المركز السوداني للخدمات الصحفية التقى بالأستاذ تاج السر عابدون وسأله عن أوضاع المعاشيين وكيفية تحصيل معاشاتهم من الصندوق وإجراءات التأمين الصحي المتعلقة بهم فخرج منه بالإفادات التالية: كيف تنظر إلى الفترة التي قضيتها على رأس لجنة معاشيى مشروع الجزيرة حتى الآن وماهو العمل الذي قمتم بتنفيذه للمعاشيين بالمشروع؟ كنت أنوى التقاعد بعد كل الجهد الذي بذلناه مع حكومة مايو والحكومات المتعاقبة حتى الإنقاذ، ولكن بعد أن تم تكوين لجنة معاشيى الجزيرة وصار أغلب العاملين في المشروع بالمعاش تعرضت لضغوط شديدة من قبل الإخوة في الولاية باعتبار أن المنطقة صار بها ثقل في مارنجان مكان عمل المشروع ووحداته التشغيلية الكبيرة ولأنني من أبناء المنطقة ومولود بها تم تكليفنا بقيادة اتحاد المعاشين بالولاية وهو تنظيم جديد ومشاكله معقدة ومختلفة عن اتحاد العمال أو النقابات لأننا في السابق حينما كنا نرأس اتحاد العمال كانت لدينا القوة المتمثلة في العمال والتي كانت تعطينا إمكانية الضغط بهم وعبرهم على الجهات المسئولة من أجل إنفاذ المطالب وكانت لدينا المؤسسة والعمل نفسه الذي يمكن أن نضغط به ولكن في اتحاد المعاشين الأمر يعتبر عمل طوعي ولا توجد به نفس قوة النقابة. والذي يحدث الآن أننا نحاول تحقيق مطالبنا عبر التفاوض ولا توجد لدينا قوة نضغط بها من أجل تحقيق المطالب وهو منظمة تطوعية في المقام الأول. ماذا يحدث لديكم الآن في اتحاد معاشيي ولاية الجزيرة؟ الذي يحدث الآن أننا لدينا العديد من المشاكل والآن استطعنا أن نحل جزء كبير منها، ومهما قلنا عن الحكومة فهي تعاونت معنا تعاوناً كبيراً ونحن ننتظر الأكثر منها، لأن المشروع بعد إجازة القانون الجديد ما عاد هو ذلك المشروع، كان لدينا نظام معاشات قديم لا يتبع للصندوق القومي للمعاشات أو التأمين الاجتماعي وكان نظام خاص بقانون لازال قائم ونحن نعتبره نظام جيد، وبعد أن أجيز المشروع وحدث تدني في إنتاجية القطن الذي كان يعتمد عليه بشكل كبير أنعكس ذلك على العمالة في المشروع وبدأت تخفيضات في العمالة من (13) ألف عامل إلى (3) ألف وخمسمائة عامل وصار لدينا أكثر من عشرة آلاف معاشي والصندوق الذي كنا نعتمد عليه في المعاشات في المشروع صار لا يتحمل كل هذا العدد، ولأن الأمر مرتبط بمشروع الجزيرة وهو قطاع حكومي قدنا مفاوضات مع الحكومة من أجل تسوية أوضاع هؤلاء الأشخاص، ولو كان الأمر في القطاع الخاص لكانت هنالك مشكلة كبيرة ولأعلن رب العمل إفلاسه، لكن سياسياً صار حل الأمر ممكنا.ً ونحن نشكر الأخ عوض الجاز وزير المالية وعبد الرحمن نور الدين والسيد الشريف أحمد عمر بدر لأنهم اقنعوا الصناديق خصوصاً صندوق المعاشات بقبول معاشي الجزيرة مقابل مبلغ مالي معين، وطالب الإخوة في المشروع بقرابة المائة مليار ولكن وزارة المالية رأت أنهم أي معاشيى الجزيرة لا يتزايدون بل هم في تناقص لذلك تولتهم كما تولينا قبل ذلك الموظفين البريطانيين في المشروع. ونحن في السودان من أول البلدان التي طبقت نظام الضمان الاجتماعي منذ العام 1904م وهذا الأمر لم يكن في المنطقة العربية والإفريقية. لكن الأمر الآن مختلف والدول حولنا تجاوزتنا في كثير من مشاريع الضمان الاجتماعي لمنسوبيها؟ للأسف هذا صحيح فالدول التي جاءت بعدنا أسست نظام ضمان اجتماعي أفضل منا ونحن لم نقم بتطوير نظامنا بل لازال كما أنشأنه في العام 1904م، إذا أردنا الوصول لنظام اجتماعي سليم لابد من اتخاذ عدد من الخطوات والتدابير المهمة من أجل ذلك. قلت إن وزارة المالية تكفلت بمعاشات مشروع الجزيرة فصل لنا هذا الأمر أستاذ عابدون؟ نعم وزارة المالية مشكورة تكفلت بدفع معاشات شهرية لعدد عشرة ألف شخص بقيمة (2,500,000) اثنين مليون وخمسمائة ألف تدفع شهرياً انتظمت منذ شهر نوفمبر الماضي وقامت بدفع متأخرات الشهور الخمسة بواقع ثلاثة أشهر سابقاً وجدولت الشهرين فيما بعد، المهم في الأمر أن الوزارة التزمت تماماً بهذا الأمر وأخلاقياً لابد من شكرهم على ذلك لأنها أعطت كل من ألغيت وظيفته تعويضات إضافة لتمليك البيوت لهم مع إخوانهم القدامى، والآن صار لكل معاشي في المشروع معاش شهري منتظم بقيمة محددة وقرر وزير المالية قيام وحدة مالية بالوزارة لصرف المعاشات شهرياً بأمر مستديم ولن تكون هنالك مشكلة تأخير المعاشات، وبذلك يكون وزير المالية قد قام بحل أكثر من (90%) من مشاكل معاشيى مشروع الجزيرة. واعتقد أن ما حدث هو مسئولية الدولة ونحن نقول لإخواننا في نقابة المشروع أنكم لم تقصروا في شيء وقمتم بعمل كبير في مجال حقوق العمال، وأنا اعتقد أن المعاشات وحقوق ما بعد الخدمة سارت بشكل جيد لأن كل الصناديق يكون فيها مشاكل لسنين متطاولة، وإن يتم حل القضية في هذا الوقت فهذا إنجاز.والآن هناك أكثر من (500) موظف تم تمليكهم المنازل التي يقطنون بها من استحقاقاتهم، وأنا أعتقد أن النقابة نجحت في ذلك وأصابت ويجب أن تشكر على ذلك. هل تعتقد أن قانون مشروع الجزيرة وما يحدث فيه الآن سيكون حلاً لإشكالات المشروع المتطاولة؟ الإخوة في الحكومة يعتقدون بأن المشروع ومنذ فترة طويلة به العديد من المشاكل وظل يكلف الخزينة العامة كثيراً بسبب خسائره خاصة وأن بنياته الأساسية أصلاً قائمة على القطن الذى صار لا يحقق عائد مجزي مثلما كان في السابق وتقلصت مساحته من (600) ألف فدان إلى 150 ألف فدان، لذلك مصروفات العاملين والمشروع والكهرباء والمياه والعربات وخلافه لا يستطيع أي محصول بخلاف القطن أن يتحملها نسبة لأسعاره المجزية رغم ضعف الإنتاج. ونحن قبل إجازة القانون كنا ندفع باتجاه أن تتم زيادة الإنتاجية بدلاً عن إلغاء الوظائف لأن القطن كمحصول يزرع منذ أكثر من (50) سنة ونحن نفتكر أن لدينا خبرة وتجربة في زراعة القطن ويمكن أن نزيد إنتاج الفدان من أربعة أو خمسة قناطير إلى 10 قناطير والآن هنالك مزارعين يحققون (20) قنطار في الفدان وإذا تم تجويد العمليات يمكن ان تزيد الإنتاجية والقطن محصول لديه مشتقات كثيرة وهو يوازي البترول والعالم الآن كله يتجه نحو القطن ومن نواحي صحية هو أفضل من الألياف الصناعية وأكثر كفاءة منها والآن القطعة من القطن تحقق عشرة أضعاف سعر القطع الأخرى، هذه هي حجتنا التي كنا نتحدث بها لكن في الآخر الإخوة المسئولين أصروا على إلغاء علاقة الإنتاج هذه وهي النقلة الثالثة للمشروع لأن أول علاقة إنتاج كانت هي الحساب المشترك (40%) للإدارة ومثلها للمزارعين و (10%) للإدارة ومثلها للخدمات الاجتماعية والمجالس الريفية وكانت كل ميزانية السودان تعتمد على نصيب الحكومة في مشروع الجزيرة وتغيرت في مايو للحساب الفردي الذي ينصف من يحقق إنتاجية عالية وزادت المساحة بعد المناقل إلى (600) ألف فدان. هل تريد القول إنكم غير راضون عن الذي حدث في المشروع؟ أنا لم أقل ذلك، ونحن لا نريد كذلك التدخل في الشأن الفني لما يجب أن يكون عليه الحال في مشروع الجزيرة، ونحن جئنا الآن في ظرف يختلف كذلك عن ظرف وجودنا في النقابات والآن نقود معاشيين وليس عمال ونتمنى أن يتعاطف الجميع مع المعاشين ونعم نحن نشكر الوزارة والجهات ذات الصلة ونحن رغم ذلك سنقوم بتقديم النصح حسب خبرتنا وسمعتنا ورمزيتنا التي اكتسبناها بالعمل العام. هل تعتقد أن هناك تجاوز حدث كما أشارت بذلك وسائل الإعلام في الفترة الماضية وهل واجهتكم أي مشاكل في تسوية هذه المعاشات؟ لا نقول تجاوز بل أن الأمر هو نتيجة طبيعية لما حدث بعد إجازة قانون المشروع، لكن نحن نقول إن هناك بعض الإشكالات التي نشأت بعد الوضع الجديد وهي أيضاً متوقعة، فبعد أن تم إنزال أكثر من (10) ألف موظف من المشروع للمعاش نجد أن منهم من تبقى له قرابة الخمسة وعشرين عاماً وهي مكلفة جداً للدولة التي تصدت لهذا الأمر من أجل إعطاء هؤلاء المعاشين معاش مستديم ونحن نريد أن يبرز أخلاقياً أن الدولة تعاونت معنا للحد البعيد حتى آخر فرد في المعاشين الذين أفرزهم القانون الجديد بالمشروع، ونحن لدينا نظام للمعاشات متقدم على عدد من الدول بحيث أن صاحب المعاش لو توفى وتوفت زوجته وتزوج أبنائه وبناته فإذا حدث أي طارئ مثل أن تصير ابنته أرملة أو مطلقة يحق لها استعادة المعاش بقرار من الصندوق القومي للمعاش بعد إبراز ما يثبت وضعها الجديد، وأغلب هؤلاء المعاشين سيستمروا لفترات طويلة ولدينا تجربة المعاشين البريطانيين الذي كانوا يتحصلون معاشاتهم حتى وقت قريب من الآن، ونفتكر أن هذا القرار شجاع لأننا لو ذهبنا إلى الصناديق كان الأمر سيختلف جداً وكان سيكون هناك كثير من المعاناة في الأمر. غير المعاشات ماذا حققتم لمعاشي مشروع الجزيرة في الفترة الماضية؟ ما قمنا بتحقيقه بجانب المعاش المستديم هو التأمين الصحي حيث تكفلت الدولة مشكورة بدفع التأمين الصحي نيابة عن المعاشين في المشروع، ونفتكر أن هذه مشروعات كبيرة ستحقق استقرار لكل المعاشين في المشروع في ا لفترة القادمة ونحن نشكر كذلك عليها الدولة لأنها قامت بدور كبير في هذا الأمر ومكنتنا من إنجاز تكليفنا بدون مشقة تذكر. الملاحظ أنكم لم تتعرضوا لأي إشكالات من قبل الدولة كما تناقلت وسائل الإعلام وأنك تتحدث بنبرة هادئة بعيداً عن ما يشاع في هذا الأمر فهل هي خشية من شيء أم أنها الحقيقة المجردة.؟ أولاً أقول لك أني معاشي وأقود مجموعة من المعاشين لذلك لا يوجد ما نخشاه لأننا أصلاً خارج الخدمة أن كنت تلمح لذلك، لكن نحن لدينا عدد من المطالب جئنا لإنجازها للمعاشيين ولم تواجهنا فيها مشاكل، بل أن مقترحاتنا قوبلت بكثير من العناية من الدولة ووزارة المالية وذلل لنا الإخوة كل العقبات فلماذا الهجوم إذن، فنحن لا نخشى شيء ولكن نعطي كل ذي حق حقه إذا كان قد تعامل معنا بكل التقدير والاحترام وحقق لنا مطالبنا التي كنا ننادي بها من أجل معاشي مشروع الجزيرة.