وفر المؤتمر الدولي للمانحين لاعمار وتنمية دارفور مؤشرا قويا لخروج مسالة دارفور الملحة جدا من طور الأزمة الانسانية الى طور التنمية مما يشير الى أن سكان الاقليم ربما تجاوزوا الاوضاع الانسانية بالغة الحرج والتأزم التي ظلوا يكابدونها منذ نشوب الصراع العام 2003. وقد أختتم المؤتمر الذي نظمته ودعت له الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي مساء أول أمس الاحد بالقاهرة برئاسة تركية ومصرية شاركت فيه 80 دولة منها أعضاء منظمة المؤتمر الاسلامى ومنظمات دولية منها الأممالمتحدة والبنك الدولى والاتحاد الأفريقى والجامعة العربية ومنظمات غير حكومية ، حيث تمكن من جمع تعهدات من الدول المشاركة فيه بلغت 841 مليون دولار أمريكي أموالا نقدية. وتتمحور مشروعات التنمية التي سيتم إعطائها الاولوية القصوى حول ستة قطاعات تشمل المياه والاسكان والتخطيط العمراني- والتنمية الريفية وتنمية المرأة وبناء القدرات- والصحة والتعليم. و تمت دراسة المشروعات التي قدمت للمؤتمر من قبل منظمة المؤتمر الإسلامي، وخبراء في البنك الإسلامي للتنمية بالتنسيق مع الحكومة السودانية التي قدمت مشاريع خدمية و مشاريع في مجال البنية الاساسية واخرى استثمارية للمؤتمر ، وفقا لما ذكره منظموه.وهدف المؤتمر أن يعمل على تعزيز قطاعات تنموية عديدة في دارفور، في سياق تأهيل المنطقة وإعادتها إلى سابق عهدها كبيئة منتجة زراعيا ، بحسب الأمين العام المساعد للشئون الإنسانية في منظمة المؤتمر الإسلامي، السفير عطاء المنان بخيت. وكان د. مصطفى عثمان مستشار رئيس الجمهورية قد ذكر لوكالة السودان للانباء أن دعم الجامعة العربية والمانحين الاخرين كان يرتكز بشكل أساسي على نجدة الأوضاع الإنسانية في دارفور فيما يركز هذا المؤتمر على التنمية. وقد وافق المؤتمر على تأسيس بنك للتنمية في دارفور مقره السودان يتولى حشد كافة التعهدات الخاصة بتنمية واعمار الاقليم بحسب البيان الختامي الصادر عن المؤتمر كما اقر ايضا تشكيل لجنة لتنسيق مساعدات دارفور تضم دولة قطر والسعودية والسودان ومصر وتركيا ومنظمة المؤتمر الاسلامي والبنك الاسلامي للتنمية بالاضافة الي كبار المانحين تتولى العناية بآليات ايداع وتنفيذ التعهدات وتخصيص الموارد للمشروعات المتفق عليها. وأعتبر مشاركون في المؤتمر إن المبلغ سيساعد فى عمليات إعادة البناء ولكنه لن يكفى وحده ، وقال وزير المالية د.عوض أحمد الجاز فى تصريحات صحفية إلى "إن المبلغ المرصود فى هذا المؤتمر ليس كافيا لإعادة إعمار الإقليم بالكامل ، إلا أنه يعتبر استكمالا للجهود الحكومية فى عملية تنمية المناطق المضارة من الحرب" واكد البيان أهمية التنمية كمدخل للسلام والاستقرار في دارفور ووصف الأزمة القائمة هناك بانه في الأساس أزمة نقص تنمية، مشددا على ضرورة التوصل الى تسوية سياسية، وإتفاق سلام نهائي عادل وشامل لإقرار السلام والإستقرار في دارفور وثمن وزير الخارجية التركي احمد داوود اوغلو ، جهود دولة قطر لتحقيق السلام في دارفور واكد ان المؤتمر "" جاء في الوقت المناسب خاصة بعد أن ساعدت دولة قطر في التوقيع علي اتفاق السلام الاطاري بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة" مؤكدا عل أستمرار تعاون تركيا مع مصر وقطر لتحقيق الاستقرار فى السودان. واستطرد قائلا " إن هذه المشروعات وهذه القطاعات والأموال عندما تأتى فإنها ستأتى فى إطار من السلام ، أى أننا نتوقع أن يسود السلام أراضى دارفور وأن ما تم توقيعه فى الدوحة سوف يستكمل ويؤدى بنا إلى حالة سلام واستقرار وتسوية نهائية بين مجموعات التمرد وهذه الجماعات وشعب دارفور فيما بينهم , وبالتالى عندما نصل إلى هذه اللحظة تقترن بها فكرة بناء المشروعات" وقد زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مارس 2006 أقليم دارفور البعيد عن الخرطوم بحوالي الألفين كيلو متر مربع بسبب الأزمة الطاحنة التي يعيشها ، وهو الرئيس الوحيد الذي زاره منذ نشوب أزمته ، وقال أثناء زيارته لها : (إن العلاقة الأزلية التي تربط تركيا بدارفور تجعلهم في مقدمة الدول التي ستقدم المساعدة لهذا الأقليم). وربما كانت كلماته تعبيرا عن المشاعر العاطفية والوجدانية التي تكنها تركيا لهذا الجزء العزيز من السودان واحساسها بالامتنان تجاهه بسبب وقفة السلطان علي دينار الصلبة الي جانب السلطنة العثمانية والتزامه بمساعدتها ضد البريطانيين خلال الحرب العالمية الأولى. وأنكر أردوغان تعرض سكان دارفور للابادة الجماعية وذكر أن تعاليم الدين الاسلامي التي تدعو إلى التراحم والتسامح لا يمكنها أن تجعل المجتمع المسلم يمارس أبادة جماعية ضد بعضه البعض وقال : إننا متفهمون لمشكلة دارفور تماما وهى تختلف عن بقية الأزمات في العالم. ويمكن حلها سلميا وحث الحكومة والمتمردين علي ضرورة التوصل إلى اتفاق سلمي عاجل. ويتمتع إقليم دارفور الذى تصل مساحته إلى نصف مليون كيلو متر مربع، بثروات طبيعية متنوعة، إلا أن الحرب حدت من استفادته منها، حيث اشتهر بغابات الشهاب التى تثمر الصمغ العربى، والذى تعتبر السودان أهم منتج له فى العالم، فضلا عن زراعة القطن والتبغ فى جنوب الاقليم، وزراعة القمح والذرة فى بعض أجزائه، فضلا عن احتواء الاقليم على احتياطيات من المعادن والنفط. ويشهد أقليم دارفور عودة طوعية للنازحين واللاجئين إلى قراهم، حيث عاد مئات الآلاف بالفعل لأكثر من 600 قرية أعيد تأهيلها، بحسب تصريحات سابقة لرئيس منظمة المؤتمر الإسلامى. وقد أسهم الجهد العربى فى إعادة تأهيل 95 قرية و79 مركزا صحيا و75 محطة مياه، بحسب عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية.