آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    مناوي: وصلتنا اخبار أكيدة ان قيادة مليشات الدعم السريع قامت بإطلاق استنفار جديد لاجتياح الفاشر ونهبها    مطار دنقلا.. مناشدة عاجلة إلى رئيس مجلس السيادة    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    مانشستر يونايتد يهزم نيوكاسل ليعزز آماله في التأهل لبطولة أوروبية    تنويه هام من السفارة السودانية في القاهرة اليوم للمقيمين بمصر    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    بعد حريق.. هبوط اضطراري لطائرة ركاب متجهة إلى السعودية    نهضة بركان من صنع نجومية لفلوران!!؟؟    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: لابد من تفعيل آليات وقف القتال في السودان    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    الكشف عن شرط مورينيو للتدريب في السعودية    شاهد بالصورة والفيديو.. في مقطع مؤثر.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تبكي بحرقة وتذرف الدموع حزناً على وفاة صديقها جوان الخطيب    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يلتقي اللجنة العليا للإستنفار والمقاومة الشعبية بولاية الخرطوم    شاهد بالصورة والفيديو.. في أول ظهور لها.. مطربة سودانية صاعدة تغني في أحد "الكافيهات" بالقاهرة وتصرخ أثناء وصلتها الغنائية (وب علي) وساخرون: (أربطوا الحزام قونة جديدة فاكة العرش)    قطر تستضيف بطولة كأس العرب للدورات الثلاثة القادمة    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني في أوروبا يهدي فتاة حسناء فائقة الجمال "وردة" كتب عليها عبارات غزل رومانسية والحسناء تتجاوب معه بلقطة "سيلفي" وساخرون: (الجنقو مسامير الأرض)    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    سعر الدولار في السودان اليوم الأربعاء 14 مايو 2024 .. السوق الموازي    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    أموال المريخ متى يفك الحظر عنها؟؟    قطر والقروش مطر.. في ناس أكلو كترت عدس ما أكلو في حياتهم كلها في السودان    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نص خطاب السيد رئيس الجمهورية عمر حسن أحمد البشير أمام الهيئة التشريعية القومية فى دورة انعقادها الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، ومن تبعهم إلى يوم الدين. الأخ الكريم/ رئيس المجلس الوطني – الموقر الأخ الكريم/ رئيس مجلس الولايات – الموقر الإخوة والأخوات الكرام/ أعضاء الهيئة التشريعية القومية – الموقرة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أحييكم في هذا اليوم الطيب من أيام شهر الرحمة والخير.. ربيع الأول الذي اضاء الدنيا بنور محمد صلي الله عليه وسلم ، سراج الزمان المنير وقمر الدهر التام وربيع الدنيا الدائمن ميلاد النور الذي به تبتسم الدني ويزدهي الخير، وتعم الرحمة والسكينة الأفئدة والصدور.. الشهر الذي يحتفي فيه أهلنا في السودان ويحتشدون في الموالد يعطرون هواء الدنيا بالمديح والتلاوة والذكر ، يكفلون اليتيم ويكسون العاري ويطعمون الطعام ويصلون الأرحام في مودة وإخاء