اتسمت العلاقات السودانية اليوغندية بالفتور والعداء الواضح على الاقل طيلة الفترة التي شهدت ميلاد الحركة الشعبية فى 1983 التي وفرت لها غطاء ودعمًا متصلاً طوال تمردها وبالتالي كان لها دور في دعم حركات دارفور وذلك بحكم علاقة الحركة بالاخيرات.. والحركات نفسها هي كلمة السر التي جمعت بين عاصمة البلدين الخرطوم ويوغندا، بحسب صحف الامس التي ابدت اهتمامًا مقدرًا للاجتماعات التي عقدتها اللجنة الفنية بين البلدين، برئاسة وكيل الخارجية رحمة الله محمد وممثلين لوزارة الدفاع وجهاز والمخابرات، اما جانب يوغندا فرأسه وكيل الخارجية وشملت عضويته عددًا من المسؤولين ابرزهم مندوب من مكتب الرئيس اليوغندي، وتبلورت مخرجات اللقاء عن اتفاق بين الجانبين مفاده اعتبار حركات دارفور الرافضة لاتفاق الدوحة عناصر سلبية تهدد الامن والاستقرار في الإقليم، شأنها شأن جيش الرب الذي تعاني منه يوغندا، وتم التوصل لتفاهمات من خلال البروتوكولات الموقعة بين دول الاقليم، والتي تحرم مساندة ودعم تلك الحركات. إذن هذا الاتفاق يستند الى تاريخ هش من العلاقات بين البلدين، تقول بعض رواياته القريبة ان الرئيس موسفيني لم يلبِّ دعوة السودان للمشاركة في احتفال تنصيب الرئيس البشير عقب فوزه في انتخاباته الاخيرة، وفي المقابل شارك الجنوب في احتفاله بالإعلان عن ميلاد دولته، فعلاقة يوغندا الممتدة مع الحركة الشعبية جعلتها من اوائل المتحمسين للانفصال، وانتقاله الى مجموعة دول شرق افريقيا التي تنتمي اليها، فأطماعها في الجنوب الذي يعتبر بلدًا خامًا بالنسبة لكونه سيبدأ من الصفر في تأسيس دولته، على كافة المستويات، مما تستوي به الحياة وتستقيم، ويوغندا التي ما فتئت تتهم السودان قبل تجزئته الى دولتين بدعم جيش الرب المتمرد عليها، لم تتورع عن الاعلان عن عدم دعوتها للبشير لحضور قمة الاتحاد الإفريقي في يوليو 2010، بدعوى ان البشير مطلوب للمحكمة الدولية، وهي من الدول المؤيدة لها الامر الذي شجعته بعض المنظمات الدولية مثل هيومن رايتس فاحتج السودان وطالب يوغندا بالاعتذار والاتحاد الافريقي بنقل القمة الى بلد آخر، وما لبثت ان تراجعت عن قرارها ودعت البشير الذي لم يجب الدعوة.. الآن وبعد انفصال الجنوب انتفت الأسباب التي تدعو يوغندا لدعم حركات دارفور، تلك هي كلمات المحلل السياسى بروفسير حسن الساعوري والذي اضاف في حديثه ل «الانتباهة» امس باعتبار ان دعمها للحركات المتمردة في مواجهة الحكومة التي كانت تتهمها بدعم جيش الرب وما من مسوغ ليوغندا الآن لدعم تلك الحركات اللهم الا نكاية في السودان، باعتباره لايساعد على تحقيق الاستقرار في الجنوب ومن جهة اخرى هناك السياسة الامريكية التي تسعى لزعزعة الانقاذ واسقاطها وحتى يتم ذلك لا بد من جهةٍ ما تأوي حركات دارفور وتدعمها، ولم يُبد الساعوري تفاؤلاً بالاتفاق الحديث وقلل من التزام كمبالا به مستندًا لتاريخها في هذا الصدد، مشيرًا الى انه سبق للخرطوم ان وقعت مع كمبالا زهاء عشر اتفاقيات دون جدوى من قبل الاخيرة، وفي الاتجاه المعاكس ثمّن الامين العام لحركة تصحيح مسار دارفور كمال ابراهيم الخطوة وإعتبرها تصب في اتجاه السلام، وعن توقعاته بالتزام يوغندا قال ابراهيم ل «الانتباهة» انه من الصعوبة بمكان إجازة مصداقية الاخيرة من تنصلها، الا بمتابعة خطواتها الفعلية على الارض، واكد ان الوضع يحتاج للكثير من المناورات السياسية بين البلدين. الاتفاق يذكِّر باتفاق السودان وتشاد الذي على اثره رفضت الاخيرة استقبال خليل على اراضيها، بالرغم من ان علاقته بها يتداخل فيها الجانب الاسري مع السياسي، وبالرغم من استبعاد فرضية تكرار السيناريو التشادي في يوغندا الا انه قد يكون للانفراج السياسي في علاقة دولة الجنوب والسودان اذا ما تحقق دور في ان تفي يوغندا بالتزامتها في المستقبل القريب.