الخرطوم (smc) شيفرون قدرت مخزون السودان بما يزيد على مثله في العراق والسعودية تحاول أمريكا الإبقاء على الوضع في دارفور كما هو حتى لا تسبقها الصين وروسيا للثروات هناك إن الصين ظلت باستمرار تحبط محاولات أمريكا في السيطرة على اقتصاد العالم، وسبق معارضة الصين لهذه السياسة وبخاصة في السودان من مدخل أزمة دارفور ولتكملة توضيح خفايا الصراع نواصل: لماذا دارفور قد يتساءل المرء لماذا دارفور إستراتيجية لهذه الدرجة؟ ولماذا تريد الولاياتالمتحدة تأزيم علاقتها بالمارد الأصفر من أجل إقليم سوداني يعاني شح الموارد وضعف البنى التحتية؟ إن اهتمام الولاياتالمتحدة الحقيقي ليس بالأوضاع الإنسانية وإنما ينصب الاهتمام على المواد الخام وتأتي الأوضاع الإنسانية وحقوق الإنسان كذرائع واهية تمهد لها التدخل والسيطرة على الأوضاع فقد انتهى عام 2005م عقد شركة أرامكو الأمريكية التي كانت تحتكر بموجبه استغلال البترول السعودي طلية السنوات الخمسين الماضية في حين ازدادت المخاطر باستمرار تدهور ظروف الاستثمار للشركات الأمريكية في منطقة جنوب آسيا فإنه قد تم اكتشاف مخزون ضخم (بنوعية أحسن) للبترول في إفريقيا في كل من تشاد وليبيا والسودان وتتميز هذه المصادر بأنها أكثر قرباً من الولاياتالمتحدة وأسهل تأميناً من سابقتها. وتقدر شركة شيفرون التي قامت بالعمليات الاستكشافية في جنوب السودان في ثمانينيات القرن العشرين مخزون من البترول والغاز بما يزيد على مثيله في العراق والسعودية مجتمعتين. لكن الاستفادة من البترول السوداني حالياً تقع تحت سيطرة الشركات الصينية والماليزية بناء على عقود طويلة الأجل بما في ذلك خط الأنابيب الواصل من غرب كردفان إلى ميناء بورتسودان على البحر الأحمر الذي يمكن استخدامه مستقبلاً لنقل بترول جنوب دارفور.. بالإضافة إلى وجود عدد من الشركات الراغبة في الحصول على امتياز للتنقيب في كل من روسيا وبلغاريا ورومانيا واليابان وإيرلندا ولا يتطلب الأمر سعة من الخيال لتفهم أن ما تهدف إليه الحكومة الأمريكية الحالية في صراعها الاقتصادي مع اللاعب الدولي الجديد (الصين) هو شل عملية تصدير البترول السوداني عن طريق العقوبات الاقتصادية التي بدأت منذ التسعينيات ولم تتوقف حتى عام 2007م حيث أعلنت الولاياتالمتحدة مؤخراً عقوبات اقتصادية من جانب واحد في محاولة يائسة للسيطرة على الوضع هذا من جهة. ومن جهة أخرى بإثارة الخلافات الإقليمية، أملاً في أن يؤدي ذلك إلى فتح الطريق للبترول، تماماً كما فعلت عن طريق تأييد الحركة الانفصالية في الجنوب حيث قامت بتدريب وتسليح مقاتلي الحركة الشعبية خلال السنوات العشرين الماضية وأخيراً يبدو أن جهودها باءت بالفشل إذ من غير المتوقع ان يؤدي الاستفتاء عام 2011م إلى انفصال الجنوب. ويبدو أن الولاياتالمتحدة وبعد فشلها في الحصول على امتياز استغلال بترول السودان الذي حصلت عليه الصين فقد كان من الطبيعي أن توجه جهودها إلى الموارد البترولية في غرب السودان وبالفعل يوجد مشروع في مراحل متقدمة من التخطيط لمد خط الأنابيب الموجودة حالياً بين غرب تشاد وسواحل المحيط الأطلنطي عبر الكاميرون إلى غرب دارفور لنقل بترولها. ولا ينقص هنا إلا تعاون حكومة دويلة جديدة منسلخة عن السودان وهذا ما ظل يردده عبد الواحد محمد نور الذي يطالب بحق تقرير المصير وربما هذا هو سر إفلاته من العقوبات الأمريكية الأخيرة وهو ما يدفع