وتسامح. الإخوة والأخوات الأعضاء.. يجئ لقائي بكم اليوم وأنتم تستأنفون دورة الإنعقاد الثانية للهيئة التشريعية الموقرة ، التي وعلى الرغم من قصر الفترة بين خطابي لكم في نوفمبر العام الماضي وبين هذا اليوم بضع أشهر بحساب الزمن.. نشهد أنها قد شهدت من جانبكم ممارسة برلمانية تؤكد نجاعة نهجنا في إتاحة الحرية الكاملة والحوار المسئول في شأن الرقابة والتشريع والأداء العام لأجهزة الدولة.. ونؤكد ونجدد أننا نريد لكم أن تكونوا كما عودتمونا، العين الباصرة، واللسان المسئول والرقيب الحريص على أدائنا خدمة لشعبنا وصيانة للدستور وتنفيذا للقانون.. الإخوة والأخوات الكرام.. لقد شهدت الخرطوم وهي تحتفل بالذكرى الخمسين للإستقلال والعام الأول لتوقيع إتفاقية السلام إنعقاد القمة الإفريقية السادسة والتي رغم الكيد والحصار ومحاولات عرقلة إنعقادها، إنعقدت بالخرطوم ، كأكبر واحدة من القمم الإفريقية حضوراً من قبل رؤساء الدول والحكومات والمنظمات الدولية والإقليمية والتي إستطاعت أن تعزز مكانة السودان إقليمياً ودولياً.. وتنجز مهامها وأجندتها وفق ما أرادت إفريقيا ووفق ما أبتغت وخططت.. وإننا لراضون كل الرضا عن مقررات تلك القمة التي شهد القادة الأفارقة بدقة تنظيمها وبحسن الوفادة والرعاية لكل الوفود. وقد تعززت مكانة السودان أكثر في نطاقه العربي والإفريقي بإنعقاد القمة العربية الثامنة عشرة في الخرطوم التي انفضت قبل أيام بعد أن حققت وبالإجماع العربي إعلان الخرطوم الذي أكد على الدعم العربي والتعاون مع الإتحاد الإفريقي في سعيه لمعالجة الأزمه في دارفور، ومراقبة وقف إطلاق النار وعلى عزم الدول العربية زيادة قواتها وتقديم الدعم المالي واللوجستي اللازم لإستمرار مهمتها.. هذا فضلا عن تأكيده زيادة الإستثمارات وتحقيق الأمن الغذائي العربي من خلال أراضي السودان وإمكاناته. لقد عزز ذلك أيضا دور السودان في الإقليم واصبح عنصراً هاماً في التعاون العربي الإفريقي ممثلاً مكانة بارزة في تعزيز التعاون والأمن والسلام ، وهذه سانحة إنتهزها لأزجي الشكر للقادة الأفارقة والقادة العرب وأصدقاء السودان في كافة قارات العالم للتعاون الكبير الذي شهدناه منهم. لقد شهدت أيها الإخوة والأخوات الفترة الماضية بحول الله وتصميم أجهزتنا خطوات راسخة في تنفيذ إتفاقية السلام والتي نؤكد كما أكدنا أمامكم من قبل حرصنا وإلتزامنا الصارم بتنفيذ كل بنودها الذي يسير بفضل الله وتوفيقه وفق ما جاء في جدول التنفيذ.. وبين أيديكم الآن تفاصيل ما أنجز ، غير أنه من المهم أن أؤكد أمامكم مجدداً أن هذه الإتفاقية كما تعلمون جميعاً إتفاقية تحديات متعددة ، تنحو نحو ترسيخ أرض صلبة وتؤسس لعلاقات سياسية جديدة ، تعيد تشكيل الواقع السوداني وتخلص السودان من الإرث السالب في الممارسات الحزبية والسياسية وتخطو بالسودان نحو آفاق رحبة من المشاركة للقوى الحية في المجتمع أحزاباً وجماعات ومنظمات.. وقد تمكنا عقب التوقيع النهائي على إتفاقية السلام الشامل في يناير من العام الماضي من إجازة الدستور الإنتقالي والذي جاء معبراً تماماً عن بنود الإتفاقية ، كما أنه إمتاز بمشاركة فاعلة من كل ألوان الطيف السياسي عبر مفوضية الدستور والتي حرصنا على إشراك الجميع في عضويتها حتى جاء الدستور الإنتقالي معبراً عن طموحات شعبنا...