السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك    دبابيس ودالشريف    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    الديوان الملكي السعودي: خادم الحرمين الشريفين يغادر المستشفى بعد استكمال الفحوصات الروتينية    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    عن ظاهرة الترامبية    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسيرة من اجل الوطن:استقلال السودان موجبات التحرير وعزائم الكفاح الوطني

خدمة خاصة من المركز السودانى للخدمات الصحافية (smc) جمعية اللواء الابيض لفتت الانظار بالداخل والخارج لقضية السودانيين وعدالتها نشاط المدرسة الإرسالية الأمريكية بامدرمان اثار غضب الاهالى فاقاموا المدرسة الاهلية الصحافة الأدبية بشرت بمؤتمر الخريجين واهتمت بالقضايا السياسية والوطنية بالبلاد الأستاذ أحمد خير دعا لان يكون نادى الخريجين مكانا للوحدة الوطنية والفكرية الزعيم اسماعيل الازهرى تراس اول وزارة سودانية مكونة من 12 وزيرا عبد الرحمن محمد إبراهيم دبكة اقترح اعلان الاستقلال وثناه مشاور جمعة سهل بدء الانتفاضة الوطنية : ففي أعقاب الحرب العالمية الأولى (1914م -1916م) تفجرت الانتفاضة الوطنية في مصر بقيادة سعد زغلول فسرى تأثيرها إلى البلاد العربية التي كانت تترنح تحت نير الاستعمار وألهبت المشاعر الوطنية بها.وكان من الطبيعي ان يمتد أثر تلك الانتفاضة إلى السودان وان تتطلع أنظار الطبقة المتعلمة من بنية إلى مصر تستوحي نضال الأشقاء وتسلتهم تجاربهم ولما كان الاستعمار الإنجليزي آنذاك في عنفوان سطوته فقد اتجه قادة الحركة الوطنية بالسودان للعمل السري فكانت جمعية الاتحاد السوداني أول جمعية سرية لقيادة الكفاح ضد المستعمر ومع اشتداد التوتر في مصر واندفاع الإنجليز الواضح للعمل على فصل السودان عن مصر والإنفراد به رأى بعض قادة الحركة الوطنية السودانية الارتقاء بأساليب التصدي للاستعمار وتطوير هياكله فكان تكوين جمعية اللواء الأبيض برئاسة المناضل علي عبد اللطيف وعضوية رفاقه الشرفاء صالح عبد القادر، عبيد حاج الأمين، حسن صالح المطبعجي وحسن شريف. وقد قررت الجمعية ان تخوض معارك النضال السافرة ضد الإنجليز لتحبط مؤامرة فصل السودان عن مصر وأشعلتها حرباً شعواء لا هوادة فيها فخرجت المظاهرات الصاخبة في العاصمة وكبريات الأقاليم واتسعت حملة الاعتقالات للمناضلين واتجهت أنظار العالم نحو السودان نتيجة لما كانت تنشره وكالات الأنباء العالمية والصحافة الإنجليزية من أخبار حول تلك التطورات.وتصاعدت تأثير ثورة جمعية اللواء والتي عرفت بثورة عام 1924م عندما خرج طلبة المدرسة الحربية بأول مظاهرة مسلحة تلاها تمرد بعض فرق الجيش وكانت تلك الملحمة التاريخية والمواجهة الشرسة بين الجنود السودانيين في العاصمة وجنود حامية الخرطوم من الإنجليز وذلك يوم 27 نوفمبر 1924م وقد استشهد في هذه المعركة الضابط عبد الفضيل الماظ، وهو يقاتل ببسالة من داخل موقع مبنى مستشفى العيون الحالي بالخرطوم. وفي اليوم الخامس من شهر ديسمبر عام 1924م نفذت السلطات الاستعمارية بالسودان حكم الإعداد شنقاً في حق قادة ثورة الجيش وهم حسن فضل المولى، ثابت عبد الرحيم وسليمان محمد أما علي البنا الذي حكم عليه معهم بالإعدام رمياً بالرصاص فقد استبدل حكم الإعدام الصادر ضده في اللحظة الأخيرة بالسجن المؤبد وقد أمرت السلطات الإنجليزية أسر الشهداء ألا تقيم عليهم مأتماً وبثت الجواسيس حول بيوتهم ليرصدوا أسماء من يتقدمون للعزاء فخرجت المظاهرات في عدد من مدن السودان وامتلأت السجون بقادة المعارضة وأفراد عاديين من الجمهور وقتل مواطنون أبرياء بقنابل الاستعمار ورصاصه في عطبرة وبورتسودان وجرح كثيرون. وتقدم جماعة من المواطنين داخل الجمعية باقتراح لإعلان الحكم الذاتي للبلاد وقد فضح هذا الاقتراح نوايا الإنجليز إذ جندوا كل قواتهم لهزيمته وكانت تلك معركة ساخنة تابعها الشعب المتطلع للحرية بكامل حواسه وفاز الاقتراح بأغلبية صوت واحد. ولم يعتد البعض بهذا الاقتراح الضئيل فخرج من الجمعية ثلاثة أعضاء احتجاجاً وهم المغفور لهم أحمد يوسف هاشم، محمد أحمد المحجوب، صالح عبد القادر وأحس الإنجليز ان الجمعية التشريعية قد استنفدت أغراضها فطلبوا من الأحزاب القائمة آنذاك ان توفد مندوبين عنها لوضع دستور جديد للسودان بدعوى إعطاء السودانيين فرصاً أوسع في إدارة شؤون بلدهم فقبلت الأحزاب الدعوة إلا حزباً واحداً وقطع مندوبو الأحزاب والحكومة شوطاً بعيداً في وضع الدستور والذي عُرف بدستور (استانلي بيكر) وأوشكت البلاد ان تدخل تجربة انتخابية على أساس هذا الدستور لاختيار حكومة سودانية في ظل حكم ذاتي. مؤتمر الخريجين – الفكرة والإنجاز كانت الفترة التي أعقبت حركة 1924م ثقيلة على السودانيين لولا حادث عابر أخذ ينشر في أمدرمان وهو ان المدرسة الإرسالية الأمريكية تمارس نوعاً من التبشير وسط التلاميذ المسلمين وأثار هذا الأمر سخط الأهالي والمتعلمين.وكان رد سكان أمدرمان عملياً تجاوبت معه البلاد مؤيدة ومباركة لخطواتهم التي كانت متنفساً للمواطنين يؤكدون عبره تمسكهم بالروح القومية والولاء للسودان. في أكتوبر 1926م تجمع الخريجون والوطنيون من كل الطبقات مع تباين أزيائهم ومراكزهم الاجتماعية تحدوهم فكرة واحدة وهي ان يجمعوا التبرعات لإنشاء أول مدرسة أهلية ابتدائية تقوم على أكتاف الشعب وحده وسرى الحماس لإنشاء المدرسة الأهلية ومثلت الروايات في أندية الخريجين وجمعت جلود الأضاحي كما وهب المحسن أحمد حسن عبد المنعم دار خاصة لتبدأ فيها المدرسة الأهلية إلى ان يتم بناء الأرض المخصصة لها وكان العمل في لجان المدرسة فخراً تسابق إليه الشيوخ قبل الشباب وانتشرت بين الجماهير الأنشودة الوطنية التي نظمها الشاعر/ يوسف مصطفى التني (في الفؤاد ترعاه العناية بين ضلوعي الوطن العزيز) ووجد المتعلمون في حركة تأسيس المدرسة الأهلية فرصة للتعبير عن عدم رضائهم عن السياسة التعليمية للحكومة فتطوعوا للمساهمة في تأسيس المدرسة وإدارتها والتدريس فيها وفي عام 1927م كانت المدرسة الأهلية حقيقة ماثلة وأخذت المدارس الأهلية تنتشر في السودان وفي إبان الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت العالم اضطرت الحكومة لتخفيض رواتب بعض الخريجين في أقسام كلية غردون عام 1931م من ثمانية جنيهات كمرتب ابتدائي للخريج إلى أربعة جنيهات واحتج طلاب الكلية على ذلك القرار وقرروا الدخول في إضراب عن الدراسة والاعتصام في داخليا تهم كما قام بعض الخريجين بتحطيم صور مؤسسي الإمبراطورية البريطانية المعلقة على جدران قاعة الطعام بالكلية وكان هذا الإضراب أول تحرك عنيف بعد أحداث 1924م ووجد صدى كبيراً في أوساط الخريجين. فقدموا بدورهم الدعم المادي والمعنوي للطلبة المضربين كما قام كبار الخريجين بتكوين لجنة منهم (لجنة العشرة) للتوسط لدى الحكومة والتظلم لتخفيض رواتب خريجي الكلية وتوصلوا لحل مرضي برفع المرتبات إلى ستة جنيهات وعندما رفع الطلاب إضرابهم قررت إدارة الكلية فصل عشرة من الطلاب اتهمتهم بقيادة حركة الإضراب والاعتصام وهم ماهر محمد الأمين، عبد اللطيف الخليفة، صلاح الدين حسن راسخ، أحمد مختار، عبد الحميد البوشي، صديق عبد القادر، خليل صابر، قيلي أحمد عمر، عبد العزيز محمد وعبد الماجد أحمد.وكان من القرارات التي اتفق عليها الطلاب أثناء إضرابهم مقاطعة البضائع الأجنبية وخاصة السكر وتضامن معهم بعض الخريجين وتمسك كثير من طلاب الكلية بذلك القرار وقاطعوا سلعة السكر طيلة حياتهم ومن هؤلاء محمود مصطفى الطاهر، خضر حمد و عبد الله عبد الرحمن نقد الله وذلك كمظهر لمعارضة السياسة البريطانية ثم أصبحت عادة أصيلة. الحركة الأدبية والدعوة لقيام مؤتمر الخريجين شدّدت الحكومة حصارها على فئة الخريجين الذين أخذوا ينطلقون ويثبتون قيادتهم للمجتمع عبر مبادراتهم لدعم حركة التعليم الأهلي والأعمال الخيرية والاجتماعية الأخرى ونسى الحكم الأجنبي ان الكبت قد يجمع تلك الأطراف المبعثرة ويدفعها إلى نشاطات قد تختار التوب الذي يبعد عنها أنظار الرقيب ففي نادي الخريجين بأمدرمان تجددت الحركة الأدبية ووجدت في مناسبتي الهجرة والمولد النبوي الشريف فرصة للاستنهاض الهمم وتوحيد الكلمة تحت هذا التراث المجيد وفي أحياء أمدرمان قامت جمعيات أدبية اقبل عليها الشباب يستمعون للقراءات الأدبية والتاريخية والتراث العربي. وكان من أثر هذه الجمعيات ان ارتبط الشباب المتعلم بآخر ما تنتجه المطابع العربية في مصر ولبنان والمطابع الإنجليزية مما اتاح لهم الإلمام بالأحداث العالمية والنظريات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي كان لها أثراً في تكوينهم الثقافي والسياسي فيما بعد وكانت جمعية أبوروف والهاشماب وجمععة ودمدني الأدبية من أبرز الجمعيات الأدبية التي تركت أثرها في الحياة الثقافية والفكرية والسياسية في السودان ومن جمعية ود مدني الأدبية نبعت الدعوة لقيام مؤتمر الخريجين وسرعان ما تبنت الجمعيات الأدبية في أمدرمان ونادي الخريجين هذه الدعوة وأخرجتها لحيز التنفيذ. الصحافة الأدبية ودورها في التبشير بقيام المؤتمر تزامن صدور بعض المجلات مع نمو الحركة الأدبية فكانت منبراً وجد الشباب فيه متنفساً لمناقشة بعض القضايا الوطنية والاجتماعية وعرض إبداعاتهم الأدبية ففي عام 1931م أصدر محمد عباس أبو الريش مجلة (النهضة) التي اهتمت بمناقشة القضايا الوطنية والسياسية وأدت دوراً هاماً في التمهيد لقيام مؤتمر الخريجين كما صدرت في نفس العام جريدة (السودان) وكان الأستاذ خضر محمد من أبرز كتّاب أعمدة الجريدة وأهتم بتناول الشؤون العامة وبشر بوحدة الصف وشهد عام 1935م مولد صحيفة (النيل) باعتبارها أول صحيفة يومية تصدر في السودان وقامت بأدوار هامة في تعبئة المتعلمين وانصرف الخريجون في جوانب شتى من النشاطات الثقافية والاجتماعية بغرض التوعية وتوحيد الصف في وقت بسطت فيه الطائفية سلطانها على البلاد واعتمدت الحكومة عليها وعلى القبلية الأمر الذي شجع الحكومة على خلق نظام الإدارة الأهلية والاهتمام بها وخلق حالة من التوتر الدائم بين المتعلمين وزعماء العشائر تلك الأعمال وكثير غيرها جعلت الخريجين يفكرون في شئ ما لا يدرون ما هو ولكن الشعور كان معبأ والرغبة جامحة في توحيد الكلمة. وفي يوليو 1935م ظهرت الدعوة لتأسيس هيئة تضم الخريجين وذلك عبر مقالات كتبها الأستاذ خضر حمد في جريدة السودان وعقب عليها الأستاذ أحمد خير ولكن هذه المقالات والتعقيب عليها لم يثر عندئذ اهتمام قادة الرأي. عندما بدأت نذر الحرب العالمية الثانية وازداد التوتر الدولي اتجهت أنظار السياسة البريطانية إلى مصر نسبة لأهمية موقعها الاستراتيجي وسمحت بعدة متغيرات كان من نتائجها بدء سلسلة من المفاوضات مع الحكومة الوفدية انتهت بتوقيع معاهدة صداقة وتحالف بين بريطانيا ومصر وفيما يختص بالسودان اتفق الطرفان في المادة الحادية عشر على استمرار إدارة السودان وفق اتفاقيتي الحكم الثنائي وان يواصل الحاكم العام بالنيابة عن كلا الطرفين المتعاقدين مباشرة السلطات المخولة له بمقتضي هاتين الاتفاقيتين (1898م -1899) أحس الخريجون بخيبة أمل شديدة بعد توقيع معاهد 1936م تجاه مصر وتأكد لهم ان القضية السودانية لا يمكن ان تحل إلا من داخل السودان فبدأت مجلة (الفجر) تنشر على صفحاتها نقداً شديداً للمعاهدة وتدعو الشباب المتعلم لتوحيد جهودهم وان يعملوا لنيل الحكم الذاتي وتساءل كتّاب الفجر لماذا لا يعتبر السودان شريكاً ثالثاً في المفاوضات والحكم وهم الطبقات العاملة ودافعة الضرائب والذين يجب ان تكون لهم كلمة في تكييف مصيرهم. قيام مؤتمر الخريجين كانت الفترة التي أعقبت معاهدة 1936م فترة نشاط وصحوة وطنية لها ما بعدها ونشطت حلقات النقاش في الأندية وفي المنازل وعبر صفحات مجلة الفجر وجريدة النيل وأحست الفئة المتعلمة أو المستنيرة بالمسؤولية الملقاة على عاتقها وواجبها نحو البلاد ومن نادي الخريجين بود مدني والذي كان مقراً للجمعية الأدبية وُجهت الدعوة لرئيس مجلة الفجر أحمد يوسف هاشم لحضور الندوة الاسبوعية التي اعتادت الجمعية على إقامتها وكان عنوان الندوة (واجبنا السياسي بعد معاهدة 1936م). قام بإلقائها الأستاذ أحمد خير أحد أعضاء الجمعية البارزين ومما قاله أحمد خير في الندوة (واجبنا أيها السادة ان ننهض بأبي النوادي نادي الخريجين بأمدرمان) لنجعله معقلاً حصيناً للوحدة الفكرية ووحدة السودان الحديث لنجعله نقابة عامة للدفاع عن كل ما يمس الوطن والمواطنين هنالك نغرس ومن هنالك نعضد رسالة السودان الحديث لتكون لجنة النادي منبعاً للدعاية القومية ومصدر الإرشاد والهداية يجب ان يستقل الرأي المستنير ويتحرر من قيود التقاليد المشينة ثم يثبت ذاتيته في شخصية ممثليه ولسان حاله فإذا ما
