قراءة تعقيدات المشهد السياسي خاصة فيما يتعلق بمآل الأوضاع الحركات المتمردة في دارفور، والموقف من الاستفتاء على الإقليم وحصول الحركات على السلاح، تحتاج لرجل في قامة الدكتور الحاج آدم يوسف القيادي بالمؤتمر الوطني الذي تقلد منصب والي لأكثر من ولاية وعدد من الوزارات والمواقع التنظيمية الحساسة، وذلك لتحليل حقائق الوضع السياسي الراهن بالبلاد. وتطرق الحوار الذي أجراه المركز السوداني للخدمات الصحفية مع د. الحاج للأوضاع في ليبيا وتأثيرها على الحركات المسلحة، وتعليقه على تصريحات بعض القيادات بالشعبي بأن قيادة الحزب وجهت بإسقاط الحكومة بكافة الوسائل، فإلى مضابط الحوار. ما هو تقييمكم للوضع السياسي والأمني الراهن في دارفور؟ الهدوء يسود الولايات الثلاث. والمواجهات العسكرية بين الحكومة والحركات المسلحة تضاءلت بنسبة كبيرة، كما أن الانفلاتات الأمنية التي تحدث جراء النزاعات القبلية كذلك في إنحسار. وفيما يتصل بالحراك السياسي هناك مشروعات تنموية تنفذ في إطار استراتيجية سلام دارفور، رغم أنني أرى ضرورة الدفع بإنزال الاعتمادات المالية المخصصة للمشاريع التنموية بصورة أقوى، أما الحوار السياسي مازال بالخارج في الدوحة والحكومة جادة في التوصل لسلام دائم في دارفور. ماهو الحراك الذي أحدثه إعلان الاستفتاء حول الإقليم لدارفور؟ الاستفتاء أحدث حراكاً وسط المواطنين في دارفور، وهناك مشاورات وتنويرات ومداولات تجرى حول هذا الأمر. ونحن نريد أن يجُرى الاستفتاء في جو يحقق لنا الرضا بين كل أهل دارفور، لذلك لابد أن ندير حوارا واسعا بيننا كأبناء دارفور، ندخل إليه وقد اقتنع غالبيتنا بجداوه والآثار الإيجابية التي تتحقق بعد إجراء عملية الاستفتاء. كيف تقرأ غالبية رغبة أهل دارفور تهل هي نحو الإقليم أم تعدد الولايات؟ الحديث عن الرغبة للغالبية في هذا الوقت يكون سابق لأوانه، لأن الاستفتاء هو الذي يحدد الإجابة على هذا السؤال، لكن برأيي الشخصي ورأينا في المؤتمر الوطني أن الإقليم ليس قضية ودافع لحمل السلاح في دارفور هذا أولاً، الإقليم مطلب للبعض ظهر أثناء المسيرة، ولكن ابتداءً كانت المطالبة العادلة في اقتسام السلطة والثروة. والإقليم في نظرنا يميز دارفور عن بقية أقاليم السودان ميزة قد تدفع البعض بالمضي قدماً إلى مرحلة المطالبة بالانفصال على هدي ما جرى في الجنوب، لذلك الإقليم يصبح مهددا لوحدة السودان مستقبلاً.. يقبل فقط إذا تراضى أهل السودان بالعودة لأقاليمهم القديمة، ولكن العبرة بالرضاء العام للسودانيين لأننا في مرحلة بناء الجهورية الجديدة بعد انفصال الجنوب. لماذا ترفضون الإقليم ما دام مطلب ينهي أزمة دارفور بحسب رأي الحركات المسلحة؟ الإقليم يضخم الوظائف من حصة أبناء دارفور في الحكومة المركزية، ونحن عندما نكون إقليم فهناك وظائف كثيرة تكون عبء على إنسان دارفور، نحن نحتاج لقيادات ومسئوليين يؤثروا في القرار المركزي للدولة. حجم الصرف على مؤسسات الحكم عالي والأولى أن تبقى الولايات وتندرج دارفور ضمن ولايات السودان. لكن السلطة هذه حمل من أجلها البعض السلاح ؟ لا نمانع الأفضل لهم أن يأتوا للسلطة في المركز فهي أفضل لهم من سلطة الإقليم وفق معادلات معينة وعبر القنوات المعروفة، ونرفض أن تكون المناصب وبالاً على أهل دارفور. هناك تجربة للإقليم ممثلة في السلطة الانتقالية لدارفور، ما تقييمكم لهذه التجربة؟ تجربتنا مع السلطة الانتقالية كم صرف عليها، وكم هي المشاريع الملموسة التي حققتها؟ نجد أن المعادلة حقيقة محبطة جداً. وحتى إذا قلنا أن السلطة يمكن أن تحقق سلاماً فالسلطة التي منحت للسلطة الانتقالية لم تفضي إلى السلام. نجد انشقاق وعودة لمربع الحرب لفصيل مناوي. السلطة غير مجدية، وأنا شخصياً أرى ضرورة تقليص السلطة المركزية إذ لا يمكن أن تخلق وظيفة لكل من حمل السلاح، وأن تقلص الوزارات الاتحادية إلى دون ال(15) وزارة، وأن تمثل دارفور بأربعة وخمسة وزراء فقط. وأنا لست مقتنع بمهام وزراء الدولة. رجوعاً للاستفتاء هل لمستم نشاطاً لدعاة الإقليم من قادة الحركات المسلحة على الأرض في دارفور؟ هناك تحركات ونحن نرحب بذلك. إذا كانت الحركات تدعو للإقليم فالاستفتاء سيجري في مناخ ديمقراطي فيه الرأي والرأي الآخر، وأنا رأي الشخصي أن أهل دارفور لا يريدون الإقليم، ولكن هذا الأمر لا يمكن التثبت منه إلا عبر الاستفتاء الحر والنزيه. وإذا خرجت عليكم الحركات المسلحة أو بعضها وقالت نحن لن نشارك في الاستفتاء على الإقليم ولن نعترف بنتائجه؟ الصلاة تقام بمن حضر، وسنتيح الفرصة للمشاركة. والانتخابات خاضها من خاضها وقاطعها من قاطعها ولكن أسفرت عن أجهزة، ولا يمكن أن ننتظر إلى ما لا نهاية حتى تشارك الحركات المسلحة في الاستفتاء الذي هو أحد استحقاقات أبوجا. ولأننا مقبلون على زيادة الولايات فأنا مع هذا الاتجاه، لأن سكان دارفور عدداً بعد انفصال الجنوب يمثلون ثلث سكان السودان، ولديهم ثلاثة ولايات من خمس عشرة ولاية والأفضل زيادتها لعدالة التمثيل. ويمكن عبر هذه الولايات أن تنفتح التنمية. والمطالبة بالإقليم هي مطالبة بالوظائف.. لا يمكن أن ننتكس عن النظام الفيدرالي. تجمع الحركات بدأ يأخذ أشكالاً تستجدي الدعم من حكومة الجنوب بالسلاح والإمدادات كيف تنظر إلى هذه الخطوة؟ أنا مع تجميع الحركات وتجمعها وتحالفها من أجل السلام وليس الحرب، وأن تجتمع للتفاوض برؤية واحدة، وقد جربت التجمع من أجل الحرب ولكن فشلت. صحيح أن الحركات تريد أن تحقق هدف وهو إثبات وجودها ووجودها قد يثبت من خلال اعتراف الحكومة بها وتفاوضها مع الحركات، ولكن لن تحقق انتصاراً عسكرياً على الحكومة عبر الحرب. ما هي ملاحظاتكم على أداء اليونميد؟ اليونميد لا نرى أن لها دوراً مفيداً ولا أثر لها على الواقع ونجاحاتها محدودة جداً، وإذا وجهت الأموال التي صرفت عليها للتنمية لحلت مشكلة دارفور. انفصال الجنوب زاد المهدد الأمني في دارفور فكل ما هاجم أطور الجنوب يقابله دعم لحركات دارفور المسلحة؟ نحن نعلم ذلك ولدينا معلومات عن تسليح الحركة الشعبية لحركات دارفور، لن نقوم بالعويل لهذا المسلك، وإنما سنعد العدة لكل من يريد أن يحدث إنفلالات أمنية، وسنقوم بواجبنا في حماية الأمن والاستقرار. والحكومة لم تدعم متمردي حكومة الجنوب، هناك مصالح مشتركة في التجارة والرعاة لابد أن تراعي الحركة الشعبية هذا. هل تم تسريب سلاح من ليبيا إلى دارفور؟ دارفور ستتأثر فهناك حركة هجرة، والعائدون يحتاجون لتوفيق أوضاعهم. ماهو تأثير نظام القذافي على وضع حركة خليل وغيرها؟ إذا زال نظام القذافي سيكون لذلك الأثر السالب على حركة خليل إبراهيم وبقية الحركات المسلحة التي يدعمها النظام الليبي، وهناك تنسيق بين قوات خليل وكتائب القذافي ونظامه. نحن لا نقبل التدخل في الشأن الداخلي من أي دولة. وأخبرنا القادمون من أبناء دارفور أن هناك استعداء شديد من الليبيين ضد السودانيين بسبب أن قوات خليل شاركت مع قوات القذافي في قمع الثوار وضربهم. أهل لديكم علم بمكان إقامة خليل إبراهيم بعد خروجه من ليبيا وهل لديكم تحرك سياسي أو دبلوماسي تجاه الدولة التي تأويه؟ نعلم .. نعلم، ولكن لا نقول ذلك في أجهزة الإعلام. في الشأن السياسي العام هل تتوقعون إطلاق سراح دكتور حسن الترابي زعيم المؤتمر الشعبي؟ رأي الشخصي أتوقع أن يطلق سراحه لأن الاعتقال لابد أن يبنى على مسوغات، والغريب في الأمر أنني أقرأ في الصحف تصريحاً للمسئول السياسي في المؤتمر الشعبي أن قيادة الحزب وجهت عضويتها للعمل على إسقاط الحكومة بكل الوسائل. هذا تصريح ينم على عدم وعي وحصافة، وبالتالي الأجهزة الأمنية المختصة تتحسب لذلك وربما تتراجع عن اتجاهها لإطلاق سراح الترابي. والقيادي في حزب المؤتمر الوطني ليس لديه سلطة على أجهزة الأمن لأنها قومية محايدة وله مهنة تمارسها بقانون ،ولا يمكن أن يكون لدينا الحق في توجيه أجهزة الأمن بالقبض على شخص وإطلاق سراح الآخر، ومثل تصريحات الأمين السياسي للشعبي لا تساعد على إطلاق سراح الترابي. لكن قادة المؤتمر الشعبي يقولوا بأن هناك عدم رضاء من قادة الحركات الإسلامية بسبب اعتقال الترابي وقررت عدم زيارة السودان لهذا؟ لا يوجد ما يعكر صفو العلاقات بين الحكومة أو المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية في العالم، ولا توجد أي إشارات لعدم وجود التنسيق والتفاهم المتبادل فيما بيننا. ما رؤيتك لمدى قدرة المعارضة على تحريك الشارع وإسقاط الحكومة؟ السؤال يجاوب عليه الواقع، وأحزاب المعارضة التي عجزت في أن تنسق فيما بينها لتوحيد موقفها إبان الانتخابات الأخيرة لن تستطيع ذلك، والدليل جاء أحدهم لميدان أبو جنزير وكتب (حضرنا ولم نجدكم).