المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    "بناء الدولة وفق الأسس العلمية".. كامل إدريس يدعو أساتذة الجامعات للاسهام في نهضة البلاد وتنميتها    بلاغ بوجود قنبلة..طائرة سعودية تغيّر مسارها..ما التفاصيل؟    مونديال الأندية.. فرصة مبابي الأخيرة في سباق الكرة الذهبية    نبيل عبد الله: قواتنا بالفرقة 14 مشاة صدّت هجومًا من متمردي الحركة الشعبية بمحطة الدشول    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    كيف تغلغلت إسرائيل في الداخل الإيراني ؟!    أكثر من 8 الاف طالب وطالبة يجلسون لامتحانات الشهادة الابتدائية بسنار    أردوغان: الهجوم الإسرائيلي على إيران له أهداف خبيثة    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    الصادق الرزيقي يكتب: الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم    أنباء عن اغتيال ناظر في السودان    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    افتتاح المرحلة النهائية للدوري التأهيلي للممتاز عصر اليوم باستاد الدامر.    فيكم من يحفظ (السر)؟    في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    هيمنة العليقي على ملفات الهلال    نشاط مكثف لرئيس الوزراء قبل تشكيل الحكومة المرتقبة    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    شاهد بالصور والفيديو.. الفنان حسين الصادق ينزع "الطاقية" من رأس زميله "ود راوة" ويرتديها أثناء تقديم الأخير وصلة غنائية في حفل حاشد بالسعودية وساخرون: (إنصاف مدني النسخة الرجالية)    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    شاهد بالفيديو.. الجامعة الأوروبية بجورجيا تختار الفنانة هدي عربي لتمثل السودان في حفل جماهيري ضخم للجاليات العربية    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    فجرًا.. السلطات في السودان تلقيّ القبض على34 متّهمًا بينهم نظاميين    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحالف أسيوي أفريقي جديد الصين تدعم النمو الاقتصادي السوداني

بقلم:Muriel Mirak Weissbab لقد سمعتم عن النمور الآسيوية من قبل.. والآن الأسد الأفريقي ها هو قد بدأ في الزئير, كانت هذه هي الرسالة التى حملها ملتقى العلاقات السودانية الأوروبية الذي انعقدت جلساته بالخرطوم في الفترة من 10-12 مارس 2008م. وقد كان الملتقى برعاية السيد نائب رئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه, والذي نظمه المركز السوداني للخدمات الصحفية بالتعاون مع المجلس الأوربي السوداني للشؤون العامة المعروف ب(ESPAC).إن أول من أطلق وصف الأسد الأفريقي الدكتور ديفيد هويل رئيس مجلس العلاقات الأوربية السودانية للشؤون العامة أثناء مداولات الملتقى في إشارة واضحة الي التطور والازدهار الذي يشهده السودان. لم يكن هويل مبالغاً في هذا الوصف, فالسودان هو أحد أكبر الأقطار الأفريقية وقد بدأ الانطلاق بالفعل.