ثم تمكنا بحمد الله من إقامة كل مؤسسات الحكم على المستوي الرئاسي والتنفيذي في الحكومة الإتحادية حيث جاء تشكيل حكومة الوحدة الوطنية بمعنى الكلمة إذ شارك فيها حوالى الأحد عشر حزباً سياسياً، وأمكن كذلك قيام هيئتكم الموقرة (المجلس الوطني ومجلس الولايات ) وتكوين حكومة السودان وباقي مؤسساتها الرافدة..وإكتملت كذلك أجهزة السلطة في كل الولايات وباشرت مهامها وأنجزت ثلاث عشرة ولاية دساتيرها وستلحق بها قريباً بقية الولايات..وتم تكوين المفوضيات واللجان وفق ما يوضحه أمامكم كشف إنجازات الإتفاقية وعلى سبيل المثال لا الحصر ، فإنه عقب إجازة مجلسكم الموقر لقانون القوات المشتركة تم تشكيل مجلس الدفاع المشترك الذي يرعى إعادة إنتشار القوات وتكوين القوات المشتركة والإشراف الكامل على وقف إطلاق النار عبر المفوضية السياسية لوقف إطلاق النار كذلك فقد إنتظم العمل في كثير من المفوضيات والأجهزة التي تم إنشاؤها في الفترة الماضية مثل المحكمة الدستورية ، المفوضية القومية للخدمة القضائية ، مفوضية التقويم وغيرها من المفوضيات والأجهزة التي أنشأتها الإتفاقية. وستعرض على مجلسكم الموقر في الفترة القادمة مشاريع قوانين للمفوضيات المتبقية. كذلك فقد أُنشئت لجنة الحدود الداخلية بين الشمال والجنوب (1/1/1956م) وإبتدرت أعمالها الإعدادية توطئة لإنجاز مهمتها الحيوية للجوانب المختلفة من إتفاقية السلام. وقد إنسابت الأموال المخصصة لجنوب السودان والولايات المنتجة من عائد إيرادات البترول حسب ما حددة الدستور الإنتقالي، وقد اطمأننا إلى ذلك عقب تلقينا في رئاسة الجمهورية لتقرير مشترك من وزارة المالية الإتحادية ووزارة الطاقة ووزارة المالية في جنوب السودان. ولما كان التخطيط السليم في المجالات الإقتصادية ، الإجتماعية والسياسية لابد له من معلومات دقيقة تساعد في وضع الخطط القصيرة ، والمتوسطة وطويلة الأمد ، فإن إحصاءً شاملاً سينتظم البلاد في السنة القادمة، حسب ما نصت الإتفاقية.. وقد أصدرنا مرسوماً جمهورياً تم بموجبه تشكيل مجلس الإحصاء السكاني والذي باشر مهامه ووضع الخطط اللازمة لإجراء الإحصاء. الإخوة والأخوات الأعضاء.. إن السلام الذي إبتجهنا به سيبقي ناقصا حتي نتمكن من إستكماله بحل مشكلة دارفور.. إن السلام في دارفور، العزيزة على إفئدتنا ، يحتل اليوم رأس أسبقياتنا الوطنية ويأتي في قمة إلتزاماتنا السياسية .. وأسمحوا لي أن أجدد التعبير عن النقاط التالية التي تشكل محاور أساسية لرؤيتنا نحو دارفور:- (1) إن الإرث التاريخي الذي أنبت المشكلة في أساسها لا ينحصر في وعود التنمية الممطولة ، ولا في نزاعات الأرض وشئون ملكيتها واستحقاقاتها ، بل يتعدى إلى الممارسات السياسية والتنفيذية منذ الإستقلال وقبل الإستقلال التي عمقت هوة الثقة وزينت خيارات الصراع والإحتراب الأهلي. (2) إن المعاناة الإنسانية التي أفرزتها الحرب ينبغي أن تنال الأولوية في الأهتمام والمعالجة.. وذلك يعني أن يعود أهل دارفور إلى سيرتهم الأولى ذلك يعني عودة المواطنين إلى مواطنهم وإلى حياتهم الطبيعية إلى