سياسات أمريكية عدائية اتسمت السياسات الأمريكية تجاه السودان بالعداء في كل مراحل إداراتها المختلفة في الفترة ما بين 1988-2000م فقد سبق في العام 2010م أن صدر قرار من الكونغرس برفع الحظر الاقتصادي عن الآليات الزراعية ورفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب مع بدء خطوات للتطبيع بين واشنطنوالخرطوم وترفيع التمثيل الدبلوماسي لكن كل هذه القوانين كانت مشروطة بشروط أوفى بها السودان جميعها فقد كانت أول الشروط أن يتم إجراء الاستفتاء حول تقرير مصير الجنوب بشفافية ونزاهة ، وبالفعل حرصت الحكومة السودانية على إجراء الاستفتاء بشفافية حيث كانت نسبة التصويت للاستفتاء ما يقارب ال97% بانفصال جنوب السودان ومن ثم الحقت الولاياتالمتحدة أمر التطبيع بضرورة الاعتراف بنتيجة الاستفتاء وقامت الحكومة بالاعتراف بنتيجة الاستفتاء ، لكن الولاياتالمتحدة ظلت تراوغ في أمر التطبيع وتحسين العلاقات مع الحكومة السودانية كما رفضت رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب شريطة أن يتم حل القضايا العالقة ومن ثم الاعتراف بدولة جنوب السودان الوليدة وكانت حكومة السودان أول من اعترف بدولة جنوب السودان لكن الولاياتالمتحدة لم توف بعهودها وسرعان ما ربطت أمر التطبيع ورفع العقوبات بما يحدث في جنوب كردفان وضرورة التوصل إلى حل لما يحدث بكردفان ،وظلت الحكومة السودانية منذ العام 1989م وحتى العام 2011م تبذل قصارى جهدها حتى يتم رفع العقوبات الأمريكية عن السودان لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن إذ ظلت أمريكا هي أمريكا في تعاملها مع النظام الحاكم وعدائها الذي تضمره تجاه الخرطوم فلم يتغير شئ في سياساتها بالرغم من أن السودان ظل يحارب الإرهاب لسنوات عديدة لكن (عين السخط تبدي المساويا) وظلت العلاقات الأمريكية السودانية متردية ولم يُشهد لها تحسن ، بل بالعكس ظلت الولاياتالمتحدة تنتهج سياسة العصا والجزرة مع الحكومة السودانية. اسكوت غرايشون وسياسة التطبيع الجدير بالذكر أن الولاياتالمتحدة قامت بتعيين مبعوث خاص بالرئيس أوباما للسودان في العام 2009م وهو اسكوت غرايشون الذي أبدى مرونة واضحة تجاه الوضع في السودان، الأمر الذي أغضب الولاياتالمتحدة وضربت بشهاداته عرض الحائط وقد تباينت المواقف لدى القيادات الدبلوماسية الأمريكية والتي شملت وزارة الخارجية ، ومندوبة الولاياتالمتحدة لدى مجلس الأمن والتي تكيل العداء للسودان بصورة شخصية أكثر من أنها سياسية، وبين اسكوت غرايشون والذى اتهم بأنه ليس أهلا للتوصل إلى تطبيع العلاقات مع الخرطوم وفق الإستراتيجية التى تضعها الولاياتالمتحدة ، وسرعان ما تم استبداله ببرنستون ليمان مع نهاية الفترة الانتقالية وميلاد دولة جنوب السودان. إستراتيجية جديدة تجاه واشنطن رفضت الولاياتالمتحدة منح تأشيرة لحاج ماجد سوار وزير الشباب والرياضة والوفد المشارك معه للدخول لأراضيها لحضور المؤتمر العالمي للشباب الذي دعت له الأممالمتحدة في الفترة ما بين 25-27 يوليو الماضي بمدينة نيويورك الأمر الذي انطق المؤتمر الوطني من الصمت الذي التزمه تجاه سياسات امريكا منذ العام 1989م حيث