على الرغم من مقارنة الكثيرين لهذه الانطلاقة التنموية في السودان بما حدث فيما يسمى بالنمور الآسيوية فإن ما يحدث في السودان ينطوي على تطور إيجابي مهم ويمثل تجربة مختلفة. ويتأكد ذلك من خلال أن الخرطوم صارت تضاهي بعض العواصم الآسيوية متمثلاً ذلك في ظهور الفنادق الفاخرة والجسور الثلاث المعلقة على النيل، والطرق المسفلتة الجديدة والعدد الهائل من عربات التايوتا البيضاء الفخيمة والمركبات ذات الثلاث عجلات المعروفة بالركشات. قد يكون هذا وجه الشبه ولكن الاختلاف يتجلى في أن ما حدث في تلك الدول كماليزيا مثلاُ التي اهتمت بشكل واسع بالقطاع الصناعي فعلى العكس نجد أن السودان ركز جل اهتمامه في بناء البني التحتية في مجال النقل، المياه، والطاقة كعمل سابق لعملية التصنيع. محاولات التنمية التي قام بها السودان في التسعينيات اصطدمت بالعواتق المالية وضغوط صندوق النقد الدولي ومطالبته للسودان بسداد ديونه الخارجية والتي تم الاتفاق بشأنها في ظل وجود أنظمة كانت تتولى مقاليد الحكم قبل استلام حكومة الرئيس البشير للسلطة عام 1989م. راح صندوق النقد الدولي يطالب السودان بدفع أقساط شهرية لسداد هذه المديونية التي قدرت في العام 1993م بحوالي 1.4 بليون دولار, وبعد أن رفض السودان في بادئ الأمر مبدأ السداد عاد السودان وبدأ تسديد المديونية بواقع 35 مليون دولار سنوياً.وترتب على لذلك أن واجه الاقتصاد السوداني ظروف بالغة الشدة, لكن الجهد الوطني الذي بذاته الدولة في مجال التنمية بدأ يعطي نتائج عملية مع بداية استخراج وتصدير البترول. ومنذ ذلك الحين وبسبب الزيادة المطردة في العائدات البترولية بدأت الاستثمارات الخارجية تتدفق على السودان خاصة في مجال المشروعات التنموية الكبرى. خلال السبع سنوات الماضية بدأ التركيز على عدد من المشروعات العملاقة التي بالضرورة سوف تحدث تحولاً في مستقبل الأمة خاصة إذا ما ترك السودان حراً للاستمرار على هذا المنوال. إن من شأن هذه التحولات الداخلية أن تخلق نوعا من التأثير الإيجابي على مجمل الأوضاع في الإقليم, وبذلك يصبح السودان قوة دفع في عمليات التنمية الجارية على نطاق القارة. المشروعات الكبرى التى يعكف السودان على إنشائها تشمل مصافي البترول وطرق المرور السريع، ومشروعات الكهرومائية العملاقة. ويقع أول مشروع من مشروعات تكرير البترول على بعد نصف ساعة بالعربة من الخرطوم العاصمة, والمشروع ثمرة من ثمار التعاون الصيني السوداني بالإضافة للمساهمة الهندية والماليزية, ويمتلك المشروع وزارة الطاقة والتعدين الصينية والهيئة الصينية الوطنية للبترول. المدير الإداري لمصافاة البترول المهندس طارق مبارك حبيب أوضح للمشاركين في ملتقى العلاقات السودانية الأوروبية الذين قاموا بزيارة لموقع المصفاة أن التوقيع على عقد تنفيذ المشروع تم في مايو من العام 2000م ووفقاً للاتفاق فإن المشروع يعمل على تكرير خام البترول مناصفة بين الطرفين. بدأت المصفاة بطاقة إنتاجية تبلغ 2.5 مليون طن في العام ثم قفزت إلى نحو 3.5 مليون طن بحلول العام 2004م, ثم وصلت الطاقة التكريرية التي تعمل بها المصافاة حالياً إلى 5 مليون طن منذ العام 2006م. علماً أن معظم إنتاج المصفاة يستهدف الاستهلاك المحلي. بالإضافة للبنزين والجازولين نجد أن المصفاة تعمل على إنتاج وقود الطائرات, علاوة على استخلاص الأنواع الثلاث يوجد بالمصفاة محطة كهربائية ومحطة لتنقية المياه (على ضفاف النيل) ووحدة لفصل وضغط الهواء. إلى جانب وجود نظام لمعالجة مياه الصرف الصحي. والمياه المعالجة تستخدم في ري 100.000 شجرة تمت زراعتها في مساحة صحراوية واسعة, ويجري العمل على زراعة أعداد إضافية من الأشجار. المشروع الثاني عبارة عن امتداد وتطوير لمشاريع مصافي البترول في السودان, هذا المشروع يجري العمل على إنشائه في مدينة بورتسودان. وصممت المشروع شركة إيطالية خاصة تعمل في مجال البترول وهي شركة APS الهندسية ومقرها روما, وقامت الشركة باعداد