سونا ظلت قضية النفط السوداني تشكل عاملا مهما وحاسماً في مسيرة العلاقة بين الشمال والجنوب ، وحظيت بقدر كبير من النقاش خلال المحادثات التي أفضت لتوقيع اتفاقية السلام الشامل الذي شكل إتفاق قسمة الثروة لحمته وسداه. فبالرغم من أن الاتفاقية قد قسمت الثروة النفطية المنتجة في الجنوب بنسبة محددة بين المستوى القومي ، وحكومة الجنوب ، ومناطق الإنتاج ، إلا أن بعض المؤثرات الداخلية والخارجية ظلت تلعب أدواراً فاعلة في خلخلة العلاقة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية مدا وجزراً وهذا ما يؤكد مدى الصراع حول حقيبة وزارة النفط أبان تشكيل حكومة الوحدة الوطنية عقب اتفاقية نيفاشا ، حتى تم حسم الأمر مؤخرا بتولى المؤتمر الوطني للوزارة فيما احتفظت الحركة الشعبية بمنصب وزير الدولة. ولعل المؤثرات الخارجية من خلال الدوائر المعادية للسودان والتي استغلت عامل النفط في تأجيج الصراع في السودان ظلت تتحين الفرصة تلو الأخرى للإيقاع بشريكي الحكم في السودان وذلك من خلال التشكيك المستمر في الكميات المنتجة من النفط ، ولعل آخر هذه المحاولات التقرير الذي صدر مؤخرا من منظمة ( قلوبال وتنيس ) الذي أفاد باختلاف الأرقام المتعلقة بإنتاج النفط بين ما تعلينه وزارة الطاقة ، والشركة الصينية التي تتولى التنقيب بمربعات 1،2،4 بولاية الوحدة حيث اشار التقرير الي أن الإنتاج الكلي للشركة 270 الف برميل وفقاً لمعلومات شركة CNPC الصينية ، مقابل 245 الف برميل المعلن من قبل الوزارة. فتصدت وزارة الطاقة والتعدين للتقرير عبر وزيرها الزبير أحمد الحسن الذي فند المعلومات الواردة فيه و دحضها وقطع في الوقت نفيه بصحة المعلومات التي تنشرها وزارته حول إنتاج النفط مؤكدا على إعمال الشفافية في كل ما يلي الصناعة النفطية بالبلاد. ووصف الزبير التقرير بأنه ليس بجديد في مسيرة التشكيك المستمر من قبل بعض الدوائر المعادية للسودان من خلال احتوائه على محاولات ذكية للتشكيك وهو معنون بطريقة مثيرة للحرب وأن إتجاهه إعلامي. وأضاف الوزير أن وزارته تتولى مع رئاسة الجمهورية ومفوضية البترول الرد وتوضح كافة الحقائق المتعلقة بإنتاج النفط مؤكدا في الوقت نفسه تعاون وزارته مع الجهات الفنية المعروفة وذلك من واقع الحفاظ على اتفاقية السلام الشامل. وأشار الوزير الي وجود حكومة الجنوب المستمر في كافة المؤسسات المعنية بالنفط ممثلة في مفوضية البترول ووزارة الطاقة ووزارة المالية وبنك السودان المركزي والمجلس الوطني. إن مهمة توضيح الحقائق المتعلقة بإنتاج البترول السوداني تقع على عاتق وزارة الطاقة إعمالاً للشفافية وسدا للذرائع خاصة في ظل استخدام البترول في تمرير الأجندة السياسية بخلق البلبلة وإثارة الفتن بين شريكي الحكم ، ولا سبيل لمواجهة هذه الحملات التشكيكية الا بمزيد من التوضيح وإجلاء الحقائق ، وحينها يمكن الاطمئنان على مستقبل الشراكة من جانب ومستقبل العلاقة بين الشمال والجنوب وحدة أو إنفصالاً من جانب آخر.