حكومة بوش إلى الإصرار على إشراك حلف الأطلسي في التدخل العسكري المطلوب من الولاياتالمتحدة للسيطرة على مناطق المواد الخام وهو ذات السبب الذي تم من أجله تأجيج النزاعات المحلية واستغلال الأوضاع الإنسانية لخدمة أهداف عسكرية .. ولذلك فإن الحكومة السودانية لم تتوقف عند الترديد بأن مشكلة دارفور ليست مبالغ فيها فحسب بل مفتعلة ومخطط لها وهو ما دفع الرئيس السوداني للتهديد بأن يتولى بنفسه قيادة الجيش لمحاربة القوات الأجنبية إن تدخلت في دارفور. الوضع الإنساني سيد الموقف إن الحالة في دارفور تقل وضوحاً يوماً بعد يوم وقد صرح يان إيغلاند منسق معونة الأممالمتحدة مؤخراً بأن عدد المحتاجين للعون الإنساني عام 2006م أصبح يربو على 4 ملايين شخص (أي أربعة أضعاف عددهم عند بداية القتال عام 2003م) وحيث أن هنالك 2.5 مليون آخرين مشردين بين النزوح واللجوء فإن العدد الكلي يساوي كل سكان دارفور وهذه مبالغة أخرى، ربما كان الهدف منها أن تكون ذريعة ناجحة للتدخل الأمريكي في دارفور، ولكن بعد قمة باريس الأخيرة الفرانكفونية والتي تضمنت لقاء الرئيس السوداني بنظيره التشادي لنقاش الأوضاع بين البلدين وأعقبها بعد بضعة أيام لقاء في الجنادرية أذاب الجليد تماماً كل ذلك أدى إلى تغيير خطوط المواجهة خاصة بعد أن رفضت تشاد نشر قوات على حدودها مع السودان بالإضافة إلى أن الولاياتالمتحدة متأكدة من أن أقوى معارضي الحكومة المتمثل في جبهة الخلاص الوطني سيقف ضدها وهذا ما دفع يان إيغلاند للقول: (إنما نلعب ببرميل بارود معظم السودانيين ضد التدخل الأجنبي)، وهذا سبب ضم الدكتور خليل إبراهيم لقائمة العقوبات الأمريكية رغم عدائه السافر لحكومة الخرطوم إلا أن الحد الأدنى هو الوقوف ضد الولاياتالمتحدة على ما يبدو. أجندة الرمال المتحركة وبمراجعة موقف الولاياتالمتحدة من أطراف النزاع المعادية لحكومة الخرطوم نجد أنها تعوّل كثيراً على دعم الشاب عبد الواحد محمد نور على الرغم من حداثة عهده بالسياسة مقارنة مع دهاقنة سياسيين أمثال أحمد إبراهيم دريج والدكتور خليل إبراهيم وذلك بدأ واضحاً عندما تأجل اجتماع جوبا لأجل غير معروف وهو اجتماع كانت الحركة الشعبية لتحرير السودان (الشريك الرئيسي في حكومة الوحدة الوطنية) قد دعت له الفصائل السياسية والعسكرية الرافضة لاتفاق أبوجا في محاولة لجمع الشتات وتقريب وجهات النظر من أجل بناء موقف تفاوضي موّحد في مباحثات سلام محتملة مع حكومة السودان، وقد عزت الحركة تأجيل الاجتماع لإقناع نور بالمشاركة غير ان الأخبار تسربت بعد ذلك للصحف السودانية بأن الاجتماع تأجل بناء على طلب من الولاياتالمتحدة باعتبار ان أي اجتماع لا يشارك فيه عبد الواحد نور محكوم عليه الفشل. كل هذا على الرغم من أن مفجر الثورة الشاب قد خسر كل مؤيديه العسكريين والسياسيين وذلك عندما عصف به مؤتمر حسكنيتة وأتى بالأمين العام للحركة مني أركو مناوي ليتربع على كرسي الرئاسة وذلك كرد فعل على سياسات عبد الواحد الاستعلائية والمتغطرسة تجاه قادة الحركة بالإضافة لإهماله التام للشؤون العسكرية للمقاتلين الميدانيين لحركته الذين تفرقوا أيدي سبأ وابتعد عنه خميس عبد الله وأحمد عبد الشافي وأبو القاسم إمام الذي لحق بركب السلام عبر بروتوكولات طرابلس كما فعل من قبل البروفيسور عبد الرحمن موسى والمهندس إبراهيم مادبو وجميعهم من أركان الحركة السياسيين والعسكريين