الإصلاحات السياسية الواسعة التي اقتضتها المرحلة الراهنة كانت من أهم المحاور التي تطرق إليها د. كمال عبيد وزير الإعلام والقيادي بالمؤتمر الوطني في هذا الحوار مع المركز السوداني للخدمات الصحفية، فهو يرى أن الخطاب السياسي يجب أن يمثل العبقرية المثلى في توزيع المهام والسلطات على كافة مؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية، فالسودان يمر بمرحلة معقدة في جميع المنعطفات، فهنالك تشكيل لواقع سياسي جديد يتطلب اتخاذ قرارات حاسمة ونهائية تتوفر فيها كافة الاستحقاقات الدستورية والسلطوية وعلى درجة عالية من الشرعية والديمقراطية، وتحدث عبيد عن كافة الملفات السياسية بصورة مفصلة خاصة فيما يتعلق بالمسائل الحزبية التنظيمية وأوجه التباين والاختلاف لدى متخذي القرار، فإلى تفاصيل الحوار: ما هو تعليقك على وجود بوادر خلافات في بعض المسائل السياسية الآنية بين قيادات حزب المؤتمر الوطني ؟ أقول أن ما يجري على الأرض وماهو متاح من خطاب سياسي مسموع للناس ونحكم عليه أنه في المجال السياسي ينبغي أن نتعامل مع الوقائع، والأجهزة ذات الطابع الاستخباراتي أو الأمني أو العسكري تتعامل مع غير المنظور. وفي المجال السياسي ينبغي أن نركز على العمل المنظور حتى لا نحمّل الأقوال أو الأفعال. لا يوجد أي بوادر خلاف في المؤتمر الوطني، وأما الأشخاص فهم يمثلون أجهزة ذات طبيعة مختلفة، فالذي يمثل الجهاز التشريعي يتكلم بلغة الجهاز التشريعي، والذي يمثل الجهاز السياسي يتكلم بلغة الجهاز السياسي، والذي يمثل الجهاز التنفيذي يتكلم بلغة الجهاز التنفيذي. وهذه عبقرية فكرة توزيع السلطات، وبالتالي إذا تطابقت السلطات ضاعت البلاد. وبالضرورة أن لا تتطابق السلطات ومواقف المؤسسات، ولكن إذا حدثت عبر أجهزة كل جهاز ونوقش الأمر وتم الاتفاق يكون أمراً ملزماً. بمعنى أن الجهاز التشريعي ليس ملزماً بما يأتي من الجهاز التنفيذي، بل يستخدم آلياته لكشف الحقيقة ثم يعرضها على الجهاز التنفيذي مرة أخرى، وهو الذي ينظر بعين مختلفة. وإذا صدر القرار متوافقاً مع كل الأطراف هذا يكون الدور الأفضل. ماذا عن ما يثار من حديث حول الخلافات التي وقعت بين أعضاء حزب المؤتمر الوطني في ولاية البحر الأحمر وولاية القضارف ودارفور والجزيرة وغيرها؟ نحن ليس كبقية الأحزاب التي ترمى بأخطائها على الآخرين، وإن كان هنالك أي خلل داخلي لأجهزتنا نعالجه فوراً، وقد لا يعدو أن يكون اختلاف وجهات نظر. قبل سنة من الآن كنا ندير حواراً حول اختيار مرشحي المؤتمر الوطني، وظن الناس أن هذه ستكون الحالقة ولكن قلنا هذا تمرين ديمقراطي. اختلاف وجهات النظر في المؤسسة الواحدة للوصول لقرارات متفق عليها عبر المؤسسية هو عين التمرين الديمقراطي، وهذا يجب أن نحرص عليه، فبعض الأحزاب حصلت فيها إشكالات لأنها لم تعبر هذا التمرين الديمقراطي. ما هو تعليقك على ما أثير من تصريحات لبعض القيادات البارزة بالمؤتمر الوطني في الحديث عن الحوار في الحزب و مستشارية الأمن ؟ قد أجبت سابقاً بأنه لابد من أن يكون هنالك فصل في السلطات، وما يجري من حراك مثلاً داخل أروقة البرلمان، وكذلك ما بين الحكومة والمعارضة البرلمانية يختلف عن الحوار الذي يدور بين الأمانة المختصة وعن تلك الأحزاب في أحزابها، وقد تكون قضايا مشتبكة ولكنها تدار في مستوى مختلف، في الجهاز التنفيذي قد تكون الوقائع مختلفة، فعلى سبيل المثال فالمجلس الولائي التشريعي والمجلس الوطني قد قررا إسقاط عضوية النواب الجنوبيين في حين الوجود على المستوى التنفيذي للجنوبيين موجود، فهنالك تضارب بين المواقف، ولكن هناك مستوى تعامل يختلف عن مستوى التعامل في جانب آخر. فيما يتعلق بالحديث عن أن هذا تباين وتضارب، فهذه هي طبيعة اختلاف السلطات الممنوحة لكل مستوى من المستويات. فلابد من أن ننظر أن شكل التعبير يتم في أي نوع من المظلات، وأنا أتحدث كوزير للإعلام بلغة تختلف عن أنني عضو في أمانة الإعلام في المؤتمر الوطني.. هنا أعبّر عن عقلية سياسية منفتحة، ولكن هناك أتحدث عن عقلية تنفيذية منضبطة، ومن هنا أدعو لمزيد من العمق في التعامل مع هذه القضايا. هل فقدكم لمنصب والي ولاية النيل الأزرق هو الدافع الآن لسعيكم للسيطرة على ولاية جنوب كردفان ؟ أولاً الربط ليس ربطاً ضرورياً وليست التجربة واحدة، فتجربة النيل الأزرق تختلف عن جنوب كردفان، ودراسة الوقائع تبين ذلك. مثلما الولايات الأخرى كالولاية الشمالية تختلف عن البحر الأحمر، والبحر الأحمر تختلف عن القضارف وهكذا. فالحديث وكأنها تجربة متطابقة لا أرى سبباً له. فأي شخص مسئول عن إدارة الشأن العام في البلاد، والتحدي موجود في كل رقعة منها وفي كل قضية من القضايا، فالذي لا يدرك بأن هنالك تحدي ماثل يكون قد تجاوزه القطار. نحن مثلاً نتحدث عن التحدي الموجود في جنوب كردفان وهو الانتخابات لمنصب الوالي والمجلس التشريعي، والذي يواجهنا في النيل الأزرق هو المحطات النهائية للمشورة الشعبية، والذي يواجهنا في ولاية الخرطوم يختلف عن هاتين الولايتين. والذي يحدث في شمال دارفور يختلف عن الذي يواجهنا في جنوب دارفور. نحن لا نتحدث عن قضية واحدة ولكن نتحدث عن هم وطني، فالمؤتمر الوطني مسئول عن إدارة البلاد في هذه المرحلة، وبالتالي يعالج كل قضية بما يناسبها. لماذا لا يتم التعامل بحزمة واحدة مع ملف دارفور، بدلاً من الحديث عن وثيقة سلام دارفور، ملف الدوحة وكذلك الاستفتاء الإداري وغيرها؟ نحن ننفذ في اتفاق يشكل حزمة واحدة وهو اتفاق أبوجا الموقع في العام 2006م، وهو عبارة عن حزمة معالجة الاتفاقية. والحوار الدارفوري – الدارفوري يعتبر جزء من هذه الاستحقاقات وكذلك الاستفتاء الإداري. وما يجري الآن من ترتيبات أمنية لكل الحركات المسلحة، كحركة تحرير السودان تعتبر جزء من هذه الحزمة. ونحن نقبل الآن على إنتهاء الفترة الانتقالية التي حددتها اتفاقية أبوجا في مايو القادم، وبالتالي النظر فيما تبقى من اتفاقية منصوص عليه في المرحلة الانتقالية، ونكون بذلك قد راجعنا ما ينبغي إنجازه، إذا أنجز تكون الاتفاقية قد حققت استحقاقاتها، وتبقى بعد ذلك القضايا التي من المفترض أن نستصحبها والمعالجات النهائية لقضية دارفور. مصر ألمحت في وقت سابق أنها ستنضم إلى عضوية المحكمة الجنائية، أليس هذا دافع للقلق بالنسبة إليكم؟ ما قرأته في هذه القضية ليس بهذه الدقة، والذي يجري في مصر الآن هو تشكيل لواقع جديد للتعامل السياسي والإرادة السياسية الحرة الداخلية لتكون أكثر بروزاً ووضوحاً. والملفات كلها مفتوحة والنقاش حول هذه القضايا ليس فيها مسلمات وليس هناك استصحاب للمرحلة السابقة. والآن في مصر يناقشون هل يبقون على النظام الرئاسي أم النظام البرلماني، وهذه كانت من الثوابت في السياسة المصرية، وبالتالي الحديث عن محددات قاطعة أمر غير دقيق، فهذه المرحلة مرحلة انتقالية بالنسبة لمصر، لا تستطيع حكومة في مصر الآن أن تتخذ قرارات حاسمة ولا نهائية، ما لم يتوفر استحقاق دستور يجعل هذه السلطة على درجة عالية من الشرعية والديمقراطية. والشرعية الموجودة الآن مؤقتة وانتقالية، وأظن أن معظم الذين يديرون هذه المرحلة أناس على درجة عالية من الوعي، لا أظن أنهم سيتخذون قراراً بهذا الشكل، فمثلاً لا أظن أن توقع اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية في فترة انتقالية، ولذلك حتى هذه القضايا التي يتحدث عنها الشارع المصري بوضوح شديد لا تستطيع السلطة الانتقالية أن تتخذ قراراً فيها بمثل هذه القوة والوضوح، ما لم يتم وصول مؤسسات منتخبة لاتخاذ هذا القرار، ولذلك ينبغي قراءة الوقائع السياسية بشيء من العمق. هل تتفاءل باستمرار التحول الجديد في العلاقة ما بين السودان ويوغندا بعد زيارة الوزير كرتي؟ العلاقات بين الدول كقضايا التاريخ الأخرى ليست فيها قضايا مفصلية، بل يمكن اعتبارها قضايا تفاعلات، فهنالك مصالح تسعى الدول لتحقيقها، ولذلك إذا لاح لدولة وجه المصلحة وتبينت لها الحقائق والوقائع أظن أنها ستتخذ القرار المناسب. وهذه كانت واحدة بين ضرورات زيارة وزير الخارجية على كرتي للحكومة الأوغندية والشرح المفصل الذي قدمه للرئيس الأوغندي، فإن كان هنالك تحول في هذا الموقف من قبل أوغندا فهو بناءً على هذا التواصل الذي أصبح يسبق الدبلوماسية السودانية، والنجاحات التي تحققت في الفترة الماضية كلها كانت لهذا التواصل وليست نتيجة لتغيير المبادئ ولا المواقف، وأنا أظن أن التواصل مع كل الدول في مختلف أنحاء العالم أصبح واقع جديد في العلاقات في المنطقة. ما هي علاقة الشمال بالدولة الجديدة في الجنوب في ظل هشاشة الأوضاع الأمنية وتفشي النزاعات والانشقاقات القبيلة هناك؟ الحكومة هناك أصبحت عندها أوضاع داخلية، فالأوضاع التي تحدث في بعض البلدان إذا تأثيرها يكون في مجالات محددة معروفة، أيضاً هذا من المجالات التي يجب أن نقرأها بطريقة منطقية وموضوعية. فالجنوب ليس جزءاً من السودان بعد الانفصال، فالأحداث الداخلية ليس بالضرورة أن تنعكس مثلما كانت تنعكس في السابق. أما الجزء المتعلق بالموقف الأمريكي مما يجري في الجنوب أيضاً حتى لا تُبسط القضايا، فهو لديه إشكالات بنيوية تجاه كل القضايا في العالم تتعلق بطبيعة تركيبة النظام السياسي في أمريكا والتأثيرات التي تحدث عليه، ولهذا في كثير من المواقف التي تتخذها أمريكا تحدث فيها أخطاء جسيمة نتيجة لتعارض المصالح في النظام الأمريكي، وكثير جداً من المحللين