التصميم الهندسي الأساسي. يرأس الشركة المهندس أنتونيو كواترادو. يهدف المشروع للتوسع في عمليات تكرير خام البترول ومشتقاته لزيادة نسبة الصادر. عائدات منتجات خام البترول تقدر ب7 بليون دولار سنوياً وبعد اكتمال التوسع في مواعين تكرير الخام ستضاعف هذه العائدات. المشروع عبارة عن شراكة بين وزارة الطاقة والتعدين من جهة وشركة بتروناس الماليزية. فازت بالعطاء شركة APS ووقعت على عقد بقيمة 70 مليون دولار في عام 2005, ومن المتوقع أن يتم الفراغ من بناء المصفاة وتدشين العمل به في نهاية العام 2010. طبقاً لإفادة المهندس كوادراتو الذي التقيته بالخرطوم أنه من المتوقع أن تعمل الصين على توفير القوى العاملة في مجال بناء المصفاة وستعمل المصفاة وفق نظام يحقق الاكتفاء الذاتي من الطاقة الكهربائية وإنشاء وحدة لمعالجة المياه وغلاية المياه. المشروع العملاق الآخر الذي قام أعضاء وفد الملتقى بزيارته هو سد مروي. المشروع يقع على بعد ساعة طيران من الخرطوم. ويجري العمل على بناء هذا السد فوق الشلال الرابع من نهر النيل العظيم بالولاية الشمالية. وللمرة الثانية يشكل الصينيون عنصرا فاعلاً للتعاون السوداني – الصيني المشترك لبناء هذا الصرح بعد نجاح تجربة استخراج البترول. في الوقع مشروع السد يحتوي على عدة منشاءات: مضخات للمياه ومشروع للإسكان وإعادة التوطين لحوالي 3500 أسرة كانت تسكن المنطقة التي تأثرت بقيام هذا السد , مشروع التوطين عمل على تجميع عدد من القرى الصغيرة وإعادة توطينهم في أربع قرى متكاملة تحتوي على مستشفى ومدارس وأسواق ومحطات المياه ووسائل الاتصالات والإمداد الكهربائي. من جملة مساحة المشروع المقدرة ب65 ألف هكتار 35.000 منها هذه المساحة تروى من النيل وتتدفق مياه الري في القناة الرئيسية من محطة ضخ المياه في جزيرة على النيل إلى القناة الرئيسية التي تحمل المياه بطول 6 كيلومترات قبل أن تتفرع إلى القنوات الفرعية لتنطلق المياه الري بقوة الدفع الانسيابي إلى داخل الحواشات. وتستخدم المياه الصافية لقطيع المواشي وري الزارعة البستانية من نخيل ومانجو بالإضافة للفول المصري الذي أضحى يمثل الغذاء الرئيس لحوالي 90% من السكان. ومن بين المشروعات المصاحبة للسد مشروع مطار مروي الدولي الجديد وقد شارف هذا المشروع على الانتهاء ويجري تشيده على نفس نسق مطار الخرطوم الدولي هذا إلى جانب طريق المرور السريع بمسافة 1500 كيلو متر وذلك لربط مدينة مروي بالخرطوم- عطبرةبورتسوداندنقلا. أكثر من ذلك فهناك خطة لربط السودان بطريق قاري يمتد ليصل إلى ليبيا والجزائر. فيما تم بناء أربع كباري بتمويل من الحكومة السودانية. تمثل الطريقة التي يشيد بها هذا السد قمة العبقرية الهندسة في بناء السدود. لقد تم اختيار الموقع لكونه يقع على طول جزيرة بين ضفتي نهر النيل. وجود هذه الجزيرة مكن من العمل في مرحلتين لتأسيس الجسم الرئيس للسد. أولاً: لقد تم إغلاق القناة اليمنى للنهر من خلف وأمام الخزان لبناء الأجسام الخرسانية. وقد شمل ذلك بناء الحاجز الرملي المؤقت لقفل مجرى النيل كلياً. ثم تم تحويل مجرى الماء من خلال الأبواب السفلى (cotter dam and embankments dam) على الضفة اليسرى لقناة النهر, هذه العملية تتطلب إتمام المرحلة الأولى على القناة اليمنى عدد من الأيام أو الأسابيع لكن تم انجاز العملية في وقت قياسي يقدر ب47 ساعة فقط. سيقوم السد بإنتاج الكهرباء لمقابلة كل احتياجات التنمية وري الزراعة وضخ المياه