أكد الأستاذ علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية رئيس وفد السودان لاجتماعات الدورة (65) للجمعية العامة للأمم المتحدة أن الحكومة تعمل جاهدة لأن تكون الوحدة هي الإختيار الطوعي لمواطني جنوب السودان وقال أننا حريصون كل الحرص أن يقول الإخوة المواطنون في جنوب السودان كلمتهم دون إملاءٍ أو إكراه وفي مناخ تسوده الحرية والشفافية والنزاهة, ودعا المجتمع الدولي لمساندة وتعضيد وحدة السودان، والمشاركة في مراقبة إجراءات الإستفتاء، ورحب بقرار الأمين العام للأمم المتحدة بتكليف الرئيس التنزاني السابق مكابا لرئاسة فريق الأممالمتحدة لمراقبة الإستفتاء. وقال في البيان الذي قدمه اليوم أمام الدورة (65) للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك إن الترتيبات تجرى الآن لإجراء الإستفتاء لجنوب السودان في موعده المحدد حول خياري الوحدة والإنفصال. وتناول نائب رئيس الجمهورية الجهود التي تبذلها الحكومة من أجل إستكمال السلام في دارفور مشيراً إلى أن الإقليم شهد عدة تحولات ايجابية تدفع باستمرار نحو تطبيع الأوضاع فيها بما يعيدها إلي حيويتها التي تأثرت في الأعوام الماضية بالنزاعات التي أججها إنتشار السلاح والتدخلات الإقليمية والدولية وأضاف أن هذه التحولات الإيجابية هي التي مكنت من قيام إنتخابات في كل أنحاء دارفور وكرست المشروعية الديمقراطية وأنشأت مؤسسات منتخبة، وأحدثت معطيات جديدة على أرض الواقع شجعت الحكومة على صياغة إستراتيجية جديدة لدارفور أجرت الحكومة حولها نقاشاً واسعاً بين أبناء دارفور أفراداً وجماعات ومؤسسات، ومع القوي السياسية الوطنية كافة، كما حرصنا على التشاور حولها مع شركائنا في عملية السلام وفي مقدمتهم بعثة اليوناميد، وفريق الاتحاد الأفريقي عالي المستوى الذي يقوده بجدارة وإقتدار الرئيس ثامبو أمبيكي، كما وجدت الإستراتيجية الدعم والتشجيع من كثير من شركائنا في السلام من أعضاء الأسرة الدولية. وأضاف أن الإستراتيجية الجديدة تقوم على خمسة عناصر رئيسية هي تحقيق الأمن، وتكريس التنمية، وإعادة توطين النازحين والمتضررين من الحرب ، وإجراء المصالحات الداخلية التي تعزز مناخ السلام الاجتماعي، والاستمرار في المفاوضات بهدف الوصول إلى وثيقة تسوية سياسية تنال رضا أهل دارفور عبر منبر الدوحة، بجهود مخلصة ورعاية من دولة قطر الشقيقة مضيفاً انه في سبيل تحقيق الأهداف التنموية لهذه الإستراتيجية رصدت الحكومة من مواردها الذاتية مبلغ مليار وتسعمائة مليون دولار تنفق على مدى السنوات الأربع القادمة لتغطية مشاريع تنموية، هذا فضلاً عن ما ترجو الحكومة أن يتم توفيره من مساهمات الشركاء والمانحين. وقال طه إن الإستراتيجية تهدف إلى العمل بشكل وثيق مع بعثة اليوناميد، والوسيط المشترك، والهيئة التنفيذية رفيعة المستوى التابعة للإتحاد الأفريقي لتسهيل وتنظيم عملية المشاورات مع مواطني دارفور، لتعميم المصالحات والعمل على تطبيق العدالة للجميع من خلال الآليات الوطنية وبالتشاور الوثيق مع قطاعات مجتمع دارفور. وقال إن التطور الإيجابي في العلاقة مع تشاد قد أعطى دفعة قوية لهذه الرؤية الإستراتيجية للسلام، إضافة إلى جهودنا الحثيثة لتقوية كافة علاقاتنا الإقليمية بما يعزز مناخ السلام في بلادنا. وأشار نائب رئيس الجمهورية إلى انه في إطار سعي الحكومة لتدعيم الإستقرار في أقاليم السودان المختلفة وإزالة الأسباب التي قد تؤدي لنشوب النزاعات المسلحة، توصلت الحكومة في العاصمة الإرترية أسمرا، في أكتوبر عام 2006 إلى إتفاق مع (جبهة الشرق) تم بمقتضاه الإتفاق على مختلف الترتيبات التي أدت إلى بسط الأمن والسلام في كل أنحاء الإقليم، ولتعزيز جهود الدولة لإنفاذ الإتفاق سيعقد مؤتمر دولي لتنمية