الخرطوم (smc) انتقد المبعوث الأمريكي الخاص أندرو ناتسيوس دعاوي المجموعات الناشطة ضد السودان في محاضرة ألقاها بجامعة جون هوبكنز والتي نظمتها جمعية التنمية الدولية تحت عنوان (التفاوض السلمي في دارفور) متهماً المجموعات الناشطة بأنها جاهلة ووصف الإبادة يجافي حقيقة ما يحدث بدارفور ، متجاهلة الدور السلبي الذي تقوم به المجموعات المتمردة في إذكاء الصراع، مبيناً أن جذور الصراع في دارفور ليست له دوافع عرقية وليس صراع بين العرب والأفارقة لأن بعض القبائل العربية رفضت المشاركة في الصراع بل أن بعضها قدم المأوي والدعم للقبائل الإفريقية. أثارت مداخلت ناتسيوس الموضوعية أمام الكونغرس وتصريحاته في جامعة جورج تاون بأن وصف الإبادة يجافي حقيقة ما يحدث في دارفور حفيظة المجموعات الناشطة تجاه دارفور التي رأت فيها تحولا في سياسة الولاياتالمتحدة ومحاولة على حد زعمها لإيجاد غطاء لفشل أمريكا في إقناع الحكومة السودانية بقبول قوات دولية وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي. استهل أندرو ناتسيوس المحاضرة بوصف الواقع الحقيقي في دارفور - على حد تعبيره - يناقض الصورة القائمة التي تبرزها المجموعات الناشطة ضد السودان عن جهل بحقائق الوضع على الأرض وبأطراف الصراع ، حيث تتجاهل عن قصد الدور السلبي الذي تقوم به المجموعات المتمردة في إزكاء الصراع وتدهور الوضع الأمني ، بجانب تشرذم هذه الجماعات التي ينطلق بعضها من مصالح ذاتية الأمر الذي يعقد جهود الوساطة لحل سلمي للنزاع. اعترف بوجود معوقات بيروقراطية للأعمال الإنسانية وصفها بأنها لا ترقي إلى سياسة مقصودة لتعويق العمل الإنساني ، واستطرد بأن المصاعب التي تواجه هذه المنظمات تكاد تعم القارة الإفريقية وبالتالي ليست حكرا على الحكومة الحالية بل هي امتداد لسياسات حكومات سابقة اتبعت ذات النهج منذ حكم الرئيس نميري والصادق المهدي ، المهم لدينا ألا يتم وقف عمل المنظمات الإنسانية في دارفور وبالتأكيد تسهيل انسياب الإغاثة. ذكر بأن الحكومة السودانية تدعم المعارضة التشادية ، كما ان تشاد تدعم المتمردين في دارفور ، وأشار إلى فشل جهود الوساطة بين البلدين ، وأكد بأن حل مشكلة دارفور هو المدخل الصحيح لعلاقات طبيعية بين البلدين ، كما ان استئناف المفاوضات ووقف إطلاق النار تشكل أرضية جيدة للتفاهم وحل الخلافات. خلال شرحه لتطورات الوضع في السودان ، أشاد بمعدلات النمو الاقتصادي السوداني الذي أصبح جاذباً للاستثمارات الخارجية وبشكل خاص العربية والأسيوية وقد انعكس ذلك بشكل واضح في الخرطوم التي تشهد طفرة عمرانية تضعها في مصاف المدن الخليجية وتفوق العديد من المدن الإفريقية. حول جذور الصراع في دارفور ، ذكر بأنه ظل يكرر أن الحرب في دارفور ليست ذات دوافع عرقية وليست بين العرب والأفارقة لأن بعض القبائل العربية رفضت المشاركة في الصراع بل أن بعضها قدم المأوي والدعم للقبائل الإفريقية ، أضاف بأن ما يقلقني هنا هو التصور الخاطئ السائد الذي يختزل الأزمة في البعد العرقي ويتجاهل العوامل الأساسية الاقتصادية والمناخية والبيئية ، استطرد بأن النجاح في المفاوضات الحالية من قبل الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة من شأنه ان يضع الأمور في نصابها الصحيح ويقلل من ضغط الرأي العام ، وطالب بعدم الانسياق وراء العواطف والتحري ومعرفة الوضع على الأرض وليس من خلال التصورات الخاطئة التي تعقد ولا تساهم في الحل. بشأن موضوع المحاكمات في دارفور ، ذكر بأن مواطني دارفور بكل مكوناتهم السكانية لهم وجهة نظرهم في هذا الشأن ، فهم يتحدثون عن تعويضات مادية للأضرار والأرواح التي أزهت ، وعلينا إدراك تصوراتهم بشأن مفهوم العدالة ، قد لا نتفق مع هذا الفهم ولكن علينا احترام عاداتهم وتقاليدهم ، فهم الذين يختارون الآلية المناسبة لتحقيق العدالة ، وعلينا المساعدة في ذلك باختصار الحل لهذا الموضوع سوداني وتحديدا من داخل دارفور ولن يكون من الخارج. لخص سياسة الولاياتالمتحدة تجاه السودان في التركيز على أربعة محاور أساسية وهي انسياب العمل الإنساني ، حماية المدنيين ، حقوق الإنسان ، واستئناف مفاوضات الحل السلمي للأزمة في دارفور وفقا لاتفاقية أبوجا للسلام مع بعض التعديلات المقبولة لدي الحكومة السودانية ، هنا أشاد بجهود د.أحمد سالم ويا إلياسون وبشكل خاص نهجهما في التركيز على معالجة القضايا وعدم التقيد بالشكليات التي تعوق التقدم نحو الحل السياسي بجانب تنفيذ اتفاق الحل الوسط في أديس أبابا وقمة الاتحاد الإفريقي في أبوجا. من خلال المحاضرة إنها كانت موضوعية وعبرت عن خبرة ودراية عميقة بالوضع في السودان حاضره وماضيه وبشكل خاص عادات وتقاليد أهل دارفور بشأن تحقيق العدالة خلافاً للمفهوم الغربي الذي يركز على الجانب القضائي ولا يعير اهتماما للأبعاد الاجتماعية. انتقد حركات التمرد وحملها مسئولية تدهور الوضع الأمني وتحديدا سلب ونهب قوافل الإغاثة ، وبالتشرذم نتيجة مصالح ذاتية ضيقة لا تخدم قضية دارفور. أشاد بالسياسة الايجابية التي انتهجها روبرت زوليك وأكد استمراره على هذا النهج ، وامتدح جهود الوساطة الحالية ، ووصف اللقاء الأخير مع قادة التمرد في دارفور بأنه ناجح لأنه سبقه تنسيق مع الحكومة السودانية وأضاف بأن يقف شاهدا على إمكانية الانخراط الايجابي وخطوة نحو الحل السياسي. مواقف ناتسيوس الموضوعية وخاصة نفيه وجود إبادة في دارفور أثارت ردود أفعال واسعة من عدة جماعات ناشطة رأت فيها تحولا في سياسة أمريكا تجاه السودان ، وانطلقت في حملة تعبئة عامة تستهدفه شخصياً وهو يقود جهوداً متواصلة للرد عليها في مناطق نفوذها سواء في الكونغرس أو في الجامعات مثل جامعة جورج تاون ، وجون هوبكنز وفي مراكز البحوث حيث يشارك مع الأخضر الإبراهيمي وآخرين في ندوة حول مهام حفظ السلام في القرن الحادي والعشرين في معهد السلام الأمريكي بتاريخ 23 فبراير الجاري.