أنضم السوداني المستنير في رابطة أو مؤتمر أو نقابة مركزها النادي في أمدرمان وفروعها في الأقاليم إذا نشر برامجه نكون قد عرفنا وحددنا واجبنا السياسي. عقب تلك الندوة بدأت حركة تنظيمية وفكرية واسعة في نادي الخريجين بأمدرمان حول كيف يكون المؤتمر وماهي أهدافه وكيف السبيل لجمع الفئة المستنيرة وكانت الطائفية تقف حجر عثرة في طريق وحدة الخريجين فاخذ بعض الشباب كتابة مقالات في مجلة الفجر ضد الطائفية وتوضح ممارساتها للسيطرة على مراكز المثقفين في الأندية ودور العلم ولخصوا أفكارهم في الآتي: إن الطائفية هي عائق لكل عمل وفكرة نبيلة. لا تنتهي الطائفية إلا بأمور ثلاث ان يرفضها الزعماء أو تقاومها الحكومة أو يحاربها الشباب.وكان من نتاج تلك الحركة الفكرية ان زالت عقدة الخوف التي كانت ترهب الشباب عند التحدث عن الطائفية أو زعمائها أو انتقاد ممارساتهم وأدت هذه الحركة لإبعاد الطائفية.وذكر احمد خير في كتابه (كفاح جيل) إنه ليس من الأمانة في تقدير التاريخ إغفال ذكر ان السودان ظل في تاريخه الحديث متأثراً دائماً تأثيراً مباشراً بعيد المدى بتطور الحركات الشعبية في مصر والشرق العربي كما كان متأثراً أيضاً ولمدة مماثلة في الكم و الكيف عن طريق المطبعة الإنجليزية بتطور الحركة التحريرية العالمية ولا ريب ان كلمة (مؤتمر) أي اسم الهيئة المقترح تأسيسها مستوحاة من المؤتمر الهندي. لم يكن التمهيد لقيام المؤتمر بالأمر الهين لكن استطاع الخريجين ان يحاربوا في عدة جبهات حتى تحقق الإجماع الكبير لتأسيس مؤتمر الخريجين في فبراير 1938م ثم وضعوا دستور المؤتمر وحددوا أغراضه في (خدمة المصلحة العامة للبلاد وللخرجين). ولم تقصد الكلمة الأخيرة لذاتها بل كانت حرزاً يقي الحركة في أوليات أيامها النكبات والشرور ثم عرفوا معني الخريج تعريفاً فيه مرونة تحتمل أوسع المعاني وتشف عن أهداف الحركة في نظرة الكثرة الساحقة وهكذا عُقد أول اجتماع لمؤتمر الخريجين في 13 فبراير 1938م تمت فيه إجازة الدستور ثم انتخبوا هيئة تتكون من ستين عضواً وفي اليوم الثاني اجتمعت الهيئة الستينية فانتخبت لجنة تنفيذية من خمسة عشر عضواً لها سكرتير ورئيس يتغير تعيينه كل شهر بأحد أعضاء اللجنة التنفيذية. وفي الدورة الثالثة لاجتماع مؤتمر الخريجين 1940م قررت هيئة المؤتمر ان تنتخب اللجنة التنفيذية رئيساً للمؤتمر لدورة كاملة وكان أول رئيس انتخب في تلك الدورة هو السيد إسماعيل الأزهري. المؤتمر ينمو من خلال أعماله بدأ المؤتمر يتلمس طريقة وسط مصاعب ومحاذير شتى فالحكومة غير مطمئنة لاتجاهاته من ناحية وتحاول الطائفية من ناحية أخرى التدخل في شئون المؤتمر والسيطرة على نادي الخريجين بأمدرمان فاهتم المؤتمر في سنواته الأولى بالإصلاح في المجالات التعليمية والاجتماعية وكانت عناية المؤتمر بالتعليم تفوق كل اهتمام فتقدم في إبريل 1939م بمذكرة للحكومة مطالباً فيها بإصلاح المعهد العلمي والارتقاء بطلابه ومناهجه واقترح المؤتمر في مذكرته ضم المعهد إلى الأزهر الشريف في حال عجز الحكومة أو رفضها ووافقت الحكومة على الشق الأول من المذكرة وتحفظت على الثاني وشجع تجاوب الحكومة الجزئي مؤتمر الخريجين لتقديم مذكرة ثانية في يوليو 1939م طالب فيها بإصلاح التعليم في الجنوب ومحو الأمية ومراجعة المناهج وقبلت الحكومة المذكرة وأشاد بها مدير مصلحة المعارف واكتفت الحكومة بالإشادة ولا تنفيذ على أرض الواقع وفي فبراير 1940م خطا المؤتمر خطوات جديدة للإفصاح عن أهدافه عندما زار السيد علي ماهر رئيس الوزارة المصرية السودانية وقرر المؤتمر الاحتفال به ثم تقديم مذكرة تحتوي على مطالب إصلاحية وكان الهدف من ذلك الاحتفال ان يضع الخريجون وضع سابقة في مخاطبة المؤتمر لرئيس الوزارة المصرية وتخطي السلطات البريطانية الحاكمة ولإبراز شعور السودانيين نحو مصر وبعد هذه الزيارة تغيرت سياسة الحكومة المصرية المتعاقبة تجاه المؤتمر فبعد ان كانت تعتبره صنعة بريطانية لعزل السودان من مصر اعتبرته الممثل الحقيقي للسودانيين والمُعبر عن آمالهم. مؤتمر الخريجين والسياسة رأي المؤتمر ان التطورات العالمية وأحداث الحرب التي سيتقرر من بعدها مصير الشعوب الطامحة للحرية فرصة سانحة لإبداء مطالب الأمة السودانية إلى الحاكم العام بوصفه ممثلاً لدولتي الحكم الثنائي وفي إبريل 1942م تقدم المؤتمر بمذكرته المشهورة طالباً من دولتي الحكم الثنائي إصدار تصريح مشترك يمنح بموجبه السودان بحدوده الجغرافية المعروفة حق تقرير المصير بعد الحرب مباشرة وتأسيس هيئة نيابية لإقرار الميزانية والقوانين وإلغاء قوانين المناطق المقفولة في جنوب السودان ورفع قيود الاتجار والانتقال للسودانيين داخل السودان ووضع تشريع بتحديد الجنسية السودانية وتطبيق مبدأ الأولوية في الوظائف للسودانيين وعلى الرغم من رفض الحكومة لمذكرة المؤتمر فإنها اضطرت للقيام ببعض الإصلاحات الدستورية التي رفضها المؤتمر ففي عام 1943م قررت الحكومة تكوين المجلس الاستشاري لشمال السودان كهيئة دستورية بقصد إشراك السودانيين في المشورة والرأي وهدفت الحكومة من ذلك لإحداث انقسام في صفوف الخريجين وأعلن المؤتمر مقاطعته للمجلس الاستشاري واعتبار كل من يتقدم لعضويته أو يقبله مفصولاً من المؤتمر وكان قراراً حاسماً وضربة قاصمة للمجلس أضعف هيبته ومكانته في النفوس وزاد من قوة القرار اعتذار كبار الخريجين صراحة عن قبول عضوية عينهم فيها الحاكم العام لالتزامهم بقرار المؤتمر واستمر المؤتمر في رفضه للمؤسسات الدستورية التي أقامتها الحكومة وقاد جماهير الشعب لمقاطعة انتخابات الجمعية التشريعية عام 1948م وأعلن رئيس المؤتمر أنهم لن يدخلونها ولو جاءت مبرأة من كل عيب!! ومن خلال الأحداث والممارسات بدأت تتبلور فكرة المدارس السياسية واختلف تفسيرها حول كلمة تقرير المصير وبرز اتجاهان رئيسيان رأي الاتجاه الأول ان تقرير المصير يتحقق بالارتباط بالحركة الوطنية في مصر والاستعانة بها على بريطانيا ثم يقرر الشعبان العلاقة بينهما في وحدة وادي النيل بعد جلاء بريطانيا. بينما رأى الاتجاه الآخر ضرورة التعاون مع بريطانيا والدخول في المؤسسات الدستورية التي أقامتها الحكومة لتحقيق مبدأ تقرير المصير واشتد التنافس بين الاتجاهين للسيطرة على المؤتمر واستدعت الضرورة تطور النضال الوطني إلى تطوير هذه المدارس لأحزاب سياسية مع بقاء شكل المؤتمر كوعاء للجميع وبالرغم من اختلاف الآراء إلا ان الأحزاب التي انبثقت من داخل مؤتمر الخريجين لم تكن تنظر للمسألة الوطنية إلا بمنظار رغبتهم لزوال الحكم الثنائي. وبالرغم من انسحاب الاتجاه الداعي للتعاون والدخول في المؤسسات التشريعية التي أقامتها الحكومة فإن جميع الأحزاب اجتمعت في صف واحد لتكوين وفد يمثل السودان للسفر لمصر في مارس 1946م يقوم بعرض رأي السودانيين في المفاوضات المصرية البريطانية. وبالفعل سافر الوفد المكون من ممثلي جميع الأحزاب برئاسة رئيس مؤتمر الخريجين السيد إسماعيل الأزهري. وهكذا دأب الحركة الوطنية بمختلف أحزابها واتجاهاتها إنها في لحظة القرار والمنعطف التاريخي تترك خلافاتها جانباً وتتوحد رؤيتها تجاه قضاياالوطن. وأطلت الخمسينيات وبرلمان الاستقلال: شاءت الأقدار ان تتفجر ثورة يوليو عام 1952م في مصر وصعدت على إثرها قيادات جديدة متحررة في مصر نظرت إلى مشكلة السودان نظرة جديدة ولم تشأ فرض وحدة وادي النيل كما كانت تصر الحكومات المصرية السابقة وأعلنت في جرأة احترامها وتأييدها لحق السودانيين في تقرير مصيرهم بأنفسهم.ودعا اللواء محمد نجيب الذي كان على رأس الثورة آنذاك السيد عبد الرحمن المهدي لزيارة مصر وعقد أول اجتماع بين الرجلين في أكتوبر سنة 1952م.وفي 29 أكتوبر عام 1952م أبرمت اتفاقية بين الجبهة الاستقلالية وحكومة الثورة في مصر وصدر عن اللواء نجيب والسيد عبد الرحمن المهدي تهنئة للشعبين المصري والسوداني بالوصول للاتفاقية وفي نفس الوقت كان زعماء الأحزاب الاتحادية قد تجمعوا في القاهرة وقد أيدوا اتفاقية مصر مع الجبهة الاستقلالية ثم كونوا حزباً واحداً ضم تلك الأحزاب تحت اسم (الحزب الوطني الاتحادي). وفي أول يناير 1953م وصل العاصمة لأول مرة الصاغ صلاح سالم عضو مجلس قيادة ثورة يوليو وبعد محادثات وجهود مضنية بين الأحزاب تمكنت الأحزاب يوم 10 سنة 1953م من توقيع اتفاقية مشتركة وأصدرت بلاغاً ابتهج له الشعب وهذا نصه (لقد اجتمعت بحمد الله كلمة الأحزاب السودانية الأمة والجمهوري الاشتراكي والوطني الاتحادي على رأي موحد حيال نقاط الخلاف التي عرضها عليهم الصاغ صلاح سالم في اجتماعهم الأخير بخصوص دستور فترة الانتقال وقد أمضى ممثلوا تلك الأحزاب وثيقة واحدة تحوي مواد هذا الاتفاق وقد اتفقت كلمتهم على موقف موحد إذا ما رفضت هذه المطالب). وعلى ضوء هذا الاتفاق جرى انتخاب أول برلمان وطني وفقاً لممارسة انتخابية شعبية حرة ومتفق عليها.وافتتح البرلمان في أول يناير سنة 1954م وفي اليوم السادس من يناير 1954م عقد البرلمان المنتخب جلسته التاريخية لاختيار أول رئيس لمجلس الوزراء السوداني وفاز السيد إسماعيل الأزهري ب(56) صوتاً ونال منافسه السيد محمد أحمد المحجوب (37) صوتاً وفي اليوم التاسع من يناير كونت أول وزارة سودانية برئاسة السيد الأزهري وكانت مكونة من (12) وزيراً كلهم من الحزب الاتحادي وسجل ذلك البرلمان أبرز إنجازاته في يوم الثلاثاء السادس عشر من شهر أغسطس عام 1955م عندما أصدر قراره التاريخي بإجلاء جميع القوات الأجنبية عند البلاد ففي الساعة الثانية عشر والدقيقة العشرين من ذلك اليوم عرض السيد بابكر عوض الله رئيس مجلس النواب الاقتراح للتصويت وطلب من الموافقين الإيجابية فدوى صوت النواب كلهم في حزم وقوة بكلمة (نعم) وخرج موكب النواب والشيوخ من دار البرلمان عقب القرار إلى سراي الحاكم العام وخلفهم كتلة ضخمة من أبناء الشعب قدرت أعدادها بأكثر من مائة ألف شخص. وكان موكب الاتحاد النسائي يسير في مقدمة الحشود وفي الساعة الحادية عشر والربع من يوم الاثنين 19 ديسمبر 1955م أجاز النواب بالإجماع الاقتراح الذي تقدم به السيد عبد الرحمن محمد إبراهيم دبكة وثناه مشاور جمعة سهل وهذا نصه: ( نحن أعضاء مجلس النواب في البرلمان مجتمعاً نعلن باسم شعب السودان ان السودان قد أصبح دولة مستقلة كاملة السيادة ونرجو من معاليكم ان تطلبوا من دولتي الحكم الثنائي الاعتراف بهذا الإعلان فوراً.) وقد ألقى كل من السيدين محمد أحمد المحجوب ومبارك زروق داخل البرلمان كلمتين وطنيتين رائعتين وكانت الإذاعة تنقل كل هذه الفعاليات لمستمعيها على الهواء في جميع أنحاء السودان التي يصل البث إليها في ذلك الوقت وفي الساعة التاسعة والدقيقة الثانية من صباح يوم الأحد الأول من يناير عام 1956م وعلى بناء سراي الحاكم العام – القصر الجمهوري حالياً تمت عملية رفع العلم الوطني في أجواء احتفالية ووسط حشود بشرية ضخمة حيث أُنزل علما الحكم الثنائي وسط الهتافات الداوية من الجماهير التي احتشدت في ميدان الحرية في نفس اللحظات التي كان علم السودان يرتفع فيها رويداً رويدا ليرفرف بعدها وحده أعلى سراي القصر الجمهوري ولأول مرة في التاريخ وبارتفاع العلم الوطني تمت جميع مظاهر السيادة والاستقلال لهذه البلاد وانقضت أخطر فترة من فترات الكفاح من أجل الحرية والاستقلال لتبدأ مسيرة جديدة أشد صعوبة وأكثر أهمية من أجل البناء والتعمير. اتفاقية الحكم الذاتي تضمنت هذه الاتفاقية اختصاصات البرلمان السوداني وخاصة المواد السادسة والثامنة والتاسعة والعاشرة وجاءت على النحو التالي: لد كانت الحكومة المصرية وحكومة المملكة المتحدة وشمال ايرلندا يؤمنان إيمانا ثابتا بحق الشعب السوداني في الحكم الذاتي وفي ممارسته له فعليا في الوقت المناسب اتفقا على ما يأتي: المادة الأولى: رغبة في تمكين الشعب السوداني من ممارسة تقرير المصير في جو حر محايد تبدأ في اليوم المعين فترة انتقال بتوفر فيها للسودان الحكم الذاتي الكامل. المادة الثانية:- لما كانت فترة الانتقال تمهيد لانتهاء الإدارة السودانية انتهاء فعليا فإنها تعتبر تصفية لهذه الإدارة ويحتفظ أبان فترة الانتقال بسيادة السودان للسودانيين حتى يتم لهم تقرير المصير. المادة الثالثة: يكون للحاكم العام أبان الانتقال
