أحمد سامي – التقرير في أغسطس من العام 2013، منعت السعودية طائرة الرئيس السوداني، عمر البشير، من عبور أجوائها في طريقها إلى إيران.. هذه الحادثة عبّرت بوضوح عن تردي العلاقات بين الخرطوموالرياض من جهة، والتقارب الكبير الذي جمع السودان بإيران من جهة أخرى. لكن هذه الحادثة أصبحت صفحة من الماضي البعيد، فالعلاقة المتوترة بين السعودية والسودان تبدلت بشكل جذري خلال ساعات تاريخية معدودة، وحلت مكانها علاقة صداقة وتعاون وثيق، لم تقرب فقط بين البلدين، بل جعلت السودان يشارك في تحالف "عاصفة الحزم"، الذي تقوده السعودية في عملياتها العسكرية ضد المتمردين الحوثيين، والقوات الموالية للرئيس علي عبدالله صالح في اليمن. أراض مجانية أفلح تقارب العلاقات بين السودان والسعودية في زيادة احتمالات إنعاش اقتصاد السودان، بعد التوقيع في قمة بين البلدين على مجموعة اتفاقيات اقتصادي،ة في مجالات السدود والزراعة، لخدمة حاجات البلدين على السواء. وفي انتقال، وصفه اقتصاديون بالمهم، وجد السودان طريقا للحصول على تفاهمات استراتيجي،ة تكللت بتوقيع الرئيس السوداني عمر البشير والملك سلمان بن عبد العزيز، على أربع اتفاقيات لتمويل سدود الشريك، ودال، وكجبار، في شمال السودان، واتفاقية أخرى تقضي بزراعة نحو مليون فدان من الأراضي، على ضفاف نهري عطبرة، وستيت في شرق السودان. ووفق وزير المالية السوداني، بدر الدين محمود، فإن حجم التمويل المرصود للاتفاقيات الأربع، بلغ مليارا وربع المليار دولار، بجانب توفيره نحو خمسمئة مليون دولار لمشروعات المياه. كما عرض السودان تسهيلات جديدة للمستثمرين السعوديين، الراغبين في تنفيذ مشروعات زراعية وحيوانية في البلاد، تصل إلى منح الأرض المستثمر عليها مجانا، وأوضح عبد الحميد موسى كاشا، والي ولاية النيل الأبيض في السودان، أن الولاية تضع كامل قدراتها الاستثمارية، الزراعية منها والحيوانية، وبتسهيلات متميزة، أمام المستثمرين السعوديين. وأكد الوالي، خلال لقاء رجال الأعمال في غرفة الرياض السعودية الأحد 4 ديسمبر، أن السودان يعد رافدا من روافد التصدير الحيواني قبيل فترة الحج، وأشار كاشا إلى أن الولاية تملك مساحات شاسعة يمكن أن تعطى بتسهيلات ضخمة، قد تصل إلى مجانية منح الأرض المستثمر عليها. اتفاقيات مشتركة أستاذ الاقتصاد في جامعة السودان، عبد العظيم المهل، يعتقد أن العلاقات السودانية السعودية "أصبحت في أحسن حالاتها، بعد هجرة الأول من الحلف الإيراني إلى الحلف العربي"، معتبرا أن ذلك من شأنه أن يسهم بقدر كبير في تطور الاقتصاد السوداني إلى الأفضل. ويقول إن هناك نحو سبعة مليارات ريال سعودي، هي حجم تحويلات المغتربين السودانيين في المملكة العربية، بجانب الاتفاقيات والتحويلات الرسمية الأخرى، "هي جزء من حجم العائدات المالية على الاقتصاد السوداني من السعودية". ويشير إلى أن الاتفاق الأخير، "ذهب نحو الاستثمار في البنى التحتية، بما يؤكد الرغبة في اتباع نهج جديد لمعالجة مشكلات التنمية في السودان"، مشيرا إلى ارتفاع الاستثمارات السعودية إلى نحو 22.5 مليار ريال في بعض المشروعات المهمة بالسودان. وتوقع في تعليقه ل"الجزيرة نت" أن توفر الاتفاقيات الجديدة نحو 370 ألف فرصة عمل في مجال الزراعة، مقارنة ب13 ألف فرصة عمل توفرها الحكومة السودانية، مشيرا إلى أن ذلك إذا ما تم تنفيذه بالكامل "فسيكسر حاجز الصادرات إلى السعودية، خصوصًا في مجالات المنتجات الزراعية عالية الجودة". ويبدي أستاذ المعاملات المالية الإسلامية في جامعة أم درمان، محمد سر الختم، تفاؤله بإمكانية تحقيق الاتفاقيات كثيرا من المكاسب لاقتصاد البلدين على السواء، ويرى أن التقارب بين الخرطوموالرياض -أيا كانت درجته- سيدفع اقتصادهما إلى النمو، واستفادة كل منهما من قدرات الآخر، ويرى أن هناك إمكانيات سودانية هائلة "تنقصها الإمكانيات المادية"، لافتا إلى إمكانية نجاح التجربة "في ظل تدهور الاقتصاد السوداني، بسبب القروض غير المتوازنة التي ظل يتعامل بها سابقا". عن موقع (التقرير)