زراعتهم ورعيهم وتجارتهم ، كما كانوا دوماً اعزاء بكسبهم كرماء بفيضهم على من سواهم ، لا متسولين أمام أحد ولا عالة على الأغاثات المشبوهة. (3) إن من أكبر أسباب المعاناة الإنسانية هي انقسامات الجماعات المسلحة، وتعاديها فيما بينها ، وعدم استقرار رؤيتها إلى الحل مما يؤدي إلى جر المواطنين الآمنين ليصبحوا ضحايا لتلك الانقسامات والاعتداءات التي لا تخدم إلا أهداف أصحابها المتقلبة. (4) إن أنجع الطرق للمعالجة الإنسانية ليس هو أستدامة الصراع والمعارك ، وليس هو تعطيل الاتفاقات ريثما يستثمر في معاناة أهل دارفور من يحترفون الاستثمار في مآسي الشعوب وانما الدواء الناجع لتلك المأساة الإنسانية هو ما ينصب في علاج جذورها ويحقق التسوية السياسية في أقرب وقت. (5) إن التسوية ينبغي أن تؤسس على ما تأكد الاتفاق عليه ومهرته الأيدي وصدقه العهود. حتى تثبت مرجعيات الحل ، وحتى لا يكون التفاوض بلا أسس ولا ثوابت ..في هذا الصدد تبرز أهمية الاتفاقات الموقعة وفي مقدمتها اتفاقية انجمينا لترتيب الأوضاع الأمنية والتي يجب ان تكون أساساً ومعياراً لأي اتفاق أمني جديد. (6) إن التسوية المستدامة هي التي تحيط بكل مشكلات دارفور ، وهي التي تستوعب جميع أهل دارفور ، فلا قيام ولا دوام لتسوية تهمل حقاً لأحد ، أو تعضل طرفاً في الصراع. وفق تلك الموجهات ظللنا نقدم الحلول تلو الحلول ، أولاً لضبط الأعمال القتالية ووقف إطلاق النار، وثانياً لمعالجة الأحوال الإنسانية، وثالثاً لتطوير المقترحات التي تحقق التسوية السياسية النهائية باعتبارها الضامن الأوحد لإزالة المعاناة الإنسانية، وتحقيق السلام والعدل في دارفور.. من هذه المنطلقات كانت استجابتنا الفورية لكل مبادرة لمسنا فيها صدق النوايا ونزاهة المقصد. وبناءً على ذلك قبلنا الوساطه الإفريقيه كما قبلنا بدور الاتحاد الإفريقى فى تيسير مهمة التفاوض على ذات المثال الذى قبلنا به من قبل مبادرة الإٍيقاد لتكون راعيه لجهود السلام فى الجنوب، حتى تكللت بالنجاح وبتوقيع اتفاقية السلام الشامل. إننا عند ذات الموقف الذي قبلنا به الدور الإفريقي في مشكلة دارفور ، والذي قبلنا بمقتضاه دور منظمة الإيقاد من قبل في حل مشكلة الجنوب ، ونحن نؤمن أن دعم الدور الإفريقي كفيل بأن يؤدي إلى نجاح التسوية في دارفور ، كما نجحت مبادرة الإيقاد من قبل، تأسيساً على ذلك فإننا ندعو إلى دعم الدور الإفريقي والدور العربي المساند له وفق ما قررته القمة العربية في الخرطوم، وندعو أن تصب كل الجهود المساندة من المنظمات الدولية الإقليمية في ذات المصب ، حتى نتمكن من إنجاز التسوية السياسية في أقرب وقت وننهي بذلك معاناة أهل دارفور. الاخوة والأخوات الأعضاء.. من أولويات التشريع في المرحلة المقبلة تصطف أمامنا مهام عديدة وواجبات مركبة من أجل تطبيق الاتفاقيات وتعزيز السلام..