تقول المؤشرات الميدانية في التطورات الأخيرة بدارفور أن نازحي المعسكرات هناك وفي خلال السبعة سنوات الماضيه وبسبب نشاطات حركات التمرد باتوا يفتقدون الأمن والاستقرارتماما حتى فى معسكرات النزوح والتى من المفترض انها محميه اقليميا ودوليا من قبل اليوناميد . وقد نقلت الحركات المتمردة مؤخرا المشكلة الامنيه التى فجرتها قبل سبعة سنوات فى القرى والمناطق وادت الى نزوح المواطنين ، نقلتها الى داخل معسكرات النزوح خاصة معسكر كلمة قرب نيالا ومعسكر حميديه بالقرب من زالنجى. وتمثل ذلك فى اعتداء مجموعة تابعة أو موالية لحركة عبد الواحد محمد نور داخل معسكر كلمة على النازحين الذين شاركوا ضمن وفد أبناء دارفور الذى يمثل المجتمع المدني في عملية حراك مفاوضات السلام بالعاصمة القطرية الدوحة، وتقول المعلومات بعد اتهام الحكومة لستة أشخاص بأنهم متورطون في الاعتداءات داخل معسكري النازحين آنفي الذكر أن السلطات الحكومية قد كشفت عن عثورها على بيانات وخطابات ممهورة من حركة تحرير السودان بزعامة عبد الواحد محمد نور وزعتها هذه الأخيرة على النازحين في معسكراتهم هناك وتضمنت تهديدات بالتصفية الجسدية لمن شاركوا في مفاوضات السلام بالدوحة من النازحين بالمعسكرات . وتقول الوثيقة إن حركة عبد الواحد قد بدأت بالفعل في تصفية ستة عشر من أبناء الفور وخمسة عشر من الداجو واثني عشر من البرقد. الحكومة السودانية من جانبها على المستوى السياسي و القانوني وقفت موقفاً حازما حيال المتهمين بارتكاب تلك الجرائم بمعسكر كلمة وطالبت اليونميد بتسليمهم للعدالة . بعد اصطدامها بقيود الاتفاقيات والتى اشار اليها وإلى جنوب دارفور الدكتور عبد الحميد موسى كاشا باعتبارها موانع أمامهم في سبيل ترجمة الموقف الحكومي من هذه الجرائم حيث قال: (لولا احترام حكومة الولاية للعهود والمواثيق الدولية والاتفاقيات لأمرت القوات النظامية بالتدخل لوضع حد لهذه الإشكالات والقبض على جميع المتفلتين من تجار السلاح والمخدرات داخل المعسكرات ). لكن وفي ذات الوقت قال كاشا بأنهم طالبوا يوناميد بعمل مشترك مع الشرطة لتمشيط المعسكرات ونزع السلاح، وهذا يعني أن ماذكر من التهديد باقتحام المعسكر عنوة من قبل سلطات الولاية يعتريه عدم الدقة . وأهم ما تراه الحكومة الآن خطوة مهمة لحماية النازحين مستقبلاً هو تسليم المتهمين السته بقتل بعض النازحين بسبب مشاركتهم في عملية استكمال سلام دارفور بالدوحة، وكان وزير الداخلية المهندس إبراهيم محمود حامد قد ذكر ان رئيس الجمهورية عمر البشير عندما التقاءه في أعقاب أحداث معسكري كلمة وحميدية في نيالاوزالنجي قد وجه ً بتقديم كل من ارتكب الجرائم بالمعسكرين للمحاكمة حماية للنازحين. وقد اتهم وزير الداخلية عبد الواحد الذي لم يشارك في مفاوضات سلام دارفور بإثارة التفلتات بمعسكرات النازحين، وقال الوزير: (التعدي جاء من مجموعة المتمرد عبد الواحد محمد نور على النازحين عقاباً لمواطني المعسكرات الذين أعلنوا انحيازهم للسلام، هذه المجموعة لا تسعى للسلام وهي خارجة عن القانون ولها أجندة خاصة). وتحدث وزيرالداخليه عن حالة الأمن والاستقرار الآن بدارفور مشيرا الى انها شكلت مناخاً ملائماً لانفاذ الاستراتيجية الجديدة للحكومة والخاصة بحل ازمة دارفور بالانتقال من مرحلة بسط وإعادة الأمن والاستقرار الى التنمية واعادة التعمير وقال ان معظم المواطنين بدارفور اتجهوا للزراعة ولا يعكر صفو الأمن شى سماء بعض الجرائم من قبل مجموعة عبد الواحد محمد نور. وإذا كانت الإستراتيجية