اثار الاعتداء الذى تعرضت له بعثة الاتحاد الافريقي بدارفور بمنطقة حسكنيتة والذي اسفر عن مقتل 10 اشخاص وجرح ثمانية وفقدان36 ردود افعال واسعة وابدى بعض المراقبين مخاوفهم من تأثير الحادث على مفاوضات طرابلس المزمع عقدها فى27 اكتوبر القادم. وبدأ الاتحاد الافريقي التحقيق فى احداث حسكنيتة واعلنت بعثة الاتحاد الافريقي فى الخرطوم انها ستواصل التحقيق فى الهجوم المأساوي وتعهدت بالكشف عن مرتكبي الحادث ومعاقبتهم حيث اتهمت مصادر من البعثة حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان بالضلوع فى ذلك الحادث بينما هددت السنغال بسحب قواتها من دارفور. وكان مصدر بالاتحاد الافريقي قد اشار الى ان سبعة من القتلى نيجيريون اضافة الى سنغالي ومالي وبتسواني. من جانبها اعلنت القوات المسلحة بسط سيطرتها كاملة على حسكنيتة عقب استجابتها للنداء الذي وجهته لها قوات الاتحاد الافريقي على خلفية الهجوم. وكان الفريق عبدالرحيم محمد حسين وزير الدفاع قد قام بزيارة لدارفور ووصف الهجوم على القوات الافريقية بالتحول الخطير وقال انهم ظلوا يحذرون باستمرار من حدوث هذه العمليات. وفى ذات السياق قررت قيادة الشرطة ارسال فريق متخصص لمنطقة حسكنيتة بجنوب دارفور لاجراء التحقيق الجنائي حيث ادان اجتماع هيئة الشرطة الدوري برئاسة الزبير بشير طه وزير الداخلية الاعتداء ووصفه بانه سلوك اجرامي لا يشبه قيم وموروثات اهل السودان. كما استنكرت وزارة الخارجية فى بيان لها الخروقات التى قامت بها الحركات المسلحة وقالت فى بيانها إن ما حدث لن يزيدها الا ايماناً بالحوار السياسي وسيعزز من التعاون بينها وبين الاتحاد الافريقي من اجل بسط السلام والاستقرار. وعلى صعيد ردود الافعال الدولية تجاه حادثة حسكنيتة ادانت بريطانيا الحادث ووصف وزير الخارجية البريطاني ميلييان الهجوم الذي تعرضت له قوات الاتحاد الافريقي بحسكنيتة بانه عمل وحشي، داعيا الجميع لايقاف العمليات القتالية والانخراط فى العملية السياسية باعتبارها السبيل الوحيد للسلام الدائم. وتعهد رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي الفا عمر كوناري بمعاقبة المعتدين الذين هاجموا القوة الافريقية وقال فى مؤتمر صحفي ان التحقيقات جارية لتحديد هوية منفذي الهجوم. وفى ذات السياق ادانت الولاياتالمتحدةالامريكية الحادثة ودعت الى الاسراع بنشر القوة الهجين فى اسرع فرصة وقالت المتحدثة باسم البيت الابيض دانا بيرونيو ما يريده الرئيس هو وصول قوات حفظ السلام فى اقرب فرصة لاننا مصممون على الوفاء بالتزماتنا بوقف اطلاق النار ومساعدة هؤلاء الذين يعانون فى دارفور. واكد مصدر فى الاممالمتحدة ان المنظمة الدولية باتت على يقين ان الهجوم على حسكنيتة كان بمثابة رسالة من الحركات المسلحة للمجتمع الدولي للفت الانتباه لاهمية استخدام القوة ضمن عمليات الهجين بموجب الفصل السابع لميثاق الاممالمتحدة فيما شجب الامين العام للامم المتحدة يان كي مون وطالب بالمحاسبة الكاملة لمنفذيه. وفى الخرطوم اصدرت السفارة الامريكية بيانا دعت فيه لوقف اعمال العنف التى تؤدي لقتل الابرياء كما ادانه قائد قوات حفظ السلام ورئيس لجنة وقف اطلاق النار مارتي بوتن اغواي واعتبره انتهاكا خطيرا لوقف اطلاق النار من قبل المجموعات المتمردة التى مارست اعمال عنف عشوائية وسفك دماء الامر الذي يقوض مصداقيتهم فى اي طاولة للمفاوضات، معبرا عن اسفه لحدوث هذه الاعمال قبل اسابيع من المفاوضات. واصدرت الجامعة العربية بيانا دعت فيه الى معاقبة مرتكبي الاعتداء الذين يتمردون على السلام ويحاربون فرص التوصل اليه ويعملون على اعادة العجلة الى الوراء. وكانت جهات حكومية ومعارضة قد اتهمت حركة العدل والمساواة التى تتخذ من حسكنيتة قاعدة لها بارتكاب الحادثة لكن د.