منذ القرار الأمريكي القاضي رفع الحظر عن السودان لم تمضي العلاقات الاقتصادية بين الخرطوم وواشنطن بالصورة العملية المطلوبة، باعتبار أن القرار بحمل في طياته عدة تحفظات مالية تجارية ربما يكون القصد منها خلق مساحة للقياس والتقييم برفع الحظر نهائيا عن السودان، لكن مؤخراً أصدر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة الأمريكية قرار يقضي بالسماح بتمويل كافة الصادرات السودانية من الأجهزة والمعدات للسودان، ولا شك أن هذا يعتبر إيذاناً ببدء المعاملات التجارية والمالية بين البلدين. ولعل القرار شمل تعديلات في فقرتين تعتبران العمود الفقري فيه، إذ تم الغاء الفقرة 538 التي كانت تحظر انشاء أو إعمال المعاملات البنكية والتحويلات المالية والتجارية الخارجية، وفرض اجراءات ادارية ومالية مشددة على السودان، بجانب تجميد الاصول التابعة له وهذا يعني اتاحة الانشطة التجارية والمصرفية، وشمل القرار تعديل الفقرة 596 بحيث تسمح بتمويل المنتجات الزراعية والمعدات الطبية فضلا عن تصديرها وبيعها دون قيود، ويبدو أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تمضي بصورة جادة وعملية لتصحيح المسارات الاقتصادية والسياسية مع السودان. ويقول د. عبد الله موسى الخبير والمحلل الإقتصادي ل(smc) ان التعديلات التي شملها القرار تعمل على تعزيز القرار التنفيذي الصادر عن رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية في اكتوبر 2017 والذي قضى برفع العقوبات الاقتصادية عن السودان، ويضيف أن القرار سيكون له أثر إيجابي وفعلي علي السودان ويسهم بصورة مباشرة في عودة العلاقات الاقتصادية بين السودان والولاياتالمتحدة وكذلك دول العالم الأخرى في المرحلة المقبلة، بجانب أنه سيزيل مخاوف المصارف والبنوك الخارجية من التعامل المصرفي مع السودان مباشرة، متوقعاً ان تشهد الفترة المقبلة تنشيطاً كبيراً في حركة التحويلات المصرفية للسودان وتفعيل التجارية الخارجية وحركة الصادر خاصة في القطاعات الزراعية والحيوانية وادخال التقانات الحديثة في القطاعات الصحية والطبية الأمر الذي يحقق قفزة ملموسة في حركة الانتاج والصادر في المرحلة القادمة. وبسحب خبراء معاصرين يتوجب على وزارة الخارجية الامريكية ان تبعث للبنوك العالمية مكتوب يوجه باعادة التعامل التجاري المباشر مع السودان باعتبار ان اسمه لم يعد في القوائم السوداء، مما يعني ازالته من اللائحة التي تضم اسماء الأفراد والشركات التي يمنع التعامل معها والتي تصدرها الولاياتالمتحدةالأمريكية بصورة راتبة. ويقول بكري يوسف الامين العام لاتحاد العمل السوداني ل(smc) أن القرار بمثابة الإذن لكل البنوك الخارجية خاصة فيما يتعلق بحركة التجارة والصادر للتعامل المباشر مع السودان، فيما دعا لضرورة القيام بشراكات ذكية بين الشركات السودانية والامريكية والاستفادة من الخبرات الأمريكية خاصة في جانب الزراعة باعتبارها انجح الاستثمارات، وأضاف ان القرار يعتبر اضافة سياسية الأمر الذي يستوجب على بنك السودان المركزى ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي ووزارة المالية المزيد من الترويج للقرار وتبليغ الجهات المعنية من البنوك المركزية على المستوى الاقليمي والدولي، وذلك عبر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بواشنطن لبدء المعاملات المصرفية والتجارية، واعتبر ان القرار رسالة قوية بان التدرج في انهاء ملف السودان الاقتصادي يمهيد لرفع اسم السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب، باعتباره قرار سياسي اقتصادي ويرتبط بالأطراف الاستراتيجية السودانية والامريكية، وطالب في حديثه منظمات المجتمع الدولي بانزال القرار وتنفيذه لاستمرار الحوار المفتوح بين الحكومتين والوصول الي القرار النهائي لبدء التعلاملات المالية والمصرفية. وعلى صعيد حركة التجارة الخارجية والصادر نجد ان جميع الدول المتقدمة يقودها القطاع الخاص وهذا ينطبق علي السودان وأمريكا، ويبدو أن التدفقات الاسثمارية الأجنبية التي تبعت قرار رفع الحظر عن السودان جاءت نتيجة لتوافق العلاقات الأقتصادية التي ترجمها رجال الاعمال والوفود الاجنبية التي زارت الخرطوم في الفترة الماضية. ويرى مراقبون ان القرار سيحقق للسودان مكاسب اقتصادية غير مسبوقة وتأتي أهميته في انه يتزامن مع الموسم الزراعي الصيفي بالبلاد، ولا شك أن جميع الاسثمارات الأجنبية ستدخل بقوة في هذا القطاع بعد ان كانت تعيقه مدخلات الانتاج والتمويل. واتفق خبراء الاقتصاد على أن القرار يمهد الطريق أمام بدء المعاملات المالية والمصرفية والتجارية خاصة السلع المسموح بها وفقا لما ورد في القرار.