ظلت الخطوط الجوية السودانية احدى أهم مؤسسات القطاع العام فاضافة لاسهاماتها في ربط البلاد بالعالم طيلة نصف القرن الماضي فقد اسهمت كثيرا في فك الاختناقات في مجالات الامن الغذائي والتواصل الداخلى خاصة بعد تراجع خدمات السكك الحديدية وعدم وجود طرق مسفلتة تربط اطراف البلاد. وعانت سودانير فى الثمانينات الامرين بسبب التوجهات السياسية والنقص الحاد فى الاسبيرات كما ان الحظر الجوي الناجم عن قرار مجلس الامن رقم 1070اسهم بصورة مباشرة في التدهور المريع الذي اقعد بالشركة لدرجة باتت فيها سودانير لا تملك طائرة واحدة وغدت عاجزة حتى عن الايفاء بالتزاماتها نحو عمالها البالغ عددهم حوالى (2000) عامل. وبدأت محاولة تحويل شركة الخطوط الجوية السودانية من قطاع عام الى شركة مساهمة عامة فى العام 1983 م وفشلت تلك المحاولة تبعتها محاولة اخرى فى العام 1987 م عندما طرحت الدولة التقاعد الاختيارى فى المؤسسات الحكومية الذى يهدف الى خفض العمالة بنسبة 30 % . ومن خلال هذه الاجراءات تقدمت اكثر من 289 شركة بعروض مختلفة اما بالمشاركة او التمويل فى ظل وصول ايرادات الشركة خلال العام 2001 م الى 118 مليون دولار وبلغت مصروفاتها 139 مليون دولار اى ان هنالك خسارة وعزت الاوساط الاقتصادية تلك الخسارة الى قرار مجلس الامن المتصل بالحظر الاقتصادى الذى جعل سودانير تعانى من نقص فى الاسطول وقطع الغيار ظلت الشركة تتحصل عليها عبر وسائط مكلفة . غير ان سودانير طبقت برنامج اصلاح خلال العام 2002 م دخلت بموجبه فى عملية تمويل مع شركة اماراتية قابضة لشراء طائرتين ايرباص بمبلغ 40 مليون دولار عمل على تقليص خسائر الشركة التى لم تتجاوز ال9 مليون دولار ولكن توقف التمويل بعد حادثة بورتسودان كما توقفت صفقات اخرى لشراء ايجارى لطائرتين ايرباص بسبب العجز عن التسديد وازداد الامر سوءا بتوقف البوينج عن العمل. وامن المجلس الوطنى فى وقت سابق على اهمية خصخصة شركة الخطوط الجوية السودانية لايجاد ناقل وطنى قوى يواجه تحديات العولمة.وقال بابكر على التوم رئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس الوطنى ان اللجنة ترحب بخصخصة الشركة وتطبيق اعادة الهيكلة لخدمة حركة الطيران وبناء اسطول يواجه متطلبات العولمة. واضاف قائلا ان تطوير الشركة لمواكبة التطور فى عالم الطيران ضرورى ، وانه يتم بوجود شريك استرتيجى قوى، يفضل ان يكون من القطاع الخاص السودانى وعارض بشدة فكرة تصفية الشركة، مؤكدا انها الناقل الوطنى الحامل لشعار البلاد، والذى لابد ان يراعى من قبل الدولة . ولكن مؤتمر المبيعات الذى نظمته الشركة ببورتسودان بداية العام الحالى اوضحت فيه ان الاداء المالى للشركة خلال عام 2005م سجل فائضا بلغ 5 ملايين دولار، وبلغت الايرادات 110 ملايين دولار باجمالى مصروفات بلغت 105 ملايين دولار، مقارنة بعجز بلغ 17 مليون دولار فى العام السابق، كما ارتفع متوسط نصيب الشركة السوقى فى الشبكة العالمية من 25% عام 2004م الى 34% خلال العام 2005م، اما فى المجال الهندسى فقد اوضح مدير قطاع شؤون الصناعة بالشركة محمد نجيب اثناء مخاطبته مؤتمر المبيعات فى يناير الماضي ، أنه قد تم تأهيل ادارة الهندسة بمبلغ مليوني دولار، تلبية لمتطلبات المناولة الفنية للناقل الوطنى والشركات الاخرى، كما قفزت ايرادات الهندسة من 400,000 دولار فى عام 2004م الى 1,700,000 عام 2005م. وقالت سودانير اثناء مؤتمر يناير انها استحوذت على سوق البترول السودانى بنسبة 95%، وارتفع معدل سفر البترول من 20 سفرية الى 120 سفرية فى الشهر، وذكرت تعاقدت الشركة مع 9 شركات