٭ يعود بنا مشروع سنار عاصمة للثقافة الإسلامية إلى استرجاع تاريخ أول دولة إسلامية في السودان.. عاشت لأكثر من ثلاثة قرون.. تأسست على أنقاض دولة المغرة المسيحية التي عاصمتها سوبا.. بحِلف من عمارة دنقس من الفونج وعبد الله جماع من عرب القواسمة.. بعد هزيمة جيش سوبا في معركة أربجي الشهيرة واجتياح سوبا.. فقيام الدولة الجديدة التي عاصمتها سنار أرست لنظام حكم جديد.. حكم فيدرالي .. حكومته الاتحادية في سنار عليها الفونج ملوكاً وقري عليها «العبدلاب» نواباً للملوك.. فسنار العاصمة خطها عمارة دنقس.. وأربجي خطها حجازي ابن معين.. من قبيلة (الحضور) قبل (30) عاماً من سنار وهدمها الأمين ود مسمار وموقعها الآن في موقع قرية (ود هجا) محلية الحصاحيصا.. فاختيار «أربجي» كبوابة لإنطلاق المشروع يرسم خارطة لتاريخ سنار دولة الاسلام.. ولعصر سنار الذي يبدأ تاريخياً من عام (1504) إلى سقوطها في عام 1821م. ٭ وبتحالف العبدلاب مع الفونج المسلمين الذين ينتمون إلى «بني أمية» حسب ما ذكرته مخطوطات عدة من أعالي النيل الازرق.. متمددين إلى الداخل حيث اقاموا عاصمة لهم في «جبل موية» هذا التحالف احدث تحولاً كبيراً إذ نتيجه التزاوج والتصاهر بين الاعراق المحلية والعربية فانتجت هذا الانسان السوداني «الخلاسي» وفتحت ابوابها للعلماء فدخلت المذاهب، المالكية والشافعية. ففي عصر سنار حدث التحول الغير مسبوق في تاريخ السودان في الثقافة والعقيدة الدينية.. فالمهاجرين العرب الذين تدفقوا على سنار في موجات استيطانية.. مع قدوم شيوخ الطرق الصوفية بتشجيع من ملوك سنار.. الفونج والعبدلاب أدى إلى انتشار الاسلام واللغة العربية والثقافة العربية . ٭ فعبر الخلاوي والمدارس انتشر التعليم في نطاق واسع لم يشهد مثله إلا هذا العصر الذي نعيشه. فدولة سنار الإسلامية كانت دولة مجتمع متنوع الاعراق ويضم عدداً من الثقافات الاقليمية والفرعية.. فهذه الفسيفساء .. كانت للصوفية التي لها مكانة عند ملوك سنار قامت بدور كبير في التربية وساهمت في إشاعة مناخ من الأمان والأمن الاجتماعي والتسامح والتعايش والتكافل واختراق السياجات القبلية والعرقية.. قامت بهذه الادوار لقربها من الملوك الذين جعلوا العلماء والفقهاء وشيوخ الصوفية مرجعيتهم. ٭ فسنار الاسلامية استوعبت العرب الوافدين وثقافتهم في البيئة السودانية فشكلت تكوين جديد لسودان اليوم.. كان نتاج هذا الهوية التي تمثل الثقافة العربية والاسلامية والثقافية المحلية لما قبل سنار.. لتصبح سنار أنموذج لحضارة اسلامية متنوعة الثقافات.. وبوصف ان الثقافة العربية الاسلامية هي الأقوى حاضنة للثقافات الأخرى .. تتعايش معها وقد أثرت فيها بهذا التعايش وذلك بفضل المناخ المتسامح الذي ساد الدولة. ٭ فسنار الحضارة كانت جسورها الثقافية ممتدة مع العالم الاسلامي فكان مثقفوها في تراسل مع احمد بن ادريس الفاسي.. واقتنوا الكتب.. وهاجر طلابها إلى الازهر طلباً للعلم. ٭ فمشروع سنار الاسلامية عودة لمخزون ثقافة اسلامية أرست أمن اجتماعي وتصالح ثقافي يمثل قيم الدين الاسلامي بقبول للآخر واحترام للانسان.. فالمشروع استرجاع لذاكرة التاريخ الاسلامي.. بعودته لسنار عاصمة الثقافة الاسلامية. – سأعود اليوم يا سنار حيث الرمز خيط – من بريق اسود بين الذرى والسفح – والغابة والصحراء والثمر الناضج والجذر القديم. – فافتحوا حراس سنار.. افتحوا للعائد أبواب المدينة. – افتحوا الليلة أبواب المدينة.