الجديدة قائمة على تحقيق الاستقرار الذي وفر فرصة العودة إلى النشاط الزراعي في دارفور فمعلوم أن أهم شروط عبد الواحد قديماً وجديداً للجلوس للتفاوض مع الحكومة للوصول إلى تسوية هو تحقيق الاستقرار وإذا كانت الحكومة قد حققته الآن وانتقلت إلى ما بعده بشهادة إقليمية ودولية، فإن عبد الواحد من خلال الموالين له داخل معسكرات النازحين يسعى إلى جعل هذا الشرط تعجيزياً رغم أنه يطالب الحكومة بتنفيذه ليقبل التفاوض معها، وهذا ما يقوى اتهام وزير الداخلية لأنصاره بأنهم (مجموعة لا تسعى للسلام وهي خارجة عن القانون ولها أجندة خاصة). وإذا كان شرط عبد الواحد للتفاوض هو تحقيق الأمن والاستقرار فإن المثير للدهشة هنا هو أن يقف هو وراء نسف الأمن والاستقرار، وبالطبع فإن ما حدث في معسكر كلمة يمكن أن يتطور في اتجاه حالة الانشقاقات التي أخذت تعتري حركة عبد الواحد في الفترة الأخيرة، إذا لم يكن انشقاق مجموعة مناوي عنها قبل سنوات في ما عرف بمؤتمر حسكنيتة هو الأخير، وقيل أن ذاك الانشقاق الأول والأكبر كان بسبب اعتزام عبد الواحد الارتماء في أحضان الحركة الشعبية لتحرير السودان في عام 2004م، وإن كان هذا لم يحدث حتى بعد انشقاق مجموعة مناوي إلا أن زيارة عبد الواحد قبل نصف عام تقريباً إلى جوبا برفقة بعض الأجانب يؤكد وجود علاقة قوية بين الحركتين، ثم أن احتجاج مجموعة عبد الواحد داخل معسكري كلمة وحميديه للنازحين لم يقف كرد فعل عند قتل الضحايا الخمسة بل تعداه إلى تعريض جثثهم دون مراعاة لحرمتها للتمثيل والسخرية ، وقد أفاد والي جنوب دارفور (كاشا) نائب رئيس بعثة يوناميد محمد يونس بأن (مجرمين يقومون بإزعاج النازحين وقتلهم ومنعهم دفن الجثث، ومازالت هناك جثث ملقاة على الأرض لأكثر من ثلاثة أيام وترمى بالحجارة باعتبارهم أفراداً موالين للحكومة، ونطالبكم – أي يوناميد- بإصدار توجيهات بتسليم المطلوبين وإجلاء الجثث من داخل المعسكر لدفنها) إذن كل هذه الأحداث قد وضعت قوات يوناميد بعد أن أثبتت بنفسها فشلها في مهمة حماية النازحين المنوطة بها ، وضعت نفسها أمام اختبار الأمانة والمصداقية، فهي إما فشلت إدارياً في حماية النازحين وعليها في هذه الحالة إشراك القوات الحكومية معها ولو من باب اليد الواحدة لا تصفق وتقدم تقريراً لنتائج التحقيق حول الأحداث الأخيرة بالمعسكرين وتسلمه الحكومة بعد أو قبل إشراكها معها في عملية تمشيط داخل المعسكرات لإخلائها من السلاح الذي يهدد استقرار النازحين، وأما إذا لم تستجيب لمقتضيات تجاوز المشاكل الأمنية هذه فهي إذن تضع نفسها ضمن المتهمين بإثارة نسف أمن واستقرار النازحين ما يعني أنها معول من معاول هدم بناء السلام هناك، وسبق أن اتهمت قوات يوناميد ذات مرة بأنها كانت قد أمدت بعض المتمردين التابعين لعبد الواحد بمعينات حربية ولوجستية ولم تستطع هي دفع التهمة عنها بمنطق قانوني نسبة لقوة القرائن في ذاك الاتهام، الآن ياترى هل من الممكن ان تتجاوز اليوناميد هذا التقييم السلبي لها في حماية النازحين إذا استبعدنا منه قضية اتهامها أم أن الحكومة ستضطر أن تتعامل معها عبر القوات الإقليمية والدولية المعنية من أجل حماية النازحين وحماية تنفيذ مشروع سلام دارفور الذي اقترب من الحصاد؟ لم يكن أمام يوناميد إلا أن تستجيب لإنشاء لجنة مشتركة مع الحكومة السودانية لحسم الفوضى الدموية داخل معسكرات النازحين التي تعتمد عليها حركة عبد الواحد ككرت ضغط وحيد ضد الخرطوم خاصة بعد الانتصارات العسكرية التي حققتها الحكومة على الأرض.