خدمة (smc) تعتبر منطقة التجارة الحرة العربية من أهم الإنجازات على مستوى العمل العربي الاقتصادي، لإسهامها في الجهود المبذولة لإقامة سوق عربية مشتركة. وكانت أول اتفاقية لتسهيل التبادل التجاري قد وقعت في إطار الجامعة العربية عام 1953م، فقرار السوق العربية المشتركة عام 1954م ثم تبعها ترجمة إستراتيجية العمل الاقتصادي العربي التي أقرتها قمة عمان 1980م إلى اتفاقية تنمية التبادل التجاري عام 1981م. وقفت عقبات عديدة عائقاً أمام إنشاء تكتل عربي اقتصادي قادر على تحقيق تطلعات الأمة العربية ، أبرزها عدم توفر الإرادة السياسية للتغلب على مشاكل إقامة السوق العربية المشتركة ، إلى أن كُلفَّ المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالجامعة بقرار من قمة القاهرة يونيو 1996م بإقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى حدُد لها برنامجاً تنفيذياً بدأ في الأول من يناير 1998م بتحرير تدريجي للمبادلات التجارية بين الدول العربية عن طريق خفض الرسوم والضرائب بنسبة 10% لتصل إلى الصفر بنهاية عام 2007م، إلا أن قمة عمان 2000م أقرت تقليص الفترة الزمنية لإقامة الغافتا في 2005م. أنضم السودان لمنطقة التجارة الحرة العربية ليصبح العضو الخامس عشر في سبتمبر عام 2002م بموجب القرار رقم 1444 للمجلس الاقتصادي والاجتماعي بالجامعة العربية وفق المعاملة الخاصة للدول العربية الأقل نمواً الواردة في أحكام الاتفاقية والقاضية بمنحها فترة انتقالية تبدأ من تاريخ انضمامها ويتم التخفيض بنسب متفاوتة لرسومها الجمركية المفروضة على السلع العربية إبتداءاً من العام 2005م ، وإزالتها كلياً بحلول الأول من يناير 2010م ، مع التمتع خلال تلك الفترة بالتسهيلات والإعفاءات التي تتيحها المنطقة بتطبيق مبدأ المعاملة الوطنية على الواردات السودانية لدول منطقة التجارة الحرة. هذا وقد تدرج الخفض الجمركي على الصادر السوداني بموجب المعاملة الخاصة من 60% عام 2003م ، 80% عام 2004م ، وبدأت صادراته إلى الدول الأعضاء تتمتع بالمعاملة الوطنية والتعريفة الصفرية منذ العام 2005م. وفي إطار تنفيذ برنامج منطقة التجارة الحرة العربية انخفضت الرسوم الجمركية والضرائب المفروضة على الواردات ذات المنشأ العربي بنسبة 20% عام 2006م، 40% عام 2007م لإنهائها كلياً لعام 2010م. سجلت الصادرات السودانية إلى الدول العربية ارتفاعاً من 196.451 مليون دولار عام 2001م إلى 549.558 مليون دولار عام 2006م وقد بلغت صادرات البلاد من الحيوانات الحية إلى البلاد العربية والتي تتصدرها المملكة العربية السعودية في الفترة من 2004م-2006م ما تتراوح بين 112.7 -136.3 مليون دولار فيما تراوحت صادراتها من القطن خلال نفس الفترة وتمثل مصر أهم أسواقها ما بين 31.8 – 33.4 مليون دولار. وتشير التقارير إلى ارتفاع ملحوظ في مؤشرات الواردات بموجب اتفاقية المنطقة العربية خلال النصف الأول من العام 2007 بمعدلات فاقت واردات عام 2006م والبالغة 12 مليون دولار، إذ بلغت 33.4 مليون دولار بنسبة زيادة 178% عن واردات عام 2006م بأكمله. وفيما أرتفع عدد الدول التي تم الاستيراد منها خلال النصف الأول من العام الماضي إلى 10 دول بإضافة كل من سلطنة عمان وقطر عن دول عام 2006م ارتفعت قائمة السلع المستوردة من 40 سلعة إلى 67 سلعة عام 2007م ، بلغ معها الفاقد الإيرادى بعد تطبيق التخفيض الجمركي بنسبة 40% إلى 15 مليون جنيه. ويرى الاقتصاديون أن منطقة التجارة الحرة العربية ستعمل على تعزيز الثقة بين المستثمرين بقيام استثمارات عربية مشتركة وجذب استثمارات مباشرة من الخارج لإقامة مشاريع التنمية الصناعية والزراعية والقطاعات الأخرى المرشحة لمواجهة تحديات اتفاقية منظمة التجارة العالمية والانفتاح على الاقتصاد العالمي بثقة ، بالإضافة إلى أنها ستعمل على تنفيذ برامج الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية لزيادة الكفاءة الإنتاجية وتحسين المواصفات الفنية والشروط الصحية للمنتجات العربية. وتناولت التقارير الرسمية الآثار الإيجابية لانضمام السودان لمنطقة التجارة الحرة العربية في زيادة فرص التصدير وفتح أسواق جديدة وجذب رؤوس أموال للاستثمار في القطاعات المختلفة لا سيما الزراعي ، وتحسين جودة المنتج الوطني وإتاحة فرص صناعية وخدمية جديدة تعمل على تقليل البطالة بخلق فرص وظيفية جديدة وإدخال التكنولوجيا والتقنيات الحديثة وأن تقليل القيود على الواردات سيعمل على توفير سلع متنوعة ذات جودة عالية وبأسعار منخفضة. وتتصدر الحماية المستقبلية للصادرات السودانية عند دخولها منطقة التجارة العالمية WTO من أهم إيجابيات انضمام السودان لمنطقة التجارة الحرة العربية بتفادي التعقيدات والاشتراطات الصارمة. ويبدى البعض تخوفه من أن دخول السلع العربية للبلاد بميزات تفضيلية وبتكلفة إنتاج منخفضة سيؤدى إلى إضعاف القدرة التنافسية للمنتجات الوطنية كما أن فتح الأسواق السودانية أمام الواردات العربية مع عدم وجود صادرات لها يهدم أهم هدف من أهداف الاتفاقية بعدم الاستفادة من الأسواق الإقليمية وبفقد البلاد موارد مالية تتمثل في الإيرادات الجمركية، وترى هذه الفئة أن القطاعات الإنتاجية زراعية كانت أو صناعية ستتأثر سلباً بالمنافسة غير العادلة بين منتجاتها ورصيفاتها المستوردة وبفقد البلاد مساهمتها في الدخل القومي وتشريد العاملين بها وزيادة معدلات البطالة والفقر. ولكن النظر في النصف الملئ من الكوب يؤكد أن التكتلات الاقتصادية تسهم وبشكل متزايد وفعال في تعظيم فرص الاستثمار وحركة رؤوس الأموال بين الدول الأعضاء لتحقيق التنمية المستدامة ورفع مستويات اقتصاديات الدول الفقيرة، ولقد أحدث التمويل الذي حصل عليه السودان من مؤسسات التمويل العربية دفعة قوية في مجال التنمية ، والشاهد على ذلك مشروع سد مروى ، سكر النيل الأبيض ، الطرق ، الإغاثة والإعمار في دارفور ، تعلية خزان الروصيرص ، مشاريع التنمية البشرية وغيرها من المشروعات التي يحتم تنفيذها استمرار علاقات السودان مع مؤسسات التمويل العربية وتطويرها في ظل الكيان العربي الواحد. 324 مليون عربي في 22 دولة الناتج المحلي الإجمالي لها 1195 مليار دولار، تمثل منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى حجر الأساس في تكاملها الاقتصادي في ظل النظام الاقتصادي العالمي الجديد القائم على تحرير التجارة العالمية بخفض التعريفة الجمركية وفتح الأسواق المحلية أمام الواردات والسلع الأجنبية. ويؤكد الاتجاه العام للصادرات السودانية ان الأسواق العربية هي السوق الرئيسي إن لم يكن الوحيد لبعض منتجاتها مثل الحيوانات الحية واللحوم والمنتجات الزراعية التي تتميز بخلوها من المواد الكيماوية ، مما يشجع الدول العربية بقوتها الاستيعابية العالية وقربها الجغرافي على استيرادها. أما فيما يخص الواردات فتؤكد الدراسات أن الضرر الناتج عن فقد إيرادات للموازنة العامة على أثر تخفيض الرسوم الجمركية بعد انضمام السودان للمنطقة لا يقارن بالفوائد والمنافع والمكاسب التي تجنيها البلاد من انضمامها لهذا التكتل العربي.