الذين تخلوا عن عبد الواحد نور إلا ان الولاياتالمتحدة في عدائها ضد الحكومة تفضل أن تدعم عبد الواحد الذي تحوّل إلى مناضل على أبواب السفارات الأجنبية وشرفات الفنادق وليس له أي تأثير ميداني خاصة بعد أن تخلى عنه أبناء عشيرته من فور وادي صالح والتفوا حول القائد الشاب/ أبو القاسم إمام ابن زالنجي وهي ذات منطقة عبد الواحد. وسر دعم الولاياتالمتحدة لعبد الواحد نور هو انه ينادي بدارفور الكبرى كإقليم رافضاً ما جاءت به أبوجا حول استفتاء سكان الإقليم وعوضاً عن ذلك ينادي بتقرير المصير لإقليم دارفور وهو حلم يداعب خيال صناع القرار في البيت الأبيض بعد أن تبخرت أحلامهم في انفصال جنوب السودان الغني بالبترول والذي سبقتهم إليه الصين عبر عقود طويلة الأمد فتحولت نظرات أمريكا إلى دارفور الأغنى بالبترول من الجنوب ولعابها يسيل من كثرة الثروات فبالإضافة للبترول يذخر الإقليم بالمعادن التي من أهمها اليوارنيوم فما ينادي به عبد الواحد يكفل لها تماماً السيطرة على ثروات الإقليم وتحويلها لمنفعتها عبر شبكة أنابيب غرب إفريقيا أو عبر ليبيا فالأمر سيان وهي كلها طرق اقرب للولايات المتحدة وأكثر أماناً من بترول الخليج القريب من روسيا وإيران والذي لن تفرط فيه الصين كذلك. إذ أن التقارير تفيد بأن الصين تحصل على 70% من الوقود النفطي من دول الشرق الأوسط ولذا فإنها تسعى الآن لتفعيل علاقاتها لأقصى مدى مع تلك الدول خاصة بعد خروج شركات النفط الأمريكية من اللعبة، وكذلك تريد الصين تنويع مصادرها من النفط بالتوجه نحو إفريقيا وهي لا تريد ان ترى وجه أمريكا هنا خاصة أن لها مصالح نفطية في إثيوبيا والسودان والكاميرون ترى أن أمريكا تسعى لخنقها بالسيطرة على بترول دارفور الذي يطل مباشرة على المصالح الصينية في جنوب السودان وغرب كردفان ولذا فإن المبعوث الصيني يطلق تصريحات قوية بأن الصين لن تتخلى عن برميل نفط واحد مهما كانت الأسباب وتجئ تصريحات عالم الجيولوجيا المصري الدكتور فاروق الباز عن المياه والنفط في دارفور والتي أطلقها أثناء زيارته الأخيرة للخرطوم متزامنة مع اتفاق العمليات الهجين لتؤكد بقوة كل ما ذكرناه خاصة ان الدكتور الباز يعتبرمن الخبراء لدى وكالة الفضاء الأمريكية في مجال الجيولوجيا. أمريكا و الهجين عندما أعلن وكيل وزارة الخارجية السودانية الدكتور مطرف صديق موافقة الحكومة على تنفيذ عمليات هجين في دارفور غضب الناس في الخرطوم وعم الاستياء كل السودانيين بسبب اختلاط الفهم إذ ظن الناس أن العملية الهجين مرادف للقوات الهجين والتي تعني مجرد قوة عسكرية مشتركة بين الاتحاد الإفريقي والأممالمتحدة وهو ما سعت إليه الولاياتالمتحدة بشدة وهيأت له حلف الأطلسي بل وربما مشاة البحرية الأمريكية ولكن مرة أخرى تعصف الدبلوماسية السودانية بطموحات وأحلام أمريكا. وبينما كانت المعارضة السودانية تبدي استيائها من الموقف الحكومي الذي لم تتوانى عن وصفه بالتخاذل جاءت تصريحات المسئولين الأمريكيين مفاجأة لهم تماماً فبعد تصريحات بوش المتحفزة وكلمات رايس النارية التي أطلقتها في مؤتمر باريس الأخير حول دارفور والذي انعقد وانتهى دون أن يلبي شيئاً من طموحات أمريكا بل على العكس وفرّت أوروبا دعماً سخياً للمساعدات الإنسانية في دارفور إذ تبرع ساركوزي بمبلغ 10 ملايين يورو بينما تبرع الاتحاد الأوروبي بمبلغ (13) مليون أخرى وخرجت رايس متلفحة بجلباب الفشل كالمعتاد ورغماً عن ذلك فإن جينداي فريزر تقول: (حتى صدور أعمال تجاه دارفور فإن احتمال فرض عقوبات جديدة يبقى قائماً). والمحصلة النهائية لكل ذلك أن الولاياتالمتحدة ضد العمليات الهجين والسؤال لماذا؟ أولاً إن العملية الهجين أو العملية المختلطة ليست عملية عسكرية بحتة وإنما هي مزيج من عمليات متعددة المحاور يمثل الجانب العسكري جزءاً منها وربما هذا ما دفع الراحل د. مجذوب الخليفة ليقول (مطلوب من الإعلاميين والصحفيين إيراد النصوص كما جاءت الوثائق تتحدث عن عمليات هجين ولم تتحدث عن قوات هجين فلماذا يكتبون بلغة الشارع). وبالرجوع للنصوص وتحت عنوان (الشؤون المدنية) تأتي المواد 5، 6، 7 بالنص الآتي: 5- سيساعد عنصر الشؤون المدنية في إنفاذ اتفاقية سلام دارفور وأية اتفاقيات لاحقة من خلال دعم عمليات الوفاق بحيث يشمل على المستوى القاعدي إدارة الحوار والتشاور الدارفوري – الدارفوري وتنشيط مؤسسات اتفاقية سلام دارفور (السلطة الإقليمية الانتقالية لدارفور، مفوضية الأراضي، مفوضية الخدمات المدنية وسيساعد العنصر المكوّن أيضاً في بناء قدرات المؤسسات القومية ومنظمات المجتمع المدني في دارفور. 6- تشمل أنشطة العنصر المكوّن في دارفور عقد الورش حول الملامح المختلفة للحكم وبناء السلام بهدف ترقية ثقافة السلام وخلق اتصالات مع المساهمين الرئيسين لدعم الحوار والتصالح وسط الأطراف المتصارعة. 7- ينتشر ضباط الشؤون المدنية على نطاق دارفور آخذين في الحسبان ديناميات الصراع المعقدة وضرورة مشاركة القواعد في عملية السلام، ولهذا الهدف يستقطب ضباط الخدمة المدنية الذين يعملون حالياً موظفين تحت تفويض البعثة الأممية في دارفور ليعملوا في العملية المختلطة جنباً إلى جنب مع موظفي الشؤون المدنية المجهزين لبعثة الاتحاد الإفريقي بموجب حزمة الدعم الخفيف وحزمة الدعم الثقيل. إذن هي عملية هجين لأنها تشمل الحوار الدارفوري – الدارفوري ودعم مفوضية الأراضي التي تسعى لتطوير الموارد الشحيحة في دارفور وكذلك تدعم الحوار والتصالح وسط الأطراف المتصارعة بالإضافة للعمل العسكري في حفظ الأمن ومراقبة وقف إطلاق النار ويمكن ان نطلق عليها اسم العملية المختلطة. وتوضح الفقرة (9) مهمة الجانب العسكري بالنص: في الوقت الذي يعمل فيه مكون العنصر العسكري للعملية المختلطة على حماية المدنيين فإنه سيعمل أيضاً على تنفيذ بنود أمنية محددة أنيط بها الاتحاد الإفريقي والأممالمتحدة بموجب اتفاقية سلام دارفور والاتفاقيات اللاحقة. إن العمليات المختلطة ستقوم على جهود بعثة الاتحاد الإفريقي للتأكد من العملية النافذة لفصل القوات وذلك بواسطة عملية الدوريات المتعلقة بإعادة الانتشار والمناطق العازلة وسحب الأسلحة طويلة المدى، وتعمل أيضاً على مراقبة انتهاكات اتفاقية سلام دارفور وإجراء التحقيق فيها وإعداد التقرير حولها وحسمها بواسطة لجنة وقف إطلاق النار والمفوضية المشتركة. وتقوم بمراقبة الحدود بين السودان وتشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى وتدعم عملية نزع السلاح والتسرع وإعادة الدمج. إن حجم وتعقيد هذه المهام في ضوء الوضع الأمني سيتطلب قوة أكبر من قوة بعثة الاتحاد الإفريقي الحالية بحيث تشمل أجهزة قيادة وإدارة واتصالات قوية وستتطلب تضاريس المنطقة الصعبة وغياب البني التحتية للطرق وخاصة أثناء الموسم قوة مجهزة بسيارات برية ذات قدرة على التحرك