مع انطلاقة الجولة الحالية لمفاوضات سلام دارفور بالدوحة بين الحكومة وحركة التحرير والعدالة، بدأ الوفد الحكومي متفائلاً بشأن إمكانية الوصول إلى سلام شامل ونهائي بدارفور، خاصة وأن الحكومة طرحت إستراتيجية جديدة لحل قضية دارفور، تشتمل أهم مرتكزاتها على التنمية والاعمار بدارفور بجانب توفير الأمن والاستقرار والعمل على عودة النازحين وتعويضهم بجانب التفاوض مع الحركات كمحور أساسي للوصول إلى سلام دائم بدارفور. لكن بالمقابل ترى حركة التحرير والعدالة أن إستراتيجية الحكومة هي خصم من دورها وانتقاص من التفاوض كنوع من الحل. المركز السوداني للخدمات الصحفية جلس إلى الدكتور عمر آدم رحمة المتحدث الرسمي باسم الوفد الحكومي المفاوض بالدوحة وهو في طريقه إلى قطر لاستئناف التفاوض مع حركة التحرير والعدالة، وطرح عليه العديد من القضايا الملحة والمتعلقة بالتفاوض مع الحركات المسلحة والكروت التي تلعب بها الحكومة في الجولة الحالية، واستعدادات الحكومة للجولة بجانب تأثير الدور العربي والإفريقي والغربي في حل قضية دارفور عبر التفاوض والعديد من القضايا المرتبطة بالملف فماذا قال.. حدثنا عن استعدادات الوفد الحكومي لجولة المفاوضات الحالية من ناحية تجهيز الملفات التفاوضية وقضايا التفاوض؟ طبعاً الوفد الحكومي جاهز تماماً في كافة الملفات التفاوضية المتعلقة بالسلطة والثروة والتعويضات وعودة النازحين، وبالطبع ملف التفاوض كجزء ومحور أصيل من استراتيجية دارفور، ويمكن أن أؤكد لك أن الوفد الحكومي استعرض كافة المواضيع المتلعقة بكافة مواضيع التفاوض مع الحركات المسلحة كافة، حتى لو انضمت الحركات الرافضة للتفاوض في أي لحظة الحكومة جاهزة للتفاوض معهم، وفقاً للاتفاقات الإطارية الموقعة بين الحكومة وتلك الحركات. لكن ما هي الرؤية التي تبلورت للحكومة مع المستجدات السياسية الجديدة خاصة بعد الانتخابات؟ طبعاً الوضع الجديد بالسودان يخلق مناخ جديد على كافة الأصعدة ومن بينها تأكيد الحكومة للوصول إلى سلام دائم وشامل بدارفور، وقد تأكد ذلك من خلال طرح الإستراتيجية الجديدة. وطبعاً الوفد الحكومي كان قد ذهب في السابق للتفاوض مع حركة التحرير والعدالة وكافة الحركات التي تنضم إلى طاولة المفاوضات، وهذا بدوره يؤكد جدية الحكومة في الوصول إلى سلام دائم ونهائي بدارفور. وفي الجانب الآخر فقد أعطيت دارفور نصيب وافر في التشكيلة الجديدة للحكومة على كافة المستويات، بالإضافة إلى إنفاذ العديد من البرامج في دارفور وهدوء الأوضاع الأمنية، بل انحسارها بشكل شبه كامل. وكل هذه التحولات في الساحة السياسية تعطي فرصة مواتية للتفاوض ولإمكانية الوصول إلى حل لقضية دارفور. إلى أي مدى يمكن أن يساهم التفاوض في الجولة السابقة في إحراز تقدم في الجولة الحالية خاصة أن التفاوض قد قطع شوطاً في بعض الملفات وتأخر في البعض الآخر؟ هناك رؤية قد تبلورت تماماً في الجولة السابقة، وكان هناك بالطبع اتفاق في بعض القضايا واختلاف في بعضها.. لكن المعلوم أن التفاوض قد قطع شوطاً مقدراً في بعض المحاور وتأخر في البعض الآخر، ولكن خلال الفترة الماضية تمت إثارة كافة نقاط الخلاف. واعتقد أن ما تمخض عن الوفد الحكومي من رأيي سيكون طرحاً موضوعياً يتلائم مع المستجدات في الساحة وإمكانية البلاد، سواء كان ذلك في جانب تقاسم الثروة أو في جانب العدالة والمصالحة والتعويضات وعودة النازحين واللاجئين وكافة الملفات التفاوضية. برأيك إلى أي مدى يمكن أن تدعم الإستراتيجية الجديدة التي طرحتها الحكومة في التفاوض سلباً وإيجاباً؟ التفاوض جزء ومحور أصيل من الاستراتيجية وكل الملفات المطروحة في التفاوض تمثل أساس للإستراتيجية، لذلك ليس هنالك تعارض. وطبعاً الإستراتيجية الجديدة التي أعلنت وتمت إجازتها من مجلس الوزراء، بل وتم تكوين لجنة عليا برئاسة مسئول ملف دارفور وآخرين لديهم علاقة بالملف من المؤسسات الشبيهة لإنزالها إلى أرض الواقع. وحقيقة هذه الاستراتيجية فيها الكثير من المشاريع التنموية خاصة في مجال البنية التحتية. وبالتالي ستحدث انفراج بشكل عام في دارفور ويخرج من خلالها المجتمع من الحالة التي كانت في السابق إلى رحاب التنمية والاستقرار. وبالتالي لا يوجد فيها تأثير سلبي على المفاوضات باعتبارها تدعم كافة الملفات التفاوضية. لكن هناك من الحركات والقوى السياسية من يعترض عليها باعتبارها مشروع داخلي ومبادرة قابلة للفشل؟ أؤكد لك أن كل الذين يعترضون على الاتفاقية لم يدرسوها جيداً، لأنهم ببساطة يعتبرونها إقصاء لدورهم ومعلوم أن كل المجهودات التي تقوم بها الحكومة بخلاف الإستراتيجية تجد معارضة من المعارضين أو هكذا تقرأ السياسة في السودان، لكن الحكومة عازمة على كافة الحلول بما فيها التفاوض والحل من الداخل عبر الإستراتيجية. ألا تتفق معي أن كل المبادرات السابقة لحل قضية دارفور قد باءت بالفشل لعدم إمكانية التنفيذ على الأرض؟ اتفق معك تماماً، لأن الحكومة كانت تعتمد في السابق على وعود المجتمع الدولي الذي أصبح يعمل الآن وفقاً لأجندته ومصالحه، بجانب أن التفاوض مع الحركات أصبح لا يمثل كل أهل دارفور. وهناك الكثيرون الذين يريدون العودة إلى مناطقهم الأصلية وتوفير الأمن والاستقرار بتلك المناطق، وهذه هي مسئولية الحكومة باعتبارها مسئولة عن مواطنيها في أي بقعة من السودان، وطبعاً أهم مافي الاستراتيجية هو الانطلاق في تنفيذ المشاريع التنموية منذ إجازتها من مجلس الوزراء. والآن هناك عمل دؤوب في طريق الإنقاذ الغربي والجنينة زالنجيالفاشر والعمل يسير بشكل منتظم وجيد، ونأمل أيضاً أن يحظى طريق النهود الضعين نيالا بذات الاهتمام، إضافة إلى ذلك هناك جانب المصالحات التي تجرى في دارفور، وكذلك العمل الذي من شأنه أن يبعث الثقة والطمأنينة لأهل دارفور من خلال إشراكهم في توفير الأمن والحفاظ عليه في المناطق المختلفة. وأستطيع أن أقول إن محاور الاستراتيجية تمضي كما هو مخطط لها، ونتوقع أن ينطلق المحور الخاص بالتعويضات حال الانتهاء من الحوار في الملف والوصول إلى اتفاق مع الحركات المسلحة، بجانب أن الحكومة تعمل على عودة النازحين وستوفر الاتفاقية المزيد من الضمانات لعودة الباقين، فعودة النازحين لم تتوقف متى ما اتيحت الفرصة، فالعودة مستمرة. الحركات المسلحة وخاصة حركة التحرير والعدالة التي تفاوض الحكومة ترى أن الاستراتيجية هي إقصاء لدورها في حل قضية دارفور وانتقاص للمنبر بالدوحة؟ الحديث عن سحب البساط من التفاوض وإقصاء الحركات هذا كلام غير صحيح وغير واقعي، بدليل أن الحكومة مستعدة للتفاوض مع كافة الحركات وتولي المنبر اهتماماً، اللهم إلا إذا كانت عودة النازحين واللاجئين إلى قراهم لاتهم الحركات نفسها ولا تعطيها أولوية، أو إذا كانت التنمية اقصاء للحركات. فالحكومة لن ترهن التنمية والاستقرار بدارفور بالاتفاق أو الاختلاف مع الحركات المسلحة باعتبارها مسئولية تملئ على الحكومة الحفاظ على مواطنيها وتوفير الأمن والاستقرار. ولا يستقيم مطلقاً أن تستمر الحركات المسلحة في خانة الرفض وتشجع العمل المسلح على حساب الخدمات والتنمية، ونحن نأمل أن نصل مع الأخوة في الحركات إلى اتفاق حتى نهيئ الأجواء تماماً أمام الاستقرار والوصول إلى سلام مستدام بدارفور. ماهي أهم الكروت التي سيلعب بها الوفد الحكومي في الجولة الحالية من المفاوضات بعد التغييرات التي حدثت في الخارطة السياسية السودانية بعد مرحلة الانتخابات؟ ليس لدينا ما نخفيه في قضية دارفور، فهي واضحة تماماً ومحاورها معروفة، والحل في تقديرنا أيضاً بدرجة كبيرة واضح، ونحن نسعى لوضع هذا الحل في اتفاق. وفي رأينا أن نصل إلى استقرار كامل، والكرت الوحيد الذي نفخر به الآن هو منبر الدوحة، باعتباره المنبر الوحيد والأخير المعترف به والمدعوم دولياً. والإستراتيجية الجديدة لدارفور والتي من بينها التفاوض للوصول إلى اتفاق سلام شامل يؤدي في تقديرنا إلى توفير بيئة صالحة. كيف تنظر الحكومة إلى دور المجتمع الدولي في حل قضية دارفور، خاصة وأن هناك تقاطعات ومصالح تتفق وتختلف حول الحل الأمثل لقضية دارفور؟ المجتمع الدولي أصلاً داعم للعملية السلمية في دارفور سواء كان ذلك في الدوحة أو من قبل في أبوجا، وأخيراً كانت المباركة والقبول الرائع لاستراتيجية الحكومة الجديدة، وهذا يصب في خانة التشجيع لإنقاذ الاستراتيجية بالسرعة المطلوبة والمجتمع الدولي داعم لمنبر الدوحة، والمنبر يجد القبول من الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي وهذه كلها منظمات دولية تقف وقفة قوية ومساندة لهذه القضية. كيف تنظر الحكومة إلى اشتراط حركة العدل والمساواة الرجوع إلى منبر الدوحة بالوصول إلى دارفور وماهي الوسيلة المثلى لانضمام كافة الحركات إلى منبر التفاوض بالدوحة؟ قرار عدم رجوع خليل إلى دارفور نهائي، وهذا لا أزيد عليه، لكن بالطبع وصول العدل والمساواة إلى الدوحة يمثل إضافة حقيقية للمنبر ويساعد في الوصول إلى سلام أقوى، فبالتالي لها أن تختار ما تراه. ونأمل انضمامهم للمنبر في الجولة الحالية، طبعاً الوساطة لديها مجهودات في هذا الاتجاه وأبلغتنا بذلك، ولكن لم تبلغنا بما توصلت إليه، ونحن نترك الفرصة للوساطة. ألا تفتكر أن حصر التفاوض مع التحرير والعدالة انتقاص للسلام الشامل الذي تنشده الحكومة؟ نحن لم نلزم أحد ولم نطلب من أحد مغادرة الدوحة، وإذا كانت هناك حركات أو جهات تريد أن تفاوض الحكومة نقول لها أذهبي إلى الدوحة (المنبر). وحتى يأتي هؤلاء والآخرون لا نستطيع أن نقول ذلك، نحن نريد أن نصل إلى اتفاق سلام، لكن هذا لا يعني أن نرهن الآخرين لأن الحركات الرافضة للتفاوض مع الحكومة، فالحكومة منفتحة في كافة الاتجاهات وتريد سلام دائم بدارفور، لذلك لا نستطيع أن نفرض على أحد أن لا يحضر أو يحضر فالذي يأتي إلى التفاوض نتفاوض معه. ما هي العثرات التي واجهت التفاوض في الجولة السابقة وهل ذلك سيؤثر على الجولة الحالية؟ ليس مكان الإعلام أصلاً طرح المواقف والعثرات والقضايا التي تطرأ على التفاوض، فهم يقولون ونحن نقول، طبعاً هذه مواقف تفاوضية والوساطة تتدخل ولديها رأي. والحكومة ترى أنها إذا طرحت كل المشاكل التي تحدث في التفاوض فهذا سيعقد المسألة، ونحن حريصون جداً، لكن حركة التحرير والعدالة تتحدث في كثير من الأحيان عن المواقف التفاوضية رغم أن الوساطة المشتركة حذرت من ذلك، يتحدثون كثيراً عن نقاط خلاف ونحن ليس من منهجنا أن نتحدث عن النقاط المختلف عليها للإعلام. حركة التحرير والعدالة نفسها تتعرض إلى انشقاقات؟ ما عندي معلومة.. ولا أهتم بذلك. ماهو ردكم على حديث دكتور التجاني السيسي رئيس حركة التحرير العدالة حول إمكانية لجوء أهل دارفور للمطالبة بحق تقرير المصير أسوة بالجنوبيين؟ طبعاً محاولة الربط بين النزاع في دارفور ومشكلة الجنوب هي مزايدة بين يدي المفاوضات، وأن الإيحاء بأن أهل دارفور سيتخذون ذات المنحى الذي سار عليه الجنوبيون من المطالبة بحق تقرير المصير تنبئ عن تشخيص خاطئ أدى إلى هذا الاستنتاج الخاطئ، وأنا متأسف جداً من أن يصدر مثل هذا الحديث من شخص مثقف مثل الدكتور التجاني السيسي رئيس حركة التحرير والعدالة. اعتقد أن الجزم من قبل حركة العدل والمساواة بأنه لا يمكن حل قضية دارفور من الداخل يعني أن يأتي الحل من الخارج ويفرض على أهل دارفور والسودان.
