قاعة الصداقة (smc) كلمة السيد/ محمد جسام الصقر رئيس البرلمان العربي الانتقالي في مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الدورة العادية (18) الخرطوم 28-29 مارس / آذار 2006 سيادة الرئيس عمر البشير رئيس جمهورية السودان رئيس المؤتمر أصحاب الجلالة والسمو، أصحاب الفخامة والسيادة ألاخوة والأخوات الأكارم لا انكر أني أكاد أنوء تحت هيبة المناسبة ورهبة المسؤولية، حين أذكر أني أشرف بمخاطبة مقاماتكم السامقة وقمتكم الشامخة ممثلاً لأول برلمان عربي، لأرفع إليكم تحية هذا البرلمان أعضاء ورئاسة ومؤسسة، وتقديره العميق لقراركم التاريخي في قمة الجزائر لإنشائه تعبيراً عن نظرتكم الثقافة بأن الديمقراطية ممثلة بالبرلمان العربي أضحت ركنا ًرئيسياً من أركان العمل العربي المشترك، وشرطاً اسياسياً لتحقيق أهدافه ولأرفع إليكم أيضاً تمنياتنا الصادقة بنجاح قمتكم. سيادة الرئيس قادة الأمة ليس منا من لا يشعر بقلق عميق لتعثر خطى التكامل والإصلاح والتقدم في منطقتنا العربية، رغم صدق الجهود وتوفر الامكانات، ورغم كثرة المجلاس والهيئات والمؤسسات، وليس بيننا من لم يدل بدلوه في تفسير هذه الظاهرة الخطيرة والمتواصلة ، فبعضاً يردها الى غياب الديمقراطية وارتفاع مستويات البطالة وانتشار الفساد وبعضنا يعزوها الى تأصل العصبية بمختلف وجوهها وفريق ثالث يضع كل المسؤولية على الدول الأجنبية والظروف الدولية. واني لأزعم هنا ان كلا من هذه الآراء قد حالفه مقدار من الصواب. واني لأزعم ايضا ان كل هذه الآراء لم تحظ بشمولية النظرة حين وقفت عند فروع الظاهرة، ولم تحاول ان تحفر في أعماقها وأعماقنا لتصل الى جذورها فكل هذه الأسباب في رأيي المتواضع تنبثق من أصل واحد هو ضعف روح الأمة. وضعف روح الأمة يتمثل فيما يتمثل بتعظيم "الآنا" على حساب الإحساس بالغير ، وتقديم الخاص على العالم والقطري على القومي ، واختيار الحلول السهلة قصيرة المدى قليلة الجدوى، تهيباً للمعالجة الشاقة والجذرية. وضعف روح الأمة يتمثل فيما يتمثل بكثافة الجهد وقلة المردود ، والاهتمام بالشكل على حساب المضمون والابتعاد عن الهدف في زحمة التنافس على الأسلوب. وتجاوز معالم الطريق من كثرة الإلتفات الى الوراء. وبذلك تعثر خطانا كلما اشتدت علينا رياح التغيير. لأننا نسير متفرقين نحاذر بعضنا بدل أن نحذر عدونا. من هنا سادت أجواء مناقشات واطروحات البرلمان العربي حول نظامه الداخلي توافق عام على ان مسئوليته القومية والأخلاقية هي في جوهرها الأساسي وفي غايتها النهائية ، العمل على إذكاء روح الأمة. وان النهوض بهذه المسئولية القومية والأخلاقية يقتضى ان يعمل البرلمان العربي على ثلاثة محاور متوازية: أولها ، استعادة ثقة المواطن العربي بالعمل العربي المشترك ومؤسساته، وذلك من خلال التعامل معه كممثلين لإرادته لا أوصياء على قراره. ومن خلال ان يعمل أعضاء البرلمان العربي متعاونين متكاملين كمجموعة واحدة لتحقيق مصالح الأمة، لا كمتنافسين للفوز بأكبر قدر من المصالح القطرية. والمحور الثاني ، هو تعميق مفهوم الديمقراطية، والانتقال به من مستوى الشعار والتنظير الى صعيد التنفيذ والتدبير. فالديمقراطية لا تختزل بصندوق انتخابي ومجلس نيابي ، بل هي ضمان لكرامة المواطن وحقوقه من خلال سيادة القانون واستقلال القضاء وحرية الرأي. والديمقراطية أداة أمن وأستقرار من خلال ترسيخ العدل وكبح التطرف، وحماية حقوق الأقلية في إطار احترام المعتقدات والرموز والأخلاق. والديمقراطية شرط للتنمية العادلة والمتوازنة من خلال تكافؤ الفرص وإبداعية المنافسة. ومحاربة الاحتكار بكل أشكاله، واخطرها احتكار الحقيقة. والمحور الثالث، هو الإصلاح بابعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية بمضمونه الأخلاقي والإداريى والنقابي . وباعتبار الإصلاح هماً وطنياً وقومياً ومطلباً دولياً وشرطاً لبناء نظام مستقر. فاستقطاب الدعم الدولي لقضايانا يتوقف على إصلاح بيتنا واحترام أنفسنا والحفاظ على وحدة صفنا. لكي نستطيع ان نقف بقوة وحزم تجاه ما نتعرض له من تشويه لعقيدتنا وتاريخنا. سيادة الرئيس قادة الأمة إننا في البرلمان العربي ندرك تماماً ان مسؤوليتنا القومية والأخلاقية بمحاورها الرئيسية الثلاثة أخطر وأكبر من أن ننهض بها ما لم نحظ بثقة شعوبنا ودعم قادتنا وإذا كانت ثقة الشعوب مرهونة بحسن أدائنا ورشاد نهجنا وجرأة وحكمة آرائنا ، فإن دعمكم يعكس قناعتكم بدور الشورى والمشاركة الشعبية في بناء القرار العربي ونجاحه. وأننا على يقين بأن مبادرتكم الرائعة في قمة الجزائر بإنشاء هذا البرلمان أكبر دليل على قوة هذه القناعة وثباتها. وأملنا كبير بأن تكرسوا هذه الحقيقة في قمة الخرطوم. لكي تلتقى وتتكامل جهودنا في خدمة أمتنا، تماماً كما يلتقى ويتكامل في الخرطوم ايضاً النيلين الأبيض والأزرق لتشكيل المجرى العظيم. حفظكم الله ورعاكم ، وسدد للخير خطاكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته