير متوقعة.. وتابع: رغم تصعيد الحركة الشعبية وتأليب المواطنين على الحكومة بعد خسارتها للإنتخابات، ولكن لم نتوقع ان ينهمر الرصاص عشوائيا هكذا.. واضاف ان عودته هو لا غبار عليها فله مصالح ولا يتهيب القتال والرصاص الطائش فقد آثر ان تسلم أسرته ليعود هو وينتظر تصاريف الاقدار هناك بشجاعة حيث يقطن فى مدينة كادوقلى. اكثر من عشرين ألفاً اتجهوا لحي فلسطين وما تاخمه من احياء الابيض التي لم يعتمدها التخطيط العمراني كما افاد المواطن اسعد يوسف من قاطني فلسطين الكردفانية، واضاف ان عددا من النازحين يتجهون الى العاصمة الآن للحاق بابنائهم من قاطني احياء ام درمان والخرطوم. وموقف الصالحين الذي يشكل حلقة التواصل بين مدن جنوب كردفان وشمالها والواقع في طرف مدينة الابيض حيث حافلات الدلنج وكادوقلي وقرى جبال النوبة الممتدة، شكل ازدحاما شديدا اليومين الماضيين.. فالحافلات القادمة التي يكسوها الغبار من جهة الجبال، لم يسلم حتى سطحها من الركاب الذين زاحموا امتعتهم الشخصية، وعلى عكس استغلال البعض للظروف القاهرة في رفع التسعيرة لم يفعل أصحاب المركبات الناقلة للركاب من الدلنج وكادوقلي، بل هناك تيسير للنقل فعلائق اجتماعية تربط اهالي الجنوب والشمال تمنعهم عن المغالاة في ظروف كهذه.. بعض القادمين من حي مورتا بكادوقلي وصفوا الامر بالكارثي لعشوائية الرصاص والسعي للانتقام من الخصوم السياسيين وحتى القبليين في صورة مؤسفة تنذر بشرر مستطير ان لم تستطع الحكومة تجاوز المحنة بحنكة دون ارخاء قبضتها الحديدية، واكدوا ان انسحاب جيش الحركة الى جبال لوفو لا يعني سلامة المدينة مستقبلاً من اذاهم ان لم يعالج الامر بصورة حاسمة ليعودوا مطمئنين الى ديارهم، واشاروا الى توقف الامداد المائي والكهربائي وحركة المواصلات الداخلية الى القرى وتعطل حركة الحياة في الاسواق بسبب الاحداث، ولكن بعض المتاجر بالاسواق الرئيسية عادت الى فتح ابوابها في اشارة الى ان الحي الغربي والمتاخم للوزارات هي الاكثر تضررا من القصف المتبادل واكثرية النازحين إلى الابيض من تلك الاحياء. احياء الابيض الطرفية استقبلت العديد من الاسر تحديداً حي طيبة شمال، وفي السياق قال معتصم ميرغني زاكى الدين والي شمال كردفان في تصريح مقتضب ل (الرأي العام) من مسرح عروس الرمال اثناء تشريفه لفعالية ثقافية، ان ولايته تحسبت لاستقبال النازحين من جنوب كرفان وشكلت لجانا لتوفير الايواء والخدمات لهم، وأكد استتباب الوضع السياسي والامني والاجتماعي في ولايته دون التأثر بالاحداث الواقعة في جنوب كردفان المتاخمة لولايته. ومن جهته، أعلن د. سالم محمد على المدير التنفيذى للهلال الاحمر بشمال كردفان في تصريح صحفي، تنسيقهم الكامل مع محلية شيكان التي يقصدها ويتدفق نحوها نازحو جنوب كردفان لقربها من مدنهم وقراهم، بجانب تنسيقهم مع الهلال الاحمر في كادوقلى والرهد وابوجبيهة ورشاد، لتقديم الخدمات للقادمين من الجبال ومدنها وتوفير المعينات ومستلزمات المعيشة. الهدوء الحذر الذي يشوب كادوقلي الآن بعد انسحاب منسوبي الحركة الشعبية الى الجبال، والسعي المتصل من القوات المسلحة لتمشيط المنطقة.. أعاد بعض القادمين منذ الإثنين الماضي بعد تقافم الوضع الامني هناك، اعادهم دون أسرهم لمواصلة أعمالهم وتفقد ممتلكاتهم في الدلنج وكادقلي.. وإلى حين إنقشاع الأزمة.. صدر الأبيض الرحب يحتضن المتأثرين.