من المقرر أن تستضيف العاصمة السودانية الخرطوم اجتماعاً موسعاً لدول جوار ليبيا أواخر الشهر الجاري لبحث تأثير الأوضاع في ليبيا على دول الجوار. ومن المتوقع ان تشارك كل من فرنسا وايطاليا بصفة مراقب، ويسعي السودان من خلال الإجتماعات الى النظر في امكانية اطلاق مبادرة من الإتحاد الأفريقي بشأن ليبيا. وتأتى اجتماعات الخرطوم بشأن ليبيا استكمالاً لجهود السودان في تحقيق السلام في ليبيا باعتباره اكثر دول الجوار تأثراً بالحرب فيها ويظهر ذلك بوضوح من خلال مشاركة مرتزقة الحركات الدارفورية في القتال الدائر هنالك، ورغم ذلك ظل السودان يدفع في اتجاه حل سلمي في كامل الأراضي الليبية، كما انه كان من الدول القلائل التى رفضت التدخل العسكري في ليبيا. وظل السودان متمسكاً بمواقفه رفضاً لأي تدخل عسكري خارجي في الأزمة الليبية ، وشدد على انه ينبغي أن يكون الحل نابعًا من الليبيين أنفسهم بمعاونة الإتحاد الأفريقي مع التأكيد على أن السودان يقف مع الحل الليبي على أن يشمل جميع الأطراف دون إقصاء لأحد. ولا تخلو القمم الأفريقية من إستعراض جهود السودان المبذولة تجاه الأزمة الليبية ، وتجديد مواقفه بضرورة الوصول الى حل سلمي للأزمة في ليبيا بين الأطراف المعنية ، بجانب انه ظل يدعو عبر جميع المنابر الدولية الأخري الى تحقيق السلام والإستقرار بليبيا عبر تسوية سياسية شاملة بعيداً عن التدخلات العسكرية والأجنبية. ولعبت الحكومة السودانية ادوراً عديدة عبر آلية دول جوار ليبيا والآلية رفيعة المستوى التابعة للاتحاد الأفريقي والمساعي الأممية فضلاً عن التعاون الثنائي بينها وليبيا لدعم جهود تحقيق الأمن والإستقرار في كافة ربوع الأخيرة، بجانب المشاركة في مؤتمر باليرمو الذي عقد بالعاصمة الايطالية روما اوائل الشهر الجاري لمناقشة الأوضاع بليبيا وكيفية تسريع وتفعيل عملية التسوية السياسية. واكدت وزارة الخارجية مراراً حرص السودان ودعمه القوي لوحدة التراب الليبي مؤكدة عدم رغبته في أن تقوم أي جهة ليبية بتسليح حركات التمرد الدارفورية او التعاون معها ، وهي الحركات التي يحظى بعضها الآن بالإيواء من قِبل بعض الأطراف الليبية. وسبق ان اشاد المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر بموقف السودان تجاه الأزمة الليبية واوضح إن المواقف السودانية والأممية منسجمة إزاء الأزمة الليبية وأن هناك توافقًا بين السودان والأمم المتحدة تجاه ضرورة إيجاد حكومة قوية تحفظ وحدة واستقرار الأراضي الليبية ، واشار الى دور السودان المحوري في المنطقة. لاشك ان السودان يتمتع باحترام كبير من كافة مكونات الشعب الليبي ويمكن أن يقوم بدور مهم وفعال في حل الأزمة الليبية والوصول إلى وفاق وسلم، على الرغم من وجود بعض الاطراف الدولية التى تسعي لإبعاده عن هذا الملف بل انها حاولت اقحام السودان في الصراع الليبي، غير ان الحكومة السودانية ظلت تكرر بأن السودان لا دخل له فيما يجري وانه ظل يدعو الي حل الأزمة عن طريق التفاوض بين الأطراف مشددة على موقفها وانها لاتؤيد "الحرب بين الاشقاء ولا تدعمها". يأتى اجتماع الخرطوم لدول جوار ليبيا في وقت يتمسك فيه السودان بهدفين رئيسيين قد يكونا الدافع وراء عقد الاجتماع المشار اليه وهما امكانية وجود مؤسسات قوية تحفظ وحدة الأراضي الليبية وضمان ان لايوجد في ليبيا مايهدد الأمن القومي السوداني وذلك بعدم تعامل اي طرف في ليبيا مع الحركات الدارفورية المتمردة. معلوم ان السودان عانى الأمرين منذ نظام القذافي الذي ظل يحتضن الحركات المتمردة ويدعمها بالعتاد والسلاح وجاءت بعض الأطراف لتسلك ذات الطريق وعلى الرغم من ذلك لم يتخذ السودان اي خطوات تصعيدية تجاه ليبيا والتزم بالوقوف على الحياد في توافق مع رؤية الجامعة العربية والإتحاد الأفريقي والمؤسسات الدولية كما انه كان من المؤيدين لإتفاق الصخيرات والتنسيق عبر آلية دول الجوار للمساهمة في تنفيذه من خلال تشكيل حكومة فاعلة.