الجوفية لأغراض الزراعة والمشروعات الصناعية والتصنيع الغذائي والتعدين, ويساعد السد على استزراع وتصنيع الأسماك في البحيرة وتقوية المناطق خلف الخزان لدرء خطر الفيضانات وتحسين النقل النهري. إن الكهرباء المنتجة سوف تغذي الشبكة القومية وسينعكس هذا على تقوية فرص الوحدة الوطنية في البلاد. لم يكن اختيار الصينيين للقيام بهذا العمل سراً من الأسرار. الصينيون لهم خبرة تراكمية في بناء السدود امتدت لحوالي 3000 سنة بحسب ما ذكر المهندس المقيم الطيب أحمد الحسن. فهم يعرفون ماذا يفعلون, من جملة 50 سداً في العام فإنهم يقومون بتشييد 40 سداً جديداً في العام على نطاق العالم دعك من ذكر مشروعات سدود فورقي التاريخية الثلاثة. إذن الأمر بالنسبة للصينيين لا يحتوي على خصوصية. والسودانيون يمكنهم اكتساب مهارة الصينيين والعمل بها مستقبلاً في تصميم وبناء سدود مشابهة. وأوضح الدكتور أحمد أنه وبموجب التعاقد قد وافق الصينيين على نقل هذه التكنولوجيا للاستفادة منها على مستوى كافة المستويات للأفراد والشركات والمؤسسات الحكومية وذلك من خلال التجارب المكتسبة والمشاركة في العمل. إلى جانب الموظفين الصينيين والعمال غير المهرة هنالك سودانيون يعملون مع رصفائهم الصينيين ونسبة العمالة السودانية بالمقارنة مع الصينية تمضي في تزايد مستمر. من الأشياء التي لم يتمكن الصينيون من توفيرها هي مكونات التكنولوجيا عالية الكفاءة في مجال عمل الكهرباء الميكانيكية وعليه قامت مؤسسات فرنسية وإيطالية بتوفيرها. إن عملية نقل التقانة تعتبر عملية مفصلية لتأمين وضع السودان أو أي قطر من الدول النامية ينشد التطور والتنمية. في هذا السياق ذكر أنتونبو أن من اهتماماته الأولية التركيز على هذا الجانب, وإن من أحلامه حسب تعبيره (هو دعوة المهندسين السودانيين إلى إيطاليا للعمل هناك لاكتساب المعرفة وكيفية إتمام عملية تصميم مشروعات المصافي والسدود والعمال السودانيين طبقاً لانتونيو ينبغي العمل على تدريبهم في إيطاليا (أو في أي بلاد أخرى) على التقنيات الحديثة وبعد عودتهم إلى البلاد ينبغي الاستفادة منهم في تدريب الآخرين. إن تمويل مشروع السد مع الأخذ في الاعتبار معوقات صندوق النقد الدولي كانت محاولة كبيرة. بعد عملية الترويج للمشروع أخذ الرئيس عمر حسن أحمد البشير على عاتقه إيجاد وسيلة لتمويل المشروع باعتباره أحد المشروعات ذات الأولوية القصوى. وفي أحد جولاته للدول العربية عام 2000م نجح البشير في إيجاد 70% من تكلفة الأعمال المدنية للمشروع فيما التزمت الحكومة بنسبة ال 30% المتبقية. ومن بين الممولين الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية وصناديق مشابهة أخرى من: الكويت، أبوظبي، المملكة العربية، السعودية، قطر وعمان. ان الجانب الصيني قدم 85% من تمويل الخطوط الناقلة والمحطات الفرعية. ومجمل تكلفة المشروع قدرت بحوالي 1.966 مليون دولار. وفي العام 2001م قام المعهد الروسي للطاقة الكهرومائية بإعداد التصميم وهو نفس المعهد الذي قام بتصميم السد العالي في مصر. وتم اختيار الشركة الألمانية الدولية Leymeyer للأعمال الاستشارية فيما قامت شركة Alstrom الفرنسية بتجهيز التوربينات. ووفقاً للخطة سيتم إدخال التوربينات في الخدمة اعتباراً من 31 أكتوبر من هذا العام لإنتاج 250 ميجاواط, مع إضافة عدد توربنين على التوالي كل ثلاثة أشهر إلى أن يتم التشغيل الكلي للمشروع بنهاية أكتوبر في العام 2009م. تحالف آسيوي أفريقي جديد توجهات السودان الإستراتيجية تتجه نحو آفاق وغايات كبرى أولاً تنتظم البلاد ثورة فكرية وعمل منهجي في كل مناحي الحياة. وخلال التسع سنوات الماضية وبفضل العائدات البترولية التي تم استغلالها بمساعدة الصينيين حقق السودان نتيجة لذلك طفرة اقتصادية مقدرة. أحدث هذا تطوراً إيجاباً على صعيد أداء القيادة السياسية ورضاء شعبي عام، حيث حل التفاؤل مكان التشاؤم الذي