وهذه مهمة لا يقتصر أداؤها على السلطة التنفيذية ولكنها مهمة نتعاون عليها جميعاً ونشرك معنا فيها المجتمع ومؤسساته، وهذا يستلزم أن نولي اهتماماً للوظيفة التشريعية باعتبارها جزءاً لا ينفصل من هموم المرحلة التي نستقبلها وأدواتها.. نحن في مجلس الوزراء سنرتب الأولويات التشريعية بحيث تنال اتفاقية السلام الشامل ، مثل القوانين المتعلقة بالمفوضيات أو المتعلقة بقسمة الثروة أو بتنظيم الممارسة السياسية.. وهذا يعني إعادة تشكيل المفوضية العليا للدستور لأنها المعنية بالتداول في ما يشكل أساساًٍ لتطبيق الاتفاقية من القوانين. ومما سينال أولوية تشريعية أيضاً القوانين التي تنظم العلاقات الإتحادية أو التي تضبط علاقات السلطة أو عائدات الثروة. وسنحرص في المرحلة المقبلة على العمل بتنسيق تام مع مجلسكم الموقر من أجل إتمام المهام التشريعية على أفضل وجه حتى نضع الأساس القوى لتعزيز السلام ، ونحن بدورنا نتطلع لأن يتوافر مجلسكم الموقر على تلك المهام بكل حيوية النقاش ، وثراء الأفكار ، وموضوعية الجدل ، حتى يقدم مثالاً للممارسة النيابية الراشدة. الإخوة والأخوات الأعضاء.. يجئ اجتماعنا اليوم ليُقدَّم للمجلس حسب منطوق الدستور خطاب يوضح تقرير أداء الحكومة في العام المنصرم وكما درجنا في الماضي فقد أودعنا لهيئتكم الموقرة تقريراً مفصلاً في الكتاب المرفق مع هذا الخطاب والذي بين أيديكم تاركاً التفاصيل الأكثر لبيانات الوزراء الذين سيقدمون تقارير أداء وزاراتهم أمام هيئتكم الموقرة. لذلك سأكتفي بإعطاء صورة مجملة عن الأداء أؤكد في مستهلها مجدداً عزمناً وجديتنا في السير نحو الغايات التي آمنا بها، واستعدادنا لمجابهة كافة التحديات التي تواجهنا ، رغم الكيد المستمر لهذا البلد الغني بموارده، ولكننا نثق في أبناء شعبنا وقدرتهم على تفهم الدور الوطني في هذه المرحلة التاريخية الحرجة للحفاظ على وحدة الوطن وتجنيبه مخاطر الفرقة والاقتتال. ولقد أثمرت بفضل الله تعالى السياسات
التي تبنتها الحكومة خلال العام الماضي في كافة المحاور الاقتصادية والاجتماعية الكثير من الإنجازات التي لا تخطئها العين ، فقد حافظ السودان على معدل نمو عالٍ في الناتج الإجمالي بلغ (8%) ، كما استمر سعر صرف العملة الوطنية في ارتفاعه المضطرد مقابل الدولار الأمريكي، مما أدى إلى زيادة احتياطي البلاد من النقد الأجنبي، وحافظ معدل التضخم على رقم آحادي لثلاث سنوات متتالية، حيث لم يتجاوز هذا العام (9%) ، وبفضل هذا الأداء الاقتصادي المتميز استطاع السودان أن يسدد الكثير من التزاماته الخارجية. هذه المؤشرات الكلية لأداء الاقتصاد إنما يفسرها التحسن في الأداء الإنتاجي ، حيث تمكنت البلاد خلال العام الماضي من زراعة أكثر من (33) مليون فدان بالمحاصيل المختلفة، ليصل الإنتاج من الحبوب وحدها أكثر من (5.5) مليون طن ، إلى جانب الكثير من المحاصيل التي كفلت الأمن الغذائي للمواطنين ، ووفرت الأعلاف للثروة الحيوانية ، والتي أسهمت في حصيلة صادراتنا خلال العام بنحو (182) مليون دولار. وهذا النجاح في الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني دعمته جهود متميزة على مستوى أجهزة الري، حيث ارتفعت كمية المياه المخصصة للزراعة المروية من (9.1) إلى (10.6) مليار متر مكعب، ولم تقتصر جهود الحكومة فى مجال المياه على توفير حاجة الزراعة فحسب، بل ارتفع معدل السكان المستفيدين من مياه الشرب النقية في الريف من (25%) إلى (78%) وإلى (85%) في الحضر ، بفضل تضاعف إنتاج المياه بكثير من المدن شرقاً وغرباً