منذ بروز أزمة دارفور تنامى الحديث عن مخالفات المنظمات الأجنبية العاملة في دارفور، وعن حقيقة أهدافها الغير إنسانية حيث لعبت أدواراً أكثر عمقاً في ازدياد حدة التوتر وخلق بؤر نزاعات جديدة بالمنطقة متنازلة عن قيمها ومثلها، واضحت الموارد والمساعدات الإنسانية التي تقدمها المنظمات الأجنبية سبباً لإطالة أمد قضية دارفور بدلا عن كونها منقذا لحياة المحتاجين ممن تأثروا بافرازات القضية. وأفرزت تجربة المنظمات الأجنبية بدارفور عن مخاطر امنيه وانتقاص من سيادة الدولة، وذلك لأن العديد منها لها توجهات سياسية وعقائدية معادية وأجندات خفية ضد مصلحة البلاد وأمنها، والعديد من هذه المنظمات تم اختراقها من أجهزة المخابرات العالمية بعدة طرق لتنفيذ سياسات مختلفة بجانب قيامها بتعويق المعالجات الحكومية لبعض القضايا في مناطق النزاعات والاحتكاكات بتركيزها على قضايا جانبية تعزلها عن الإطار القومي العام لمشكلة دارفور، وفي هذا الجانب سخرت تلك المنظمات العديد من وسائل الإعلام المغرضة للتشويش وتضخيم الأوضاع بدارفور بصورة سالبة تمهيدا للتدخل الاجنبى والضغوط الدولية. وقد ادى سلوك المنظمات الاجنبيه الغير منضبط الى حدوث توترات بينها والحكومة مما اثر سلباً على النازحين واللاجئين المستفيدين من خدمات تلك المنظمات، حيث اضطرت الحكومة للتعامل معها بصورة حازمه وصلت حد الإنذار لبعض المنظمات بل تطور الامر إلى طرد بعض الموظفين بتلك المنظمات واستبعاد بعضها نهائياً الى جانب تجميد نشاط البعض الآخر وهذا الاتجاه بدأ منذ العام 2005 ومازال متبعاً حتى الان حفاظاً على هيبة الدولة وامنها واستقرارها. وقد سبق لجهاز الأمن والمخابرات الوطني أن سمى منظمات بعينها وقال إنها ضبطت في نشاط تخريبي لتجاوزها التفويض الممنوح لها وتدخلها في الشؤون الداخلية للبلاد ومنها منظمات كير، وأطباء بلا حدود الهولندية، ولجنة الإنقاذ الدولية حيث ارتكبت تجاوزات كبيرة الى جانب فبركة معلومات سالبة عن دارفور. وكانت أكبر عملية طرد للمنظمات الإنسانية عقب قرار المحكمة الجنائية ضد الرئيس عمر البشير في العام 2009م حينما أقدمت الحكومة على طرد (13) منظمة وكانت الحيثيات التي استندت عليها أن هذه المنظمات هربت شهوداً وكتبت تقارير ولفقت أدلة استخباراتية لصالح المحكمة الجنائية الدولية بجانب قيامها بدعم الحركات المسلحة لوجستياً وفنياً، كمنظمة التضامن الفرنسية التي كانت تدعم المتمردين بأجهزة اتصال وكميات من الوقود. وتعد ولاية جنوب دارفور الأكثر تأثراً من خروقات وتجاوزات المنظمات وشهدت حالات طرد لأكثر من 10 منظمات كانت آخرها ايقاف عمل منظمة أطباء العالم الفرنسية لتواطؤها في أعمال تخابرية مهددة للأمن وقيامها بإرشاد الحركات المسلحة بتحركات القوات النظامية بحسب ما أدلى به والي جنوب دارفور الدكتور عبد الحميد موسى كاشا في وسائل الإعلام. وقال الدكتور عبد الكريم موسى نائب والي جنوب دارفور إنه تم إجراء