أعلن عن ضرورة انتهاج سياسات جديدة للتعامل مع الدبلوماسية الأمريكية ووضع إستراتيجية للتعامل بالمثل معها حيث اوضح لنا د. مصطفى عثمان إسماعيل أمين العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطني قائلاً: في تقديري أن علاقتنا مع الولاياتالمتحدة تحتاج إلى مراجعة ورؤية واضحة نحن لدينا كثير من الكروت بأيدينا لا نستخدمها فالعلاقات الدولية بها مبدأ التعامل بالمثل ونحن ظللنا نستهين بهذا المبدأ بالرغم من أن هذا المبدأ في غاية الأهمية. ضغوط أمريكية لكن بعض المراقبون يرون أنه ليس في استطاعة السودان أن يتعامل بالمثل مع الولاياتالمتحدة نسبة للدور السيادي الذي تتعامل به في العالم لذلك سيكون من الصعب جداً تطبيق هذا المبدأ مع أمريكا سيما وأنها ظلت تضغط على الحكومة الحالية منذ مجيئها لسدة الحكم. وهذا ما تعارض مع حديث د. مصطفى حيث ذكر أن الولاياتالمتحدة سبق وأن تعاملت مع جوازات السودانيين بختمها بعدم التحرك أكثر من 25 كلم خارج واشنطن وظللنا قرابة العام نتحدث معهم وهم لا يكترثون وبالتالي جاءت من هنا المعاملة بالمثل فقمنا بجمع جوازات الدبلوماسيين والسفير الأمريكي والمعونة الأمريكية وسلمنا السفارات أختام تقوم بعدم تحرك المواطن الأمريكي أكثر من 25 كلم من القصر الجمهوري وختمنا كل هذه الجوازات وبدأنا هذه المعاملة ولم يمض أسبوعين إلا وتراجعوا. دور عالمي نافذ لكن د. حيدر قدور القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي فقد اختلف في الرأي مع د. مصطفى حيث ذكر أن الأصل في الدبلوماسية هو التعامل بالمثل ، لكن الحكومة السودانية في كثير من الأحيان لن تستطيع أن تتعامل بالمثل مع أمريكا فقد سبق أن سحبت الولاياتالمتحدة سفيرها من السودان وجعلت التمثيل الدبلوماسي على درجة القائم بالأعمال لكن الحكومة السودانية لم ترد على ذلك بالمثل ولم تسحب سفيرها من واشنطن وأضاف قائلاً: نحن نحبذ مبدأ التعامل بالمثل لكن أمريكا وباعتبارها قوى عظمى ينبغي علينا أولاً أن نقيم علاقات حسنة مع المجتمع الدولي حتى لا نواجه صعوبة في التعامل مع أمريكا ولا نخضع لمعاملة سيئة. وفي عالم السياسة ليس هناك عداوة دائمة إنما توجد في كل الدول ، وحتى نستطيع أن نتعامل معها بالمثل علينا أن نحسّن علاقتنا مع كل المجتمع الدولي حتى نستطيع أن نتعامل معها وفق ما نرتضي لأننا لا نرضى الانحسار أو الانحناء لها لذلك علينا أن نتعامل تعامل دبلوماسي بالمثل لكن بحذر حتى نتمكن من تحقيق مصالح الشعب السوداني. وهذا عين ما أشار إليه د. مصطفى حيث ذكر أن السودانيين الآن عندما يسافروا إلى الولاياتالمتحدة المعاملات معهم في المطارات لا تشبه معاملات دولتين أعضاء في الأممالمتحدة مفترض أن يكونا متساويين لذلك ما لم تكن هناك سياسة وإستراتيجية واضحة للتعامل بالمثل فإنهم سيظلوا يتعاملون معنا بذات الطريقة. إعلان المؤتمر الوطني التعامل بالمثل مع أمريكا أثلج قلوب القوى السياسية إذ أن ما يسري من تعامل مع الحكومة يسري على المعارضة في الولاياتالمتحدة لكن يبقى السؤال هل مبدأ التعامل بالمثل يجدي مع الولاياتالمتحدة أم أنه سيولد كثير من العقوبات والضغط على الحكومة.