مناهل عمر تعد الأزمة المالية الدولية من أهم الأحداث التي شهدها العالم خلال القرنين الماضيين والتي لازالت تأثيراتها السالبة علي إقتصاديات الدول المتقدمة والنامية مستمرة وتتكشف بعض أبعادها بين الحين والآخر وعلي الرغم من النهج الإقتصادي المتفرد الذي اتسم به السودان خلال الفترة الماضية إلا أن هنالك بعض التأثيرات المالية والإقتصادية للأزمة عليه الأستاذ بدرالدين سليمان مستشار رئاسة الجمهورية استعرض في سمنار ( تجاوز الأزمة المالية من خلال الترويج لاجندة العمل اللائق ) العوامل التي أدت لتفاقم الأزمة الإقتصادية العالمية والمتمثلة في سوق الإئتمان الذي تميز بالإسراف فى القروض والعقارات خاصة السكنية المثقلة بالمخاطر العالية وانتشرت ظاهرة القروض علي من لا يستطيع السداد والمضاربات الباهظة في الأوراق المالية والمعاملات الربوية والبيوع المكشوفة والصفقات المركبة الملتوية ومعاملات الضرر وسرعان ما تحولت الأزمة المالية إلي إقتصادية وبالرغم من ان التأثيرات على السودان كانت محدودة الا ان سوق العمل العالمى تأثر بالازمة المالية وظهر اكثر من خمسة ملايين من العطالة من جميع الفئات وتحولت الأزمة الي ركود إقتصادي وتراجع فى الإنتاج وانهيار التجارة الداخلية والخارجية وذكر بدرالدين سليمان أن أهم الدروس من الأزمة هي الاهمية القصوي لانظمة الرقابة اليقظة والبناءة علي المعاملات في الاسواق المالية مشيرا إلي تفاقم الازمة في النظام الامريكي نتيجة لوجود مؤسسات مالية لاتخضع للرقابة المطلقة واضاف أن إفريقيا اشد المتضررين من الأزمة العالمية باعتبارها كنز ثروات العالم من إنتاج زراعي وصناعي وبلاتين وكروم وماس إضافة إلي صادرات النفط وتناول مستشار رئاسة الجمهورية العوامل التي ادت لتضاعف الآثار السالبة للأزمة الإقتصادية العالمية علي السودان واهمها المقاطعة المعلنة والخفية والتعسر في النظام المصرفي وضآلة الاحتياطات النقدية ومستويات التضخم التي تحول دون التخفيض الفعال لتكلفة الإستدانة إضافة إلي ظروف الهيكل الإقتصادي العام في السودان وبالأخص تراجع الزراعة والإعتماد الباهظ علي الصادرات البترولية وواردات الغذاء وتراجع مساهمة مناطق هامة من الوطن في الحياة الإقتصادية. واضاف أن التكلفة العالية للامركزية الحكم والعون القومي وتكلفة إتفاقيات التسوية والسلام بجانب الإشكالات المناخية التي ساهمت في تدهور القدرات الإنتاجية في مناطق هامة من البلاد هى ايضا من العوامل التى ساعدت فى زيادةالاثار السالبة للازمة مشيرا إلي أصل مشكلة دارفور هي الجفاف في المنطقة واشار إلي اجماع المعلقون علي أن هذه الأزمة تؤثر علي إفريقيا والسودان عن طريق الهبوط الحاد في خمسة مجالات رئيسية للعائد وهي هبوط اسعار البترول من 147 دولارا إلي 32 دولارا ,هبوط تدفقات رؤوس الأموال والسودان لم يتأثر بها كثيرا ,هبوط العون التنموي ,هبوط وتعثر تمويل التجارة الخارجية وضمانات المراسلين الدوليين وهبوط تحويلات المعتربين و قال انه فيما يتعلق بالخطة العالمية للانعاش والإصلاح الاقتصادي