تقييم شامل لكل المنظمات العاملة بالولاية مشيراً إلى أن نتائج هذا التقييم سيترتب عليها قرارات حاسمة إزاء تلك المنظمات، مشيراً إلى أن حكومة الولاية تمتلك أدلة قاطعة على مخالفات بعض المنظمات الأجنبية فمنها من لا وجود له على الأرض بل مسجل كأسماء وهمية على الورق فقط وحتى الموجود منها لا تلتزم بالتفويض الممنوح لها ولا باللوائح والقوانين. واتهم موسى المنظمات الأجنبية بالترويج للمخدرات والثقافات المدمرة داخل المعسكرات باستهداف شريحة الشباب والأطفال مبيناً أن هذه المنظمات تحرص كل الحرص على إطالة أمد أزمة دارفور لتضمن بقاءها أكبر فترة ممكنة بالمعسكرات التي تتخذها كغطاء لعلاقاتها بالحركات المسلحة وتقدم لها الدعم من داخل المعسكرات واضاف بأن الأمر لم يتوقف عند حد التدخل في شؤون الداخلية للبلاد ، والتعاون مع الحركات وتأجيج الفتن والصراعات بدارفور بل تعدى ذلك الى خدمة مصالح وأجندات خارجية ودولية ومدها بالمعلومات الاستخباراتية والأمنية عن دارفور ، وأكد أن حكومة ولايته لن تتردد فى استبعاد أي منظمة أجنبية أو إيقاف نشاطها إذا ثبت تورطها في أعمال من شأنها الإضرار بأمن ومصلحة الولاية. وقالت مصادر عليمة ل(smc) إن الحكومة عندما أقدمت على خطوة طرد منظمات بعينها لم تكن مخطئة تماماً وذلك لوقوعها في كثير من الأخطاء التي تتنافى مع أخلاقيات عملها مثلما فعلته منظمة التمويل والتعاون CHF بأستغلال مجموعة من النساء داخل مقرها بولاية شمال دارفور وتلقينهن إدعاءات بتعرضهن للاغتصاب من قبل القوات الحكومية التي قتلت ازواجهن وأطفالهن، وقامت تلك النسوة بالإدلاء بهذه الأقوال أثناء زيارات المسؤولين الدوليين للمعسكرات بالفاشر، مشيراً إلى أن منظمة مجلس اللاجئين النرويجيين التي تعمل في السودان منذ العام 2004م جندت عدداً من المشائخ والشباب والنساء داخل معسكر كلمة ودفعت لهم رواتب شهرية تقدر ب50 ألف جنيه للفرد لجمع معلومات أمنية وسياسية وعسكرية واجتماعية لكي ترفعها المنظمة كتقارير يومية لرئاستها. وذكر المصدر أن هناك عدداً من المنظمات أتت إلى دارفور بحجة إغاثة النازحين ولكنها لا تعمل إلا في المناطق التي يسيطر عليها التمرد وتقدم لهم خدمات طبية ورعاية صحية في مناطقهم كمنظمة كير انترناشونال، وأطباء بلا حدود، وأوكسفام، ومنظمة العمل ضد الجوع الفرنسية التي تعد واجهة استخباراتية مهمتها إعداد التقارير الأمنية عن دارفور، موضحاً أن لجنة الإنقاذ الدولية وقعت مذكرة تعاون مع المحكمة الجنائية الدولية عام 2005 لمدها بالمعلومات والوثائق والشهود وتوفير الحماية لهم بالتنسيق مع بعثة الأممالمتحدة بالسودان وتم ضبط أربعة صحفيين هولنديين أحضرتهم المنظمة للتوثيق لأنشطتها وبحوزتهم صور وأفلام مفبركة عن عمليات نهب مسلح لعاملين بالحقل الإنساني. وتابع أن الصحفيين أجروا لقاءات مع نازحين شهود على عمليات تعذيب وضرب بواسطة السلطات الحكومية وتم فتح بلاغ جنائي ضد المنظمة بعد