وجنوباً بدءاً بجوبا وحتى ملكال وبورتسودان والنهود والفاشر والرنك وغيرها. الإخوة والأخوات الاعضاء.. لقد حقق السودان طفرة هائلة في إنتاجه الصناعي خلال العام الماضي ، حيث شهد إنشاء مصرف التنمية الصناعية برأسمال قدره مليار دولار ، بلغ المدفوع منه (350) مليون دولار، ووفرت الدولة التمويل التشغيلي لصناعة الغزل والنسيج مما مكن العديد من المصانع المتوقفة لفترة طويلة من إعادة التشغيل ، وتوجت الحكومة جهودها بتخفيض الضرائب المباشرة على هذا القطاع من (30%) إلى (10%) الأمر الذي الذي يشجع على المزيد من الاستثمارات الوطنية والأجنبية في هذا القطاع. كان حصيلة هذا الجهد أن ارتفع إنتاج البلاد من السكر إلى (775) ألف طن ، ومن الدقيق إلى أكثر من مليون طن ، وهذه مجرد أمثلة للنجاحات التي تحققت في قطاع الصناعة بفضل تشغيل الطاقات الهائلة التي ظلت عاطلة لعقود من الزمان. ويجيء هذا الإهتمام المتنامي بالإنتاج الصناعي والزراعي لتخفيض اعتماد الموازنة على البترول ، دونما إغفال لأهمية الأخير في دفع القطاعات الأخرى باعتباره محركاً للإنتاج والاستثمار، ولذلك فقد اتصلت جهود التنقيب والاستكشاف في كافة أنحاء البلاد والنتائج الأولية تبشر بالكثير. وامتد الاهتمام للطاقات الكامنة في مجال الكهرباء ، حيث يجرى تنفيذ مشروع سد مروي كأحد صروح التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة ليبدأ في توليد الكهرباء في المرحلة الأولى اعتباراً من العام القادم بإذن الله، وليبلغ التوليد ذروته في العام 2008م بنحو (1250) ميقاواط. وتظل البنيات الأساسية وتطويرها هاجساً توليه الحكومة كل اهتمامها، مداً للطرق المسفلتة وتأهيلاً للقائم منها ، باعتبارها ركيزة للتنمية الاقتصادية تدفع بالإنتاج الريفي إلى الأسواق الكبرى فيزيد دخل المنتجين المحليين، وتنكسر شوكة الفقر ، كما تحقق الطرق التواصل الاجتماعي بين أبناء الوطن وتزول الحواجز الوهمية ويقوى النسيج الاجتماعي، ولذا فقد تم خلال العام تنفيذ العديد من قطاعات الطرق القومية في كافة أرجاء البلاد. وعرف قطاع الاتصالات طفرة نوعية مميزة، بإدخال تقنيات حديثة ومتطورة، ثم كان أن قررت الحكومة فك الاحتكار حتى تضمن للمواطن خدمة متميزة وبتكلفة حقيقة، غايتها في ذلك بناء مجتمع حديث يعتمد على تقنية الاتصالات والمعلوماتية. وتبنت الحكومة العديد من السياسات التي من شأنها تشجيع الاستثمار في مجال النقل البري والجوي، وأعدت استراتيجية للنهوض بالسكك الحديدية، انتشاراً لخطوطها ، وزيادةً في عدد محركاتها ومواعينها ، وتحديثاً لوسائل عملها، حتى تصبح وسيلة النقل الأولى في السودان. الإخوة والأخوات الكرام.. إن سعينا المتصل لتحقيق التنمية الاقتصادية لم يكن على حساب التنمية الاجتماعية وجهود مكافحة الفقر والمرض، فلاشك إنكم تلمسون تحسن الوضع الصحي في بلادنا كلها، بدءاً بانحسار الأمراض المتوطنة كالملاريا وغيرها، إلى جانب أمراض الطفولة التي استطاعت الأجهزة الصحية السيطرة عليها بفضل حملات التحصين الشاملة التي عمت أرجاء البلاد، واستمرت سياسة الدولة الرامية إلى توطين العلاج بالداخل بتوفير أجهزة ومعدات طبية متطورة ساعدت على خفض تكلفة