اختتم المشير عمر البشير رئيس الجمهورية الخميس 31 مارس زيارته لدولة قطر التي استمرت يومين أجرى خلالها مباحثات مع أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني تركزت حول الوضع في السودان وملف دارفور وتطوراته والتحولات السياسية في المنطقة العربية بجانب لقائه بالجالية السودانية بالدوحة. وعكست زيارة رئيس الجمهورية للدوحة اهتمام الحكومة السودانية والقيادة القطرية بقضية دارفور وحرصها على طي ملف الحرب في الإقليم لتمهيد الطريق أمام السودان لدخول مرحلة جديدة في تاريخه تتمثل في إقرار الدستور الدائم للبلاد بهدف تحقيق الاستقرار والتداول السلمي للسلطة. وعبر رئيس الجمهورية عن ملامح المرحلة المقبلة بقوله بأنها "تحتاج إلى توافق القوى السياسية للوصول إلى وضع الدستور الدائم." وأشار البشير في هذا الخصوص إلى استمرار الحوار مع القوى السياسية لتحقيق هذا الغرض بجانب حوار كافة مكونات المجتمع السوداني لتحديد ثوابت يتفق عليها الجميع وأكدت الزيارة اهتمام القيادتين السودانية والقطرية بتطورات الأوضاع على الساحة العربية وانعكاساتها على الوضع في السودان وخاصة تحريك ملف قضية دارفور الذي ارتبط بتأثير بعض دول الجوار التي لم تتحمس لإنهاء الصراع في دارفور. وكشفت الزيارة عن الإصرار الكبير لدى القيادة القطرية لجهة إحداث اختراق في ملف دارفور. وبدا واضحا من تصريحات وزير الخارجية علي أحمد كرتي عقب مباحثات رئيس الجمهورية مع أمير قطر أن قطر تحظى بدعم قوي من كل الأطراف ولا سيما المجتمع الدولي. ويبدو أن قطر تلقت ضوءا أخضر من دولة لم تكن متحمسة في السابق لحل قضية دارفور للاستمرار في إيجاد تسوية للازمة بجانب الدفع القوي والمساندة التي وجدتها أيضا من الدول العربية. وتتشكل رؤية الدوحة وطرحها لإنجاز عملية السلام في دارفور من خلال اهتمامها باستكمال الحوار عن طريق جولات تفاوض نهائية تشمل كافة الحركات التي تحمل السلاح والتي لم تكن جزءا في التفاوض المباشر مع الحكومة السودانية. وقال البشير عقب مباحثاته مع أمير قطر إن بلاده المستفيد الثاني من الثورة المصرية، مستعرضاً تأزم العلاقات في ظل النظام السابق. وكشف أن وزير الخارجية المصري السابق أحمد أبوالغيط بعث برسالة إلى نظيره الليبي لإفشال مفاوضات سلام دارفور التي انطلقت في الدوحة. وفي المقابل وجدت هذه الجهود التي تقوم بها قطر استحسانا وتقديرا من السودان حيث امتدح رئيس الجمهورية البشير في لقائه مع الجالية السودانية بالدوحة بفندق الرتيز كاليتون العلاقات السودانية القطرية ووصفها بالممتازة. وقال في هذا الصدد إن قطر ظلت المدافع الأول عن قضايا السودان في المحافل الإقليمية والدولية ، مبينا أن صبرها على مفاوضات سلام دارفور بالدوحة دليل على أنها تريد مصلحة السودان ، لافتا إلى أن قطر سبق وأن تقدمت بمقترح للقمة العربية في طرابلس لدعم السودان بمليار دولار دون التنسيق أو التشاور معه وكانت أول دولة توفي بالتزاماتها تجاه هذا الدعم. كما ثمن البشير موقف قطر في نقل السودانيين من ليبيا والذين علقوا بتونس على الحدود مع مصر عبر جسر جوي وقال "إن قطر هي الدولة الوحيدة التي دعمتنا". وبخصوص الأوضاع في الساحة العربية أوضح البشير أن السودان قلق من الوضع في ليبيا نتيجة لوجود كميات كبيرة من الأسلحة بها يخشى أن تتسرب إلى السودان ، كما أشار إلى أن الوضع الجديد في مصر سيسهم إيجابا في علاقات البلدين وأن السودان سيدعم الشعب المصري. وشرح البشير للجالية السودانية التطورات الداخلية في البلاد وعلى رأسها تنفيذ اتفاقية السلام الشامل بإجراء الاستفتاء الذي قاد لانفصال الجنوب واعتراف السودان بذلك واحترامه لوعوده ومواثيقه التي كان الغرب يضع خططا جاهزة لاستهدافه. وتطرق الرئيس البشير إلى القضايا العالقة بين الشريكين وعلى رأسها الحدود والعملة ومياه النيل والنفط والتي يعمل الشريكان على إيجاد حلول لها ، مؤكدا حرص الحكومة على مساعدة الجنوب واستقراره وتقديم العون له لإنشاء دولتهز وفيما يتعلق بالجنسية المزدوجة أكد الرئيس البشير أن من اختار الانفصال هو الجنوب وبالتالي لا جنسية مزدوجة وبعد التاسع من يوليو الشمالي شمالى والجنوبي جنوبي. وعن الوضع في منطقة أبيي أكد البشير عدم قبول الحكومة بقيام استفتاء أبيي دون مشاركة المسيرية، مشيرا إلى أن البرتوكول ينص على دينكا نقوك والمواطنين السودانيين الآخرين وأن الحكومة حريصة على حقوق كل المواطنين سواء أكانوا مقيمين أم رعاة ولن تفرق بينهم. وبشأن تطورات الوضع في دارفور أكد رئيس الجمهورية أن الحكومة ستعمل على وثيقة دارفور النهائية وإجازتها لحل القضية وإطلاق برنامج لتنمية دارفور، مشيرا إلى حرص الحكومة على جمع السلاح والسيطرة على المجموعات المتفلتة ودعم النازحين واللاجئين من خلال العودة الطوعية إلى قراهم. هذا وحظيت زيارة البشير للدوحة باهتمام إعلامي كبير من أجهزة الإعلام والصحافة القطرية، فقد قالت "العلاقات القطرية - السودانية ستظل قوية وراسخة ومتينة، تعززها روابط الإخاء والمحبة والتعاون المشترك في كافة المجالات، وبما يعود بالنفع والخير على البلدين الشقيقين". وأكدت أن المباحثات "تأتي في ظل معانٍ كثيرة وكبيرة ووشائج عظيمة ومن شأنها أن تدفع العلاقات الثنائية إلى آفاق أرحب، وتعزز التشاور والروابط بين الشعبين الشقيقين، وهذا ما سيعود بالنفع والمنعة للعمل المشترك، الذي يأتي في صدارة اهتمام قيادتنا الرشيدة بكل قضايا الأمة العربية والإسلامية".