إن حجم التبادل التجاري لأفريقيا مع الصين ازداد من 11 مليار دولار في عام 2000 إلى 56 مليار دولار في 2006. وتجدر الإشارة إلى أن عدد الدول الأفريقية التي تستثمر فيها الشركات الصينية يصل إلى أكثر من 48 دولة. هذا وتؤكد الصين أن معوناتها الاقتصادية للقارة السمراء والتي لا تتبعها أي شروط سياسية ما هي إلا مساعدة متبادلة بين صديقين. وتشير التقارير الاقتصادية إلى وجود اهتمام متنامي من جانب الصين بالقارة الأفريقية كأحد مصادر النفط والطاقة التي يمكن الاعتماد عليها. فبعد أن تمكنت الصين من التقدم على اليابان في الترتيب لتصبح ثاني أكبر مستهلك في العالم للنفط بعد الولاياتالمتحدة, أصبحت الآن تستهلك نحو 66% من صادرات السودان النفطية. إن الدور الصيني المتنامي بشكل سريع في القارة الأفريقية قد أثار حفيظة الدول الغربية خاصة وأن الدول المتلقية للمساعدات التنموية مثل السودان قد أدركت بصورة واضحة الفرق في الشروط المقرونة دائما بمساعدات الغرب بالمقارنة مع الدخول في شراكات مع الصين. وتبعا لذلك دخلت الحكومة الأمريكية في منافسة حادة مع الصين التي برزت في الساحة العالمية كقوة لا يستهان بها اقتصادياً بما يتعارض مع طموحات المحافظين الجدد المسيطرين على مقاليد الأمور حالياً في الولاياتالمتحدة. وتعتبر الصين أقوى مهدد أمام صناع القرار في أمريكا مما دفعهم إلى وضع استراتيجيات للسيطرة على احتياطي البترول بمحاولة توظيف الصراعات الإقليمية الناتجة عن التزايد السكاني في ظل تراجع الموارد نتيجة لموجات الجفاف المتتابعة والاستخدام الجائر للموارد المحدودة مثل ما هو الحال بالنسبة لمكونات الأزمة في دارفور، وذلك تحت غطاء إعلامي مضلل باسم حقوق الإنسان والأوضاع الإنسانية المتردية كذريعة للتدخل وممارسة أصناف شتى من الضغوط تؤدي إلى تفاقم الأزمة وازدياد الاضطراب في المنطقة ومنع وصول الاحتياجات الحقيقية للسكان بما يتيح السيطرة للولايات المتحدة على منابع النفط التي تحتاجها لتأمين ما تحتاجه من طاقة. وفي هذا الإطار برزت مجموعة ما يعرف بتحالف إنقاذ دارفور (Save Darfur Coalition), والتى تقود حملة معادية تتسق مع كل ما من شأنه الإبقاء على أزمة دارفور مشتعلة. يذكر أن هذه المجموعة نشرت إعلانا في مجلة الايكونومست (The Economist) في العدد الصادر 21 يوليو 2007, صورت فيه الصين كما لو أن لها دورا فيما يجري في الإقليم بسبب تعاونها الاقتصادي مع الحكومة السودانية. وقد جاء الرد الصيني في اليوم التالي على الإعلان من خلال مسؤول الإعلام بالسفارة الصينية في لندن السيد زاهاو شانغسين, الذي وصفه ب "خاطئ ومضلل". ذاكرا أن الحكومة السودانية قد وافقت موافقة صريحة ومن دون شروط على الاتفاق بشأن العملية الهجين بين الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي القاضي بإرسال قوات مختلطة إلى إقليم دارفور واعتبر هذا الاتفاق ثمرة لجهود متعددة بذلتها الأطراف المهتمة بالقضية بما في ذلك الحكومة الصينية التى يشهد على دورها المجتمع الدولي. وجاء في رد مسؤول الإعلام الصيني أن الرئيس هوجنتاو وخلال زيارة النائب الأول لرئيس الجمهورية سلفاكير ميارديت 19 يونيو الماضي, "الصين تدعم العملية السلمية والاستقرار وإعادة البناء والتنمية في السودان" إلى جانب مناشدته للمجتمع الدولي للاستفادة من الفرصة المواتية الآن لتعزيز السلام والعملية السياسية بشكل متوازن وبمساعدة الحكومة السودانية من أجل تحسين الأمن والأوضاع الإنسانية في إقليم دارفور. وأكد السيد شانغسين أن الصين ملتزمة بنشر وحدة هندسية متعددة المهام تتكون من 275 فردا لدعم العملية الهجين. وقال إن القيادة الصينية تسعى لإنهاء أزمة دارفور "... الحكومة الصينية تعمل مع الأسرة الدولية من أجل حماية ووحدة السودان ووحدة أراضيه. وسيادته لا بد أن تحترم." ومن المعروف أن الصين ظلت تؤكد على الدوام على أن الحل السياسي هو السبيل الوحيد الفعال لتسوية الأزمة. كما أن الصين ترى أن فرض العقوبات أو الضغوط لا يمكن أن تساعد على الحل, بل ستعقد الوضع في السودان إضافة إلى كونها تبعث بإشارات خاطئة إلى الحكومة السودانية بعد أن بدت بالفعل تبرز توجهات ايجابية على صعيد الحل النهائي للقضية.