بترول مقارنة بشركتين خلال عام 2004م. واوضحت ان النمو المتوقع فى اجمالى الناتج القومى سجلت توقعاته لعام 2005 نمواً بنسبة 8,3% فى السودان، مقارنة بمتوسط 4,6% فى العالم العربى. وقررت الحكومة تحويل الشركة الى مساهمة عامة تحتفظ فيها بنسبة 30 % من الاسهم وتطرح 21 % للقطاع الخاص الوطنى ونسبة 49 % لشركاء استراتيجيين من المستثمرين الاجانب ، وفى الاثناء اعلنت الحكومة عن قرارات تم بها تعيين مجلس ادارة جديد للشركة برئاسة كمال عبد اللطيف وزير الدولة بوزارة مجلس الوزراء ونصر الدين محمد احمد مديرا عاما للشركة وقد عقد اجتماع اولي مع العاملين بالشركة اوضح فيه ان الادارة حريصة على منح كل العاملين بالشركة حقوقهم كاملة وان الاستيعاب فى الشركة الجديدة سيتم وفقا لمعايير محددة ليس من بينها الانتماء السياسى او الآيديولوجى وقد كان القرار الوزارى رقم 45 الذى اصدره وزير المالية خلال العام 2004 م وبناءً عليه تقرر انهاء خدمة جميع العاملين بالشركة اعتبارا من نهاية اغسطس 2004 م بالغاء جميع الوظائف البالغة 2100 وظيفة تسلموا خطاباتهم فى حين تسلم حوالى 350 من العاملين من جميع الاقسام خطابات اخرى بمثابة دعوة للاستمرار فى العمل ابتداءً من الاول من سبتمبر لذات العام بنفس مرتباتهم القديمة معفية من الضرائب وجميع الاستطاعات الاخرى , فى حين تعهد رئيس مجلس الادارة بتطوير الشركة الجديدة لتواكب المتغيرات العالمية والمحلية بجانب اعطاء اولوية لمساهمة القطاع الخاص وسوف تتنازل الحكومة عن اسهمها تدريجيا واشار الى استمرارية اللقاءات مع رجال الاعمال وتوفير المعلومات عن الشركة وطرق الاكتتاب فى الاسهم وقيمة السهم , وقد سارعت العديد من شركات القطاع الخاص الى ابداء مشاركتها ومساهمتها فى الشركة الجديدة حيث اعلن اتحاد اصحاب العمل مساهمته بمليارى جنيه.وأعربت مجموعة بن عمير للسياحة والسفر الإماراتية عن عزمها السعي لاستحواذ ما نسبته49 % من حصص شركة الخطوط الجوية السودانية وأشارت المجموعة، التي تتخذ من إمارة أبوظبي مقرا لها ، عن اختتام المحادثات مع الشركة السودانية بالاتفاق على تقديم المجموعة خدمات تتعلق بعمليات الشحن والسفر على الدرجة الأولى في مطار الخرطوم . كما تم توقيع اتفاقية اطارية بين حكومة السودان و شركة قزاعة السعودية وتنص الاتفاقية بان يتم تأسيس شركة طيران وفقا للقوانين السودانية برأسمال قدره 500 مليون دولار على ان يكون نصيب الحكومة السودانية 40% ونصيب شركة قزاعة 60% على ان توقع قزاعة حصة الحكومة بقرض حسن على ان تسترده اما من الاصول او الارباح.كما اعلنت شركة الخطوط الجوية السودانية، عن خطة اسعافية عاجلة لتأهيل اسطولها وتوفير الخدمات التي تمكنها من الايفاء بالتزاماتها الوطنية. واوضحت ان الخطة الاسعافية للاعوام 2005 وحتي 2009 تأتي في اطار استعداد الشركة لاستقبال شريك استراتيجي فاعل، يسهم في احداث نقلة نوعية في اداء الشركة، حيث استقبلت الشركة امس شريكا استراتيجيا مجموعة عارف الكويتية للحصول على نسبة 49 % من الاسهم و30 % للحكومة وماتبقى 21 % لشركة الفيحاء ,وقال على عارف الزميع رئيس مجلس ادارة مجموعة عارف الكويتية ان سودانير من اعرق الشركات عربيا وافريقيا معتبرا ان الاستثمار فى مجال الطيران عامل لتحريك الاستثمارات، وعلى الرغم من اعترافه بان الامر يعتبر مخاطرة الا انه قال ان الكفاءات السودانية هى التى سوف تدير الشركة مثلما كان لديها دور كبير فى تطور صناعة الطيران فى الدول الخليجية وقال سنثبت لكم ذلك خلال الايام المقبلة بالانجاز وليس بالكلمات . نقلا عن : صحيفة الصحافة