رغم الركود الاقتصادي ورغم ارتفاع معدلات البطالة التي تشير الى 7.8% ورغم ظهور حركات الرفض للفجوة بين الاغنياء والفقراء رغم ذلك كله فاز اوباما بفترة اربع سنوات اخرى في الحكم الامر الذي باركته معظم شعوب العالم واعتبرته (أهون الشرين ) لان هذه الشعوب كانت ترى حتى قبيل الانتخابات ان لا فوز (اوباما)، ولا فوز(رومني) سوف يمنحها الطمأنينة ، وان الاقتصاد العالمي سوف يتعافى سريعاً ويحقق نمواً فوق 3% الذي ظل يراوح مكانه فيها طيلة العام 2011 م . اوباما في نظر كثير من المحللين الاقتصاديين قبل اعادة انتخابه مرة ثانية كان فاشلا في جهوده لمعالجة ازمة الاقتصاد الامريكي وبالتالي كان فاشلا ايضاً في معالجة ركود الاقتصاد العالمي الذي يعتمد كثيراً على حالة الاقتصاد الامريكي، ان صلح صلح حاله وان فشل فشل حاله ، اما الحاكم (رومني) فقد كان في نظر المحللين انه ان فاز فسوف يكرس سطوة الشركات الامريكية العملاقة في العالم شركات الاستثمار الكبرى وشركات النفط والتعدين ، وكما هو معلوم سلفاً ان مصالح هذه الشركات دائماً كانت تتصادم مع مصالح الدول ولا تسعى الا وراء الموارد لتحقيق اهداف الولاياتالمتحدة الاقتصادية والسياسية لا غير، لهذه الاسباب والاختلاف بين الشخصيتين بارك العالم فوز اوباما واعتبره اهون الشرين، وتمسك بالامل ان الرئيس المعاد انتخابه لولاية ثانية سوف يمنح الامل للعالم بأن يعمل بجدية هذه المرة لمعالجة ازمة الاقتصاد الامريكي اولاً ثم معالجة ازمة الاقتصاد العالمي ثانية. تفاجأ العالم تماماً بان لا يلعب الاقتصاد دورا حاسما في الانتخابات وتفاجأ العالم بان لا تحسم الشركات الكبرى الانتخابات بالمال وبالتبرعات لصالح الحزب الجمهوري كما كان متوقعا وحتى اللوبي اليهودي لم يكن له دور حاسم ، وإنما كان الدور الحاسم للشباب والمهاجرين والطبقة الوسطى التي غفرت لاوباما فشله في السنوات الاربع الماضية ، وقالت كلمتها فأعادت انتخاب الرجل لأربع سنوات اخرى وكأن لسان حالها يقول :(لافرق بين امريكي ابيض واسود الا بنتجة صناديق الاقتراع) ، المال والتبرعات الضخمة لم تحسم الانتخابات فقد جمع المرشحان حوالي 1,35 مليار دولار ، اوباما جمع حوالي 700 مليون دولار بينما ذهبت 650 مليون دولار لرومني ، ومايكروسوفت وغوغل كانتا اكبر المتبرعين لحملة اوباما بينما كانت بنوك سيتي قروب ومورغان ستاتلي وبانك اوف امريكا هم اكبر المتبرعين لرومني لكن ذلك لم يكن حاسما ، الشركات الكبرى لعبت دورا كبيرا في الانتخابات عبر التبرعات الضخمة مما جعل المراقبين والمحللين يوجهون انتقادات عنيفة (للديمقراطية) الامريكية ويصفونها بالديمقراطية غير النزيهة . التحديات الاقتصادية القادمة والتي تنتظر الرئيس المنتخب في مقدمتها كيفية الخروج بالاقتصاد الامريكي من الركود وكيفية دفع الاقتصاد العالمي الى النمو ، وهذا في رأيي لا يحقق الا عبر خطة تتعاون فيها الولاياتالمتحدة مع جميع الدول خاصة مع الاوروبيين لمعالجة ازمة الديون وخطة الرئيس اوباما التي كشف عنها مؤخراً في خطابه بعد فوزه بان الخطة الجديدة سوف تتجه نحو آسيا ، ونحو القيادة الجديدة في الصين ونحو كوريا الجنوبية وباقي دول (اسيان) دون الاتجاه نحو الشرق الاوسط وافريقيا وامريكا اللاتينية، هي خطة يمكن وصفها منذ الان بانها تكرس لتداول ثروة العالم بين الاغنياء فقط دون الفقراء ، وهذا ما يؤدي الى زيادة حالة الغبن لدى الشعوب الفقيرة والشعور بالظلم والتهميش، فالشعوب العربية والاسلامية مثلاً والتي رحبت بفوز (اوباما) ارسلت رسالة تذكير له (ان هنالك شعباً عربياً ومسلماً هو اغلى من النفط) كل ذلك على عشم (المتوقع السمنة من بطن النملة) دعونا نتفاءل لمدة اربع سنوات فقط وبعدها نرى.