ويرى بعض المحللون أنها عملية تواطؤ واضحة من اليوناميد مع الحركات المتمردة عبر مسرحية مكشوفة وسيئة الإخراج وبصورة تدل على استهتارهم بالسلطات الحكومية وتجاوز واضح لكافة المواثيق والاتفاقيات المبرمه معها ، فيما أوضح البعض الآخر أن اليوناميد تقوم بإمداد ودعم المتمردين بالمؤن والسلاح كلما أحست بضعف موقفهم العسكري. إذاً لابد للحكومة من اتخاذ اجراءات حازمة تكفل وضع حد لتجاوزات اليوناميد. وقد وقعت الحادثة الأخيرة لليوناميد بهذا السيناريو حيث فوجئت القوات المسلحة باستيلاء حركة تحرير السودان المتمردة جناح عبد الواحد محمد نور على مجموعة من المعدات والأسلحة تتبع لقوات اليوناميد في جنوب دارفور عقب اعتراض طريقها إلى منطقة دريبات من قبل مجموعة عبد الواحد المتمردة والتي استولت على (7) عربات لاندكروزر و(8) قرنوف و(53) بندقية كلاشنكوف فضلاً عن (10) أجهزة اتصال موترلا وجهازي تتبع سيارات. وتساءل المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة المقدم الصوارمي خالد سعد عن كيف يمكن لقوة صغيرة من المتمردين أن تستولى على كل هذه المعدات وأن تأسر (61) جندياً من اليوناميد؟ وكيف لم تحدث اشتباكات بين الجانبين، وقال إن السلطات العسكرية المختصة كانت قد نصحت بعثة اليوناميد بعدم التحرك في المناطق المتاخمة لجبل مرة بولاية جنوب دارفور وأكد الصوارمي التزامهم الكامل بالاتفاقيات مع اليوناميد ولم يشر إلى اتهام قوات اليوناميد بالتواطؤ مع الحركات المتمردة في جبل مرة. هذا الحادث ترك عدة علامات استفهام حول دور قوات اليوناميد في دارفور والذي يؤكد أن الحوادث المشابهة في هذا الإطار توحي بأن قوات اليوناميد تسعى لإمداد الحركات المتمردة بصورة غير مباشرة تحت غطاء فقدانها للأسلحة ، إلا أن الحقائق تشير للأغراض الواضحة فمثلاً شركة (سيوب ديم) وهي إحدى الشركات المتعاقدة مع اليوناميد فقدت (7) شاحنات تعيينات ومواد غذائية أخرى مختلفة في مطلع شهر يناير المنصرم والتي ذهبت إلى حركة العدل والمساواة في منطقة جبل مون وما جاورها. وكشف مسؤول فضل عدم ذكر اسمه أن دورية من قوات اليوناميد تحركت في الخامس من شهر مارس الحالي من منطقة المالحه وأبلغت القوات المسلحة بأن الغرض من هذه الدورية هو البحث عن دانات (مكذبة) في المنطقة إلا أنها عادت في نفس اليوم وبحوزتها عربة تابعة لمنظمة قومبي الإيطالية سبق وأن تم اختطافها بواسطة المتمرد سليمان مرجان وعلمنا وتأكدنا بأن هدف الدورية كان بغرض التقاء المتمردين والتفاوض معهم والاتفاق على إعادة عربة المنظمة مقابل إمداد المتمردين بكميات من الأسلحة والذخائر وتم ذلك في حينه وبالتالي إخفاء هذه الحقائق وعدم إخطار الجانب الحكومي وهذا يؤكد أن هنالك صفقات سرية تدار بين هذه الأطراف. واوضح خبير عسكري متقاعد أن بعثة اليوناميد درجت في الآونة الأخيرة على عدم احترام التفاهمات والاتفاقيات التي وقعت عليها مع السودان وعلى الرغم من تأكيدها على النظر بعين الاعتبار للنصائح التي يقدمها الجانب الحكومي..الا ان مثل هذه التصرفات تؤكد ما ذهبت إليه القوات المسلحة بأن اليوناميد تتعمد الأخطاء التي تفضي إلى دعم المتمردين متى ما أحست بضعفهم وحاجتهم للعون. ويوضح الخبير أن المتمرد عبد الواحد صرح لمكتب حركته بإيطاليا بأنه لا يزال موجود في فرنسا وسيغادر إلى الميدان قريباً وأن سلاحه جاهز وبكميات كبيرة وسيصلهم في مواقعهم من الأصدقاء دون كثير عناء ولديه قوات تم تدريبها في إسرائيل وسيتم نقلها إلى دارفور في الوقت المناسب. ويحلل الخبير حادث اليوناميد بأنها لم تستمع لنصائح اللجنة الأمنية بولاية جنوب دارفور بإرجاء زيارة منطقة دريبات (شرق الجبل) لعدم استقرار الأحوال بسبب القتال المتواصل بين المجموعات المتمردة بين حركة تحرير السودان وحركة عبد الواحد لكن البعثة تجاهلت تلك النصائح لشيء في نفسها. وأضاف الخبير أن أعمال دورية بعثة اليوناميد تصدر توجيهاتها عادة من رئاسة القطاعات وفق البرنامج الأسبوعي إلا أن تحرك هذه القوات صدرت توجيهاته من رئاسة قوات اليوناميد بالفاشر مما يؤكد التخطيط لهذه العملية على مستوى رئاسة البعثة إلا أنه أكد على أن القوات المسلحة تحتفظ بحقها في منع قوات (اليوناميد) مستقبلاً من التصرف بهذا الشكل الذي يدعم التمرد حتى لو أدى ذلك إلى منع تحركها في بعض المناطق وحسبما يتطلب الموقف. وفور وقوع الحادثة استدعت وزارة الخارجية الممثل المشترك لبعثة اليوناميد وأبلغته قلق الحكومة حول تصرفات قواتها وطالبته بتوضيح رسمي عاجل لملابسات الحادث وطالبت بإجراء تحقيق عبر لجنة مشتركة بين الحكومة والبعثة لتقصي الحقائق حول الأمر وأنهم طلبوا من البعثة استبدال الكتيبة النيجيرية الموجودة بالمنطقة بأخرى. الجدير بالذكر أن والي ولاية جنوب دارفور السابق علي محمود محمد قد انتقد في وقت سابق ما أورده الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في تقريره بشأن دارفور أمام مجلس الأمن الدولي الخاص بعرقلة المسؤولين في الحكومة عمل قوات اليوناميد وقال محمود إن قوات اليوناميد تتمتع بكل ما كفلته لها اتفاقية دخولها السودان وأشار إلى أنها تمارس عملها العادي في الولاية دون أي عراقيل عبر المواقع التي تنشر فيها وأكد أن اللجنة المناط بها التعامل مع العملية الهجين برئاسة نائب الوالي وعضوية قائد الفرقة (16) بنيالا ومدير شرطة الولاية ومدير جهاز الأمن والمخابرات لم تتلق أي شكاوي في هذا الخصوص منوهاً إلى تعاون حكومة الولاية معها في أداء مهامها وتخصيص موقع بمطار الخرطوم لخدمات الطيران وقال محمود إن السودان بعضويته في الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي يحترم المواثيق التي وقعها وأن استمرار وجود هذه القوات بموجب الاتفاق مع الحكومة المركزية أمر يخضع لها فقط وهي التي تستطيع أن تقرر فيه. الجدير بالذكر أن بعثة اليوناميد تكونت في دارفور بموجب قرار مجلس الأمن رقم (1769) الذي صدر في 31 يوليو 2007م.