والمراقبين كانوا يعتقدون أن الأوضاع في جنوب السودان ستكون أسوأ، لكن لأن التأثيرات وقوة الضغط في أمريكا تتفاوت من قضية لقضية، ففي كثير من الأحيان قد تذعن بعض الدوائر في أمريكا للموقف الخطأ، مثلما ما حدث في قضية العراق وقبلها أفغانستان، فهي من القضايا التي يمكن أن يشار إليها لتبسيط القضية الأمريكية كأنما يحددها عامل واحد، وهذا ليس صحيحاً فضلاً على التأثير على القضايا الداخلية في الدول من الخارج، فقراءة الأوضاع في العالم الآن تؤكد أن هذا ليس كما كان في السابق، وليس هنالك قوة واحدة بيدها مصائر الكون تفعل فيه ما تريد، هذا ما كنا نقوله دوماً وما أكدته الوقائع الآن وستؤكده لاحقاً. نحن ندرك طبيعة التعقيدات في هذه المنطقة، وهو قد يساعدنا في التعامل مع القضايا عكس ما يتوقع الآخرون، والذين كانوا يتوقعون أن الانتخابات في السودان ستؤدي إلى انفراط عقد الأمن، والذين كانوا يظنون أن السودان لن يستجيب لمطلوبات الديمقراطية في خيار الاستفتاء، والذين كانوا يظنون أن الاختلاف حول بعض القضايا سيؤدي لانفجار الأوضاع كلهم وضح لهم أن تقديراتهم كانت خاطئة. ألا تتفق مع من يرون أن حسم القضايا العالقة مع الجنوب يلاحقه البطء الشديد في كافة الجوانب؟ هذه القضايا طبيعتها قد لا تكون من القضايا التي تعالج سريعاً، فالسودان استقل منذ العام 1956م وهناك قضايا حدود مع بعض الدول فيما بينها، صحيح كان يجب أن تحل هذه القضايا قبل وقوع الانفصال بصورة نهائية، حتى لو حلت هذه القضايا تظل ما نسميها قضايا عالقة، لأن الدول في جوارها تنشأ مشاكل ونزاعات تعالج قبل أن تقع، وأحياناً تعالج بعض وقوعها، وهذه القضايا قد تستمر مع عمر أجيال. ودائماً ما أقول إن القياس على التعبير في أجهزة الإعلام ولدى بعض الناشطين فيه ظلم لطبيعة المعالجات التي تتم ،لأن كثير من القضايا تعالج داخل المؤسسات وداخل الأروقة المشتركة بين القوى المختلفة بصورة أفضل مما يعبر عنها في أجهزة الإعلام، لهذا أدعو الإعلام ومؤسساته المختلفة التعامل مع ذلك الشأن، فالإعلامي الشاطر يبحث عن القضايا داخل الدهاليز، وليس الذي يأخذ مجرد التصريحات والفقاقيع التي تصدر من بعض الناشطين، وكثير من الناس فوجئوا بوقائع مختلفة عن الذي سمعناه في التصريحات، لأنهم لن يكونوا على درجة من الصبر لمعرفة ما تسفر عنه اللقاءات المغلقة. بعد انفصال الجنوب ما هي ترتيباتكم لإحداث تغييرات في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والإعلامية كذلك؟ يوم 9 يوليو القادم سيكون مثله ومثل الأيام الأخرى، ولذلك الترتيبات المتعلقة بهذه القضية ليست مجرد مفتاح (كبسة زر) ليحدث أمر جديد، فهي عبارة عن معالجات ستستمر عبر الأزمنة، فالذي يراجع دفاتر البلاغات في أقسام الشرطة يدرك إلى أي مدى أن الأمن قد تحسن أو تدهور، والذي يراجع ملفات القضايا في المحاكم في جميع مدن السودان المختلفة قد يحس مدى التحسن أو التدهور. هذا الأمر يحتاج لمجهود ولن يدركه الإنسان من مجرد تصريح أوفي احتفال أو مناسبة أوعبر تقرير يتم تقديمه في مؤسسة ما. الحكومة متهمة بأنها أهملت الجانب الزراعي واعتمدت على النفط ووارداته الأمر الذي خلق فجوة واضحة.. ماذا أنت قائل؟ يجب تبسيط القضية، فالسودان كان يوماً من الأيام قضيته الأساسية حتى في الزراعة هو استخراج البترول، وأن أردت أن تنهض بالزراعة يجب أن تنتج وتخرج بترول، وإذا كنت تريد معالجة قضية الكهرباء يجب أن تنظر إلى قضية البترول.. ولذلك كانت هذه الملفات محدودة ويجب أن تركز عليها، فما النتيجة الآن؟ اكتفاء من الاحتياجات المحلية من الطاقة الكهربائية، وبالتالي الحديث الآن عن الزراعة جاء في أوانه، لأنك أقمت البنيات الأساسية والمدخلات الرئيسية التي تتعلق بإمكانية قيام الزراعة ومدخلاتها المختلفة، فالنجاح الذي تحقق للزراعة في هذا العام أفضل من السابق، والتجهيزات في السنة القادمة مهمة، وبالتالي لا يمكن أن تتحدث عن تقويم لبرنامج لنهضة زراعية (بكبسة زر) فهي عبارة عن عمل أجيال متلاحقة، فما هو الوضع الآن قياساً بالسنوات الماضية؟ الإجابة الواضحة أنه أفضل، هنالك معالجات ستساعد على معالجة بعض أوجه الخلل التي وقعت في السابق. القوى السياسية المعارضة تقول أنكم تدعون للحوار واللقاء ولكن وفقاً لأجندتكم وأوراقكم التحضيرية دون مشاركة تلك القوى فيها؟ بصرف النظر عن الحقائق في مثل هذه القضية، فوقائع الأشياء تقول لماذا نجد أن طرفاً واحداً هو الذي يدعو للحوار، ولماذا لا يمكن لهذه الأطراف القدرة على إدارة الحوار. وبالتالي إذا دعا شخص لحوار فهو لا يحاور في المطلق ولكن هنالك نقاط للحوار، فلابد من أن يأتي كل طرف بموضوعاته المتعلقة بهذا الحوار، فما هي المشكلة في ذلك الشأن؟ أنا لا أظن أن القوى السياسية تتحدث عن اختلاف القضايا بل عن اختلاف مصطلحات وهذه قضية مختلفة جداً. نحن قلنا أن الحكم بيننا في هذه القضايا هو الوثائق المتفق عليها، مثلاً الوثيقة المتفق عليها في الفترة الانتقالية واتفاقية السلام الشامل وما تمخض عنها من سقوف. والآن بعد الانفصال فالدستور الانتقالي به وثيقة شاركت فيها الأطراف جميعاً، فدعونا نحتكم للدستور والمصطلحات والشروحات والقضايا التي ينظمها الدستور. لكل هذا يجب على كل شخص أن يعبّر عن موقفه السياسي في إطار ماهو متفق عليه. للأسف في الحياة السياسية في السودان كان الاختلاف لا يقوم على ثوابت وغير قائم على مشتركات اختلاف النقيض للنقيض. ما ينبغي أن نقوله جميعاً كقوى سياسية أن تجربة الإنقاذ واحدة من حسناتها أنها ساعدت على هذه المشتركات، وجعلت منصة الانطلاق المشتركة ممكنة في الاتفاقيات التي توقعت بصرف النظر عن تقييمها لتنفيذ الاتفاقيات، لأن الأخوة في القوى المعارضة سرعان ما يتحدثون من أن هذه الاتفاقيات لم تنفذ كلها. في الأصل لم يكن هنالك اتفاق لهذه القوى لا في مرحلة النقاش ولا في مرحلة التنفيذ ولا حتى في مرحلة التقويم، بدليل أن هنالك مستويات مختلفة داخل القوى السياسية لا تكاد تعبّر عنها بلون واحد، ولكن تعبّر عنها بألوان طيف واسع جداً، وبالتالي ينبغي أن يحمد للمؤتمر الوطني أنه يدعو للحوار، فالقوى السياسية المعارضة في كثير من أنحاء العالم من حولنا تدعو للحوار السياسي لعقود طويلة ولا يستجيب لها أحد.