الأحداث الدامية التي كان مسرحها ولاية جنوب كردفان ودارت رحاها في الأيام الماضية.. هي بلا شك أحداث مؤسفة ولها آثارها الآنية والمستقبلية ليس على جنوب كردفان فحسب، بل على كل السودان وولاية شمال كردفان على وجه الخصوص، وهي ولاية ذات خصائص وصفات مشتركة مع رصيفتها جنوب كردفان التي لا يفرق بينهما الا الحدود التي رسمتها السياسة، أما المواطنون فبالنسبة لهم هي كردفان الكبرى، حيث لا فرق عندهم بين الابيض وكادوقلي او الرهد وابو جبيهة، فالمصالح مشتركة والهموم والقضايا والنسيج الاجتماعي واحد بفعل التصاهر وحركة التجارة والرعي بين الولايتين. ولكل ذلك فإن ما يصيب جنوب كردفان من خير أو شر ينعكس أثره سريعاً على شمال كردفان، وقد شهدت مدينة الابيض ومنذ بدء الأحداث الدامية بجنوب كردفان حركة نزوح بأعداد كبيرة من مدن الدلنج وكادوقلي وبعض المناطق الأخرى، هرباً بجلدهم من المجهول وطلبا للأمان. «الصحافة» التقت بعدد من المواطنين بموقف الجبال بسوق الصالحين وبالسوق الكبير وموقف ام درمان، حيث تحدث السبعيني كوكو كندة من حي مورتا بكادوقلي قائلاً: هربنا بجلدنا من كادوقلي بعد انفجار الاوضاع واتجهنا صوب الابيض طلبا للأمان، وهي ليست المرة الأولى، فقد عانينا من قبل من ويلات وفظائع الحرب، وبعد الاستقرار الذي حصل في الولاية ها هو الوضع ينفجر مرة أخرى، وأتمنى ان يصل الجميع لحل حتى يعود الامان والاستقرار لولاية جنوب كردفان. أما حليمة كجو من حي كليمو بكادوقلي التي وجدتها «الصحافة» وبمعيتها أطفالها الايتام، فقد قالت: لعن الله الحرب والاقتتال، وقالت من أجل ماذا يختلف هؤلاء؟ وما ذنبنا نحن المواطنين في كل ذلك، وذكرت أن لها بعض الأقارب بالأبيض ستلجأ لهم، علما بأنها خرجت من منزلها بملابسها فقط، ولا تملك ما تعول به اطفالها. وتساءل أحمد كاتكلا من الدلنج وقد صحب اسرته الى الابيض، عن متى يستقر السودان ومتى يستطيع المواطن ان يعيش حياته دون فزع او خوف، وقال انه اتجه بأسرته نحو الابيض التي لا ترفض احداً ولا تشعره بأنه غريب عنها، وهي المرة الثانية التي يلجأون فيها إليها. وتمنى عودة الاستقرار لجنوب كردفان والسودان . وبلا شك ان مثل هذا الوضع يحتاج الى الاهتمام الكبير من الدولة، فالذين وصلوا الابيض حالهم يغني عن السؤال، فهم خرجوا من مدنهم ومنازلهم على عجل ودون استعداد للرحيل، ومؤكد أنهم يحتاجون لمد يد العون والرعاية حتى يتجاوز الوطن هذه المحنة ويعود الاستقرار لجنوب كردفان الحبيبة، كما أن هناك دورا كان يجب أن تلعبه مفوضية العون الانساني ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الطوعية التي هي أكثر من الهم على القلب دون مردود ظاهر حيال مثل هذه الكوارث، كذلك هناك دور أهم يجب أن يقوم به المركز، وذلك بتقديم الدعم العاجل لولاية شمال كردفان حتى تستطيع أن تقابل به الضغط الزائد على الخدمات. وشاهدت «الصحافة» وفداً من حزب الأمة القومي بقيادة الرئيس والأمين العام يتفقد الأسر الموجودة بسوق الصالحين وموقف أم درمان، وهو مشهد نتمنى أن يتكرر من جميع الأحزاب، فالوطن واحد والهم مشترك.