في ستينيات القرن الماضي بدأ الحديث جهراً عن التنقيب الأهلي لمعدن الذهب في النيل الأزرق وجبال البحر الأحمر، كان أمراً محصوراً على قبائل واناس بعينهم أغتنوا، ولارتباط اماكن الذهب وجباله في الذاكرة الشعبية بأنها «محروسة بالجن» جعل كثيراً من القوم يؤثرون سلامة عقلهم دون المجازفة بالبحث عن الذهب.. غير ان الظاهرة التي تحولت إلى حمى اقتصادية واجتماعية مؤخراً اجتاحت طول البلاد وعرضها وجرفت امواجها الجنس اللطيف ايضاً وتوجه الشباب والرجال صوب مناطق الذهب بمختلف انحاء السودان وبالتحديد في مناطق ولاية القضارف والنيل الأزرق ونهر النيل وكردفان، وبما ان التركيبة الفيسولوجية والبدنية للرجل تجعل أمر خروجه للتنقيب وسط الظروف الصعبة مألوفاً وغير مثير للدهشة. ولكن أن ترمى المرأة نفسها في طريق البحث عن الذهب أمر مدهش، وتشهد منطقة سالمين بمحلية قلع النحل تدفقاً غير مشهود للنساء الباحثات عن الذهب حيث يقدر عددهن ب «250» امرأة قدمن من مختلف أنحاء الولاية ولا شك ان احلام الثراء دفعت المرأة للبحث عن الذهب تحت الهجير ولسعات الزمهرير. وفي كردفان التي تعتبر من المناطق التي عرفت بتعدين الذهب منذ القدم، يتدفق آلاف الباحثين إلى سهول ووديان سودري وحمرة الشيخ للتنقيب وان كان التعدين الأهلي في تلك المنطقة يمتاز بالنظام خلاف المناطق الأخرى ك(نهر النيل) وجنوب النيل الازرق. كما أنه يستوعب اعداداً كبيرة من العمالة واصبح أثره واضحاً على دخل الاسرة وساعد في ذلك على الاستقرار وتغيير نمط عيشهم بشكل واضح. وشمالاً في نهر النيل «يمتلئ وادي «قبقبة» بالذهب والناس بحيث يوجد حوالي «15» ألف منقب بجبل أم فتفت، وتكاثر الباحثون في المناطق الأخرى بعد سماح السلطات بالتنقيب الأهلي بالأجهزة التي تتراوح اسعارها بين «15-45» ألف جنيه. وأثرت حمى الذهب على دولاب الخدمة المدنية بعد تسرب الموظفين محدودي الدخل من وظائفهم وآثروا البحث عن الثراء، كما تحولت المساحات الخضراء إلى أرض مغفرة بعد هجرة المزارعين من مزارعهم واتجهوا صوب حقول الذهب، وذكر مصدر أن سعر المداولات المالية في نهر النيل قد تصل «4» ملايين جنيه يومياً. وفي النيل الأزرق منعت السلطات الولائية التنقيب العشوائي بعد ان غزا الباحثون الجبال والوديان بطرق عشوائية.