زيارة النائب الأول لرئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه.. وقبلها زيارة الدكتور نافع.. فتحتا أبوابا كانت موصدة بين البلدين الشقيقين السودان ومصر. الزيارتان تميزتا بالشفافية التامة.. الأمر الذي جعل الأشقاء في مصر يتحدثون بنفس الشفافية، ثم يطالب الطرفان بإعادة العلاقات بين الشعبين الشقيقين الى ما كانت عليها. النائب الأول.. أكد لقادة مصر الجدد وبكل وضوح ان هناك عراقيل وضعها النظام السابق في مصر كبل بها انطلاقة العلاقات السودانية المصرية.. وكشفت كثيراً من تفاصيل تلك العراقيل. والسودان ومصر يشكوان في تلك المحادثات التي أجراها النائب الأول.. يشكوان من ضعف تنفيذ الإتفاقيات على الأرض.. في مباحثات الأخوة والشفافية.. اكد النائب الأول للجانب المصري ان السودان حكومة وشعباً سيقف مع شعب وحكومة مصر حتى تعبر لبر الأمان. لقد كشفت الزيارتان العديد من الطرق المغلقة التي لم تكن سالكة لتطوير العلاقات بين الشعبين الشقيقين السوداني والمصري.. حتى أن الحديث أصبح بصوت مرتفع عن الدور المصري في العهد السابق في انفصال الجنوب.. وهذا أمر لم نكن نتوقعه من أي حاكم مصري.. لأننا نتعامل مع الشعب المصري كشعب شقيق.. وشعب صفي القلب يحب أهل السودان.. كما يحب أهل السودان أهل مصر.. لكن السيطرة الإسرائيلية على القرار السياسي المصري كانت كافية لأن تجعل النظام المصري السابق رهينا للساسة الإسرائيليين ومنفذا لكل ما تتطلبه السياسة الإسرائيلية من مصر. لذلك لم يكن الوجود الإسرائيلي الكبير الذي ظهر فجأة في دولة جنوب السودان لم يكن وليد لحظة الانفصال.. وإنما وليد سنوات طويلة لعبت فيها مصر القديمة الدور الكبير.. وحتى التنسيق بين الحركة الشعبية والمخابرات الإسرائيلية والحكومة المصرية كان على أشده.. وأسهموا جميعاً في تهيئة الأشقاء الجنوبيين للانفصال وصرفوا في ذلك أموالاً كثيرة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بشدة: ما هي مصلحة الحكومة المصرية السابقة في انفصال ا لجنوب؟ والإجابة بمنتهى السهولة هي رغبة إسرائيلية تخدم بها إستراتيجيتها في الدول الافريقية.. وبالتحديد السودان لتستهدف بها عروبته وإسلامه وإرادته السياسية وثرواته الكامنة تحت الأرض وفوقها وكذلك تكبيل دوره الايجابي في القارة الافريقية والوطن العربي. لقد فتح الله لشباب مصر الفرصة الكاملة لإعادة العلاقات السودانية المصرية كما كانت عليه قديماً، بل ستكون أفضل بكثير مما كانت عليه لأن النوايا الخالصة والإيمان بوحدة وادي النيل كاملة وكلتا الدولتين تملكان الآن الإرادة السياسية التي تمكنهما من تطوير العلاقات بين البلدين الشقيقين والشعبين الشقيقين. إن أمن مصر من أمن السودان وأمن السودان من أمن مصر.. هذه نظرية لا يختلف فيها شخصان.. لم أكن أتوقع ان يلعب نظام الرئيس السابق مبارك هذا الدور الخطير ضد السودان الشقيق الذي طالما كان يتحدث عن السودان بمحبة شديدة.. اتضح فيما بعد انها كانت محبة مزيفة لا تملك من الحقيقة شيئاً. لقد فتحت صفحة جديدة للعلاقات السودانية المصرية.. هذه الصفحة لكي تكون صفحة ناصعة البياض تتطلب التعامل بشفافية كاملة.. وبجدية كاملة وبنوايا صادقة من أجل تطوير العلاقات بين البلدين، كما كانت أيام الرئيس السابق الراحل جعفر نميري.. حيث عقد البلدان اتفاقية التكامل الاقتصادي.. واتفاقية للدفاع المشترك.. لذلك وقف نظام نميري مع نظام السادات وقفة قوية بعد توقيع إتفاقية كامب ديفيد التي أدت الى تطبيع العلاقات السودانية المصرية الى أقصى مدى.. كما أدت تلك الاتفاقية الى انقسام واضح في المعسكر العربي.. وانقسمت الدول العربية الى قسمين.. قسم مع مصر يؤكد التطبيع المصري الإسرائيلي وزيارة السادات الى القدس وتوقيع الاتفاقية .. وقسم آخر ضد الاتفاقية وضد الزيارة. نحن نريد علاقات قوية ين السودان ومصر وعلاقات متوازنة وأخوية.. وفيها ندية كاملة.. لا سيادة دولة على أخرى.. وبذلك يقوى التحالف بين دولتي وادي النيل, ونريد من الدولتين توقيع كافة أنواع الاتفاقيات التي تشد من أزر البلدين الشقيقين. والله الموفق وهو المستعان،،،