إعتراف الصحفيين وحفظ البلاغ اثر تدخل من السفير الهولندي بالخرطوم. وأضاف المصدر بأن منظمتي كير العالمية الأمريكية، والعمل ضد الجوع الفرنسية أعدتا تقارير أمنية إستخبارية عبارة عن رصد عسكري وإتهامات للحكومة بقصف المدنيين فى مناطق طويلة بشمال دارفور، فيما نشرت منظمة أطباء بلا حدود الفرنسية تقارير كاذبة عن القتل الجماعي بدارفور في حق المدنيين الذين لايجدون مكاناً آمناً للجوء، كما أن منظمة الطفولة البريطانية سبق وأن أصدرت بياناً أشارت فيه إلى ان نصف مليون طفل من دارفور أجبروا على الهروب من قراهم وأن مليون شخص تركوا منازلهم بسبب المليشيات التي تدعمها الحكومة في إشارة للتهجير القسري للمدنيين على حسب إدعاءاتها. وكشف المصدر ان ميزانية هذه المنظمات تبلغ (880) مليون دولار في العام، أي ما يفوق أضعاف مستوى إنفاقها على تقديم الخدمات والمساعدات الإنسانية فضلاًً عن أمتلاكها لكميات كبيرة من أجهزة الإتصال بعيدة المدى، وأجهزة لنقل الصورة والصوت وتقوية الإتصال بين ولايات دارفور الثلاث. وتحتوى أضابير الحكومة على الكثير من الأدلة والوثائق التي تشير إلى الدور المشبوه لهذه المنظمات وحجم الضرر الذي ألحقته بالأوضاع في دارفور سواء فيما يتعلق بتهجير مواطني دارفور قسراً أو عن طريق الإعتداء والضغوط والخداع إلى أوربا وإسرائيل للمتاجرة بهم، أو عبر تحريضهم على قيادة عمل سياسي ينطلق من المعسكرات وأسهمت في هذا الإتجاه المنظمات الأمريكية التي ظلت تحرض ساكني المعسكرات على عدم مغادرتها وسمحت للحركات المسلحة بإدخال السلاح للمعسكرات، كما حدث في معسكري كلمة والحميدية، اضف الى ذلك التقارير الكاذبة والملفقة التي استند اليها رؤساؤها لدى مجلس حقوق الإنسان ومجلس الأمن الدولي فيما يتعلق بحالة الوضع الإنساني والأمني بدارفور لتشويه صورة الحكومة وإحراجها وتأليب الرأي العام العالمي ضدها وكسب المزيد من كروت الضغط عليها. وأصبحت المنظمات الأجنبية بدارفور أشبه بالأفاعي التي تتحرك دون أن يسمع لها صوت وبعناصرها التي تسعى لإثارة الفتن في المجتمع الدارفوري. وفى اعتقادنا ان المخرج الوحيد من هذا التحدي الماثل يكمن في تفعيل آليات الحوار الداخلي بهدف تفكيك المشكلات الداخلية والنفاذ إلى جذورها ومعالجتها بموضوعية، إضافة لتنشيط الإدارات الأهلية وإعادتها إلى سيرتها الأولى حتى تضلع بدورها المنشورد في معالجة المشكلات وتكثيف الرقابة على عمل المنظمات وضبط حركتها والتشديد على ضرورة أمتثالها لقوانين ولوائح السلطات والإستمرار في سياسة الطرد والإيقاف لأى منظمة تخرج عن مهامها والتفويض المسموح لها بالعمل فى اطاره، ودعم هذا الإتجاه من قبل الجهات السيادية صاحبة القرار، والعمل على تقوية المنظمات الوطنية وتطويرها لتحل محل المنظمات الأجنبية بصورة مباشرة لسد الثغرة أمام أي تدخل أو إختراق في الشئون الداخلية من المنظمات الأجنبية التي تحاول جاهدة الإطلاع على أدق أسرار الحكومة.