حراك كبير يشهده قطاع الدواء الفترة الحالية بسبب قرار زيادة أسعاره، فقد شكا كثير من المرضى من صعوبات الحصول على الأدوية بعد ارتفاع أسعارها بنسبة وصلت في بعض الأحيان إلى ثلاثمائة في المائة، إلا أن الدولة تدخلت بقوة وقررت إلغاء قائمة أسعار الدواء التي أصدرها المجلس القومي للأدوية والسموم، مؤخراً والتي صاحبها الكثير من الجدل بسبب أن الزيادة طالت حتى ادوية الأمراض المزمنة والمنقذة للحياة ، كما شرعت في فتح بلاغات في العديد من شركات الأدوية التي تلاعبت في المبالغ المخصصة لاستيراد الأدوية. ويرى المراقبون أن التوجهات الأخيرة للدولة وإلغاء قائمة أسعار الأدوية ومحاسبة الشركات، من شأنها الإسهام في تثبيت الأسعار ووفرة الدواء، في ذات الوقت الذي طالبوا فيه بضرورة الرقابة والمتابعة الدقيقة لأدوية التأمين الصحي المدعومة حتى لاتتسرب للصيدليات والتجار. قائمة جديدة وقبل أيام أوضحت وزارة الصحة أن الغاء قائمة التسعيرة للأدوية التي أصدرها المجلس القومي للادوية والسموم، لجهة أنها حوت أدوية لم يشملها التسعير، وقال بحر إدريس أبوقردة وزير الصحة الإتحادي، أن ادوية الأمراض المزمنة والمنقذة للحياة لم ولن تتأثر وأسعارها كما هي في السابق وأن العلاج المجاني مستمر، وكشف عن تكوين لجنة لتحديد أسعار جديدة، وأوضح أن الزيادة التي سببتها القائمة التي صدرت مؤخراً وتم الغاؤها لم تكن منطقية، وأكد أن الدولة مستمرة في سياساتها المعلنة في دعم وتحمل كل الادوية داخل التأمين الصحي، مشيراً إلى أن 42% من المواطنين منضوين تحت التأمين الصحي وأن 80 % من سكان ولاية الخرطوم تشملهم الخدم، وكشف أبو قردة عن إدخال (7) آلاف أسرة في التأمين الصحي في العام 2017. تدابير رقابية وقال ابو قردة ان (200) مليون دولار هي حوجة السودان للادوية، وان السودان ليس له عجز في دفعها وكشف عن تدابير لمراقبة الدواء في الفترة القادمة مشيرا الى ان السوق كانت به ادوية مدعومة كان يجب ان تباع بالسعر المدعوم ولذلك سيتضح من خلال اللجنة التي كونت حجم الادوية نفسها التي لا يفترض أن تباع بالتسعيرة الجديدة وكمية المبالغ التي دخلت جراء ذلك. وبشأن الحصار الاقتصادي القسري على السودان قال الوزير إن الدراسة التي صدرت بعد زيارة المحقق الخاص أثبتت أن أكثر القطاعات تأثراً من هذه العقوبات هي قطاع الصحة وهذا يتناقص مع قوانين حقوق الانسان لان الصحة احد الحقوق التي يجب ان ينعم بها المواطن وقال ابو قردة ان الدولة متابعة لبرنامج الصحة وتنفيذ السياسات وقادرة على اتخاذ القرارات للاصلاح. تلاعب شركات وكانت وزارة العدل قد شرعت في محاسبة 34 شركة أدوية تلاعبت في مبلغ 230 مليون دولار تسلمتها من حصيلة الصادرات غير البترولية المخصصة لاستيراد الأدوية. وأكد وزير العدل مولانا عوض الحسن النور، اكتمال التحريات مع بعض شركات الدواء، وأسماء الأعمال لمستخدمي حصيلة الصادر في غير أغراضها، لافتاً إلى استمرار التحري في عدد من البلاغات. وكشف