العلاج وتوفره في العديد من مستشفياتنا في ولايات السودان المخلتفة مع إدخال خدمة التطبيب عن بعد باستخدام تقانة الاتصالات والمعلومات في الحقل الطبي. واهتمت الحكومة بالشرائح الضعيفة في المجتمع فاستفادت نحو مليون أسرة من مال الزكاة بشكل مباشر، وتم تمليك (349) ألف أسرة وسائل إنتاج وكفالة أكثر من (90) ألف طالب جامعي، مع التغطية المجانية من خدمات التأمين الصحي لأسر الشهداء وطلاب التعليم العالي ليبلغ الصرف الفعلي على الخدمات الاجتماعية من مال الزكاة وحدها (24.8) مليار دينار. الإخوة والأخوات الأعضاء .. إن إدراكنا لأهمية التعليم بوصفه المؤسسة التي ترسم مستقبل الأمة، يجعله دوماً في قمة أولويات الحكومة، بالسعي إلى تعميمه باعتبارها حقاً دستورياً لكل مواطن، فقد بلغ عدد الأطفال الذين تم قبولهم بمرحلة الأساس هذا العام وحده أكثر من (670) ألف تلميذ وتلميذة، لتتزايد أعداد التلاميذ بالتعليم العام بشكل مضطرد وتتجاوز الأربعة ملايين، وعملت الحكومة على تحسين البيئة المدرسية ليصل معدل الإجلاس إلى أكثر من (80%)، كما تعمل بشكل مستمر على تحسين وضعية المعلم ، تأهيلاًَ ومعاشاً ، وهو أمر أولته الحكومة وسوف توليه المزيد من الاهتمام في المستقبل. أما التعليم العالي فبعد أن شهد ثورة مباركة ارتفعت بها معدلات القبول من بضع آلاف إلى أكثر من (196) ألف طالب وطالبة في العام الماضي فقد اتجهت جهود الدولة نحو تطوير مناهجه ووسائله، فكان تزويد الجامعات والكليات بالمعامل الحديثة واستخدام تقانة الاتصالات والمعلومات في التعليم عن بعد وإدخال خدمة المكتبة الإلكترونية. وإهتمت الحكومة بأمر تشغيل الخريجين ضمن سياسة كلية ممرحلة للقضاء على البطالة، باعتبار أن الإنسان هو غاية الدولة ووسيلتها في تحقيق التنمية الشاملة، فأفلحت سياسات الحكومة في توفير (95179) فرصة عمل في القطاعات الاقتصادية المختلفة بالقطاعين العام والخاص، شملت (13) ألف خريج ، تم توظيفهم ضمن مشروع خاص لاستيعاب الخريجين بالحكومة الاتحادية والولايات ، كما تمكن مشروع تشغيل الخريج المنتج من استيعاب أعداد مقدرة من الخريجين في مشروعات خدمية يديرونها بأنفسهم وتمولها محفظة البنوك الأمر الذي ساعد في توفير فرص إضافية للتشغيل. كما أن مشاريع التنمية المنتشرة في ربوع بلانا من سد مروي في أقصى الشمال وحتى مشاريع البترول في أواسط البلاد وجنوبها تستوعب الآلاف من شباب هذه الأمة الأمر الذي اكسبهم خبرة علمية وعملية لايستهان بها. الإخوة والأخوات الكرام.. إن بناء دولة السودان الحديثة لا يتأتى إلا في بيئة اجتماعية معافاة من كل أشكال الفرقة والتمزق الاجتماعي، ولذلك تعمل الحكومة جاهدة على تعميق ثقافة الحوار لتجفيف منابع الغلو بين الشباب وتأكيد منهج الوسطية والاعتدال، وبسط التعاون والتعايش السلمي بين التجمعات العرقية والانتماءات الدينية في الوطن الواحد، ومنح الفرص المتكافئة للجميع للتطوير وتحقيق الذات ولتأسيس نهضة روحية شاملة تستلهم المقومات المعنوية في الدين والحس القومي والثقافة الوطنية. ولم تكن مصادفة أن يكون العام 2005م عاماً للثقافة العربية في الخرطوم ، بل تزامن ذلك الحدث مع اهتمام جاد من الدولة