السلطة الدستورية العليا داخل السودان ويمارس سلطاته وفق قانون الحكم الذاتي بمعاونة لجنة خماسية تسمى لجنة الحاكم العام. المادة الرابعة: تشكل هذه اللجنة من اثنين من السودانيين ترشحها الحكومتان المتعاقدتان بالاتفاق بينهما وعضو مصري وعضو بريطاني وعضو باكستاني يتم ترشيح كل منهم بواسطة حكومته ويتم تعيين العضويين السودانيين بموافقة البرلمان السوداني عمد انتخابه وفي حالة عدم موافقته فله حق تعيين مرشحين اخرين ويتم رسميا تعيين هذه اللجنة بمرسوم من الحكومة المصرية. المادة الخامسة: لما كان الاحتفاظ بوحدة السودان بوصفه اقليما واحدا مبدا اساسيا للسياسة المشتركة للحكومتين المتعاقدين قد اتفقنا على ان لا يمارس الحاكم العام السلطات المخولة له بمقتضى المادة (100) من قانون الحكم الذاتي على أي صورة تتعارض مع هذه السياسة. المادة السادسة: يظل الحاكم العام مسئولا مباشرا امام الحكومتين المصرية والبريطانية فيما يتعلق بما يلي: أ/الشئون الخارجية. ب/أي تغير يطلبه البرلمان بمقتضى المادة (101)فيما يتعلق باي جزء من هذا القانون. ج/أي قرار تتخذه اللجنة يرى فيه الحاكم العام تعارضا مع مسؤولياته برفع الأمر الى الحكومتين وعلى الحكومتين ان تبلغ ردها خلال شهر من تاريخ الإخطار. المادة السابعة: تشكل لجنة مختلطة للانتخابات من سبعة أعضاء ثلاثة من السودانيين يعينهم الحاكم العام بموافقة اللجنة الخماسية وعضو مصر وعضو بريطاني وعضوا أمريكي وعضو هندي . المادة الثامنة: رغبة في تهيئة الجو المحايد اللازم لتقرير المصير تشكل لجنة للسودنة تتألف من عضو مصري وعضو بريطاني وثلاثة سودانيين. المادة التاسعة: تبدأ فترة الانتقال في اليوم المسمى والمعين ومع مراعاة إتمام السودنة وتتعهد الحكومتان بنهاية فترة الانتقال بأسرع ما يمكن. المادة العاشرة: عند إعلان الحكومتين تضع الحكومة القائمة مشروعا بقانون انتخاب جمعية تأسيسية يقدم للبرلمان لإقراره ويوافق الحاكم العام على القانون بالاتفاق مع لجنته. المادة الحادية عشر: تنسحب القوات العسكرية من السودان فور إصدار قرار البرلمان باتخاذ التدابير لتقرير المصير وتتعهد الحكومتان بسحب هذه القوات في مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر. المادة الثانية عشر: للجمعية التأسيسية واجبات الأول تقرير مصير السودان بوصفه وحدة لا تتجزأ. والثاني ان تعد دستورا للسودان يتلاءم مع القرار الذي سيتخذ في هذا الصدد كما تضع قانون انتخاب برلمان سوداني دائم ويتقرر مصير السودان. المادة الثالثة عشر: تتعهد الحكومتان باحترام قرار الجمعية التأسيسية فيما يتعلق بمستقبل السودان. المادة الرابعة عشر: اتفقت الدولتان المتعاقدتان على تعديل قانون الحكم الذاتي وفقا للملحق الرابع. المادة الخامسة عشر: تصبح أحكام هذا الاتفاق نافذة بمجرد التوقيع وإقرار لما تقدم وقع المفوضان عن حكومتيهما هذا الاتفاق.  محمد نجيب لواء أركان حرب –عن مصر  رالف سكرين شيفنسون –عن المملكة المتحدة. كيف تم التوقيع: كان أول من حضر الى رئاسة مجلس الوزراء في القاهرة المستر بارون السكرتير بالسفارة البريطانية واجتمع بصلاح سالم وحسين ذو الفقار وحامد سلطان وعلى زين العابدين ثم حضر الرئيس نجيب وحضر بعده السفير البريطاني ثم انعقد الاجتماع وشهده الدكتور محمود فوزي وزير خارجية مصر وبعد مداولات بين الحاضرين ختمت بعض الوثائق بالشمع الأحمر ووقع اللواء نجيب على اتفاقية تم ختمت بخاتمه الخاص وبخاتم رئاسة مجلس الوزراء ثم وقع السفير البريطاني باسمه ثم ختمت بخامته الخاص وبخاتم السفارة البريطانية وكل هذه الأختام بالشمع الأحمر. ملابسات وظروف انتخاب 1953م جرت انتخابات نوفمبر 1953م في السودان لأول برلمان سوداني، على ضوء اتفاقية السودان (13 فبراير 1953م) بين دولتي الحكم الثنائي (مصر وبريطانيا) وقد أحاطت بها ملابسات وظروف سياسية متعددة، ذلك لأنها كانت تُعنى في المقام الأول، بالتوجه السياسي لشعب السودان نحو تقرير مصيره، بعد فترة الانتقال (من أول 1954م، إلى أول 1956م) بالاتحاد مع مصر، أو الاستقلال التام. ولهذا كان النشاط محموماً من كلا الجانبين: المصري والبريطاني فظل الجانب البريطاني يركن إلى الجمود التام في هذه المعركة، رغم تعاطفه الشديد إلى جانب (استقلال) السودان وقد كان مكتوف اليدين في تلك المعركة، لأنه كان في موقف حساس بسبب انفراده ثم سيطرته على حكم السودان على مدى ثلاثين عاماً، وتخوفه من جانب مصر التي يحكمها انقلاب ثوري (ثورة يوليو 1952م)، ثم لتجنبه بقدر الإمكان تهمة خرق الجو الحر المحايد الذي كان شرطاً أساسياً في انتخابات 1953م، بموجب اتفاقية السودان تلك. وتحت ظل هذا الجمود البريطاني، خلا الجو السياسي في السودان لمصر التي اشتركت في حملة الدعاية للحزب الوطني الاتحادي، بصورة سافرة ومكشوفة، بقيادة الصاغ/ صلاح سالم وزير الشؤون الاجتماعية ووزير شؤون السودان في مجلس قيادة الثورة المصرية، ومساعده اليوزباشي محمد أبونار. وبالفعل تحصل الحزب الوطني الاتحادي على 53 مقعداً وهي تمثل أغلبية مقاعد البرلمان السوداني، بينما تحصل منافسه حزب الأمة على 22 مقعداً فقط من جمل المقاعد، وهي 92 مقعداً، وتحصل حزب الجنوب على 7 مقاعد، والمستقلون على 7 مقاعد، والحزب الجمهوري الاشتراكي على 3 مقاعد، وفي دوائر الخريجين فقد كان للحزب الوطني الاتحادي 3 دوائر، ولحزب الأمة مقعد واحد، والحزب الشيوعي مقعد واحد. وكما ذكرنا من قبل فإن الجانب البريطاني في هذه الانتخابات كان مغلول اليدين، جامد النشاط، وأكثر من هذا فإن المستر لوس، مستشار الحاكم العام البريطاني، كان يتعاطف مع الأزهري رئيس الحزب الوطني الاتحادي، رغم التعاطف البريطاني مع حزب الأمة (الاستقلال) من أجل إبعاد السودان من التيار المصري، كان المستشار المستر لوس، يعمل لصالح الحزب الوطني الاتحادي لأسباب عديدة منها: 1. إن الظروف التي يمر بها السودان في تلك المرحلة، دقيقة للغاية، وان حزب الأمة بجموده المعهود لا يمكن ان يجد القبول الشعبي التام لدى شعب السودان، وخاصة بعد انفراده بحكم السودان تحت ظل الجمعية التشريعية، رغم معارضة الشعب السوداني ومقاطعته لها. 2. إن حزب الأزهري الحزب الوطني الاتحادي، يتمتع بشعبية واسعة، وان إسماعيل الأزهري شخصية مرنة يمكن جذبه واستقطابه بسهولة إلى جانب استقلال السودان. 