والتي وضعت في لندن في إبريل الماضي توصلت قمة العشرين إلي اعتماد 850 بليون دولار للإنعاش والإصلاح الاقتصادي واعتماد 250 بليون دولار لتمويل التجارة. واشار سليمان في هذا الصدد إلي تخصيص 1.1 ترليون دولار لاستعادة سوق الإقتراض ومساندة النمو وخلق الوظائف في البلدان النامية وتناول اقتراحات بانشاء صندوق الدول المعرضة للهلاك وصندوق تخفيض الفقر وتسهيل النمو والصدمات الخارجية وصندوق برنامج الإقراض التحوطي ، موضحا أن خلال الخمسة أشهر الأولي من العام الحالي خصص لإفريقيا من كل هذه الصناديق 1.6 بليون دولار ، وللمكسيك 74 بليون دولار مما يؤكد أن إفريقيا مهمشة وقد طالبت الدول الإفريقية بالسياسة التوسعية علي خلاف سياسة صندوق النقد الدولي الإنكماشية وصدرت عدة توصيات من اللجنة الإقتصادية لمجلس الشوري التي يرأسها الاستاذ بدرالدين سليمان تتمثل في سياسات الدعم الإجتماعي باعتباره أهم خصائص أنظمة الإنتعاش الإقتصادي ، ومساندة النمو الإقتصادي لجملة من الإنفاق المعاكس لدورة التراجع والركود والتوسع في خلق وظائف جديدة ومن ضمن التصويات مشروعات البيئة الملائمة وتمويل التجارة الخارجية وتخفيض تكلفة الصادرات الوطنية وتقوية قدرتها التنافسية ومد أجل الديون. واعرب سليمان عن أمله أن لايؤدي العجز في الموازنة السنوية إلي تفاقم غير مقصود في الأزمة المالية الإقتصادية بتبني سياسة انكماشية ، مؤكدا علي أهمية التوفيق بين العناصر التي تبدو متعارضة وضرورة اعادة توجيه الإنفاق الحكومي وعدد مستشار رئاسة الجمهورية بعض الحلول الضرورية ذات العمق الاجتماعي كاجراءات مكافحة البطالة وتعيين الخريجين باعتبارهما جوهر الإنعاش الإقتصادي ، وترتيب الاولويات والتوصل إلي توازن بين احتياجات العلاقات الخارجية والامن القومي مع ضرورات الأمان الاجتماعي والسلامة المدنية إضافة الي التأكيد علي ضرورة رفع المظالم ومعالجة الضغائن والاحساس بالظلم وكثير من هذه المعالجات تقوم علي حسن النوايا والإنصاف والمرونة اكثر مما تتكلف من المال وهنالك معالجات لتفادي الأزمة تشتمل علي البرامج المفصلة في إطار النهضة الزراعية والإرتقاء بها واستصدار القوانين التي تمنع مزاولة الافراد الأجانب والشركات الاجنبية للنشاط التجاري بالبلاد ووضع حد لإغراق البلاد ببعض الأشياء كالملابس والتجهيزات المدرسية والأحذية والتي تمثل منافسة جائرة للصناعة المحلية ومراجعة العوائد وتصفية الشركات التي أنشأتها بعض المصالح الحكومية واتخاذ إجراءات حاسمة لانعاش المناطق الصناعية وحماية قطاع الورش وتخفيض تكلفة التيار الكهربائي والتوسع في مشاريع التمويل الأصغر والتشديد علي ضرورة بذل الجهود لتسهيل التجارة والإرتقاء بكفاءة الموانئ وحماية السوق المحلي واجراء اصلاحات في انظمة الضرائب والعوائد والرسوم والجبايات علي الأخص علي السلع العابرة للولايات واضافة إلي اجراء محادثات عميقة مع الدول والشركات التي انتفعت من بترول السودان لتقدم للوطن قروضا ميسرة وطويلة الاجل حتي تستفيد صادرات السودان من البترول نحو أسعارها المرتقب