تعرضت الحركات المسلحة الدارفورية خلال الفترة الأخيرة لعوامل كثيرة كانت خصماً علي رصيدها ووجودها في خارطة العمل المسلح ، بدءاً بالهزائم الكبيرة والمتلاحقة التي نالت من قواتها ومستوي عتادها وتكوينها ، حيث واجهت الحركات الدارفورية المسلحة خلال العامين الماضيين هزائم كبيرة ومتكررة جعلتها تعيش حالة من عدم التوازن خلفت اثاراً سالبة تمثلت في حدوث كثير من الصراعات والإنشقاقات داخل هذه الحركات . وساهم التحول الكبير في وضع الحركات علي مجمل الأوضاع في دارفور التي باتت تشهد استقراراً امنياً في ولاياتها الخمس وبدأت تتجه نحو ارساء دعائم التنمية والأمن الإجتماعي وتمتين اواصر العلاقات الإجتماعية بين القبائل، وادي إعلان القوات المسلحة بإن دارفور خالية من التمرد بشهادة المجتمع الدولي الي تراجع كثير المتمردين عن مبدأ حمل السلاح ، في ذات الوقت الذي استجابت فيه اعداد كبيرة من الحركات الي نداء السلام وشاركت في الحوار الوطني الذي جري مؤخراً. معلوم أن حركة عبد الواحد كانت اكثر الحركات المتمردة تعنتاً ولم تستجب للسلام او المنابر التفاوضية وقامت بإنتهاكات عديدة في جبل مرة فيما يختص بمجال حقوق الإنسان، حيث انها تعمدت استخدام المواطنين دروعاً بشرية بصورة اساسية في معاركها ضد القوات المسلحة، بجانب انها قامت بإستخدام القري بالجبل كملاجيء لها لنصب كمائن من داخل هذه القري وتعريض حياة المواطنين للخطر ، بالإضافة الي الإنتهاكات الأخري التي تقوم بها من اعمال النهب والسرقة لممتلكات المواطنيين وفرض الرسوم عليهم بقوة السلاح واعمال التجنيد الإجباري واعتقال وقتل كل من يقف في طريقها. ويقول احد نظار جبل مرة ويدعي يعقوب موسى أن حركة عبد الواحد بعد فقدانها لمواقعها الإستراتيجية عمدت الي احتجاز المواطنين في بعض المناطق ووضعهم كرهائن والقيام بتحصيل الرسوم ، بجانب عمليات النهب لممتلكات المواطنين ومواشيهم لتوفير الغذاء لما تبقي من جنود الحركة. ويضيف موسى إنه بعد الهزيمة الأخيرة التي فقدت فيها حركة عبد الواحد اخر معاقلها بجبل مرة، حاول بعض فلولها استرداد مواقع الحركة في الجبل بالتركيز المباشر على مهاجمة مواقع القوات النظامية، لكنها كانت تفشل في هذا الأمر. وابان ان حركة عبد الواحد فقدت تأييدها وسط المجتمع الدارفوري نتيجة للممارسات السالبة التي قامت بها ضد المواطنين، موضحاً انها درجت على نهب مواشي المواطنين والتعرض للذين وقفوا مع القوات المسلحة لدحر فلول الحركة. وافقدت الإنشقاقات التي صاحبت مسيرة الحركات المسلحة في ولايات دارفور خلال الفترة الأخيرة التوازن، مما دفعها للقيام بعمليات الإرتزاق من خلال مجموعاتها المتفرقة في بعض الدول المجاورة كما تقوم بممارسة عمليات التجنيد القسري. وقد وجدت حركتي مني وجبريل ضالتهما في ليبيا عند إندلاع الحرب فيها وتحولت تلك الحركات الي مجموعات مرتزقة. سجلت منظمات في دارفور استمرار اعتراض القوافل التجارية ونهب ممتلكات المواطنين الشخصية والأموال وغيرها ، كما أن الحركات قامت بالأستيلاء علي عدد من العربات المحملة بكميات من السكر والإسبيرات والإطارات والمواد التموينية وسرقة المواشي وقتل المواطنين الذين يتصدون لها، وهي العمليات التي قلت خلال الأونة الأخيرة بعد نجاح السلطات في التصدي لهذه الممارسات وبسط الأمن والإستقرار. ويوضح احمد ابكر القيادي المنشق من حركة العدل والمساواة أن الممارسات والإنتهاكات التي قامت بها الحركات المتمردة في دارفور ضد المواطنين تلقى رفضاً واسعاً من قبل المكونات السياسية والأمنية والإجتماعية التي طالبت الأممالمتحدة ومجلس حقوق الإنسان ومجلس السلم والأمن الأفريقي بوضع حد لتلك الإختلالات ، مضيفاً أن الحركات المتمردة لم تكتف بمقاتلة الحكومة حيث ذهبت الي ابعد من ذلك حيث قامت بالتعاون مع الشبكات العاملة في تهريب البشر نظير مقابل مادي . ويبدو أن تراجع دولة جنوب السودان جوبا عن تقديم الدعم اللوجستي والمادي لحركتي مني وجبريل ابراهيم ووفاءها بالتزاماتها في هذا الجانب سيكون له دور كبير احتمال انهيار جزء كبير منها ، كما يرجح أنها ستتحول الي جماعات متفرقة تسعي لتوفير قوت يومها في صراعها من اجل البقاء.