قطع الرئيس البشير الطريق امام الإرهاصات التى توحي بعدم مشاركة السودان في القمة الاسلامية الأمريكية المزمع عقدها في العاصمة السعودية الرياض خلال الأيام المقبلة كواحدة من اصل ثلاث قمم يعتزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقدها ، ومن المتوقع أن يعقد قمة سعودية امريكية وقمة اميركية مع دول الخليج العربي وثالثها القمة الإسلامية الأمريكية المشار اليها ، والتى تهدف لتوحيد الصف تجاه عدد من القضايا وخاصة مواجهة الإرهاب ، واعتبر الرئيس البشير مشاركة السودان في القمة الإسلامية الأمريكية نقلة نوعية كبيره في علاقات السودان بالمجتمع الدولى . وبرزت خلال الفترة التى اعقبت قرار رفع العقوبات عدد من المؤشرات التي توحي بمتغيرات حقيقة في شكل العلاقة بين الخرطوموواشنطن . وأبرزها مشاركة السودان لأول مرة في اجتماعات قمة رؤساء أركان المجموعة الأمريكية الأوروبية الأفريقية المعروفة اختصاراً ب(أفريكوم) بمدينة شتوتغارت الألمانية التى جاءت بدعوة من الولاياتالمتحدة مطلع ابريل الماضي. وليست بعيدة عن الأذهان دعوة الولاياتالمتحدة للسودان للمشاركة في الإجتماع الوزاري السادس للآلية الأفريقية المشتركة للتنسيق للقضاء على جيش الرب بحضور عدد من وزراء الدفاع في دول المنطقة الذي عقد بالعاصمة الأثيوبية اديس اباب مارس الماضي ، وهو ما يدل على أن الإهتمامات الأمنية للولايات المتحدة في المنطقة حتمت عليها عدم تجاوز السودان في القضايا الدولية والإقليمية بل دفعها الى تعزيز التعاون الأمني والعسكري معه لإدراكها بدوره الفعال في المنطقة . مشاركة السودان في القضايا الإقليمية والدولية ومحاربته لظاهرتي الإرهاب وتجارة البشر ومشاركة الجيش السوداني في عاصفة الحزم ضمن التحالف العربي بقيادة السعودية جميعها اسباب دعت الولاياتالمتحدة الى اعادة النظر في علاقاتها مع السودان وادراك اهميته كدولة تبذل جهود جبارة في مكافحة الإرهاب ومحاربة الإتجار بالبشر وكثير من المسائل السالبة التي يحاربها انطلاقاً من موروثاته الثقافية والأخلاقية. ولما كان هدف القمة هو تعزيز المحور الأمني في المنطقة في ظل التحديات والمتغيرات التى يمر بها العالم العربي والإسلامي تصبح مشاركة السودان امراً جوهرياً للإستفادة من مقدراته وإمكانياته لمواجهة الظواهر التى تهدد الأمن الإقليمي والدولى ، خاصة وان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يهدف من هذه القمة الى تعزيز العلاقات الأمريكية مع العالم الاسلامي من خلال بحث سبل مكافحة التطرف والارهاب الذي كان هدفاً له منذ حملتة الإنتخابية. اللافت في الأمر ان مشاركة السودان تأتى في وقت اعلنت فيه الوكالة الإستخبارات الأمريكية ال(سي اي ايه) براءة السودان من دعم الإرهاب ، الأمر الذي يشير الى ادراك الولاياتالمتحدة واعترافها بدور السودان في حل القضايا الإقليمية خاصة الظواهر التى تنشط في المنطقة الأفريقية فواشنطن تحتاج ان يمثل السودان لها صمام امان للحفاظ على الأمن في المحيط الإقليمي وخاصة منطقة القرن الأفريقي ، ويبدو أن سقف التعاون بين الجانبين قد ارتفع في المجالات الأمنية والعسكرية مما اتاح الفرصة لإظهار مقدرات السودان العسكرية الأمنية. علت كثير من الأصوات في واشنطن التى تنادي بضرورة التعاون بين الولاياتالمتحدة والسودان نظراً لجهوده في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية وجهوده في مكافحة الإرهاب وابانت ان السودان بأمكانه ان يجابه التطرف والإرهاب في المنطقة واعتبر كثير من قادة الراي في امركيا أن الولاياتالمتحدة في حاجة الى تجربة السودان في فهم ما يجري في العالم الإسلامي . برزت خلال الفترة الماضية الاهمية الإستراتيجية للسودان في اجندة الولاياتالمتحدة لما يمكن ان يقوم به السودان من اجل الحفاظ على الأمن والإستقرار في المنطقة العربية والأفريقية في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية ونشاط الظواهر السالبة في المنطقة وتجىء مشاركة السودان في القمة الإسلامية الأمريكية بعد توتر في العلاقات بينه والولاياتالمتحدة قارب الثلاثون عاماً ، كما أنها تمثل تحولاً مهما فى شكل العلاقات السياسة والأمنية والعسكرية بينه والولاياتالمتحدة من جهة وبينه والدول العربية والإسلامية من جهة أخري. ولاشك ان مشاركة السودان لها دلالات عدة خاصة في أنها تجئ في وقت يتوقع فيه رفع العقوبات الإقتصادية بشكل نهائ استحقاقاً لإيفائة بجميع الإلتزامات التى طرحت خلال الحوار مع واشنطن، ويبدو أن إدارة ترامب غلبت عليها الواقعية السياسية التى تقتضي النظر الى جهود السودان ومقدراته في حل القضايا التى تؤرق العالم العربي والإسلامي بل والعالم الغربي نفسه خاصة وانه اصبح رقماً لايمكن تجاوزه في الجهود الدولية والإقليمية لاشاعة الأمن والإستقرار ومحاربة الظواهر السالبة، ومن غير المستبعد نشاط بعض اللوبيات لمنع اي تقارب بين الخرطوموواشنطن وإن قل تأثيرها ، لكن يبقي ايفاء السودان بالتزاماته ودوره الفعال في المنطقة مؤشر لعهد جديد من العلاقات بين الجانبين .