خليل ابراهيم رئيس الحركة حمل الفصائل المنشقة عن حركته مسئولية الهجوم وقال ان الهجوم قام به ثلاثة من القادة العسكريين المنشقين كانوا بحاجة للمعدات والعربات العسكرية التى لم يتمكنوا من الحصول عليها وقال انه ليست لديهم القدرة على مواجهة القوات الحكومية لذلك وجدوا فى قوات الاتحاد الافريقي هدفا سهلا، مشيرا الى ان المهاجمين فروا بالاسلحة والعربات التى استطاعوا الحصول عليها وقاموا باحراق ما تبقى منها، فيما ادانت حركة جيش تحرير السودان جناح مناوي الهجوم وقال سيف الدين صالح هارون الناطق الرسمي باسم الحركة بان الاعتداء سيعيق جهود السلام فى دارفور بينما نفى محجوب حسين عضو هيئة القيادة العليا والناطق الرسمي باسم جيش تحرير السودان الفصيل المتحد قيام قواتهم بالهجوم، موجهاً اصابع الاتهام للقوات الحكومية ومليشياتها وقال ان المنطقة تابعة للحركة منذ2003م وهذه القوات موجودة بالمنطقة وبيننا وبينهم تداخل فما الذي يدفعنا لمهاجمتهم، مطالباً بفتح تحقيق دولي مستقل. وفي تطور لاحق هدد الاتحاد الافريقي بعدم مشاركة الجهة التى يثبت تورطها فى ارتكاب مجزرة حسكنيتة فى محادثات السلام المقبلة بطرابلس. وقال نور الدين المازني الناطق الرسمي باسم بعثة الاتحاد الافريقي بالخرطوم ان لجنة وقف النار المكونة من الاتحاد الافريقي شرعت فى التحقيقات لمعرفة منفذي العملية، مشيراً الى ان نتائج التحقيق اذا كشفت للرأي العام ان الحركة التى يثبت تورطها فى ارتكاب الهجوم فلن تكون طرفا فى محادثات طرابلس. ولكن هل يمكن اعتبار ماحدث مأزقا ومؤشرا سالبا على مفاوضات طرابلس القادمة؟ الدكتور ادم موسي مادبو نائب رئيس حزب الامة التقط القفاز واعتبر ان اعمال العنف التى قامت بها بعض الحركات المسلحة ضد قوات الاتحاد الافريقي فى حسكنيتة ليست مؤشرا لفشل او نجاح المفاوضات وقال فى حديث ل(السوداني) ان كل اطراف النزاع حكومة وحركات تحاول تقوية موقفها التفاوضي قبل اجراء المباحثات وكل يريد ان يدخل المفاوضات بمنطق القوة، مبينا ان الهجوم الذي حدث ضد القوات الافريقية يعكس ان القوات الافريقية ليس لديها القدرة على حماية نفسها او حتى حماية المواطنين او موظفي الاغاثة وان ما حدث يؤكد ضرورة الاسراع فى نشر القوات الهجين لحماية المدنيين وعمال الاغاثة بما لها من خبرات واعداد جيد من حيث الآليات والاسلحة، مطالبا الحكومة والمجتمع الدولي والاقليمي والحركات ببذل المزيد من الجهد لتجاوز حادثة حسكنيتة حتى لا تنعكس على سير المفاوضات. وقال الخبير الاستراتيجي والعسكري الدكتور اللواء (م) محمد العباس ل(السوداني) ان حادثة حسكنيتة ستنعكس سلباً على ازمة دارفور وعلى مدى نجاح او فشل مفاوضات طرابلس القادمة وان الاعتداء يعد خرقاً على الاطار الدولي الذي يدعو لوقف اطلاق النار. ويبدو من المعطيات السابقة ان مفاوضات طرابلس القادمة ستسبقها العديد من المفاجآت والتكتيكات والمزايدات والسؤال الذي يطرح نفسه هل تستطيع الحكومة التعامل بحكمة وعقلانية مع تطورات الاحداث المرتبطة بخروقات وقف اطلاق النار وتسعى لاحتواء تداعيات حسكنيتة بالاتفاق على تدابير جديدة لوقف العدائيات وتجديد وقف اطلاق النار الدائم والتزام الحركات بعهد جديد لانجاح مفاوضات طرابلس القادمة حتى يتوفر الأمن والاستقرار وينجح الجميع فى تجاوز الخلافات والنزاعات المسلحة الدامية التى يمكن ان تؤدي لافشال المفاوضات القادمة والجهود السلمية والمساعي الرامية لوقف نزيف الدم واقرار السلام بدارفور؟!! *نقلا عن صحيفة (السوداني)