3. إذا فاز حزب الأمة بأغلبية البرلمان، وشكل الحكومة، فإنه سيواجه معارضة عارمة، مما قد يؤدي إلى اهتزاز الوضع في البلاد. 4. الحزب الوطني الاتحادي، بجانب شعبيته العريضة، له كوادر متعلمة، وكوادر ممتازة في سلك الخدمة المدنية، ويمكن ان يسيّر دفة الأمور بوجه مرْضي مناسب. 5. فوز الحزب الوطني الاتحادي يهز من كيان حزب الأمة، ويضعف من شأنه الأدبي والسياسي، وبذا يكون أكثر اندفاعاً وارتماءً في حضن السيادة البريطانية. 6. وفي الوقت نفسه... فإن فوز الحزب الوطني الاتحادي في هذه المرحلة سيدخله في تجربة صعبة في غدارة البلاد، ويعرض الحزب إلى هزات عنيفة تقلل من فعاليته، وتضعف من شعبيته، وتعريه تعرية تامة، وتنفر الشعب من حوله تماماً. لكل هذه الأسباب، أو بالأحري هذه المخططات السياسية، ترك الإنجليز الحبل لمصر لتفعل ما تشاء في السودان، وأكثر من هذا فإن الإدارة البريطانية في السودان ساعدت لجنة الانتخابات الدولية، التي كانت تشرف على هذه الانتخابات، ان تكون دوائر الانتخابات في مواقع نفوذ حزب الأمة أقل من الوضع الحقيقي، بحيث يترك المجال للحزب الاتحادي ليتغلب عليه. وهذه الخطة هي الخطة المباشرة التي أدت إلى ترجيح كفة الميزان الانتخابي لصالح الحزب الوطني الاتحادي وكما وضع المستر لوس هذه التوقعات، فقد انحاز السيد إسماعيل الأزهري إلى جانب الاستقلال بعد عام واحد من توليه السلطة في البلاد، وان حكومته واجهت سلسلة من المتاعب والمشاكل الإدارية مما استدعى معها الأمر إلى تشكيل حكومة قومية في فبراير 1956م، ثم إلى تشكيل حكومة ائتلافية في يونيو 1956م، بين حزب الشعب الديمقراطي وحزب الأمة، وكما وضع وتوقع المستر لوس في ذلك الوقت، فقد بدأ الحزب الوطني الاتحادي في التقهقر إلى الوراء، وفقد شعبيته الواسعة العريضة بمرور الزمن. ومن سمات تلك الانتخابات أنها كانت ذات جانبين: انتخاب مباشر وانتخاب غير مباشر وان تلك السمة أو المفارقة لم تكن في أية انتخابات جرت في البلاد بعد ذلك لقد كانت الانتخابات المباشرة عن طريق ... تذكرة الاقتراع المباشر في صناديق الانتخاب، في مواقع الوعي وفي المدن. أما الانتخابات غير المباشرة، فقد كانت في بعض أنحاء الجنوب وفي بعض مناطق جبال النوبة، وان الانتخابات غير المباشر أعطى الحق الانتخابي لبعض ذوي الأهلية الخاصة من أعضاء المجالس الريفية في تلك المناطق. شهد تلك الانتخابات الأولى في البلاد نحو 22 مندوباً للصحف العالمية ووكالات الأنباء وأجهزة الإعلام العالمية، ونظمت لهم الحكومة رحلات خاصة لزيارة مناطق الاقتراع، وخاصة منطقة جبال النوبة في كردفان، وقد أصدر الصحفي البريطاني أنطوني مان كتاباً خاصاً بانطباعاته في هذه الانتخابات، أسماه(حيث ضحك القدر).. سرد فيه انطباعاته وملاحظاته وآرائه، والمفارقات التي جمعها من خلال عمليات الاقتراع في المناطق المتخلفة مما يعطي الباحث مزيداً من التفاصيل والمعلومات عن هذه الانتخابات. إن الأصوات التي تحصل عليها مرشحو حزب الأمة كانت تزيد على أصوات الحزب الوطني الاتحادي بعدد (47) ألف صوت، بينما كانت أغلبية المقاعد لصالح الحزب الوطني الاتحادي. أما لجنة الانتخابات الدولية التي أشرفت على انتخابات 1953م، فقد كانت تكون من (4) أعضاء أجانب يمثلون دولهم، وهم الدكتور سكومار سن مندوب الهند ورئيس لجنة الانتخابات، القائم مقام/ عبد الفتاح حسن مندوب مصر، المستر واويل بير كنز ممثل أمريكا، المستر ج. سز بني ممثل المملكة المتحدة. أما الأعضاء السودانيون في اللجنة فقد كانوا ثلاثة وهم البكباشي/ خلف الله خالد، السيد عبد السلام الخليفة عبد الله، فالسيد غرودن بولي ممثل للإقليم الجنوبي كما اختير لسكرتارية اللجنة السيد الإداري حسن علي عبد الله الذي تولى وكالة وزارة الداخلية فيما بعد. موقف الأحزاب في انتخابات 1953م الحزب الوطني الاتحادي (53) دائرة حزب الأمة (22) دائرة حزب الجنوب (7) دائرة المستقلون (7) دائرة الحزب الجمهوري الاشتراكي (3) دائرة دوائر الخريجين (5) دائرة المجموع (97) دائرة. الدورات الانتخابية لمؤتمر الخريجين (1938م -1952م) الدورة الأولى (1938م) الدورة الثانية (1939م) في هذه الدورة تقدم المؤتمر بمذكرة إصلاح المعهد العلمي وأخرى عن إصلاح التعليم في السودان. الدورة الثالثة (1940م) الدورة الرابعة (1941م) الدورة الخامسة 41/1942م (قدم مذكرة مطالباً فيها بحق تقرير المصير). الدورة السادسة 1942م -1943م قدم مذكرة يرفض فيها ويقاطع قيام المجلس الاستشاري لشمال السودان. الدورة السابعة : 1943م -1944م. الدورة الثامنة 1944م-1945م سيطرة الأشقاء على المؤتمر وصدر قرار المؤتمر بقيام حكومة سودانية ديمقراطية في اتحاد مع مصر. الدورة التاسعة: 1945م – 1946م سفر وفد الأحزاب المتحدة بقيادة المؤتمر لمصر لعرض وجهات النظر السودانية ومراقبة محادثات صدقي بيفن. الدورة العاشرة (1946م -1947م) الدورة الحادية عشر (1947م -1948م) الدورة الثانية عشر (1948م -1949م) دورة مقاطعة ومقاومة الجمعية التشريعية وخروج المظاهرات وإغلاق المحلات التجارية يوم افتتاح الجمعية. الدورة الثالثة عشر 1949م – 1950م. الدورة الرابعة عشر 1950م- 1951م. الدورة الخامسة عشر 1951م – 1952م وفي أثناء وجود رؤساء الأحزاب والهيئات الاتحادية في مصر في أواخر 1952م وبمجهود من اللواء محمد نجيب تم توحيد جميع الأحزاب والهيئات الاتحادية بما فيها مؤتمر الخريجين تحت اسم الحزب الوطني الاتحادي وفي يوم 3 نوفمبر 1952م تم الاتفاق على دستور الحزب واختيار إسماعيل الأزهري رئيساً للحزب وخلف الله خالد أميناً للصندوق وخضر حمد سكرتيراً عاماً وبذلك انتهى الوجود الفعلي لمؤتمر الخريجين بعد ان تفرغت منه مختلف المدارس السياسية التي تحولت إلى أحزاب سيطرت على الوجدان السياسي للإنسان السوداني. لوحة شرف شخصيات شاركت في مؤتمر الخريجين وتم انتخابهم أعضاء في الهيئات