كان سائداً في الماضي وارتفعت الروح المعنوية نتيجة للثقة بالنفس. والقادة السياسيين أمثال عبدالرحيم حمدي وزير المالية السابق خلال أوائل التسعينات الذي سيطر عليه الإحباط الناجم عن الضغوط التي مارسها صندوق النقد الدولي بدأ الآن أكثر ثقة وجدية وأكثر إحساساً بالقدرة على البذل والعطاء واستناداً للنتائج آنفة الذكر بأن البلاد تستطيع تحقيق التقدم المطلوب. وللتأكد أكثر فقد أخبرني الدكتور غازي صلاح الدين مستشار الرئيس السوداني عندما التقيته في بالخرطوم أنه ما زالت هناك مشاكل نعمل على التأكد من حلها حتى نستطيع أن نعكس ذلك النمو ويكون محسوساً في أوساط الشعب بمختلف قطاعاته بما في ذلك شرائح الدخل المنخفض. إن النقطة الجوهرية في هذا الأمر وخلافاً لكل التوقعات الصادرة عن صندوق النقد الدولي ومؤسسات أخرى لقد حدث تطوراً في الاقتصاد السوداني وتم هذا الإنجاز بالقدرات الذاتية للسودان. ومما يجعل هذا التطور الاقتصادي أكثر خطورة وتحدياً خاصة عندما يرى البعض أن هذا التطور تم بالإرادة الوطنية وبالمساعدات الصينية والهندية والماليزية أبان الدكتور صلاح الدين فإن هؤلاء يمكنهم العمل على الانعتاق للحقاق بركب التطور. أن هذه هي النقطة الإستراتيجية التي تتعلق بالتوجهات العامة للدولة . الخبراء الزراعيون يعلمون أنه متى ما تيسر للسودان توفير المياه الضرورية والحزم التقنية الزراعية الحديثة والمهارات الفلاحية خاصة بالتعاون مع مصر يستطيع السودان تحقيق مقولة أنه سلة غذاء أفريقيا وتصدير الفائض خارج القارة. بقيام العديد من السدود ومشروعات إدارة المياه يمكن ترجمة كل هذه التوجهات الإستراتيجية إلى واقع ملموس. هذا يعنى تحدياً إن لم يكن هزيمة للسياسة الرامية إلى إعاقة التنمية في أفريقيا, ومن بين سياسات الاستهداف في القارة تلك الوثيقة الإستراتيجية سيئة السمعة التي أعدها كسنجر عام 1974 لتدمير أفريقيا اقتصادية عن طرق تشجيع ما يعرف بالفرسان الأربعة المدمرة للتنمية ومن بينها الجوع والمرض للقضاء على سكان أفريقيا ليتسنى للمصالح الأجنبية التحرك لنهب المواد الخام والمعادن والثروات الضخمة في القارة. وآخر ما يمكن إن يفكروا فيه هو تنمية السودان ونهضته من أجل إطعام أفريقيا. سياسياً السودان يمكن أن يلعب دور الأسد الأفريقي بمساعدة الصين والهند وماليزيا ودفع التحالفات الاقتصادية بين آسيا وأفريقيا. إن العديد من السودانيين يعتقدون أن التجربة مع الصين قد أسست فكرة أن السودان قد أضحى نافذة ومدخلاًً للعملاق الآسيوي إلى القارة الأفريقية وبالفعل قد بدأت العديد من الدول الدخول في اتفاقيات للتعاون الاقتصادي. لماذا تتحول الدول الأفريقية تنشد المساعدات الاقتصادية من الصين والدول الآسيوية الأخرى؟ من الواضح أنه ولو استمرت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوربية في التردد في العمل مع السودان أو ظلت تمارس سياسة المقاطعات الاقتصادية معه على خلفية ما يسمى بحقوق الإنسان, فإن وزير المالية الأسبق حمدي عبر صراحة بأن الأمة ستتجه نحو الشرق ولن تلتفت لسياسة المقاطعة الأمريكية والأوربية لأنهم هم الخاسرون في نهاية المطاف، خاصة أن الناتج القومي السوداني أضحى يتضاعف تباعاً. إذا كانت الصين والهند في حاجة للغذاء السوداني فمرحباً بهم لتنمية هذه الموارد. وبالنسبة للولايات المتحدة التي تتبع سياسة المقاطعة مع السودان فهي المتضررة أكثر من السودان. إن تلك السياسة إن دلت على شيء إنما تدل على ضيق أفق موظفي وزارتي الخارجية والخزانة الأمريكية. إن أكثر ما يدمر العلاقات هي تلك الاشتراطات المتضمنة في العولمة والخصخصة وسياسة التحرير وحقوق المرأة والعمل. لكن في نفس الوقت التوجه شرقاً لا يعني مقاطعة الغرب كلية. فإذا ما اتبع الأوربيين التعاون على أساس المساواة واستخدموا سفاراتهم من أجل الاستثمار وخلق علاقات متوازنة فإن هذا النهج سيؤمن الفائدة لكل الأطراف. إن سد مروي يقف شاهداً على أن السودان في حاجة للتقنية الأوروبية ولكن إذا استمر الأوربيين في سياسة المقاطعة التي تنتهجها لندن وواشنطون، في هذه الحال وفقاً لما اقترحه المؤتمرون فإن القطاع الخاص يمكن ان يتقدم مثلما فعلت الشركة الإيطالية APS. لا يمكن غض الطرف عن التعاون الحكومي إذا توفرت الإرادة. وقال برونا كاليترا المستشار بوزارة الزراعة الإيطالية إن إيطاليا تتطلع بشفق للمساهمة في تنمية موارد السودان في مجال الأغذية. وأشار للزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس البشير إلى روما في الخريف الماضي وقال إن تلك الزيارة يمكن أن تكون مؤشراً لما يجب انجازه. خلافاً للمكاسب الناجمة عن التعاون الاقتصادي مع أوروبا هناك مغالطة جوهرية في طريقة طرح مؤيدي تصور النظام العالمي الجديد. الدول الرائدة في الاقتصاديات الآسيوية بالإضافة لروسيا خلقت تعاون وتقارب مع الدول الأفريقية تاركة الغرب إلى الجحيم. إن هذه المغالطة تبدو في غاية الوضوح في هذا المنعطف عندما تعرض اقتصاد الغرب الذي تقوده الولايات المتحدة للانحدار نحو كارثة اقتصادية وإفلاس. الصينيون يدركون ذلك تماماً إن الأسواق الصينية الأمريكية تأخذ في الاعتبار الدولار المقوى احتياطي في احتياطي النقد الأجنبي وتتبع نظام الورقة الخضراء في تسريع النقدية. وما لم يقوم أؤلئك الذين يقترحون قيام تحالف أوروبي آسيوي أفريقي بمخاطبة الحاجة إلى نظام نقدي جديد ليحل محل النظام العالمي القديم سيظل تصورهم هذا وهماً. إن الخطورة في قلة التدفقات النقدية تدفع بالدول ذات الأوزان السياسية عالميا بالرغبة الملحة في الهيمنة على المصالح المالية وذلك بإطلاق العنان للاعتداءات العسكرية ضد الذين يتحدون النظام القديم المتهالك. وفي هذه الحالة لن يكون العراق وحده المستهدف سيشمل الاستهداف الصين والهند وروسيا في نهاية المطاف. إن الهجوم على بكين بدأ يتصاعد بدعوى أن الصين تستطيع الضغط على السودان لحل النزاع في دارفور. كذلك تصاعد الضغط الدول على الصين فيما يتعلق بتعاملها مع الانتفاضة في إقليم التبت يهدف في الأساس إلى عزل الصين. خطر الحرب اذا اندلعت ستقود العالم للهلال والجحيم ولكن هذه الحرب لا يمكن تفاديها إلا من خلال العمل على تأسيس نظام نقدي جديد يعيد تنظيم العلاقات المالية والتجارية بين دول العالم. إن التغير المرتقب في الإدارة الأمريكية بحلول الانتخابات في نوفمبر القادم لربما يعطي فرصة لإشراك عقلاء قادة القوات الأمريكية للمساهمة في هذا الشأن.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.