وزير العدل عن استرداد لجنة التسوية التي تم تشكيلها من قبل وزارة العدل مبلغ 11 مليون دولار من أموال حصيلة الصادر من بعض الشركات، اضافة الى استرداد اكثر من 16 مليون درهم إماراتي، من البنوك التي ثبت تورطتها فى القضية. كما توقع استرداد ثلاثة ملايين يورو خلال الأسبوع الجاري من بعض الشركات. وكان بنك السودان المركزي، قد أصدر في شهر يونيو الماضي، منشوراً حظر بموجبه 34 شركة أدوية من التعامل المصرفي كلياً لمخالفتها المنشور الخاص باستغلال نسبة 10% من الصادرات غير البترولية المخصصة لاستيراد الأدوية في أغراض أخرى غير استيراد الدواء. وأوضح منشور البنك المركزي أن الحظر على الشركات يشمل التعامل المصرفي مع كافة البنوك والمؤسسات المالية (حظراً كلياً) وأكد المركزي أنه رصد مخالفات للشركات باستغلالها نسبة (10%) من النقد الأجنبي في أغراض أخرى غير استيراد الدواء. وشرع البنك المركزي بتحريك إجراءات جنائية ضد شركات أدوية أساءت استخدام النقد المخصص لاستيراد الدواء دون زيادة وقطع وزير الدولة بوزارة المالية د. عبدالرحمن ضرار بأن الدولة ماضية في تحمل مسؤلياتها نحو دعم القطاع الصحي والشرائح الضعيفة ، وأكد في هذا الصدد أن هناك مساع جارية مع الجهات المختصة لضبط أسعار الدواء ومراجعة الجوانب المتعلقة بتسعيرة الدواء بعد الإجراءات الاقتصادية الاخيرة ،وأضاف أن سعر الدواء الذي يقدم عبر خدمة التأمين الصحي الذي يغطي حوالي 42٪ من المواطنين في المركز والولايات سيظل كما هو دون زيادة ، وأكد التزام وزارة المالية بسد فرق السعر في الدواء المخصص للتأمين الصحي والذي تبلغ تكلفته حوالي 3،2 مليار جنيه ، بجانب مواصلة الدولة دعمها للعلاج المجاني الذي يغطي الأطفال دون سن الخامسة والسرطان وغيرها من الأمراض بتكلفة تصل لمليار وسبعمائة وسبعين الف جنيه في العام ، وشدد د عبدالرحمن ضرار علي أن الإصلاحات الاقتصادية ستأتي أكلها قريبا مثمنا تفهم المواطنين للدواعي التي أدت لإعلانها .. إلتزام بالأسعار فيما أعلن الصندوق القومي للإمدادات الطبية، عن ترتيبات لافتتاح 70 صيدلية بولايات السودان لبيع الدواء للمواطنين بأسعار مناسبة. ووجّه الصندوق، الولايات بالالتزام بالأسعار المحددة، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تأتي في إطار تخفيف العبء على المواطنين .وأكد المدير التنفيذي للصندوق د. شيخ الدين عبد الباقي، توحيد أسعار الدواء بالصيدليات في جميع أنحاء السودان، بالإضافة لتثبيت أسعار الأدوية كأدوية الضغط والسكري رغم ارتفاع الدولار. ونوَّه إلى أن الصندوق ظل في حالة متابعة دقيقة لوضع الدواء عقب تحرير سعر دولار الدواء الذي ألقى بظلاله على الأسعار. ويرى مراقبون أن زيادة أسعار الأدوية ستفاقم من معاناة محدودي الدخل وارتفاع الأسعار التي تجتاح الأسواق. وأكدوا على ضرورة دعم خدمات التأمين الصحي الذي وصفوه بأن عمله ليس بالقدر المطلوب، بجانب إدخال المزيد من الأدوية تحت مظلته.