الستينية إسماعيل الأزهري: ولد في أمدرمان حي أبوروف عام 1910م، تخرج من كلية غردون قسم المحاسبة، عمل محاسباً ثم تفرغ للصحافة، عمل رئيساً لتحرير جريدة (صوت السودان) ثم أسس عام 1945م صحيفة الرأي العام هو من مؤسسي جمعية ودمدني الأدبية. انتخب عضواً للهيئة الستينية لمؤتمر الخريجين في الدورات الأولى (1938م) والثانية (1939م) والثالثة (1940م) والخامسة (41-1942م) والسادسة (42-1943م) والسابعة (43-1944م) اختير لعضوية مؤتمر الإدارة الذي سبق قيام الجمعية التشريعية لكنه أعتذر عن قبولها تضامناً مع قرارات مؤتمر الخريجين بمقاطعة المؤسسات الدستورية. دكتور التجاني الماحي 19911م – 1970م: ولد في بلدة الكوة بمديرية النيل الأبيض تلقى تعليمه في الكوة ورفاعة والخرطوم تخرج من مدرسة كتشنر الطبية بكلية غردون عام 1935م قضى عامين في معهد الطب العقلي والنفسي في جامعة لندن ونال دبلوم الطب النفسي في يوليو 1949م بعد عودته من إنجلترا قام بتأسيس أول عيادة للأمراض العصبية والنفسية تابعة للمصلحة الطبية السودانية بالخرطوم بحري في أكتوبر 1950م. تطوع للخدمة العسكرية في حرب السويس بمصر عام 1956م شغل منصب مستشار الصحة العقلية والنفسية لمنطقة شرق حوض البحر المتوسط (منظمة الصحة العالمية بالإسكندرية) في الفترة من 1959م -1964م. بعد ثورة أكتوبر 1964م اُختير عضواً ورئيساً مناوباً في مجلس السيادة (رأس الدولة)، عضو حزب الأشقاء ثم الحزب الوطني الاتحادي، انتخب عضواً في الهيئة الستينية لمؤتمر الخريجين في الدورتين التاسعة والعاشرة. يجيد عدة لغات وله مكتبة ضخمة تحتوي على عدد كبير من الكتب والمخططات أوقفها لمكتبة جامعة الخرطوم وأودعت في قاعة سميت باسمه. بروفيسور مكي شبيكة 1905م – 1980م: ولد في الكاملين بالإقليم الأوسط وتلقى فيها تعليمه الأوسط تخرج من كلية غردون أرسل في بعثة دراسية لجامعة بيروت الأمريكية في أواخر 1931م ونال درجة البكالريوس في الآداب 1935م حصل على منحة من المجلس البريطاني عام 1947م لمدة عامية والتحقت بجامعة لندن عاد وهو يحمل الدكتوراة في فلسفة التاريخ وهو أول سوداني يحصل على تلك الدرجة في هذا التخصص، عمل مدرساً منذ 1927م، عُين في كلية غردون مدرساً ثم أمدرمان الوسطى ثم مدرسة بربر وسافر لبيروت. في يوليو 1951م ترقى إلى أستاذ مشارك ثم إلى أستاذ بروفيسور عام 1955م صار عميداً لكلية الآداب وهو أول سوداني يتولى عمادة كلية في جامعة الخرطوم. أحمد حسين الرفاعي: ولد في أمدرمان عام 1926م تخرج من مدرسة أمدرمان المتوسطة عمل بمصلحة الارصاد الجوي في وظيفة راصد جوي ثم استيعابه في الطيران المدني ترقى لوظيفة رئيس مكتب الارصاد في عطبرة ثم نقل للخرطوم وترك الخدمة بعد محاكمته بستة أشهر لمشاركته في مظاهرات ضد قيام الجمعية التشريعية عام 1948م. عمل سكرتيراً خاصاً للزعيم الأزهري ثم عُين موظفاً بالقصر الجمهوري في عهد الحكومة الوطنية الأولى وعمل بالتجارة في عهد الحكم العسكري (1958م -1964م) ثم عاد لوظيفة الأمين العام للقصر الجمهوري حتى انقلاب مايو 1969م فعاد للتجارة، انتخب عضواً في الهيئة الستينية لمؤتمر الخريجين في الدورة الرابعة عشر. شارك في العمل الوطني بعطبرة وأصيب برصاصة في يده عند قيادته لإحدى المظاهرات. عبد الله عبد الرحمن نقد الله 1915م – 1976م: ولد في مدينة أمدرمان وتخرج من كلية غردون وشارك في إضراب طلاب كلية غردون عام 1931م وقرر مع مجموعة من الطلاب مقاطعة البضائع الأجنبية عامة والبريطانية خاصة فلبس جلباب الدمور وانتعل الحذاء الوطني وامتنع عن تناول السكر حتى وفاته هو من مؤسسي حزب الأمة عام 1945م انتخب عضواً في الهيئة الستينية لمؤتمر الخريجين في الدورات الخامسة والسابعة والثامنة. أتهم بالمشاركة في تدبير أحداث مارس 1954م وقيادة موكب شباب الأنصار لاستقبال اللواء محمد نجيب الذي وصل الخرطوم لحضور افتتاح البرلمان الأول وأراد أنصار حزب الأمة إبراز شعاراتهم وإسماع صوتهم المنادي بالاستقلال وكان تغيير مسار موكب اللواء محمد نجيب سبباً في تجمهر الأنصار بالقرب من القصر الجمهوري مما أدى لصدام مع قوات الشرطة مما أدى إلى حدوث خسائر بشرية من الجانبين وحوكم بسبع سنوات ثم أفرج عنه. كان من قيادات الجبهة الوطنية المتحدة لمعارضة الحكم العسكري الأول وتم اعتقال قيادة الجبهة ونفيهم على مدينة جوبا لمدة ستة أشهر خلال عامي 1961م -1962م ولم يطلق سراحهم إلا بعد ان دخلوا في إضراب عن الطعام والمعتقلون هم عبد الله خليل، عبد الله عبد الرحمن نقد، محمد أحمد محجوب، عبد الله ميرغني، أمين التوم، إسماعيل الأزهري وعبد الرحمن شاخور من أقطاب نادي المريخ الرياضي. ثم اختير أميناً عاماً لحزب الأمة بعد ثورة أكتوبر 1964م. عارض انقلاب 25 مايو 1969م واعتقل عدة مرات وظل معارضاً له حتى وفاته. شهادات للذين عاصروا الحدث ويوم الاستقلال : لو أدركوا كم ناضلنا من أجل الاستقلال لما طالبوا بالتدخل الأجنبي!! شاركنا في إضراب البوليس الشهير وتم فصلنا من الخدمة!! كانت الأرض تدوي ونحن نهتف عاش السودان حراً مستقلا طلبوا منهم العمل في حدائق الإنجليز فقطعوا الأشجار وطن الجدود نفديك بالأرواح نجود وطني لقد تغنى بها الأزهري وعبد الفضيل الماظ ومناضلي هذا الوطن..أبوا لهذا السودان ان يظل مكبلاً بسلاسل الاستعمار ... فثاروا وقالوها كلمة لا للاستعمار وصدقوا الوعد... وكانت كلمتهم حاسمة كالسيف... فكان الجلاء وإنزال علما الاستعمار وجاء مولد شعب واستقلال أمة ليرفرف علم السودان في العلا ... ذُرفت الدموع فرحاً اختلطت الزغاريد والبكاء والهتاف عاش كفاح الشعب السوداني يا لها من ذكريات ويا للرجال وصمودهم نعود بكبسولة الزمان للوراء لعام 1956م لنعايش تلك الأيام على لسان معاصري ذلك العهد عبر هذا الاستطلاع. العم حسن خلف الله رزق: في الثانية والثمانين من العمر جلست إليه ليروي لي عن أروع ذكرياته في 1956م فقال: كنت أعمل في الشرطة برتبة رقيب في عهد الاستعمار ولم يمنعني عملي من القيام بدوري الوطني فانا ابن هذا السودان قمت بقيادة مظاهرات وتم القبض عليّ وكان معي عدداً من الضباط أذكر منهم يحي عمران، أحمد جلي و إبراهيم علي أحمد كما شاركنا في