بالفنون ورعاية المبدعين حفزاً وتشجيعاً ، وتمكيناً لهم من المشاركة في المنافسات الخارجية على نفقة الدولة ، حيث تكفلت الدولة بنفقات العديد من المنتخبات والفرق الرياضية والشبابية التي مثلت السودان خارجياً باعتبار أن الفنون والرياضة سفارات تخاطب الشعوب وتعمق الصلات الإنسانية بين الأمم ، وتم خلال العام الفراغ من صيانة العديد من المسارح والمنشآت الثقافية في عدد من ولايات البلاد تحسيناً للبيئه الثقافية وطباعة الكتب الثقافية والفكرية وتوزيعها على أوسع نطاق. الإخوة والاخوات الأعضاء.. إن المتأمل لوضع السودان بين الأمم يلمس وبشكل واضح تنامي الاهتمام الدولي ببلادنا التي تخطو بثبات لتتبوأ موقعاً متقدماً على الصعيدين الدولي والإقليمي، فقد استطاعات بلادنا ان تتجاوز عثرة الثمانينات بكل سلبياتها، لتصبح قبلة للمستثمرين يتسابقون إليها في كافة المجالات الزراعية والصناعية والخدمية بعد أن سقطت كل دعاوى الإعلام المضاد، التي سعت حثيثاً لوصم السودان بشتى مثبطات الاستثمار ، ولكن كان لابد للحق أن يعلو، فهاهم الأشقاء العرب يتجاوزون مرحلة التطبيع إلى آفاق المشاركة غير المحدودة في مشاريع الاستثمار ، والدول الآسيوية تدخل بكل ثقتها في صناعة البترول والسيارات والحديد، ودول الاتحاد الأوربي تعلن طيها لصفحة المقاطعة الاقتصادية والسياسية بعد أن اقتنعت بجدية السياسات الاقتصادية لحكومة السودان ، وتسعى عدة دول الآن جاهدة للحصول على موافقات للاستثمار في بلادنا ، وفي محيطنا الإفريقي نجح السودان بفضل سياسته الخارجية الحكيمة في ان يدفع دول القارة لاحترام خياراته القائمة على الاعتداد بالسيادة الوطنية ، والإلتزام بمباديء حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وطبيعياً كان ان توافقت كل هذه المجموعات على استضافة السودان لمجموعة من مؤتمرات القمة خلال العام 2006م بدءاً بقمة الاتحاد الإفريقي ، مروراً بالقمة العربية وانتهاءاً بقمة الدول الكاريبية والباسيفيكية المرتقبة، تتخللها مجموعة من المؤتمرات المتخصصة لدول المحيط العربي والإفريقي، ويجدر بي أن أغتنم هذه السانحة للإشادة بما قامت به الدبلوماسية السودانية خلال العام المنصرم من حركة دؤوية في تقوية صلات السودان الإقليمية والعالمية. الإخوة والأخوات الكرام.. هذه صفحة من كتاب الإنجاز خلال العام 2005م هذا العام الذي كان بفضل الله ومنته عام خير على بلادنا ما من مجال فيه طرقناه إلا وكان التوفيق حليفه، والتقرير المرفق يتضمن بعض تفاصيل الإنجاز ، والذي ماكان ليتحقق إلا بصدق العزم ، وإخلاص النية لله، وبجد ومثابرة أهل السودان، في مواقعهم كافة ولكننا لا ندعي أن الأداء كان كاملاً أو خالياً من السلبيات والمعوقات، كما إننا لم نبلغ الغايات المرجوة كلها ، ولكن يقيننا أن أمة آمنت بربها ، وحددت أهدافها، واستبانت طريقها ، عرفت مناهجها ، فإن الله ناصرها، وحتماً هي بالغة غاياتها وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطانا ربنا ولا تحمل علينا اصراً كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين). صدق الله العظيم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.