السريع وعناصر جوية قوية وقد أكدت على هذا بعثة إعادة الدراسة السريعة في 19 فبراير 2007م. هذه النصوص تؤكد الاعتماد على أبوجا كطريق للحل مع فتح الباب للرافضين بالتوقيع على برتوكولات لاحقة وهذا ما جعل اللواء مجذوب رحمه مسؤول الاتصال الخارجي بوزارة الدفاع الوطني السودانية يقول: (واحد من نقاط الجدل التي استغرقت وقتاً طويلاً كانت حسم المرجعيات التي تنطلق منها الاتفاقية وقد حُسمت في اتفاقية أبوجا للسلام باعتبارها الاتفاق الأساسي الذي لا يمكن إلغاؤه أو تجاوزه مع الاعتراف بأنه قابل للتطوير) وبموجب العمليات المختلطة (الهجين) يكون السودان قد أوفى بكل التزاماته تجاه خطة الطريق الثالث وذلك بالقبول بحزم الدعم الثلاثة. الحلول الذكية بينما بدت اتفاقية العمليات المختلطة (الهجين) بمثابة صفعة قوية تلقتها الولاياتالمتحدة وتعرفت حيالها بعدائية منقطعة النظير مما جعل وزير الخارجية د. لام أكول يصرح في ختام زيارته للمنامة إن واشنطن لا تريد اتفاقاً للسلام في دارفور يحق لنا أن نتساءل عندئذ وماذا تريد الولاياتالمتحدة من السودان؟ وهو تساءل قد اجبنا عليه سابقاً. تبدو حكومة السودان في غاية الذكاء وهي تنقل عن كاهلها العبء المادي لتنفيذ اتفاق أبوجا وهو (أي العبء المالي) كان العقبة الأساسية في طريق إنفاذ سلام دارفور الذي لا تريد له أمريكا أن يتم فعند لقاءاتي المتكررة بالمسئولين في السلطة الانتقالية كان المال هو العون الأساسي لإحلال السلام، فالمهندس عبد الجبار دوسة بدأ محبطاً للغاية من فشل مؤتمر المانحين الذي لم ينعقد وكان واضحاً أن الرجل في موقف لا يحسد عليه وهو على رأس صندوق إعمار وتنمية دارفور رغم أن الحكومة أوفت بالتزامها المادي إلا أن الرجل كان يبدو وكأنه يتربع على صندوق خاوي من المال الذي يتزايد الطلب عليه لحظة الإعمار والتنمية التي أعدها المهندس إبراهيم مادبو مفوض إعادة التأهيل وجلس مربعاً يديه بانتظار المال وكذلك بدأ المهندس آدم عبد الرحمن مفوض أراضي دارفور، والذي يحلم بتطوير الموارد بما يمكن الناس من الكف عن النزاع حولها في حين بدت مهمة مفوضية الترتيبات الأمنية شبه مستحيلة في ظل عدم وجود المال والولاياتالمتحدة تزيد كل يوم من العقوبات في محاولة لتركيع نظام الخرطوم أو على الأقل الحصول على موافقة المجتمع الدولي بالتدخل العسكري ومن ناحية أخرى تحاول الإبقاء على الأوضاع في حالة بلبلة حتى لا تسبقها الصين أو ماليزيا، أو حتى روسيا لبترول دارفور. وفي جانب آخر فإن مفوضية التعويضات لم تنشأ حتى الآن ولا زالت عمليات الدمج والتسريح عبر برامج (D.D.R) تتعثر تحت وطأة شُح الميزانية. ولكن الحكومة ببساطة متناهية نقلت كل ذلك عن كاهلها للمجتمع الدولي واكتفت بدور المراقب لسير الأمور ومن ناحية أخرى كثفت من جهودها السياسية نحو حل شامل لقضايا الإقليم عبر الوساطات الليبية والسعودية والإريترية لتوحيد رافضي أبوجا ودفعهم للتوقيع على اتفاقيات السلام ومن جانبها سعت أيضاً للصلح بين تشاد ومعارضي الحكومة التشادية في المبادرة التي أطلقها قادة المعارضة وفوق كل ذلك قال رئيس الجمهورية في فاتحة احتفالات البلاد بالعيد الثامن عشر لثورة الإنقاذ الوطني إن التنمية في دارفور تمثل أولوية قصوي بالنسبة للحكومة وأعلن أنه بنفسه سيقود جهود التنمية في إقليم دارفور وبذلك تكون ملامح الحل قد اكتملت تماماً بينما بوش يعض أصابعه ندماً.