إضراب البوليس السوداني الشهير في عام 1951م وفيه تم فصل عدد من القادة. تم تجنيدنا في الشرطة ونحن صغار وعندما دخل الجيش الإيطالي السودان اصطدمنا معه في القلابات وناضلنا حتى نال السودان استقلاله في عام 1956م وهتفنا من داخل السرايا عاش السودان حراً مستقلا وكنا نهتف في المظاهرات يسقط الاستعمار. وبعد الحكومة الوطنية تم إرجاعنا لوظائفنا وأعيدت لنا كرامتنا وكنا فصلنا من البوليس وتشردنا خمس سنوات بلا عمل ونزلت المعاش في 1974م أبريل وكتب هذه القصيدة: نحن أصل العرب مافينا البضاري نحن أسود فرسان الخلا الجباره وقت الشوف يشوف والحاره توقد ناره سودانية نحن الموت نجيه خياره هيا يا شباب قوم بعجل لا تصيب النكبات والخجل أمنا بالموت والأجل العم محمد يعقوب: كان عمري ستة عشر عاماً عند إعلان الاستقلال كنا برغم سننا ندرك المسؤولية وواجبنا تجاه الوطن وكنا أصغر من في اتحاد العمال أنا ومجموعة معي كانت الأحداث متوالية وتابعنا كل ما يحدث لحظة بلحظة كان الجميع يعمل من أجل السودان وكانت الندوات تعقد في الاتحادات والنقابات ومن كثرتها تشبعنا بالعمل النقابي. وفي صباح 1956م طلع كل الشعب السوداني إلى الشارع و90% من أبناء الشعب يلبسون الجلاليب البيضاء والنساء يرتدين الثياب البيضاء. سكت قليلاً وشرد ببصره وهو يرجع تلك الذكريات الرائعة ثم واصل قائلاً: كانت الجماهير زاحفة على طول خط النيل جاء أبناء الوطن من كل بقاع الأرض من أبوروف والسوق وجيوش من أبناء الشعب تراها على مد البصر وهم يتجهون نحو السرايا سيراً على الأقدام وكنا نهتف بقوة وتهتز الأرض مع هتافنا: نحن وراك يا إسماعيل بالروح نفديك يا إسماعيل ونهتف عاش كفاح الشعب السوداني عاش السودان حراً مستقلا الصادق محمد (75) عاماً كل منازل السودانيين كانت لا حديث لها سوى استقلال السودان فلقد لعب مؤتمر الخريجين دوراً كبيراً في نشر الوعي وبث كراهية المستعمر كانت الاجتماعات تعقد اجتماع وراء اجتماع. وكان والدي من كبار رجال الوطن الاتحادي وكانت ثلاثة أكبر نقابات عمالية هي نقابة النقل الميكانيكي، نقابة المخابرات ونقابة النقل النهري وأذكر من الشخصيات الوطنية البارزة من نقابات العمال محجوب الزبير، عثمان الحاج وعبد الله عبد الرحمن كان يتم اعتقالهم باستمرار كنا نخرج في المظاهرات ونهتف يسقط الاستعمار ولا أنسى ذلك اليوم 1956م عند إعلان الاستقلال استيقظنا مبكراً وكان معي مجموعة من أولاد الحلة اتجهنا صوب كبري الخرطوم بحري واستغرق عبور الكبري زمناً كبيراً لأن الألوف من أبناء السودان كانوا يتجهون نحو السرايا ووقفنا في محل جامعة الخرطوم الآن لم نستطع التقدم أكثر من ذلك من كثرة الناس وتحدث مناضلي أبناء الوطن تحدث السيد عبد الرحمن المهدي، مبارك زروق والأزهري ومحمد أحمد محجوب وعبد الله خليل وتقدم محمد أحمد محجوب ومبارك زروق وأنزلا علم الاستعمار (البريطاني المصري) وتقدم الأزهري ورفع علم السودان ورفرف العلم فرفرت قلوبنا فرحاً. وحملت كل مجموعة أعلاماً ورفعنا في كل منزل علم السودان وكلما وجدنا علم السودان مرفوعاً في المؤسسات الحكومية وقفنا نتأمله وصرنا نردد في كل مكان نشيد الشاعر عثمان الشفيع: وطن الجدود نفديك بالأرواح نجود وطني. الحاجة مريم صديق.... عندما سألتها عن ذكريات الاستقلال قالت لي الله يا بتي ديك أيام مافي أحلى منها أيام كل السودانيين كانوا يريدون إخراج المستعمر كنا نحن النساء نتابع ما يحدث ومنزلنا كان مفتوحاً للاجتماعات تحول الصالون لخلية من النحل رجال يدخلون ويخرجون نحن نعد لهم الطعام والشاي والقهوة. أذكر يوم الاستقلال جيداً خرجنا جميعاً للشارع كباراً وصغاراً كنا نزغرد ونهتف عاش كفاح الشعب السوداني كان يوماً ذُرفت فيه دموع الرجال وما أغلاها من دموع كانت الفرحة لا تسعنا زوجي كان يعمل في الشرطة وكانوا يحدثوني عن نضال الرجال والجمعيات الوطنية الاستعمار بغيض لنفوسنا. عثمان الشيخ: هاهو الاستقلال يعود لنعود بالذكريات لأيام النضال والكفاح كنا جميعاً ننسى كل شئ ونذكر السودان فقط ليس كما يحدث الآن كل جماعة تريد مصلحتها. لو كان هؤلاء يدركون كم تعبنا وناضلنا من أجل الاستقلال لما طالبوا بالتدخل الأجنبي لكنهم وجدها جاهزه. إن الاستعمار لوكان جيباً لما أخرجناه في 1956م لكنه بغيضاً فكيف ونحن أحفاد المهدي والأزهري نطالب بحماية من أعدائنا الذين نهبوا خيرات بلادنا وقتلوا جدودنا. أي عار الذي جلبناه لوطننا أما ذكرياتي عن ذلك اليوم الحبيب لنفس كل سوداني أذكرها تماماً خرجنا ونحن نهرول نحو السرايا وقفنا في خشوع ونحن نحي العلم وسالت دموعنا ونحن نراه مرفرفاً لن أستطع ان أصف لك تلك اللحظات فهي لا توصف كنا نهتف ونبكي في آن واحد والزغاريد تعبّر عن الفرحة آه يا بنتي ما أروع الحرية إنها لاتقدر بثمن فليعش السودان حراً مستقلا. الحاجة رقية أحمد: عندما سجن الأزهري أولادنا أولاد الفاشر أحضروا طاقة قماش أسود وقصوها قمصان ولبسوها وخرجوا في مظاهرات تحركوا من جوار الجامع الكبير وضربوهم عساكر الإنجليز بالبمبان أولادنا اتلقوا البمبان ورجعوه للعساكر ومن أولاد الفاشر الشجعان إبراهيم كباشي، وود الإمام عبد الماجد والسيد بدوي ضربوا الإنجليز ورموهم من حصينهم دخلوهم السجن وسألوهم الإنجليز دايرين حاجة؟ قالوا الموت خلونا نحن نصلي ولما نركع اقتلونا ولم يقتلوهم ودوهم يشتغلوا في جناين الإنجليز قاموا قطعوا الشجر كله ودوهم السجن. وحضرنا المحاكمة وكانوا بدخلوهم اثنين اثنين على القاضي ولما دخلوا أول اثنين رفعوا العمم وقالوا لينا يا أمهاتنا وحبوباتنا تمرقوا من دين النبي كان ما زغرتوا زغردنا ونحن بنبكي في نفس الوقت سألهم المفتش إنتو مالكم قالوا ليه دايرنكم تطلعوا الأزهري من السجن؟ قال ليهم إنتو بتعرفوا الأزهري برد عليه السيد موسى ود السيد الأزهري ده جزمة أحسن من وشك وتم الحكم عليهم بالسجن وأذكر كان هنالك رجل اسمه هاشم الخليفة هو رجل كبير طلع ونزل العلم الإنجليزي من المديرية وحرقوا ورفع العلم السوداني
وعندما جاء الاستقلال فرحنا وبكينا وزغردنا والبنات دقوا الدلوكة وعلقوا علم السودان في كل بيت وذبحت الذبائح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.