وإعمار شرق السودان في الأول من ديسمبر لهذا العام بدولة الكويت وشارك في الإعداد له صندوق الأممالمتحدة الإنمائي (UNDP) وبنك التنمية الإسلامي بجده، والصندوق الكويتي للتنمية الإقتصادية العربية، والمصرف العربي للتنمية بالكويت، بالإضافة إلى الحكومة السودانية وسيركز المؤتمر على ثلاثة محاور هي البنية الأساسية، الخدمات والإستثمار، وقال من هذا المنبر أناشد الدول الأعضاء أن تنشط في المشاركة في هذا المحفل الحيوي لإستقرار هذا الجزء من السودان. وجدد علي عثمان محمد طه التزام الحكومة بمبدأ مكافحة الإفلات من العقاب وهو جزء لا يتجزأ من مبدأ العدالة الدولية الذي يرفض التسييس والإنتقائية والتمييز، قائلاً غير أن التسييس والإنتقائية قد غلبا على أحكام وسلوك ما يسمى بالمحكمة الجنائية التي أضحت أداة لكسر إرادة الشعوب في العالم الثالث، والهيمنة على مصائرها، وفرض الإستلاب عليها ،وأضاف" وقد شهدنا جميعاً كيف تسارعت الخطى في عجلة لإخضاع دولة ليست طرفاً في النظام الأساسي للمحكمة لسلطاتها وإختصاصاتها مما أوقع مبادئ القانون الدولي المستقرة ضحية للتدخل السياسي المغرض والظالم". وقال طه في بيانه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة لقد شهد السودان في السنوات الست المنصرمة إنجازات كبيرة على صعيد التسوية السياسية عن طريق التفاوض مع الحركات المسلحة والحركات المطلبية في الجنوب والشرق والغرب , ويجئ إقحام المحكمة الجنائية الدولية مهدداً مباشراً لعملية التسوية السياسية السلمية التي تنتظم البلاد ، وقال "من هنا فإننا نرفض تماماً هذا التدخل الذي ليس له من قواعد القانون ولا السياسة والمنطق ما يبرره ". وقال إننا نُقدر ونشيد بمواقف الإتحاد الإفريقي والمنظمات الإقليمية الأخرى التي ينتمي إليها السودان والدول ذات الضمير الحي الملتزمة بمعايير العدل الدولي التي شجبت إدعاءات المحكمة الجنائية وأبدت رفضها القوي والحاسم لهذه الإدعاءات، وطالب مجلس الأمن أن يعيد النظر في قراره وأن يسحب الملف نهائياً من المحكمة على ضوء الإجتماع رفيع المستوى الذي ضم جميع الدول الأعضاء في مجلس الأمن ودول أخرى عديدة في إجتماع يوم 24/9 والذي أشاد بجهود حكومة السودان في مكافحة الإفلات من العقاب، ويحيله إلى القضاء الوطني السوداني ليقوم بواجبه العدلي في محاسبة كل من إرتكب خروجاً عن القانون وفقاً لمعايير العدالة المستقرة في القانون الدولي والقوانين الوطنية. وأضاف طه في بيانه " كان يحدونا الأمل بعد توقيع إتفاقية السلام الشامل أن نجد من المجموعة الدولية تعاوناً يتفق مع ما حققه السودان من إنجاز في العديد من الجوانب، وكان السودان يتطلع أن تشمله مبادرة إعفاء ديون الدول الفقيرة المثقلة بالديون وإعادة العون التنموي أسوة برصفائه من الدول الخارجة من النزاعات والتي تجد إهتماما وتعاوناً مقدراً تعكسه القرارات والتوصيات الدولية ذات الصلة ، هذا فضلاً عن المعاملة الخاصة التي يجب أن يتمتع بها السودان بإعتباره دولة أقل نمواً من مجموعة دول LDC " وقال إننا نرى إضافة لذلك أن إعلان الدائنين عن العزم على إعفاء ديون السودان الخارجية سيزيل الكثير من الهواجس المتعلقة بالجوانب ذات الصلة بعملية تنظيم الإستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان والمفاوضات الجارية بين الطرفين الآن حول الموضوعات المتعلقة بترتيبات ما بعد الإستفتاء. وقال إننا من هذا المنبر نطالب بإعفاء الديون على السودان وفقاً لذات المعايير التي طُبقت على كل الدول الأفريقية المنتمية لمجموعة الدول الأقل نمواً مثل السودان، لأن ذلك من شأنه أن يُساعد على مكافحة الضمور التنموي الذي يقود إلى الصراعات المختلفة وزعزعة الإستقرار في الدول النامية.